أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس ولد القابلة - الفكر الظلامي الرسمي بالمغرب















المزيد.....


الفكر الظلامي الرسمي بالمغرب


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 3399 - 2011 / 6 / 17 - 20:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفكر الظلامي الرسمي بالمغرب

اهتم الدكتور محمد وراضي بإشكالية الفكر الظلامي، لكن ليس من زاوية كما هو مفهوم من طرف العامة والقائمين على الأمور، وإنما من زاوية مناولة تختلف كليا عن الكتابات السابقة بخصوص ما يسمى بـ "الفكر الظلامي"، سواء من منظور النظام القائم أو من منظور اليساريين.
يؤكد الدكتور وراضي، أن الفكر الظلامي الرسمي أضحى مقلقا اعتبارا لتأثيره السلبي والهدام في القلوب والعقول.
لكن هل الفكر الظلامي الرسمي ـ كما يفهمه الدكتور ـ ضاربا بجذوره في الأوساط المغربية منذ عهد بعيد؟ وما هي العوامل التي شكلت، في الواقع، عقبات في وجه الحداثة، وفي وجه تحقيق إثبات الذات وترسيخ الهوية؟

هذا هو الفكر الظلامي الرسمي

يعتبر محمد وراضي أن منظومة الفكر الظلامي الرسمي ثلاثية الأضلاع، مكونة من:
- الفكر الظلامي السياسي السلطوي.
- الفكر الظلامي السياسي الحزبي.
- الفكر الظلامي الديني.
ويرى في هذا الفكر الظلامي أكبر مثبطات لأي تنمية بشرية وأقوى معيق لها.
أما الفاعلون في مضمار الفكر الظلامي الرسمي فهم، في نظر محمد وراضي: السلطة والأحزاب والمبتدعة.
لكن ما هو هذا الفكر الظلامي؟
الفكر الظلامي، في نظر الدكتور محمد وراضي، ليس هو ما يُروج حاليا حول التطرف والمغالاة الناتجة عن سوء فهم أو جهل، وإنما الفكر الظلامي هو كذلك، "عبارة عن قناعات وممارسات موسومة بالخداع والتدليس والمكر والافتراء والاحتماء بجدران مملكة "اللامنطق!".
فالفكر الظلامي، في نظر محمد وراضي، أنواع أبرزها: فكر ظلامي ديني، فكر ظلامي سلطوي مخزني وفكر ظلامي حزبي سياسي.
يتمحور الفكر الظلامي الديني حول المغالاة والتطرف والأوهام والشعوذة والخرافات والأساطير، في حين إن الفكر الظلامي السلطوي المخزني، هو فكر خادع ماكر، يستهدف القيّمون على الأمور من ورائه كسب ودّ الجماهير بأي ثمن، وفرض سياسات مّا في مختلف القطاعات والميادين، ولو كانت تتناقض مع الدين والعقل والتجربة، وذلك لضمان الاستمرار في المسك بزمام السلطة.
في هذا الاتجاه يذهب محمد وراضي إلى القول، " لقد تم غض الطرف على جملة من الممارسات لا تمت بصلة إلى الدين حسب الكثيرين من أهل الاختصاص".
في هذا المجال يقول محمد وراضي:"إن النبي (صلى الله عليه وسلم)، لم يعقد ولو مرّة واحدة حلقات للذكر الجماعي مع الشطح المصاحب المرافق له أثناء ترديد الشطاحين لاسم الجلالة "الله". كما أن القرآن، لم يكن يقرأ جماعة، في عهده (صلى الله عليه وسلم)، مع أصحابه في أي وقت من الأوقات".
ويتهم محمد وراضي القيمين على الأمور بحماية الفكر الظلامي وتعزيزه، والدعوة إليه، والتغاضي عن متعاطيه أو عن ممارسيه، والمشاركة فيه، ومد أصحابه بالتبرعات والصداقات المزعومة، هذا بالرغم من أن هذا الفكر يُعد من أخطر وأبشع عوائق ما انفكت الدولة والأحزاب السياسية تعزف على وترهما.
في نظر محمد وراضي، ظل الفكر الظلامي بالمغرب محميا ومعززا من طرف الحكام والأحزاب والهيئات الرسمية والحكومية، ومن طرف جلّ العلماء، سيما الصوفيين والقيّمين على الأضرحة والقبات الذين يأكلون أموال الناس بالباطل تحت مظلة دعم الدولة التي تُمطر عليهم العطايا والهبات في المواسم وفي غيرها من المناسبات.

