أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - ماهر اختيار - يبحثون عن طاقة لا تقتل وسطهم البيئي، ونبحث عن حاكم لا يقتل شعبه، مقارنة بين نموذجين















المزيد.....

يبحثون عن طاقة لا تقتل وسطهم البيئي، ونبحث عن حاكم لا يقتل شعبه، مقارنة بين نموذجين


ماهر اختيار

الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 11:26
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


يبحثون عن طاقة لا تقتل وسطهم البيئي، ونبحث عن حاكم لا يقتل شعبه
مقارنة بين نموذجين

تمثل المقارنة إحدى الطرق المنهجية المُتبعة في العلوم الإنسانية، والتي يستند الباحثُ في إجرائها إلى معايير محددة تساعده في فهم الظواهر المرتبطة بالجماعات الإنسانية. من هذه المعايير ضرورة توافر نقاط تشابه أو اختلاف بين ظاهرتين تسمح للباحث بدراستهما وتفسير آلية استمرار ظاهرة معينة، وأسباب التغيرات أو القطيعة التي طرأت على أخرى. بناء على هذا السند النظري المعياري تبدو إذاً المقارنة، بوصفها خطوة إجرائيّة، أمراً جائزاً في الوقت الراهن. إذ تبرز بشكل واضح ظاهرة تشترك في إطارها العام دول أوربا وبعض الدول العربية التي تجتاحها مظاهرات واحتجاجات شعبية، ولكنها تختلف في موضوع هذه الظاهرة وذلك للأسباب التالية: أولاً تجمع كل من أوربا وعدة بلدان عربية جوانب تشابه تتمثل في هاجس الخوف على مستقبل أبنائهم، والميل لتحسين الظروف الراهنة سعياً لبناء مؤسسات تمهد لمرحلة تكفل حياة مستقبلية ملائمة للأجيال القادمة. ثانياً تفصل بين هذين الطرفين جوانب في غاية الأهمية، ومنها الاختلاف الجوهري بصدد الموضوع الذي يدفعهما ويحفزهما إلى تغيير الواقع والتأسيس لمستقبل آمن.
بالانتقال من هذه المقارنة النظرية إلى الواقع، نرى أن دول أوربا، بعد أن تجاوزت مشكلة علاقة الحاكم بشعبه وعملت على قوننتها عبر رفع شعار القانون فوق الجميع، بدأت تفكر مؤسساتياً بعلاقة الفرد بوسطه البيئي وبضرورة صياغة قوانين تقوده إلى احترام الطبيعة التي تحضنه وتغذيه وتستهلك فضلاته. إن هدفها هو الحفاظ على الطبيعة التي ستضمن بيئة نظيفة وصحية للنسل القادم. من هنا بدأ الحديث وارتفعت حرارة النقاشات والمؤتمرات بصدد أهمية البحث عن طاقة بديلة متجددة، وغير مؤذية للبيئة المحيطة بالإنسان. فبعد حادثتا تشرنوبيل في عام 1986 وزلزال اليابان في هذا العام والأضرار التي سببها لمفاعل فوكوشيما ازدادت التوجهات المطالبة بتأسيس مجتمعٍ يعتمد على طاقةٍ صديقةٍ للبيئة، طاقة لا تعمل على الفتك بعناصر وبمكونات الطبيعة وتدميرها. لذلك تحاول هذه الدول تجاوز مسالب الطاقة الذرية- التي تكلف ميزانيات ضخمة في سبيل توفير شروط الأمان لمحطاتها، وما تسببه أيضاً من انبعاث لثاني أكسيد الكربون عبر تخصيب اليورانيوم ومعالجته ونقله- باحثةً عن طاقات أخرى مثل الطاقة الشمسية، والطاقة المائية، والمد والجزر، والأمواج، والرياح التي هي محفزة للتنمية المستدامة ولا تسبب أضراراً لوسطهم البيئي.
