أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - الهام ملهبي - ثورات بدون نساء















المزيد.....

ثورات بدون نساء


الهام ملهبي

الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 21:04
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


.يوم رحيل مبارك ، و وسط تلك الفرحة التاريخية التي غمرت الشعب المصري و كل الشعوب الأخرى معه ، كان أكثر شيء أثار انتباهي و شدني هو الزغرودة التي أطلقتها نوارة نجم في اتصال لها على قناة الجزيرة ، نوارة نجم ابنة الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم التي لمع نجمها أيام الثورة في أحاديثها على القنوات الفضائية بحماسها الشديد و حديثها المشتعل عن الحرية ، هذه النوارة الجميلة لم تجد في تلك اللحظة التاريخية غير الزغرودة تعبيرا عن الفرح .

لقد ظلت الزغاريد عبر التاريخ تعبيرا نسائيا محضا عن الفرح ( الفرح الجماعي طبعا) لم تتوانى النساء يوما عن إطلاق أصواتهن لتصدح بفرح الجماعة ، مزينة الفضاء بنغمة منفردة للجمال الأنثوي.
لكن أين زغرودات فرحنا الشخصي وسط كل هذا ، هل سنظل نعض على الجرح المؤنث بداخلنا و نغني لفرح يركننا على الهامش الى أجل غير مسمى.

هذه الثورات التي تشهدها المنطقة العربية ، و التي جاءت محملة بوعد الحرية لشعوب لم تعرف سوى الهزائم على مدى عقود طويلة، كان يجب أن تحمل الفرح للنساء و الرجال على حد سواء. لكن للأسف ما كان منذ البداية هو الغياب النهائي لمطالب النساء ، انهم يعملون بمنطق الأولويات ، و يؤجلون قضية النساء "الثانوية" الى ما بعد تحقيق الأهداف" الكبيرة" و الأساسية . لكني هنا أقول إن الثورة يجب أن تكون ليس مجرد مطالب محددة ، إنما عقد اجتماعي جديد يقطع مع كل الأفكار القديمة و يؤسس لعهد جديد مبني على مبادئ لا يمكن أن تنفصل أبدا : الحرية، المساواة و العدالة الاجتماعية .لا يمكن أن نفصل مبدأ المساواة عن كل هذا، لأن الحرية لا تتجزأ ، لا يمكن أن نقتطع منها حرية النساء و نسميها حرية .

لقد شاركت نساء مصر في النضال من أجل الاطاحة بمبارك ، خرجن للشارع بشجاعة تماما كما فعلت جداتهن في ثورة 1919، غير مباليات بالأفكار البالية التي تقيدهن ، و كن سيدات قويات في الشوارع و الميادين ، معتقدات أنهن بهذا يقطعن مع عهد قديم ، و أن هذه أول خطوة في طريقهن نحو التحرر. لكن ما سيحصل هو العكس.
بعد شهر من سقوط نظام مبارك ، سيخرجن للشارع بنفس الثقة ، لكن هذه المرة من أجل إسماع صوتهن الأنثوي ، احتفالا باليوم العالمي للمرأة ، فكانت المفاجأة هي أن يجدن انفسهن فريسة للتحرش من قبل أشخاص يحاولون افشال مسيرتهن بالقوة و التخريب .
ثم و بعد ذلك ، يوم 9 مارس ستعتقلهن قوات الجيش ليتعرضن لتعذيب مهين ، و يخضعن لاختبار كشف العذرية، الذي يعتبر أكثر أشكال إهانة المرأة و استصغارها ، إلى متى سيبقى شرف المرأة أداة تستخدم لقمعها و تحجيم دورها في المجتمع ؟ هل جزاء الشابات اللواتي حملن راية الحرية و حملن مبادئ مشرقة معهن و خرجن للشارع من أجل أن يصنعن المستقبل إلى جانب الرجال، هل جزاؤهن هو أن يتم الحط من قيمتهن و اذلالهن بهذا الشكل ؟ و قد برر أحد اللواءات في المجلس الأعلى للقوات المسلحة هذا التصرف قائلا إنهم فعلوا هذا حتى لا تتهم المعتقلات أعضاء الجيش المصري باغتصابهن .. عذر أقبح من ذنب.

هذا فقط مثال و الأمثلة الأخرى لا تحصى ، ليس أقلها هولا ما حكته الصحفية الأمريكية لارا لوجان عن الاعتداء الجنسي الشنيع الذي تعرضت له في ميدان التحرير يوم الاحتفال برحيل مبارك ، و الفنانة شيريهان التي تعرضت للتحرش في الميدان في جمعة الغضب الثانية ، و ما خفي أعظم.

النساء يشاركن في التغيير بشجاعة و يهبن عمرهن و يضحين مثلهن مثل الرجال ، و لا يجدن بالمقابل إلا ما يسلبهن انسانيتهن و مكانتهن الحقيقية التي يسعين اليها. لتبقى بالتالي هذه الثورات ، رغم المشاركة المكثفة للنساء فيها ثورات بدون نساء ، مادامت لم تحمل لهن أي وعد بغد أفضل .