الفكر الظلامي السياسي

ليست الدولة وحدها التي تكرس الفكر الظلامي، في نظر محمد وراضي، وإنما هناك أيضا فكر ظلامي حزبي، إذ يكفي توجيه الأنظار إلى حزب العدالة والتنمية، الحزب الإسلامي الذي أصبح منذ سنوات في البرلمان، إذ رغم إدعائه بأن مرجعيته إسلامية، فإنه لم يكشف خارج مجلس النواب، ولا داخله عن هموم من أزعجهم الابتداع في الدين. فهل استفسر عضو من أعضائه، ولو مرة واحدة، وزير الثقافة أو وزير الشؤون الإسلامية عن المبالغ الطائلة المخصصة لترميم أضرحة نهى الإسلام صراحة عن بنائها والاهتمام بها، أو استفسر وزير الداخلية عن واقع المواسم التي تقام عند أضرحة رجال، ضمنهم كذابون أميون جاهلون، والتي يحضرها رجال السلطة والعلماء والمنتخبون؟ وهل سبق أن تم استفسار وزير الأوقاف الذي تعنى وزارته بملفات الزوايا والأضرحة أو استفسار وزير الاتصال الذي تنقل الأجهزة المشرف عليها لقاءات وتجمعات ومجالس لفرق يُقال بأن أصحابها من الذاكرين؟
إن الفكر الظلامي السياسي يستغل بطريقة غير بريئة، جملة من الأحداث والمعطيات، ومنها التقدم الحاصل في مجال علم الأرصاد الجوية والتنبؤ بالأحوال الجوية.
لقد سبق ولاحظ الكثيرون أنه كان يُنتظر تأكيد قدوم الأمطار كلما دعا القيّمون على الأمور إلى أداء الاستسقاء.
فسنة 2007، تميزت بجفاف هدد القطاع الفلاحي، آنذاك في غضون شهر نونبر، أعطيت التعليمات الرسمية لكي تقوم صلاة الاستسقاء في كل مساجد المملكة، أربعة أيام بعد الصلاة تهاطلت الأمطار بغزارة. فهل الدعوة لصلاة الاستسقاء لا يتم الإعلان عنها، وصدور تعليمات رسمية بخصوصها، إلا حين يكون القيمون على الأمور على علم باقترابها؟ ويقول محمد وراضي:"إن صلاة الاستسقاء وطلب الرحمة من الخالق أمر يقوم به المغاربة في كل وقت وحين، وإن كان ملايين الفلاحين، يدعون ويتضرعون، ويتوسلون ويرجون من ربهم مدهم بالرحمات، فهل يصح إلقاء جميع توسلاتهم وتضرعاتهم في سلة المهملات، كي يقال بأن الله استجاب لدعوات إمام أو مسؤول، في حين أن دعوات ملايين الفلاحين أولئك غير مستجابة؟".
ويضيف محمد وراضي ".. من الأولى طلب القيام بصلاة الشكر عوض الدعوة إلى صلاة الاستسقاء، في حالة العلم أن الأرصاد الجوية تتنبأ بالأمطار، سيما أن العديد من المغاربة سبق وأن تساءلوا عن تكرار تزامن هطول الأمطار مع الدعوة الرسمية لصلاة الاستسقاء، إلا أن إصرار الفكر الظلامي السياسي منع من سلوك هذا المنحى".
لا يخفى على أحد علاقة النظام بالأضرحة والزوايا، كما أن علاقة الأحزاب السياسية بالخرافات لا تخفى إلا على المغفلين.
يقول محمد وراضي، إن المغاربة يعرفون أن حزب الاستقلال يدعي أنه ذو مرجعية إسلامية، لكن هذا الادعاء لم يمنع هذا الحزب من استغلال الخرافة. فقد سبق للزعيم علال الفاسي، أن قال إن جده يتكلم من قبره، وهذا ما كشفه عبد الكريم الفلالي في كتابه "التاريخ المفترى عليه في المغرب".
هذا علما، أن الثوابت الدينية بالمغرب حسب محمد بنيسف، الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، تتحدد في :
- العقيدة الأشعرية التي لا تنزع الإيمان من المؤمنين عند ارتكابهم للأخطاء وإن كانت من الكبائر.
- فقه السلوك.
- المغاربة متصوفون على منهج الإمام الجنيد وفقه الإمامة العظمى، "فالدين والسلطان توأمان"، و"الدين أصل والسلطان حارس".

