|
خمسٌ على هامش الوطن(5)
شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)
الحوار المتمدن-العدد: 3417 - 2011 / 7 / 5 - 22:16
المحور:
الادب والفن
(1)
اعتاد أن يغني الأغنية الشهيرة " أنا بأكره إسرائيل وأقولها لواتسأل .. " لكنه كان يكره بريطانيا أكثر من أي قومية أخرى ، ويحدثني أن بريطانيا هي رأس الفتنة وأساس الشر والنكبة التي وقعت للمنطقة العربية ككل ، ولأننا لسنا في حالة حرب مع بريطانيا ولأن عهد الانتداب البريطاني انتهى قبل أن يولد ولم تتسنَ له المقاومة ، ابتكر البطل وسيلة نضالية جديدة يسارع بها لهزيمة الانجليز من مكان لآخر عبر طاولات "البلياردو " حيث كان يخرج ليلا ليسهر في أماكن تجمع البريطانيين في البلد الآسيوي الذي يقيم فيه ، ثم يبارز البريطاني ويصر أن يهزمه في ساحة الوغى ! ، ابتسمت خفيةً لكنه فهم وقال: لا تسخر مني فأنت لن تتفهم شعوري حين أهزمهم . التزمت الصمت ، وحدثتني نفسي أن صاحبنا يحاول أن ينتقم من الخازوق الذي ضربتنا إياه بريطانيا عام 1917 لكنه لم يدرك بعد أن الخازوق مقاسه أكبر مما تحتمل فوهات مدافعنا الضاربة .!
*** (2)
في الفيلا الفاخرة أمام البحر ، غفل حرّاس الوزير عن الكلب الصغير ، فداسته سيارة على الطريق ، خرجت سيدة القصر تصرخ وتولولُ ، ثم التفتت للحراس ، أرغدت وأزبدت : يا أبناء الكلب كيف سهوْتهم عن حراسة سيّدكم ، لتروّن الجحيم حين يعود الكبيرُ إلى البيت . ارتعد الحرّاس خوفا من العقاب ، اعتذروا وابتهلوا ولكن لا جواب ،وما أن أتى المساء حتى اكفهرت السماء وجاء الأمر سريعا باعتقال الحرّاس ومحاكمتهم بتهمة اغتيال كلب الست .
*** (3)
جلس الناس يستمعون للخطيب المفوّه يستنهض الهمم بشعارات مشتعلة ألهبت النار في صدور المضطهدين المظلومين ، حرّضهم على الخروج في ثورةٍ ضد الاستبداد السياسي والاجتماعي ، وأعلن عن عزمه على الموت في المقدمة ، وما أن خرج الجمعُ للشارع ينتفضون ، تسرّب كحفنة رملٍ من قبضة طفل ، واتصل بالإذاعة يتهم الرعاع بالخروج عن طاعة ولي الأمر ، داعيا الأمن لاتخاذ إجراءات أكثر حدة في ردع الغوغاء المطالبين بالحرية .
***
(4)
دعاني للانضمام لتجمعٍ ما ولأني عرفته رجلا طيبا دمث الخلق ذهبت للاجتماع الذي دعاني إليه ، بسبب الفضول من ناحية ، وحتى لا أكسف الرجل من ناحية أخرى . وهناك وجدته يحاور ويناور كسياسيٍ بارع ، ولم أعهده قبلا مهتما بالسياسة، لكني فوجئت أثناء الجلسة بمسميات خطيرة ومصطلحات كبيرة ، هذا يذكر الديماغوغية وذاك ينادي بالليبرالية ، وجدتُ اليسار واليمين بثوب المستقلين ! والنقرُ ما بينهما ذات النقر بين ديوك الصراع الدائر في الوطن ، وما أن انفض الاجتماع وخرج الغاضبون دون وداع ، بقيت مع الأستاذ لأفهم سر الطبخة ، تحدث كثيرا وقال إن قبول المهمة هو واجب وطني ، وحين حاورته في بعض النقاط و أبديت بعض الملاحظات على وجوهٍ كانت حاضرة ، زمجر الطيب وكشّر عن أنيابه : كيف تجرؤ أن تهاجم شخصيات اعتبارية كهذه!؟ ، ولأن اعتبارية من اعتبار ، اعتبرت أن الثعلب عرف الطريق لحظيرة الدجاج ، وراقه مذاق اللحم الحرّاق ، فخلع ثياب الواعظين ولبس ثياب الدجالين ، وبدأ يُهيْكِل حزبا جديدا على طريقة 2-4-2 .