في المقابل، نجد في بعض الدول العربية حراك شعبي يهدف أيضاً إلى تغيير الواقع من أجل تأسيس لمستقبلٍ مختلف، إلا أنهم ينطلقون من نقطة مختلفة جذرياً عن مثيلاتها في أوربا، فهاجس الشباب العربي لا يشبه في موضوعه ذاك الذي يعانيه المواطن في الغرب، ففي الوقت الذي يناضل فيه هذا الأخير من أجل بيئة خضراء نقية تكفل حياة صحية لمواطنيه، بدأ العرب بالسعي نحو تغيير أنظمة الاستبداد السياسية القابعة على صدورهم منذ عقود، والتي لا تتردد في قتل أبنائها وفي نشر الفتن الطائفية لمحاولة تفتيت شمل البلاد في سبيل الحفاظ على كرسي الرئاسة فارضة على شعبها خياراً واحداً وهو أما القبول باستمرار الاستبداد أو الانتقال للفوضى. فكرسي الرئاسة صنع من أجل شخص واحد مؤهل لشغله، ودعوته للتخلي عنه تعني دمار البلاد، لأن صاحبه واحدي الخصائص التي لا تجتمع بشخصين في جيل واحد. ولعل مثال القذافي خير دليل على استعداد الحاكم العربي ليس على استبداد واستعباد شعبه وإنما على قتله أيضاً من خلال شن حرب تحرق الأخضر واليابس وتدمر البنى التحتية للبلاد، وكل ذلك في سبيل الحفاظ على صورة القائد التي لا مثيل لها.
هنا نجد أنفسنا أمام سؤال: لماذا تجتمع أوربا وبعض البلدان العربية في الهدف لتغيير بعض من معطيات الحاضر من أجل مستقبل آمن- ويختلفون في الموضوع المتساوق لنضالهم؟ هل لأن المؤسسات التربوية في فرنسا، على سبيل المثال، تسمح بمناهج دراسية تتضمن مبادئ الثورة وأفكاراً حول الديمقراطية وحرية الفكر، وتعمل على بلورة فكرة احترام القوانين وأن الدولة فوق الجميع، وتجهد أيضاً في زرع فكرة أن الانتماء لعلم الوطن يتجاوز الانتماءات الطائفية والعرقية؟ في حين إداراتنا التربوية، في أقطارنا العربية، تعمل على وضع مناهج تُعظم من حياة الرئيس وتلزم الطلاب بحفظ أقواله عن ظهر قلب، وتعمل على نشر اللون الواحد ونبذ الاختلاف لأنه من الشيطان!! ثم هل سبب اختلاف الطرفين يتمثل في أن أوربا طبقت نظرياً وتشربت مبادئ الديمقراطية لدرجة تبدو هذا المبادئ، في الفضاء الإعلامي، من بديهيات الحياة السياسية والاجتماعية، فبدأت بتأمل علاقة الإنسان بالطبيعة، في حين أن العرب ما زالوا في طور التأسيس ومحاولة إقناع أو إجبار الحكام على تشريع قوانين تسمح بالعمل الحزبي غير المتماهي مع حزب الرئيس؟
باختصار أحد أهم مشاريعهم في الوقت الراهن هو قوننة علاقة الإنسان بالطبيعة وذلك لقلقهم على مستقبل أولادهم، ونحن نبحث عن قانون ينظم علاقة المواطن بحاكمه،وذلك من أجل تنصيب رئيساً عربياً صديقاً للشعب، رئيساً يعتبر شعبه الضامن الأهم لوحدة البلاد وليس المال والحلول الأمنية التي تعمل على إذلال المواطن الذي يطالب بفك قيود الاستبداد، رئيساً لا يسمح بقتل شعبه وذلك لضمان مستقبل الأجيال القادمة.
لماذا هذا الاختلاف بين أوربا ومجتمعاتنا العربية ؟ هل لتفوق قدراتهم الذهنية ولامتلاكهم قدرات فكرية عملت وتعمل على انتشال الشعب من مستنقعات السلطة الاستبدادية، فاكتسب جزءاً من هذا الشعب الحس النقدي مدركاً أهمية دوره في اللعبة السياسية، في حين أن البلدان العربية تفتقد لذلك ؟ كلا، فظروفنا مختلفة ولكن لدينا ما لديهم، ولو أن مؤسساتنا التربوية لديها ميل لدمقرطة المجتمع ولتعليم أبنائها أدوات النقد وكيفية تسليط الضوء على مساوئ السلطة المُستبدة، والابتعاد عن فكرة أن الشر يأتي دائماً من الخارج لكرست جهودها في سبيل دفع تلاميذها لقراءة وفهم نصوص مفكري عصر النهضة أمثال عبد الرحمن الكواكبي على سبيل المثال لا الحصر. فمنذ أكثر من قرن وضع هذا الأخير كتابه طبائع الاستبداد شارحاً لنا معاناته بصدد رقابة الحاكم ووحشية حاشيته التي اتبعت وما زالت تطبق الأساليب ومنهج القمع ذاته. إنه منهج استمد صيرورته وفاعلية قسوته من جهل المواطن العربي بقدراته على هز عروش الحاكم وإرهابه عندما يقول الشعب مجتمعاً كلمة لا ويهجر ترديد نعم الببغائية.