في تكريس وترسيخ الفكر الظلامي

يقول محمد وراضي، إن القيّمين على أمورنا دأبوا على تقديم الذبائح لعدد من أضرحة "الأولياء الصالحين" بالمملكة، رغم أن هذا عمل يستنكره الإسلام استنادا إلى ما قاله علي بن أبي طالب :"حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض"، يعني أن لعنة الله جزاء من يذبحون لغير الله في البقع المقدسة الموهومة، كالأضرحة، فكيف لو ذبح فيها، أو أمر بالذبح فيها، أو شجع على الذبح فيها جهابذة السلطات في مغرب الحرية والديمقراطية والتقدم والحداثة والعصرنة؟
ويتساءل محمد وراضي، كيف يصبح لدينا أولياء يستغاث بهم أحياء وأمواتا على حد زعم جلاوزة الفكر الظلامي وحماته؟ وكيف يُتيح المغاربة للقيمين على الأضرحة فرص تناول المال دون عناء في وضح النهار؟ وكيف يتيحون لهم تلك الفرص وفيهم اليوم مثقفون وفنانون وأطباء ومهندسون ورجال قانون وعلماء ممثلون للمجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الجهوية؟ ألا يكرس القيّمون على أمورنا، والحالة هاته، الفكر الظلامي، و ما حالة "مولاي بوعزة" و"مولاي بوشعب" وغيرهما، إلا مثال صارخ على ذلك؟
لقد أباح الفكر الظلامي الرسمي بناء الأضرحة ورفع القبات عليها، والذبح عندها والتوسل بأصحابها وكأنهم في قبورهم أحياء يسمعون ويتكلمون ويقضون حوائج من يتقدم إليهم بطلب قضائها. يضيف الدكتور محمد وراضي، في عام 2006، أيام 26، 27 و28 ماي، أنه عقد أثناءها، بمدينة فاس، ما سمي بـ "ملتقى دلائل الخيرات"، في محاولة سياسية سلطوية لتسريع وتيرة شد انتباه الرأي العام إلى ما بات ينظر إليه كركائز للأمن الروحي المفترض بالنسبة لبلادنا المغربية الإسلامية، جنبا إلى جنب مع الاحتفاء بالطرق الصوفية البدعية، وفي طليعتها البودشيشية، فضلا عن الإكراميات التي تصل من الدوائر المخزنية العليا إلى القيمين على الأضرحة[...] وفضلا عن مضاعفة الاحتفاء بمسمى "الموسيقى الروحية"، كأن هذه الموسيقى قد تحقق ما عجزت الممارسات الدينية نفسها عن تحقيقه[...] ومما زاد الطين بلة، أن الملتقى الخاص بتكريم ظلالي ظلامي مبتدع أفّاك حضره أحد مستشاري الملك وأحد علماء القرويين وشخص وازن في المجلس العلمي الأعلى وثلة من الشخصيات ذات باع طويل في علوم الشريعة.
ولا يخفى على أحد حضور التصوف بالمغرب بقوة. فكل الطرق الصوفية ببلادنا تفرعت من الشاذلية، ما عدا الطريقتين: القادرية والتجانية، ويعتبر عبد السلام بن مشيش بمثابة الأب الروحي للطريقة الشاذلية ولكل الطرق المتفرعة عنها حتى الآن.
يرى الدكتور محمد ضريف أن التصوف كان دائما حاضرا في المغرب، فتاريخ بلادنا هو تاريخ التصوف، وأكيد أن توظيف التصوف أحيانا يتم حسب متطلبات كل مرحلة، ففي عهد الحسن الثاني تمت مواجهة الإسلاميين والشيعة عبر التصوف، كما أنه في العهد الجديد تم توظيف الصوفية لمواجهة التيار السلفي الجهادي، وبذلك لوحظ تكثيف التوظيف السياسي للتصوف، فأصبحنا نتحدث عن ثالوث:
- العقيدة الأشعرية.
- المذهب المالكي.
- التصوف السني.
بمثابة ثالوث للهوية الدينية في المغرب.
ويتساءل الدكتور محمد وراضي.. أوَ ليس الساكتون عن الظلاليات والظلاميات التي عمت المغرب من أدناه إلى أقصاه، من جملة المساهمين في الإساءة إلى الدين؟ ثم متى أمر الله ورسوله بتأسيس الزوايا أو التكايا كتجسيد للتفرقة بين المؤمنين أو كتقليد أعمى للأديرة لدى المسيحيين الذين تعلمنا منهم كثيرا من الطقوس، كالرهبنة والدعاء والذكر الجماعي وقراءة القرآن نفسه جماعة كأفضل ذكر؟
ويسترسل محمد وراضي قائلا: إن الجميع يدرك ـ حتى الأطفال المتعلمون ـ كيف أن قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) وفعله وتقريره في الدين، أفضل من قول، ومن فعل، ومن تقرير غيره، أولا يدركون بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يعقد ولو مرة واحدة حلقات للذكر الجماعي مع الشطح أثناء ترديد الشاطحين لعبارة "هو هو" كضمير غائب لا معنى له، ولا فائدة ترجى من ورائه؟ أولا يدركون بأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ القرآن جماعة مع أصحابه؟ ألا يناقض هذا ما تفعله أكثر من فرقة صوفية كالحمدوشية والعيساوية، والدرقاوية، والتجانية، والكتانية، والبودشيشية، وهي كلها فرق فاسدة مفسدة في نظر الدكتور محمد وراضي، وما هذه إلا معالم بارزة للفكر الظلامي السلطوي.
