أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماهر اختيار - غياب القانون بوصفه أزمة في بنية البلدان العربية














المزيد.....

غياب القانون بوصفه أزمة في بنية البلدان العربية


ماهر اختيار

الحوار المتمدن-العدد: 3336 - 2011 / 4 / 14 - 16:32
المحور: المجتمع المدني
    


غياب القانون بوصفه أزمة في بنية البلدان العربية
إن إحدى القراءات الممكنة لتلك الثورات التي تجتاح معظم البلدان العربية تتمحور حول فرضية غياب تطبيق القانون وتشبث الإنسان العربي (بدءاً من النخب السياسية والاقتصادية والثقافية إلى قاعدة الهرم الشعبي) بنوازع وأهواء الطبيعة البشرية، تلك التي ساعد العقد الاجتماعي على وضعها في الظل عاجزا فعليا عن إلغائها. دعونا إذن نستحضر بعضا من أفكار الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز 1588-1679 في سبيل تقديم قراءة أولية لهذا الحراك العربي غير المسبوق والذي يسعى لنيل بعضا من حقوقه المسلوبة.
عندما تبقى قوانين العقد الاجتماعي حبيسة الدفاتر والدساتير ولا يخول لها تجاوز صفتها الورقية، يغلب على سلوك الإنسان ثلاثة عناصر تؤدي به للنزاع مع أقرانه وتعيده لمرحلة ما قبل العقد الاجتماعي. فتسيطر على سلوك الإنسان في هذه المرحلة، حسب هوبز، ثلاث نزعات طبيعية وهي : التنافس، الاختلاف والرغبة في تحقيق المجد. ففي ظل نزعة التنافس يميل الإنسان (ونستخدم هنا مفهوم إنسان ليشمل كل كائن اجتماعي دون استثناء) لاستخدام القوة العمياء بهدف السيطرة على الآخرين. أما الشعور بالاختلاف فيدفعه لاستخدام قوته أيضا وقوة المقربين منه من أجل الدفاع عن وجودهم وعدم تعريض هذا الوجود للإضعاف أو للزوال. أما النزعة الأخيرة والتي تدور حول رغبة الإنسان بتحقيق المجد فتجعله أعمى النظر وتشل عقله لدرجة أنه يستخدم قوته مرة أخرى من أجل معاقبة من تسول له نفسه بالتقليل من شأن سمعته، فوجوده لا يتبلور دون البحث عن السمعة وعن بناء الشخصية الطاووسية، ولو كان بناء هذه الأخيرة يتم من خلال نفاق من حوله.
في الواقع إن غياب القانون المدني والتقاعس المؤسساتي عن تنفيذه في معظم البلدان العربية دفع المواطن لإتباع طرق ملتوية فاسدة تجعل من هذا الإنسان ذئبا لأخيه الإنسان، فعندما لا تحكمنا القوانين، وعندما نجد الكثير من الطرق للالتفاف حولها، وعندما تصبح هذه الطرق خاصية من خصائص الفرد الشاطر والعملي، فإن الأهواء تسيطر على المجتمع معززة بذلك تعريف اسبينوزا للإنسان بأنه أناني بطبعه وأن كل إنسان يتصرف وفقا لما يرى فيه مصلحته الخاصة. من هنا تظهر الأزمات في بنية مجتمعاتنا العربية ومؤسساتها، فالفرد ،سواء انتمى إلى النخب السياسية أو إلى عامة الشعب، يتجاهل واجباته تجاه احترام القانون ساعيا لنيل حقوقه التي يسعى لإدراكها بكل الوسائل المتاحة وإن أدى ذلك إلى ضرر بممتلكات الغير العينية والعقلية والروحية. وهذا لا يعني أننا ندعو لعدم السعي لنيل حقوق الفرد وإنما نحاول التأكيد على وجوب السعي لنيلها في ظل سيادة القانون وأولوية تطبيقه على الجميع دون استثناء.
إن سعينا للتطبيق سيادة القانون ورفع شعار القانون فوق الجميع دون استثناء يهدف لبناء نظام ديمقراطي أو بالأحرى يهدف لدمقرطة مجتمعنا وذلك لترسيخ القاعدة التالية : إن الحق الفردي هو حق جماعي، لا بل إن هذا الحق نابع من اتفاق إرادة الجميع وليس مصدره إرادات فردية. فالثروات الضخمة التي امتلكها بعض رؤساء البلدان العربية أمثال بن علي ومبارك لم تتراكم بفعل إرادات جمعية شعبية أو من خلال طرق قانونية علنية، وإنما تضخم هذه الثروات أتى بفعل ميول فردية تعمل على استغلال حقوق الشعب ونهب ثرواته.
أخيرا بوسعنا أن نخلص إلى أن الهدف من هذا الحراك الشعبي العربي ليس إسقاط النظام كرها بالنظام، فالشعوب تبحث عن النظام لتضمن بقاءها، بل إن هذه الشعوب وبفعل الأزمات التي تضرب بنيات مجتمعاتها تطمح لنيل حياة أفضل، إنها تسعى وراء فكرة قد قالها اسبينوزا من قبل وهي: إن الشعوب ترفض الخير الأقل وذلك سعيا وراء الخير الأعظم، إنها تنقد الشر الأعظم ومستعدة لقبول الشر الأقل، أي إن الشعوب تطمح للحصول على حق اختيار أعظم الخيرين وأهون الشرين. ولكن على هذه الشعوب أن تعي، في الوقت نفسه، بأن الوصول لهذه المرحلة لا يتم إلا من خلال اكتساب وتقبل واجبات الفرد تجاه دولة القانون، فقبل المطالبة بالحقوق الفردية دعونا أولاً نحاسب من لا ينفذ واجباته تجاه الأخر.
ماهر اختيار






#ماهر_اختيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماهر اختيار - غياب القانون بوصفه أزمة في بنية البلدان العربية