فإذا كان الغرب قد تنبه لمخاطر الطاقة الذرية عبر باحثيه ومختبراته العلمية ويعمل جاهداً لتجاوزها في المستقبل، فعلى العرب زيارة صفحات كتاب الكواكبي وتأمل تعريفه للمستبد عندما كتب قائلاً " المستبد يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم، ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم من نفسه أنه الغاصب المعتدي فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من الناس يسدها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبته"1 . في نص أخر يؤكد أن : " الاستبداد يقلب الحقائق في الأذهان حتى أنه قد مكن بعض القياصرة والملوك الأولين من التلاعب بالأديان تأييداً لاستبدادهم. وقد وضع الناس الحكومات لأجل خدمتهم، والاستبداد قلب الموضوع فجعل الرعية خادمة للرعاة كأنها خُلقت لأجلهم فقبلوا وقنعوا [...] وقد قبل الناس من الاستبداد ما ساقهم إليه من اعتقاد أن طالب الحق فاجر وتارك حقه مطيع والمشتكي المتظلم مفسد والنبيه المدقق ملحد، والخامل المسكين هو الصالح الأمين" 2.
إن تأمل محتوى هذين النصين يقودنا إلى فكرة أننا تأخرنا في استيعاب تجارب السابقين من مفكرينا، ولكن الأهم في الوقت الراهن هو أننا وضعنا مائة خطاً تحت كلمة حاكم، وبدأنا نطرح أسئلة كانت من قبيل الممنوعات. إن القدرة على حل مشكلة تبدأ بمعرفتها، والعرب حددوا مشكلتهم مع حكامهم المستبدين، ويجب عليهم السعي لمعالجتها عبر نضالهم المستمر من أجل وضع قوانين تسمح بترشيح الحاكم الذي لا يشن حرباً على شعبه بسبب أن هذا الأخير أراد التحرر واستعادة كرامته، الحاكم الذي لا يقيد الحريات العامة ويعمل على قلب الحقائق من اجل البقاء والاستمرار في التشبث بمقاليد الحكم. على هذا الشعب العربي العظيم إدراك أن النقد والمطالبة بالحقوق واجب وطني، وأن التغاضي عن مفاسد الحكام واستبداد نظامه هو خيانة للذات وخيانة لأحفاده، هؤلاء الذين ينتظرون الولادة في وطن يفترضون أنه يحترم حقوقهم ويعاملهم بوصفهم مواطنين وليسوا عبيداً؛ لديهم الحق في انتخاب من يروه مناسباً لإدارة شؤون بلادهم بشكل مؤقت وليس التسليم بإسناد السلطة إليه لأنه الوحيد القادر على شغل منصب الرئيس. فمجتمعاتنا العربية ملوثة سياسياً مثل الأرض التي تحملنا، وعلينا العمل للتخفيف من وطأة هذا التلوث عبر البدء بإسقاط نظام الاستبداد من أجل الانتقال إلى مرحلة بناء أنظمة مؤسساتية تخضع للقانون وليس لنوازع فردية.
المراجع المعتمدة :
1 عبد الرحمن الكواكبي، طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، تقديم د. أسعد السحراني، دار النفائس، ط3، 2006، ص41.
2 المرجع نفسه، ص 109.



#ماهر_اختيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة التأسيس لأنظمة حكم قابلة للخطأ في البلدان العربية
- التصوف الاجتماعي... وجه من وجوه انتقاد الاستبداد السياسي
- علاقة الحاكم العربي بشعبه...استمرار لماضٍ قاتم!
- الثورات العربية وضرورة التأسيس لدولة القانون...إسقاط الطبقة ...
- غياب القانون بوصفه أزمة في بنية البلدان العربية


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - ماهر اختيار - يبحثون عن طاقة لا تقتل وسطهم البيئي، ونبحث عن حاكم لا يقتل شعبه، مقارنة بين نموذجين