أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حامد حمودي عباس - ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من وقائع الثورة في ليبيا # 6















المزيد.....

ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من وقائع الثورة في ليبيا # 6


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3390 - 2011 / 6 / 8 - 23:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


بدأت حال وصولنا الى المعبر الليبي ، أولى اجراءات العسكر للاشراف على عملية العبور ، وذهبت سدى كل توسلات سائق السيارة وصاحبه بأن يتم نقلنا وحقائبنا الى نقطة التفتيش المقبلة داخل المركز الحدودي .. حيث أصر الجنود على ان نترجل عن المركبه قبل ان نجتاز عارضة حديدية طويله تبعد حوالي 300 متر عن النقطه الاخيره .. واضطررنا الى تغيير السيارة بسيارة اخرى ، قالوا لنا بان صاحبها يحمل جواز سفر يؤهله لنقلنا الى داخل الحدود التونسيه .. وكان وداع مؤثر بيننا وبين من قام بإخراجنا من بوتقة الخطر .. المركز الحدودي لم يكن مكتض بالناس كما هي حاله في بداية المعارك .. تقدمت صوب شباك مراجعة الاجانب والاخوة العرب كما توضحه يافطة صغيرة مثبتة هناك ، واستلم الموظف جوازات سفري وعائلتي ، وما إن تصفحها بسرعة حتى ركنها جانبا وأشار علي بالوقوف جانبا ريثما يفرغ من اكمال اجراءات عدد من المراجعين الاخرين .. بعد حين ، دعاني اليه وبدأ للمرة الثانية يتصفح الجوازات :
- كيف لك ان تغادر وجوازسفرك منتهي الصلاحية ؟ .
- لم اتمكن من تمديد فترة النفاذ لعدم وجود سفارة عراقية في طرابلس .
- طيب .. لماذا لم تقم بنقل تأشيرة دخولك ودخول افراد عائلتك من جوازاتكم القديمه الى الجديده ؟ .
- كنت أنوي القيام بذلك ، ولكن الاحداث الاخيرة منعتني .
- على كل حال .. انها مشكلة عويصه ، وعليك العودة الى طرابلس لحلها .
- حاول ان تساعدني وانت تعلم بان الاوضاع تضطرني للمغادرة .
كان العرض مباشرا من قبله لحل المشكلة ( العويصه ) .. وجاء قبولي فوريا لعدم وجود سبيل اخر يدفع بي خارج دائرة النار .. وسرعان ما قام بختم جوازات السفر ، وسرعان ما تحركت وكأنني اقفز قفزا الى ما بعد العارضة النهائية للحدود ، فاصبحت بعد لحظات عند نقطة اخرى ، يرتدي افرادها بزز عسكرية مغايره ، هم من أفراد الجيش التونسي .
أحاط بي عدد من الرجال المدنيين ، وبشكل أوحى لي بأنني وسط حدود مراقبة قد تكون نظامية لمن يغادر ليبيا في هذه الفتره ، ولكنني علمت بأنهم من تجار تصريف العمله .. سألت أحدهم بعد ان توددت له .. هل أن الامر كان يجري وبنفس هذه الطريقة في عهد الرئيس بن علي ؟ .. فاجاب بالنفي ، لكون ان نظام بن علي اكثر حزما في تطبيق القوانين .
لقد اوحت لي الفكرة ، بان اقوم في دواخلي وانا أنتظر نتيجة استلام جوازات السفر من قبل الضابط التونسي ، بمحاورة فكرة طالما راودتني حول صحة أن يكون للحكم الديكتاتوري في بعض صوره فائدة بعينها في إرساء صيغ الحياة السوية ، لا سيما في بلادنا العربية ، ولطالما أيضا حاورت مع نفسي نتائج حققتها بعض الانظمة الدكتاتورية في منطقتنا ، ضمن مجال السيطرة على مفاصل الفساد الاداري وتقليص عقد الروتين ، تلكم المفاصل والعقد التي انفرطت واصابها التسيب ضمن ما يقال عنها بالانظمة الديمقراطية ، حتى أصبح عدم الالتزام وامتلاك ناصية الأمان من العقوبة ، سببا في عدم احترام حقوق الانسان واستشراء عوامل الفساد الاداري والمالي وبشكل شبه علني ، وكانت من النتائج المرعبة لهذا الانفصام المجتمعي في الدول التي نالت حريتها من نير الاستعمار وبناء انظمتها المستقلة ، ومن ثم ازاحت عن كاهلها ثقل الخضوع للحكم الدكتاتوري وبعمليات قيصرية ومفاجئة في الغالب ، هي أن فقدت مقاييس المؤسساتية في الدولة ، وبدت واضحة ملامح التسيب في اهم محاور البناء العام ، واهم تلك المحاور ضعف الخدمات وحدوث عرقلة مزمنة في تطوير البنى التحتية للمجتمع والدولة معا .
