أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حنان محمد السعيد - عندما تتعدد الخيارات














المزيد.....

عندما تتعدد الخيارات


حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)


الحوار المتمدن-العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14 - 19:01
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


يتجسد الشعور بالحرية بشكل واضح في نفوس البشر عندما تتوفر لديهم الخيارات المتنوعة ويكون المجال مفتوح أمامهم لتحديد ما يناسبهم بعيدا عن الضغوط النفسية أو المادية، وكلما تطورت الحياة كلما تعددت الخيارات وأصبح الإنسان في حاجة لإتخاذ العديد من القرارات بشكل يومي بداية من نوع ملابسه ولونها للمدينة التي يقطن فيها لنوعية الدراسة التي يريدها والعمل الذي يناسبه للطريق الذي يسلكه من أجل الوصول لعمله ووسيلة النقل التي تحمله اليه، طعامه، ديكور منزله .......... إلى مالانهاية له من الأشياء، تتعدد الخيارات بحسب الإمكانيات والثقافات والأذواق، بينما لم يكن لأجدادنا نفس هذا العدد الكبير من البدائل ونفس القدر من التنوع في حياتهم.

ولا يختلف الأمر كثيرا عند النظر في تاريخ الحياة السياسية والحزبية الحديث في مصر فالخيارات لم تكن مفتوحة في يوم من الأيام بشكل حقيقي وفاعل ويتيح للمواطنين التعبير عن قناعاتهم وانتماءاتهم بحرية، بداية من حقبة الإحتلال البريطاني لمصر حيث نشأت بعض الأحزاب والقوى السياسية المعارضة على آستحياء وكانت تعاني من ضغوط رضوخ مصر للإحتلال وتبعيتها لإسطنبول ، وما تلى ذلك من ثورة 1952 والتي أنشأت ما يعرف بهيئة التحرير في 23 يناير عام 1953 وتلاها الإتحاد القومي في 16 يناير 1956 والذين مهدا الطريق لنشأة الإتحاد الإشتراكي العربي في 29 اكتوبر عام 1962 والذي كان يتبنى أهداف المرحلة ويعمل على تقوية الإقتصاد الوطني بإنشاء قطاع عام قوي يقوم بدور رئيسي في تنمية الدولة ويعطي دور كبير وجاد للعمال والفلاحين في النشاط السياسي ويساند المشروع القومي العربي.

ولكنه لم يسمح بوجود تعددية أو ظهور اي اتجاهات معارضة او مخالفة لسياسة الدولة واتجاهاتها ، وتعالت الأصوات المنادية بالتعدد وخاصة بعد هزيمة 1967 وما تلاها وحتى تولي السادات مقاليد السلطة والذي سمح بدرجة محدودة جدا من التعددية داخل الإتحاد الإشتراكي بتقسيمه لتكتلات او منابر تمثل اليمين "تنظيم الأحرار الإشتراكيين" والوسط "تنظيم مصر العربي الإشتراكي" واليسار "تنظيم التجمع الوطني التقدمي الوحدوي" والتي تحولت في عام 1976 لأحزاب ثم صدر قانون الأحزاب السياسية في 1977 ولم يتيح ذلك الفرصة إلا لوجود مجموعة صغيرة من الأحزاب متمثلة في أحزاب الوفد والتجمع والأحرار والعمل والحزب الوطني الديمقراطي والذي تولى السادات رئاسته.

الا أن أحداث 1977 قضت تماما على حيز الحريات المحدودة والتي كانت قد أتيحت للأحزاب والقوى السياسية للتعبير عن نفسها وحتى أنتهاء فترة حكم السادات باغتياله وتولي مبارك الحكم والذي سمح بانشاء العديد من الأحزاب في الحديقة الخلفية للحزب الوطني الحاكم وفرغها من جوهرها تارة بتعيين رؤسائها في مجلس الشورى وتارة بالدعم المالي، وبقانون الأحزاب المقيد.