على نفس الدرب يسترسل محمد وراضي حيث يؤكد أن الكثير من القيمين على أمورنا أضحوا يجتهدون للظهور والسبحة بيدهم، بل منهم من يعتمد توهيم الناظرين أنه فعلا يسبح وهو يدشن مشروعا أو يستمع لخطاب أو لمداخلة في البرلمان أو في اجتماع رسمي، علما أنه من الموثوق ـ يقول الدكتور وراضي ـ أن استعمال السبحة لعد الأذكار بدعة، كما يقول أئمة المساجد باستمرار في خطبة الجمعة كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار كما يقولون! أصابوا أم أخطأوا؟
إذ ما صح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قط أنه استعان بها (أي السبحة) لعد الأذكار التي كان يواظب على أدائها، بالليل والنهار أكثر من أي واحد من الخلق.
وفي هذا المضمار ـ يوضح محمد وراضي ـ دونت أكثر من نازلة، منها ما اندرج في كتاب "البدع والنهي"، حدث أن أناسا بالكوفة كانوا يسبحون بالحصا في المسجد، بجوار عبد الله بن مسعود، الذي أتاهم وقد كوم كل رجل منهم بين يديه كومة حصا.. فأخذ يرميهم بالحصا حتى أخرجهم من المسجد قائلا: لقد أحدثتم بدعة ظلما، أو قد فضلتم أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) علما أن عمل أي مؤمن مشروط بشرطين اثنين كي يقبله ربه ويثيبه عليه: أن يكون خالصا بعيدا عن الرياء والتظاهر أو صائبا يؤديه صاحبه وفق أدائه صلى الله عليه وسلم لعباداته كلها.
إن حمل السبحة أمام الناس في أي محفل، مع العبث بحباتها هو رياء وتظاهر، وكأن حاملها ـ مهما كان موقعه في المجتمع ورتبته الاجتماعية ـ يقول لمن ينظرون إليه: أنا من العباد الذين لا يتوقفون عن ذكر الله طرفة عين، وهذه الممارسة، إحدى مؤشرات الفكر الظلامي بين ظهرانينا، يكرسها العديدون دون وعي أو بنية مبيتة.
ويزيد الطين بلة، عندما تسخر الدولة إعلامها لترويج الظلامية، يقول محمد وراضي الذي يرى أن هذه الأخيرة ظلت تهتم اهتماما زائدا بالزوايا وبشيوخها، وبالقيمين على الأضرحة المواظبين على أكل أموال الناس بالباطل، وفتح القنوات الإعلامية لتسويق الظلاميات.
من الأمثلة التي يسوقها الدكتور محمد وراضي لتبيان مساهمة الدولة في ترسيخ الفكر الظلامي، التعامل مع الشرفاء الحسونيين بمدينة سلا، إذ يقول: "[..] يربط السلاويون والمغرب الرسمي "موكب الشموع" بعبد الله بن حسون دفين سلا.. إذ في الوقت الذي كان فيه هو مواظبا على تسميم العقول والنفوس بالفكر الظلامي، وجدنا المتسممين بهذا الفكر البدعي المسيء إلى النهج القويم يحتفون به ويقدرونه، ويخلدون ذكراه..".
وحجة محمد وراضي على ذلك أن دفين سلا ادعى أنه من مسك لحمه لن تمسه النار، علما أن لا علم لأحد أن الأعراب أو الصحابة سبق لهم أن تساقطوا على النبي (صلى الله عليه وسلم) لتقبيل يده أو رأسه أو رجليه أو كتفيه أو جبهته أو صدره كما يفعل البودشيشيون اليوم مع رئيسهم وسيدهم وشيخهم القابع في "مداغ".
كما أنه لم يسبق أن بلغ إلى علم أحد على أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: "من مس لحمي لن تأكله النار أبدا"، أو قال: "من رآني ومن رأى من رآني إلى سبعة يدخلون الجنة"!..
ويضيف الدكتور محمد وراضي.. "فلنترك أصحاب الشموع ممن يتفننون في صنعها ولنترك من يقدمون المساعدات المادية والمعنوية لتلوينها وزخرفتها وتزويقها.. ولنترك من يربطون عيدها أو موكبها بمبتدع آثم من الواضح أنهم يجهلون بالتحديد من يكون.. ولنترك من يقفون كمشجعين مؤيدين لما ارتبط تاريخيا برجل إدعى لنفسه ما برئت منه ساحة رب العالمين إلى البشرية. لكن من المعلوم أن المغاربة على المذهب الأشعري في العقائد كما هو شائع.. ويقول هذا المذهب إنه لا حق لأي كان أن يحكم لأحدهم بالنار أو بالجنة إلا من حكم لهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهم عشرة وبوحي رباني.
ويخلص محمد وراضي إلى القول: "[..] بما أننا الآن على بينة من أمره [عبد الله بن حسون] وعظامه في رمسه أصبحت رميما أو نخرة، فلنكف عن تقديسه واحترامه والاحتفاء به، إذ الاستمرار في الاحتفاء بمن أساء إلى الدين، كتابا وسنة، إصرار واضح على المساهمة الفعلية في الترويج للفكر الظلامي المعيق لأي تقدم.."

