أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حنان محمد السعيد - متعصبون














المزيد.....

متعصبون


حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)


الحوار المتمدن-العدد: 3323 - 2011 / 4 / 1 - 18:34
المحور: المجتمع المدني
    


التعصب بذرة تزرع في الطفل الصغير منذ نعومة أظفاره تنمو معه ويسقيها الأهل كل يوم وكل لحظة، فالأباء يشكلون للطفل إنتماءاته وشخصيته ويفتحون عينيه على أن الولاء للمجموعة هو الخلاص وهو القوة وهو ما يصنع كيانه.

وقد حرصت الشرائع والمواثيق الدولية الحديثة ومن قبلها الأديان السماوية على التأكيد على مساواة البشر في الحقوق بدون النظر للفروق الفردية التي تميزهم وكان هذا من أهم بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصدرته الأمم المتحدة.



وتنص المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن:

لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
وبالرغم من هذا البند الإنساني الرائع الذي لغى كافة أشكال التمييز وبالرغم من التطور التكنولوجي الحادث والذي قرب كثيرا بين البشر وجعل جميع بقاع الأرض من أقصاها إلى أدناها تحت اصابعك يمكنك أن تعرف بسهولة شديدة ما يحدث في أي مكان لحظة حدوثه وأنت مكانك ، إلا أن ذلك لم يزيل الحواجز النفسية ولم يمنع تضخم شبح التعصب والطائفية والذي يفرض نفسه على مسار الأحداث بدرجة غير مسبوقة، ما الذي جعل أشباح التعصب والطائفية تسيطر على نفوس البشر وتتضخم بهذا الشكل المرعب وخاصة في منطقتنا العربية؟

ما الذي يغذي هذه النزعــات ويقويــها ومن المسـتفيد مما تحدثه من تصارع وتخريب؟

عندما تُجري حوار مع فئة من الناس أو طائفة تحمل نوع من الرفض القوي تجاه طائفة أخرى تجد في الأسباب التي صنعت هذه الكراهية والمواقف المتعصبة الكثير من الأكاذيب والتهويل والأفكار المغلوطة، كما أنها تلجأ للتعميم بشكل غير موضوعي فمن غير الممكن أن يكون أفراد طائفة بالكامل يحملون نفس الأفكار والمعتقدات بنفس الدرجة بلا تمييز ولا يكفي أن تنتمي لدولة أو ديانة أو طائفة ليعمم عليك أحكام جاهزة غير قابلة للنقاش ولا تتاح لك الفرصة للدفاع عن نفسك وأفكارك ووجودك وحقك الإنساني المشروع في إعتناق ما شاء لك من أفكار طالما أنت لم تتسبب في أذى للأخرين، كما أن التعصب يبعد الإنسان عن التفكير المنطقي ويخرجه من قالبه المتحضر الراقي ويعيده إلى ظلمات الجهل واللامنطقية وقد يقوده ولائه لمجموعته لإرتكاب جرائم كبرى في حق الأخرين بلا ذنب جنوه.

وهناك عدة مظاهر يتجلى فيها التعصب بوضوح مثل التعبير اللفظي والمقاطعة والتجنب والتفرقة في توفير فرص العمل والمزايا الأخرى وأخيرا قد يتخذ هذا التعصب شكل عنيف يصل حد الإبادة العرقية.

وبالرغم من وجود جانب إيجابي ملموس للتعصب يتم تصنيفه تحت شعارات الوطنية والإنتماء الديني وهي قوة إيجابية تتمثل في دفاع الإنسان عن وطنه ضد الغزاة وتعاطف أصحاب الديانة الواحدة معا في حالة تعرض بعضهم في أي مكان للظلم أو الكوارث البيئية ويتمثل ذلك في تقديم كل المساعدات الممكنة ووسائل الإغاثة المتاحة وهذا يمثل نوع من التكافل والمؤازرة الإيجابية المطلوبة.

إلا أنه يتحول لكارثة محققة تهدد السلام والأمن والإستقرار إذا تسبب في إشعال الفتن بين أبناء الوطن الواحد ووصل الأمر لمحاولة كلاً من الأطراف المتصارعة إبادة الأخر أو الإنتقاص من حقوقه ، عندما يصل الأمر إلى مرحلة "إما نحن أو أنتم" تدق نواقيس الخطر وتسيل الدماء البريئة بلا سبب يبرر ذلك إلا العنصرية والغباء البشري الذي يجعل البعض يتصور أنه أفضل أو أحق بالوجود والبقاء من الأخرين لأنه من جنس أو دولة أو طائفة مختلفة.

وإن كنت أجد في التعصب الشديد للدين أو الوطن أعذار ومبررات مفهومة ، فمن الصعب جدا بالنسبة لي تفهم أسباب التعصب الشديد للفرق الرياضية والتي يسفك فيها الدماء وتسوء العلاقات بين الدول ويتصرف فيها جماهير المتعصبين بشكل همجي قد ينتهي فيه المباراة بنسبة لا بأس بها من القتلى والجرحى والخسائر المادية.

ولا يمكنني قبول فكرة التعصب الذكوري التي تجعل من الكثير من الرجال يعتقدون أنهم الجنس الأذكى والأحكم والأقوى وأن النساء ليسوا إلا دمى متحركة لا عقل لها أو سبب في كل المشكلات وحاويات لكل النقائص على وجه الأرض بالرغم من تفوق المرأة دراسيا وإقتحامها لسوق العمل بكل قوة وجدارة.

التعصب والتمييز ينسحب حتى داخل الجنس الواحد والوطن الواحد والديانة الواحدة ويتوجه للإنتقاص من شأن أبناء المحافظات الأخرى كالسخرية من أهل الجنوب أو الإستخفاف بطبقات الفلاحين والعمال وإنتقاص حقهم في التعبير والإختيار.



التعصب يظهر الوجه الأشد بدائية للبشر ويخلع عنهم قشور المدنية والتحضر وكأننا نتقدم تكنولوجياً ونتراجع إنسانياً.



#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)       Hanan_Hikal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسلحة دمار شامل
- تعديل أم تغيير ؟
- تسونامي 2011 Tsunami
- ثائرة
- الثقة


المزيد.....




- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حنان محمد السعيد - متعصبون