ولم يكن من الصعب تخريب أي حزب يغرد خارج السرب أو إيقافه بالكامل كحزب العمل الذي تم اغلاقه ومصادرة جريدته المعارضة "الشعب" والذي ظلت قضيته متداولة في المحاكم لسنوات وسنوات، وغيره من الأحزاب التي تعرضت لهزات ونكسات كبيرة لمحاولاتها الظهور بمظهر المعارض الفعلي لا الصوري كحزبي الغد والوفد.

وتفرد الحزب الوطني الديمقراطي بالحكم وحول الدولة سياسيا واقتصاديا لمؤسسة تخدم مصالح الأسرة الحاكمة والأعضاء المقربين منهم والذين يخدمون تطلعاتهم ويعملون على تنفيذ رغباتهم ، أصبحت الأمور كلها شكلية فهناك تعددية حزبية ولكنها لم تقلص من تحكم حزب المصالح في شؤون الدولة ولم يكن لديها أي أمل في نيل أغلبية في يوم من الأيام أو حتى في الخروج بأفكارها خارج حدود مقراتها وحتى اجتماعاتها داخل المقرات لا تخلو من الرقابة والدسائس.

وهناك نظام رأسمالي ولكنه يعمل على أحتكار رؤوس الأموال في يد العائلة الحاكمة ويمنع ظهور أي مستثمر من خارج عبائتهم، وهناك سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية ولكنها تصيغ القوانين بما يخدم مصالحهم وتنفذ ما يدعم وجودهم.

فأصيبت الحياة السياسية والإقتصادية بشلل تام حيث غابت تماما الفرصة لوجود رأسمالية حقيقية و أصبح الإقتصاد كيان هش قائم على الإحتكارات والمضاربات واستغلال النفوذ وغابت تماما ثقافة الإنتاج وتم بيع أملاك الدولة في صفقات مشبوهة لا تخدم الا مصالح النخبة الحاكمة وأرتفعت معدلات البطالة وأنتشر الفساد وضاعت الحقوق وكانت هذه الممارسات المفرطة في الأنانية هي العامل الأهم والأقوى في قيام الثورة.

وأخيرا وبعد سنوات وسنوات من التضييق والقمع والتغييب أصبحت الفرصة مهيأة لقيام أحزاب حقيقية تستند على فكر وأيديولوجية وأرضية في الشارع المصري ، ولكن هذه الفرصة التي تتاح لأول مرة أثارت الكثير من الخلافات والمشاحنات بين القوى والإتجاهات السياسية ، فالجميع أصبح لديه أمل أخيرا في تحقيق أحلامه وترجمة أفكاره على أرض الواقع ، وأصبح لديه أيضا تخوف من سيطرة فكر الأخر وتوليه مقاليد السلطة فبعد سنوات من القمع والإقصاء أصبح لدى الجميع هاجس بأن من يتولى الحكم سيسير على سنة سابقيه في اقصاء معارضيه والإستئثار بالسلطة.

وأخذ الجميع في عقد مقارنات بين سلبيات وإيجابيات القوى المتصارعة وأهدافها التي تسعى اليها وما سيكون عليه الأوضاع في حالة فوزها بأغلبية برلمانية.

فكما أن الخضوع والكبت وإنعدام الخيارات يثير الحزن والأسى والغضب فكذلك تعدد الخيارات يثير الكثير من الحيرة والتخوف والصراع النفسي فقد لا يكون إختيارنا هو الخيار المناسب وقد لا يفي بما نريده ونتمناه ، ولكن يبقى الأمل دائما في القدرة على التغيير وتعديل المسارات الخاطئة طالما توفرت لنا حرية الإختيار.



#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)       Hanan_Hikal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين التخوين والتكفير
- الرعب الأخضر
- في عالم أخر
- فن إخماد الثورات
- هموم نسائية
- إعلامنا الذي لم تصله الثورة
- الجريمة والعقاب
- الإنكار
- نحو انتخابات نزيهة
- السباق الأخير
- الرئيس المزمن
- ألحان ثورية
- لأنه رجل
- أسلحة قمعية
- متعصبون
- أسلحة دمار شامل
- تعديل أم تغيير ؟
- تسونامي 2011 Tsunami
- ثائرة
- الثقة


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حنان محمد السعيد - عندما تتعدد الخيارات