أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حامد حمودي عباس - ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. النهايه















المزيد.....

ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. النهايه


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3395 - 2011 / 6 / 13 - 20:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في مطار اتاتورك الدولي في العصمة اسطنبول ، لم تشأ شرطية فحص الجوازات عند البوابة الاخيرة لركوب الطائره ، ان تسمح لي بالسفر الى اي مكان اخر خارج دائرة خيارات ثلاث .. العودة الى تونس ، او ليبيا ، او السفر الى الاردن .. ولم اكن اعرف ولحد الان ، لماذا جاء الاردن كخيار ثالث ، رغم انني لم اقصد السفر الى هناك ، سبب الممانعة كان لانتهاء صلاحية ذلك الجواز الملعون ، والذي لازال يحمل صورة صدام حسين داخل دائرته الفسفورية الباهته .. وقامت سلطات المطار بعد ان ذهبت توسلاتي سدا ، بانزال حقائبي من الطائرة ليتم حجزي في المطار ولاربعة ايام متتاليه لم أنم خلالها الا ساعات قليله ، مستغلا وجودي في عالم هامت فيه روحي وهي تعيش أروع ما أفرزته العلمانية الاتاتوركية ، والتي حماها العسكر طيلة صراع مرير مع قوى الردة الدينية ، حينما حاولت العبث بمكتسبات الشعب التركي والنيل من دولته المدنية المتفتحه .. لقد كنت اكتفي بين الحين والاخر ان اتفقد بناتي وهن يرقدن في فندق انتظار الترانسيت داخل المطار ، فأغطيهن وأطمئن عليهن ، لأعود ثانية الى حيث تعج جماهير غفيرة من المغادرين والقادمين من كافة انحاء العالم .. صبايا شبه عاريات ، ونساء يعتمرن الخمار ، ورجال دين يهود تتدلى ظفائر شعرهم على جنبات اجسادهم ، وشباب مهووس بالفرح ، واطفال يتزحلقون على بلاط الممرات المكسوة بالمرمر .. شرطيات وضابطات وطيارات ومضيفات بالوان الزهور ينطلقن رواحا ومجيء ، ووجوههن تقطر عذوبة وبراءه .. لم اسمع أذانا طيلة الايام الاربعة الماضيه ، غير ان عدد كبيرا من المصلين الاتراك كانوا يقصدون جامعا مغلفا بالالمنيوم النظيف داخل المطار، ليؤدوا ما عليهم من صلوات دون صخب أو حسيب او رقيب .. هاجمني احد العراقيين ممن تعرفت عليهم في مخيم تونس ، وهو يشحط بحقيبته ويصرخ ، وقد وصل توا الى المطار : اين انت يارجل ؟ .. لماذا لم تنتظرني حتى نرحل سوية ؟ .. بالله عليك اين المسجد ؟ .. كان يحدثني وهو على بعد امتار ولم يتكلف بالدنو مني لاتلقى راجماته لوحدي .. أشرت عليه بالسكوت ريثما نقترب من بعضنا البعض .
- اين المسجد ؟ .
- لماذا انت مستعجل ؟ .. ضع حقيبتك في الفندق وبعدها سأدلك عليه .
- كيف ذلك ؟ .. الوقت الان وقت الصلاة .
- وما ادراك بانه وقت صلاة ؟ .. التوقيت التركي يختلف .. اكمل اجراءات اقامتك وبعدها الله يسهل .
بعد حين ، علمت بان افرادا من الشرطة التركيه ، منعوا صاحبي من احداث صخب وهو يؤدي مراسيم الوضوء ، مستخدما قنينة من المياه الغازيه خارج بناية المسجد .