إنني أرى بأن شبحا من الفوضى المرعبة سيطال تأثيره مفاصل المجتمع الليبي ، لو قدر له أن ينتقل وبلا مقدمات ، مما أسميته بالحصار الاجتماعي الى الحرية المطلقة دون أن يفهم افراده ماهية الثوابت الاساسية لتلك الحرية ، ودون ان تأتي على رأس هرم السلطة الجديده ، قوى تتفهم ضرورات هذا الانتقال ، لتضع مقدما حيثيات من شأنها أن تكون صمام للأمان ، تحول دون حدوث خراب مدمر لو ترك الأمر للصدف فحسب ..
غادرني تجار تصريف العمله فور علمهم بأنني لست ممن يحققون ربحا يستحق ما يقومون به من عناء الملاحقه ، ولم اكن اعرف بالضبط ، لماذا يقوم ضابط الجوازات بتركي دون ان يبين لي أسبابا بعينها لذلك .. وفجأة أشاروا علي بتقديم حقائبي للتفتيش ، وقد حضر من استلم جوازات سفري معرفا نفسه لي بأنه ممثل للأمم المتحدة ، وأنه سيقدم لي المساعدة المطلوبه ابتداء من نقلي الى مخيم لأيواء اللاجئين .
إذن .. فقد اصبحت الان ، وبقدرة قادر ، لاجيء وفي عهدة المنظمات الدولية المختصه .. كم حاولت ان احضى بورقة تمنحني صفة لاجيء لدا مكتب رعاية شؤون اللاجئين في طرابلس .. وحين بلغت المرحلة الاخيرة من الاجراءات المتعلقة بمنحي هذه الصفة .. ودون بقية العراقيين الاخرين في ليبيا برمتها ، ساق لي حضي العاثر ، أحد اخواننا العرب ، من الحريصين على سيادة أواصر الحكم بتعاليم ديننا الحنيف ، ليجري معي مقابلة دامت اكثر من ساعتين ونصف .. وما إن علم من خلال حواري معه ، بانني من أنصار العلمانية كمبدأ من شأنه أن ينظم مسيرة حياتنا المدنية والسياسية ، حتى اعلن نيته في القتال من أجل حرماني من الاستفادة مما اوشكت على بلوغه ، باتجاه العيش في كنف مجتمعات تخلصني من مغبة هذا الترحال القاسي بين احراش غابات التخلف .. حاولت عبثا أن أقنعه بأنني استحق الهجرة الى عالم يحميني من الموت تحت وطأة القهر ، ويقتل في روحي وعقلي امكانية العطاء المفيد .. غير أنه أحجم وبإصرار عن قبول اي عذر قدمته له بهذا الصدد .. وكان ينظر لي بشزر ، ويوجه لي استفسارات تعجيزية جعلتني أشعر بإحباط من ينل قصب السبق في سعيه الحثيث باتجاه ما يريد ، ثم فجأة ينهار كل شيء من أمامه .. النتيجة ، هي انني تم رفض طلبي بمنحي صفة لاجيء ، نتيجة لتقرير قدمه بهذا الشأن ذلك الاخ في الدم والدين .
تقدمت صوب المنطقة التي تجمع فيها عدد من رعايا دول شتى وهم بانتظار الايعاز بالخطوة القادمه .. شعرت حينها بانني اصبحت حرا .. وبدت لدي رغبة ملحة في ان أنط كبقية الاطفال في الساحة المليئة بالبشر ومن كل الالوان .. وكانت أولى بوادر الشعور بالانعتاق ، هو أنني تيقنت تماما من كوني بمقدوري التحدث عن أشياء كنت لا استطيع التحدث عنها في الصباح الباكر لهذا اليوم .. من قال بأن الخبز ينفع دون ان يداف بملامح الحريه ؟ .. أنا الان اتجول على التراب التونسي ، وشغف حب الاطلاع يتملكني ، ويدفعني لاقتحام عوالم كل الموجودين معي في ذلك المكان المحايد .. وكان لي ما أردت ، مع كوني لم أعتد بعد تماما على التصرف دون بقايا من خوف .
يتبع
راس إجدير - تونس
16 / 5 / 2011



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ألعراق لم يكن إرثا من آبائكم .. فكيف تتبرعون بأراضيه ؟!
- ألحزن الكبير ...
- كان لدينا قطار للموت .. فهل سمع أحدكم بذلك ؟!!
- الفودكا .. واختراق الحصار ..
- دعوة نصوح .. كي يموت فينا الضد السيء .
- أمريكا تحتفل بافضل راقصيها..
- للحقيقة .. إتجاه واحد .
- لمصلحة من يجري التحامل على التجربة السوفيتيه ؟؟ .
- كيف السبيل لإرضاء شركاء الدم ؟
- هيبة القانون ، أم هيبة الدوله ؟
- متى يصار إلى النطق بالحقائق ؟
- ألشيطان رجل .. ( قصة قصيره )
- رافقوني إلى القاع .. فذلك أجدى لمعايشة الحقيقه .
- اليسار في بلادنا ، وتخلفه عن ريادة الحركة الشعبيه .
- رمضان .. شهر الفقراء


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حامد حمودي عباس - ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من وقائع الثورة في ليبيا # 6