و في اليمن ، كم بدا مؤسفا أن نرى نساء جميلات العيون ، رقيقات الأصوات ، يتحدثن بلغة فصيحة بليغة عن الحرية ، دون أن يظهر لنا منهن سوى عيونهن المضيئة بحلم التحرر . و كم بدا صالح مثيرا للشفقة مقارنة معهن في ذلك اليوم حين أعياه الافلاس السياسي و لم يجد أي ورقة رابحة يتكأ عليها، فما كان له سوى أن يصرخ : امنعوا الاختلاط في المظاهرات .. امنعوا الاختلاط في المظاهرات .. ، لكن حفيدات بلقيس كن سيدات الجرأة و لم يترددن في الدفاع عن كرامتهن التي مسها هذا الطاغية في العمق، و خرجن في مظاهرة حاشدة منددة بكلامه و مطالبة برحيله . و كان المشهد اكثر ألما من المشاهد السابقة ، حشود هائلة من نساء يصرخن عاليا مطالبات بالحرية ، لكن السواد يخفي وجوههن و يمنع عن ملامحهن أشعة الشمس و خيوط النور.

و في ليبيا كان مشهد تلك المحامية الجريئة إيمان العبيدي مثيرا للألم و مستفزا للغضب ، و هي تصرخ امام الصحفيين لتفضح ما تعرضت له من اغتصاب شنيع من قبل قوات القذافي. ليظهر من جديد أن المرأة مازالت مختزلة في موضوع جنسي ، و مازال وجودها مرتبطا بالشرف ، لكن هؤلاء الذين اغتصبوها نسوا أنها لييبية مثلهم و أنها لا تفرق شيئا عن أخواتهم و نسائهم و أمهاتهم ، لكن عقولهم المريضة وسوست لهم أنها من نساء العدو الذي يجب أن يلوثوا شرفه انتقاما.

و في المغرب ، مازالت حركة 20فبراير مستمرة في احتجاجاتها دون تراجع ، لكن .. دون أن تنتبه الهيئات الحقوقية و المناضلات المنخرطات في هذا النضال و التيارات المكونة للحركة أن مطالبهم خالية بشكل نهائي من أدنى مطلب نسائي . إلى متى يتم تأجيل مطالب النساء ؟ ان لم تكن جزءا لا يتجزأ من مطالب العدالة الاجتماعية و التحرر أين يمكن أن ندرجها ؟ و ما مصير هؤلاء الشابات المغربيات اللواتي نشاهدهن باستمرار في المسيرات يتعرضن للتعنيف ؟ هل سيكون جزاؤهن مثل اخواتهن المصريات ؟ هل سنحاول أن نقنع انفسنا بذلك التبرير الدائم بأن التغيير الديمقراطي يقود بشكل أوتوماتيكي لتحرر النساء ؟

لا أعتقد أن من يتغافل عن رفع مطالب النساء في نضالات حاسمة و تغييرحتمي بالبلاد ، سيكون قادرا على بلورة مشروع جديد يمنح للمرأة حقوقها الكاملة و الحقيقية.

و في استعراضنا لكل هذه الأحداث في البلدان العربية ، تنطرح الكثير من الأسئلة : الى متى سينظر الينا هذا المجتمع دون أن يرى عقولنا و دون أن يرى سواعدنا العاملة و أيدينا المبدعة و أرواحنا المعطاءة ؟ هل سنظل الى الأبد مختزلات في مجرد موضوع جنسي؟
الجواب الشافي بالنسبة لي هو أننا سنظل موضوع الحياة ، سنظل نبدع و نخلق و ننجب و نصنع الحياة و ننثر المشاعر الايجابية هنا و هناك ونشارك في بناء الحاضر و المستقبل تماما كما أرادت لنا الفطرة و الطبيعة أن نكون ، جزءا لا يتجزأ من الحياة .. عكس ما يدعون أن الفطرة أرادت لنا الظل و الانزواء.. سنظل واقفات في صلب الحياة مهما اختزلونا في مجرد موضوع جنسي ، و سيكون لصوتنا أن يرى النور ، صرختنا خافتة كانت أو قوية ، عنيفة أو رقيقة ستصل حتما الى أبعد الحدود.



#الهام_ملهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بسام حجار: سيرة الموت
- في الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الشيخ إمام : أحببناك و نفتقدك
- جمعيات حقوق الرجال ، دليل آخر على أننا نخطو الى الخلف
- فيالق تعوي تحت نافذتي
- حكايات ال كلا أبدا
- تلك اليد
- نساء يكتبن
- قصيدة : الابتسام داخل صورة
- سليم بركات : سحر اللغة يفضح تشظيات الواقع
- الكلمة


المزيد.....




- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - الهام ملهبي - ثورات بدون نساء