لماذا السكوت؟

يعتبر الراحل محمد العثماني السوسي ـ عمّ سعد الدين العثماني الأمين العام السابق لحزب المصباح ـ أن العلماء بالمغرب تخلوا عن واجبهم بخصوص واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي مراسلات تبادلها مع العلامة الراحل عبد الله كنون، مناقشا تقصير العلماء المغاربة المحسوس بخصوص هذا الواجب.
ففي إحدى الرسائل تطرق الراحل محمد العثماني السوسي إلى كون الأحزاب السياسية، من خلال قادتها وزعمائها وكتابها ومنظريها، ومن خلال صحفها وصحفييها، تؤدي جانبا من هذا الواجب ولو بكيفيات متباينة، وكان جواب العلامة الراحل على الشكل التالي:
"إننا في هدنة مع الحكام".. وفعلا شر البلية ما يضحك.. وفي رسالة وجهها الراحل محمد العثماني في 29 نوفمبر 1993 إلى الدكتور محمد وراضي جاء فيها:
"لقد كنت منذ أول شبابي حتى الآن في صراع صامت مع المبتدعة المنتشرين في بلادنا كالوباء، فاستهدفت منهم لألسنة سالقة وأبصار زالفة، وبلغني عن بعضهم أنه ودّ لو استطاع إراقة دمي وشربه، لأنني أذكر شيخه الضخم بسوء.. على أني أعلم أن المرض الذي أصيبت به عقيدة المسلمين لا يرجى برؤه إلا بمعجزة من الله على يد مصلحين مجددين لأمر دين أمة الإسلام، ولا ندري متى، وأين؟".
يقول الدكتور محمد وراضي، إنه لا يخفى أن أحمد التوفيق "بودشيشي" رغم أنه وزير قائم على الإصلاح الديني، ومع ما له من سلطة [..] قد يستغرب المرء عندما يلاحظ أن هذا الوزير تألق في تحقيق الكتب المروجة للفكر الظلامي الديني دون غيرها، ومنها كتاب "التشوف إلى رجال التصوف"، المحقق من طرفه في سنة 1984. وبهذا التحقيق، دون نقد، ساهم أحمد التوفيق في الترويج إلى خرافة قبر ابن سعدون، بعد أن تكلم مع فقيه من فقهاء أهل أغمات، علما أنه ـ يقول محمد وراضي ـ لم يسبق أن بلغ إلى علم أي كان أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد التحاقه بالرفيق الأعلى، كان رهن إِشارة الخلفاء الراشدين بالذات، لتقديم أنجع الحلول لما كان ينتصب أمامهم من مشاكل وما أكثرها، إذ لو كان الحس الديني النقدي حاضرا لدى محقق الكتاب لأدرك خطر الشباك الذي سقط فيها وأسقط فيها غيره، من جراء "تقديس" ضريح ابن سعدون المتكلم من قبره، وما يجنيه القيمون عليه من مال، كذبا وبهتانا، وبذلك يكون قد وضع السم في الدسم. لقد سكت المحقق على العديد من الأكاذيب تضمنها الكتاب الذي حققه، خوفا من انفضاح أمر الصوفية والصوفيين ومشايخها بالمغرب.