***
(5)
زارتها دورة الطبيعة التي خُصّت بها النساء ، فطلبت من صديقتها في الجامعة حبة أسبرين تتقي بها شر الوجع المفرط الذي ألمّ بها فجأة أثناء الدوام ، فسخرت منها الأخرى : أنت تعيشين في عهد الأسبرين حتى الآن ؟! ، وأردفت : تناولي هذه . ابتلعتها بصمت فلم تكن تقوى على الكلام ، وما هي إلا دقائق حتى ذهبت الأوجاع ، وانتشت وتعافت من آلام البطن والصداع ، شكرت صديقتها المخلصة على الدواء الشافي . وعلى مدار الأسبوع كانت الصديقة ملاذا دافئا ، اعتادت البريئة تناول المسكن العجيب ، وصارت صديقتها تبيعها الدواء بيعا ، فالبدايةُ كانت مجانا للمساعدة ، والآن دور التجارة ، والتجارة شطارة ، لا صاحب فيها ولا قريب ، والمال وحده سيد الموقف . تفتحت الغِرّيرة ، تعرفت على المصدر من خلال صديقتها، صارت توزع الحبوب لتغطي نفقات الكيف ، وفي لقاءٍ جمعها بالموزع الأكبر ، تلقت هدية فتناولتها على عجل ، فانتشت حتى وقعت الواقعة ، وضاع ما ضاع ، ومنذ ذلك الحين وهي على حالها ، ترسب وتُعيد ،من جامعة لجامعة ، وأهلها في غفلةٍ عن فتاتهم الضائعة .
#شجاع_الصفدي (هاشتاغ)
Shojaa_Alsafadi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عند انعطاف البحر على الصواري
-
التجربة الماليزية بطابع فلسطيني
-
المصالحة الفلسطينية بين الفرحة والتوجس
-
سامحنا يا فيكتور
-
ربيعٌ يشتاق لنزف الوردة
-
لعبة تحرير الأخبار
-
خمسٌ على هامش الوطن(4)
-
صراع المثقفين وعجز المسؤولين
-
أيّنا يا حبُ سيمضي للنهاية ؟
-
أيها الكبير :هل استثنيت أحدا ؟
-
خمسٌ على هامش الوطن(3)
-
شوكة الغرباء -نص نثري
-
حرية لأجل غزة
-
خمسٌ على هامش الوطن(2)
-
شركة جوال وخدماتها الخاصة جدا !!
-
في مرجل الذكرى
-
خمسٌ على هامش الوطن
-
وعاد لينتظر
-
جامعة فلسطين الدولية وسنوات الضياع
-
تغطية للجلسة الثانية من ملف القصة القصيرة جدا بغزة
المزيد.....
-
إعادة طباعة قصة -القنديل الصغير-، للروائي الفلسطيني غسان كنف
...
-
إطلاق دورة جديدة من جائزة غسان كنفاني للرواية العربية
-
-ذاكرة قلب- يثير تفاعل الجمهور في الموسم الرمضاني 2024
-
روسيا.. جمهورية القرم تخطط لتدشين أكبر استوديو سينمائي في جن
...
-
من معالم القدس.. تعرّف على مقام رابعة العدوية
-
القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل
...
-
“اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش
...
-
كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
-
التهافت على الضلال
-
-أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|