أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماهر اختيار - الثورات العربية وضرورة التأسيس لدولة القانون...إسقاط الطبقة الحاكمة لا يصنع ثورة















المزيد.....

الثورات العربية وضرورة التأسيس لدولة القانون...إسقاط الطبقة الحاكمة لا يصنع ثورة


ماهر اختيار

الحوار المتمدن-العدد: 3366 - 2011 / 5 / 15 - 21:43
المحور: المجتمع المدني
    


كثيرة هي المقالات والمداخلات لا بل والمؤتمرات التي بدأت تناقش موضوعات ومحاور تتعلق بما يسمى ربيع الثورات العربية، ربيع تفجر ضياءه بعد سنوات من الظلام وعتمة الكهوف، سنوات فرضت على المواطنين قيود حدت من حريتهم فعملت على كتم أصواتهم ليصبحوا من المفوهين الناطقين بما ينادي به رجل السلطة وبما تنشره وسائل إعلامهم المحلية. في الواقع من ضمن المحاور التي دأب الباحثون على مناقشتها محور يتعلق بهوية هذه التحركات الشعبية، فهل هي ذات طبيعة ثورية داخل الوعي السياسي الجمعي تؤدي إلى قطيعة مع المراحل السابقة، أم هي حركات ذات طبيعة إصلاحية هدفها تغيير بعض الأشخاص المتسلطين دون التأسيس لتغيير جذري بنيوي داخل الحياة الاجتماعية والسياسية للمواطن العربي؟ وبمعنى أخر، هل هذا الحراك الشعبي متساوق مع تغير في التركيبة الذهنية للعقلية العربية أم هو حراك متصل بميل فطري نحو التصحيح وإحداث تقدم في حياة الإنسان وحياة أقرانه؟ هل هو حراك يقدم لنا ممكنات مستقبلية تتيح فصل الدين عن الدولة والتأسيس لدولة القانون التي تمنح الحقوق لأفرادها دون النظر لروابطهم العرقية والمذهبية أم هو حراك ظرفي يسعى إلى إبدال طبقة حاكمة بأخرى؟ إن صياغة هذه الأسئلة لا تنبع حقيقة من محاولة قطع الطريق على تلك الشعوب التي تسعى للتغير وإنما هي مساهمة نظرية للتذكير بأهمية بعض المحاور التي قد تقود الشعوب إلى تجسيد ثورة فعلية في ميادين السياسية والاجتماع.
مع إقرارنا المسبق بخصوصية المجتمعات العربية وتميز تاريخها وثقافتها، إلا أننا لا نستطيع مناقشة طبيعة هذه التحركات الشعبية دون إجراء مقارنات تساعدنا على فهمها، لذلك فإن إلقاء نظرة سريعة على السياق النظري الذي شكل نقاط ارتكاز لبعض الثورات الكبرى التي أدت إلى تحولات جذرية في سياسة الدول وفي علاقة السلطة السياسية مع شعبها أمر لا بد منه عبر هذه السطور وذلك بهدف الفهم والاجتهاد. لقد نقدت فلسفة التنوير، على سبيل المثال لا الحصر، الوضع الاجتماعي والسياسي القائم على تغييب العقل الإنساني، لذلك دعت لتأمل مشكلات الحاضر من خلال الإيمان بقدرة العقل على حلها متجاوزا عقلية السلف وظروفها المتعفنة والتي لا تنسجم مع معطيات حاضر الفترات التاريخية اللاحقة. من هنا كان التأسيس لضرورة انتزاع الصفة الإلهية عن سلطة الملوك وفصل الدين عن الدولة مرتكزين على أفكار وضعية ذات طابع عقلي ومرتبطة بالظرف الراهن، فابتعدت قطعيا عن ذاك الظرف الماضوي والذي هو في معظم الأحيان ما ورائي. وكان من نتائج هذه الإرهاصات الفكرية والتي سبقت الثورة الفرنسية التأكيد على أن العقل هو ملكة إدراك موهوبة لكل إنسان وأن لهذا الأخير الحق في أن يشارك في انتخاب من يراه مناسبا لوظيفة الحاكم، لا بل إن في وسع كل فرد مستنير أن يكون مرشحا لإدارة شؤون البلاد. إذا لقد حاولت هذه السياقات النظرية التأسيس لفكر سياسي يبرز قيمة المواطن بوصفه إنسان متجاوزة انتماءه الإقليمي أو الديني أو العرقي.