لقد سبق لعبد الإله بنكيران أن صرّح في غضون شهر شتنبر 2007، قائلا:" نحن هبة من السماء للدولة المغربية"، ورد عليه محمد وراضي، صديقه القديم والذي لعب دورا لم يكشف عنه بعد بخصوص ارتباط حزب المصباح بالجذور "الخطيبية" (نسبة للراحل عبد الكريم الخطيب)، قائلا :" إن كان عبد الإله بنكيران يعنى بالدولة والحكام (وليس الأمة أو الشعب)، فإنه صادق كل الصدق، إذ أن الدولة، حين ظهور حزب "البيجيدي" كانت في أمس الحاجة إليه كهدية، لكنها لم تنزل عليها من السماء، وإنما حصلت عليها بعد ترتيبات ومقدمات أنضجتها سياسيا".
ويتساءل محمد وراضي: لماذا يسكت "البيجيدي" عن هذه الظلامية؟ فيجيب :إما أن حزب العدالة والتنمية مقتنع تمام الاقتناع أن الفكر الظلامي موروث ثمين عن الأجداد الهالكين، من تعالى :"إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون"، وإما أنه غير مستعد للتنازل عن المكتسبات التي حققها، أو عن المصالح التي يرغب في أن يعضّ عليها بالنواجذ.
وفي هذا الصدد سبق لمحمد يتيم، عندما كان مديرا لجريدة "الراية" أن أسّر لمحمد وراضي، ما معناه أن سياسة الحزب تحرص أشد الحرص على تجنب أي صدام مع جماعات إٍسلامية من أسرة واحدة، واستنتج الأخير أن هذا الحزب يتقي ما أمكنه غضبة النظام، إن هو تجاسر على التنديد بالفكر الظلامي وبتعامل المخزن معه من جهة، إضافة إلى حرصه على اكتساب ودّ الظلاميين كأصوات يجدها إلى جانبه أثناء العمليات الانتخابية، من جهة ثانية.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لجولة 7 للمفاوضات غير الرسمية انكشاف دور الجزائر في النزاع و ...
- ليس هناك أحزابا سياسية بالصحراء المغربية بقدر ما هناك تحزبات ...
- المغرب - الجزائر المفاوضات السرية الأولى
- الظرفية الراهنة تستوجب تحصين أقاليمنا الجنوبية سياسيا، إقتصا ...
- الآن بعد أن انطلق ورش الإصلاحات السياسية لا مناص من نخبة جدي ...
- العائدون إلى أرض الوطن صفقة رابحة أم خاسرة؟
- عقد وسنة من تدبير ملف الصحراء1999 2010
- لماذا الاستمرار في مفاوضات عقيمة بلا جدوى؟
- المفاوضات مع جبهة البوليساريو لن تكون ذات جدوى
- التعامل مع الرموز الوطنية ( العلم و النشيد الوطنيين، الصورة ...
- آفة لا تزال تنخر الإدارات والمجتمع وتثقل كاهل دافعي الضرائب
- الحقيقة التي تُرعب جنرالات الجزائر
- الأطراف الجوهرية في نزاع الصحراء، وجدليةُ مسيرتي التغيير الس ...
- عيون بوتفليقة على المغرب
- المواطنة الملتزمة بالصحراء المغربية
- لا ل -مواطنة الابتزاز- و -وطنية الارتزاق-
- الدبلوماسي الأمريكي الذي يتقن لغة الضاد
- رئيس جمعية -الصحراء المغربية- يدعو إلى إطاحة النظام الجزائري
- رفع اليد عن ملف الصحراء والحوار مع الانفصاليين
- الأعيان يغتنون والشباب يتمردون، فما العمل؟


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس ولد القابلة - الفكر الظلامي الرسمي بالمغرب