العلمانية ( المكروهه ) .. العلمانية التي أصبحت تقض مضاجع الغيارى من ابناء جلدتي وهم يحتمون منها بسبل لم تمنعهم من ارتياد مسالك السحر ، والاعتقاد بان عجوزا تعيش في غياهب احراش الاهوار ، بامكانها ان تضيء نورا في بيتها دون كهرباء ولا وقود بمجرد الايماء بخنصرها الصغير .. العلمانية التي حاربها الزعيم في ليبيا طيلة فترة حكمه ، ولم يزل رغم الشدة التي هو فيها ، لا لشيء إلا ليثبت للعالم ( باعتباره فلتة عصره ) بأنها صرعة من صرعات الغرب الصليبي المتهتك .. العلمانية هاهي اراها ساطعة الملامح ، تظهر في مطار اتاتورك بأصدق الصور والمعاني ، فاتخيل بانني وعلى طريقة ابطال افلام الكارتون ، استطيع الطيران الى حيث يقبع اولئك اللصوص المحتالين من سدنة الكفر وليس الايمان ، لأسدد اليهم ركلة تبعدهم عنا الى خارج دائرة الحياة والتاريخ .. لقد قضيت في مطار اتاتورك احلى اربعة ايام رغم محنتي مع اجهزة الشرطة هناك .. وارتشفت اعذب طعم للحياة حيث كنت جافا لا يميزني عن سواي من مخلوقات الله غير أنني انطق بلسان فصيح .. ولم يكن لدي بديل عن الاستجابة الى دواعي فضولي في ان اسجل آخر ما في أعماق ذاكرتي وانا اتخطى بوابة المطار نحو طائرة اقلتني الى مجهول آخر .. لقد غادرت ليبيا وليس في نفسي اي شعور بالبغض لشعبها .. بل إنني سوف اكون جاحدا لو تنكرت لتلكم المواقف الانسانية النبيلة للعديد من الليبيين ممن تعرفت عليهم في العمل وبحكم الجيره .. إنه شعب ليس له أية جريرة عدا عن كونه ضحية نظام فارغ المحتوى ، يعيش في غياهب الماضي ولا يريد ان ينعم بالحداثة والتجديد ، نظام يفخر وحتى اليوم ، بكونه يستمد نظريته الثالثة من وديان الصحراء القاحلة وخيامها ، ويقحم نفسه عنوة في حياة الناس ليقطع شرايين هذه الحياة ، ويجعلها مجرد سباق باتجاه توفير القوت لا غير .
غادرت مدينة اسطنبول بعد تفاوض تواصل لاربعة ايام ، اقتنع المسؤولون في المطار خلاله بانه لا جدوى من بقائي في عهدتهم ، فلفضوني في ساعة متأخرة من الليل ، لأركب ظهر الغيوم من جديد ، في ترحال يبدو بانه لن ينقطع ..
وكنتيجة لهذا السفر المضني من جماهيرية المجهول .. اضع هنا حصيلة ما ترسب في قناعاتي عن مستقبل هذا البلد ، وأحدد ذلك بالآتي :
أولا - إن الدواعي الاساسية لما يجري في ليبيا من احداث تمثلت بالانتفاضة الشعبية المنطلقة من شرق البلاد ومن ثم غربه ، لم تكن بسبب الفاقة أو الحرمان الاقتصادي عموما ، وانما جائت بسبب الاختناق الاجتماعي المفروض على السكان ، وهيمنة الافكار السرمدية الجاهزة لشخص القائد دون سواه ، والتي أدت في النهاية الى بقاء الشعب الليبي برمته رهينة لتلك الافكار لا يستطيع التحرك خارج دائرتها المقدسه .. وبالتالي فان هذا الشعب صار حبيسا ضمن حيز لا يسمح له البته أن يتواصل مع العالم المحيط ، ولا يستطيع امتلاك موهبة الابداع والتجديد والتحرك صوب عناصر الثقافة الحرة وبكافة المضامين والمصادر .. وما إن ثارت البرك الساكنة في دول الجوار وغيرها من دول المحيط العربي ، حتى تصدعت الجره ، وتدفق البخار خارج فضاء المقدس .