في العودة إلى نقطة البدء، يبرز أمامنا السؤال التالي: هل هذه المبادئ العامة لفلسفة التنوير تقارب وتتساوق مع الخلفية النظرية لما يسمى ربيع الثورات العربية ؟ هل نحن أمام تعميم مبتذل أم إننا تجاه إنسان عربي يميل بطبعه نحو التقدم والتغيير دون الحاجة لدفعة نظرية فلسفية ترسم خيارات تحركاته نحو مجتمع أفضل؟
في الواقع، إن القراءة الأولية لهذه الحركات الشبابية توضح ميلها الشرعي لإحقاق المساواة بين الحاكم والمحكوم ولترسيخ كرامة الإنسان وحقه وواجبه في بناء بلده سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، يمكننا إذا بسهولة إيجاد نقاط التلاقي بين هذه الحركات وبين مبادئ فلسفة التنوير. لكن يبقى أمام الشعوب العربية وظيفة أخرى، في غاية الأهمية، ألا وهي إعادة قراءة تاريخها ومحاولة التأسيس لحاضر قوامه العقل وليس الإرث والتقاليد المغبرة والتي أصبحت عبارة عن مومياءات مقدسة من قبل الأكثرية. إن أهمية هذه الخطوة تنبع من أن الاقتصار على تغيير الطبقة الحاكمة دون التفكير بشكل استراتيجي ببناء مؤسسات تسمح بإعادة النظر في علاقة الدين بالسياسة وفي ضرورة قيام هذه الأخيرة على ركائز عقلية وضعية تأخذ بعين الحسبان سواسية الشعب بغض النظر عن الانتماء الديني أو العرقي يؤدي بنا إلى ما حذر منه مسبقا جمال الدين الأفغاني عندما كتب في وصيته مخاطبا شعب فارس: وأنت يا شعب فارس الذي عقدت عليه أعظم أمالي، لا تظنن أنك بشطبك رجلا من الوجود تستطيع نيل الحرية. إن عليك أن تتجرأ على زعزعة التقاليد البالية.
إن الجرأة في النزول للشارع وقول كلمة (لا) لاستبداد الحكام، و(لا) لتمركز الحكم في يد شخص واحد لعقود، و(لا) لكتم أفواه وطنية تسعى للمساهمة في بناء دولة القانون يجب أن تتساوق مع (لا) أخرى موجهة لماض يتضمن العديد من الأفكار والتصورات والعادات التي هي مشروطة أصلا بفترة تاريخية معينة ولا تعكس أو تخدم حاضر الشعب العربي وحاجاته المادية أو المعنوية. بمعنى ما، إن شعار الشعب يريد إسقاط النظام الفاسد يجب أن يتساوق مع السعي لبناء مؤسسات قادرة على إحداث قطيعة مع التقاليد البالية، والعمل على تربية الوعي الجمعي تربية تتضمن احترام الأخر المختلف والاعتراف بالتعددية السياسية وحق النقد سعيا وراء الإصلاح وإيجاد الأفضل سياسيا واجتماعيا.
قد تكون الشعوب العربية تعايش في الوقت الراهن ديمقراطية روسو والتي تتجسد، بالنسبة له، في قوله بأن في ظل النظام الديمقراطي الناس متساوون لأنهم يمتلكون ويعايشون الآلام والأفراح ذاتها، ولكن يبقى علينا عدم تجاهل ما قاله فولتير الذي ما فتئ يردد بأنه علينا أن ننير عقول الناس، وعندها سيعرفون ما عليهم أن يفعلوه. فالميل للتغيير والسعي للتقدم وتحسين الحياة السياسية والاقتصادية للمواطن العربي يجب أن لا ينفصل عن تبني فكرة أننا متشابهون لوجود كائن داخلنا يدعى إنسان، وأن اختلافنا الطائفي والمذهبي والعرقي هو اختلاف منبعه المجتمع والبنية السياسية المتصلان بماض عمره قرون عديدة. فيا حبذا لو أن اتفاق الشعب على إسقاط النظام يعكس وحدته تجاه قضايا اجتماعية تتجسد بعدم تكفير من يبدل دينه و الابتعاد عن إحداث فتنة طائفية لمجرد زواج مسلم من مسيحية أو العكس، فالوطن للجميع ولا بد من التعايش السلمي بين طوائف وأديان المجتمع كافة ومن ثم فصل هذه الأخيرة عن سياسة الدولة وذلك لتحقيق ثورتنا بشكل مستديم وليس ظرفي.



#ماهر_اختيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غياب القانون بوصفه أزمة في بنية البلدان العربية


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماهر اختيار - الثورات العربية وضرورة التأسيس لدولة القانون...إسقاط الطبقة الحاكمة لا يصنع ثورة