ثانيا – إن الوضع في ليبيا ينذر بخطر الانزلاق بعد رحيل القذافي ، وهو أمر قائم ، ضمن متاهات عديدة جميعها توحي لي بالخطر المحدق بهذا الشعب غير المسلح بخبرة كافية لادارة شؤونه بنفسه .. ففي ليبيا ، لم تقم المؤسسات المعنية بالتعليم والصحة وادارة شؤون البناء التحتي بما يوفر الكادر المتعلم وفي شتى المجالات الأكاديمية والمتوسطة ، بحيث يمكن الاعتماد عليه في تعويض النقص الحاد والحاصل في كافة مفاصل الادارة العامة للدوله .. إذ أن تلك الادارة جملة وتفصيلا كانت ولحد قيام الثورة ، يشرف عليها ويسيرها غير الليبيين من الاجانب الوافدين سواء من اوروبا او آسيا وكذلك افريقيا ، والتي تولى مواطنوها القيام بجل الاعمال الخدمية اليومية للمواطن الليبي .. وهذا معناه ، أن تلك المفاصل الهامة من حياة الشعب الليبي ، ستبقى مرة اخرى رهينة بيد الطاقات الاجنبية ، والى حين تقويم مسار ادارة شؤون دولة لا تحمل من ذلك غير الاسم فقط ولفترة طويلة من الزمن .
ثالثا – وبناء على ما تقدم .. فإنني اميل الى كون أن الامور في ليبيا ، لو قدر للنظام ان ينزاح عن الساحة ، فسوف يطالها اضطراب مدمر ستطول فترة معالجته .. وستكون الطامة الكبرى في حياة هذا الشعب ، لو أقدم الامريكان ، متطوعين او راغمين ، على ان يمارسوا هواياتهم في اللعب بمقدرات البلدان التي تنزاح هيبتها وتستباح اراضيها تحت ضرورات الفراغ الأمني كما هو العذر دائما .. فلقد ضرب الوحش الامريكي وباستهتار متعمد في اطناب البلدان التي دخلوا اليها محتلين ، او حينما يحلوا لهم ان يقدموا على احتلال بلد تحت اية تفسيرات يرون فيها حجة لذلك ، فهدوا الدولة العراقية بمؤسساتها المدنية والعسكرية ، وتركوا البلاد نهبا للصوص شرهين للجريمه ، وجعلوا المواطن العراقي في متاهة عريضة لا يعرف لمصيبته حلا غير ان ينام على ضيم المحن .. وما اخشاه على الشعب الليبي هو ان تكون من حوله ذات الظروف المدمرة .
رابعا – في أسوء الحالات ، فإن الاسلام السياسي وكعادته بالتربص واستغلال الفرص ، ولكونه متواجد وبكثافة مؤثرة بين ظهراني الثورة والثوارحاليا ، فإنه سيقفز وبخطى عريضة لخطف مراكز القرار في البلاد ، سيما وإن المناخ التربوي والذهني للفرد الليبي مهيأ لقبول هكذا احتمالات .. حينها ستعود العجلة القهقرى وبشكل متسارع ، وقد يحن المواطن الليبي في يوم من الايام على عهده السابق عند العديد من مفاصل حياته .
بكلمة واحده .. فإن الوضع في ليبيا ، سيؤدي الى مسالك تتوزع في نهاياتها نتائج غير ايجابية لو لم تتخذ القوى الفاعلة في المعارضة سبيلا مغايرا لما فعلته المعارضة في العراق أو مصر وكذلك في تونس ، والتي بدأت تتخبط في طرق تعاملها مع العهد الجديد .. ويقيني بان ذلك سيحدث فعلا ، ولفترة ليست بالقصيره .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ألعراق لم يكن إرثا من آبائكم .. فكيف تتبرعون بأراضيه ؟!
- ألحزن الكبير ...
- كان لدينا قطار للموت .. فهل سمع أحدكم بذلك ؟!!
- الفودكا .. واختراق الحصار ..
- دعوة نصوح .. كي يموت فينا الضد السيء .
- أمريكا تحتفل بافضل راقصيها..
- للحقيقة .. إتجاه واحد .
- لمصلحة من يجري التحامل على التجربة السوفيتيه ؟؟ .
- كيف السبيل لإرضاء شركاء الدم ؟
- هيبة القانون ، أم هيبة الدوله ؟
- متى يصار إلى النطق بالحقائق ؟
- ألشيطان رجل .. ( قصة قصيره )
- رافقوني إلى القاع .. فذلك أجدى لمعايشة الحقيقه .


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حامد حمودي عباس - ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. النهايه