أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حامد حمودي عباس - ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من وقائع الثورة في ليبيا # 7















المزيد.....

ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من وقائع الثورة في ليبيا # 7


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3393 - 2011 / 6 / 11 - 22:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


معبر راس إجدير الحدودي بين ليبيا وتونس ، كان مسرحا لتدفق الالاف من الفارين من نيران الصراع الداخلي في ليبيا .. وهناك مدن لم تطالها تلك النيران بعد ، ولم تظهر على سكانها بوادر المعارضة المسلحة ، غير ان الاجانب فيها تحسبوا لما سيحدث مستقبلا فيما لو انفلتت الامور ، وغاب القانون ، وأصبح الشارع تحكمه شرائع ما يسمونهم في خضم ما حدث من ثورات عربية في الايام الاخيرة بالبلطجيه .. فالبلطجية في ليبيا ليس هم كبلطجية تونس او مصر او اليمن .. انهم شواخص بشرية ، تخزن في اعماق ذواتها كل عوامل الانتقام في عالم محصور ، لم تنفع به والتنفيس عن مكامنه المغلقة كل انواع الحبوب المخدرة وأكياس الخمور المصنعة محليا والتي تباع من فوق اسيجة المزارع الخاصة ، ولم تنفع في التخفيف من وطأة ثقل الافكار الجاهزة والمقتحمة على الدوام بيوت وعقول المواطنين الليبيين ، كل مخابيء تعاطي الهيروين ، ولا السلف النقدية الميسرة التسديد ، ولا المساكن والسيارات الحديثة .. فليست في ليبيا رغم ما حدث فيها من تطورعمراني خلال السنوات الاخيرة ، حدائق عامه ترتادها العوائل لتمارس طقوس النزهة بأمان من عبث المراهقين .. ولا توجد البتة دور للعرض المسرحي او السينما عدا عن تلك التي تكتفي بعرض يافطات امام بناياتها وهي شبه مهجوره .. لا فرق موسيقية ، ولا رقص ، ولا حفلات عامه تقيمها فنادق الدرجة الاولى او الخامسة عشر .. وليست هناك علامات للبهجة العفويه ، ولا يمكن ملاحظة ملامح لباس يوحي بالتغيير إلا أيام الجمع ، حين يتوجه عامة الناس لأداء الصلاة ، وما إن تنفض مراسيم ذلك الواجب شبه الرسمي ، حتى تنطلق شياطين العقول الباطنة من سجونها ، لتعبر عما تريد وتحب ، فتبدأ ملاحقة النساء في عرض الشارع ، والاستباق للحصول على قطعة حشيش ليس من المهم معرفة مصدر توريدها ولا نوعها .. فكل شيء يعتبر في خانة الحل مادام الاخ القائد هو المكلف بالتفكير نيابة عن الشعب ، وهو الذي يقود ، وهو الذي يحق له ان يمارس الفلسفه .. وهو الذي يقترح الحلول لجموع المستضعفين ، فيشير عليها بالرحيل الى ربوع افريقيا الخضراء كحل لمعضلتها في عدم القناعة بقسمتها في الحياة ، كما اقترح المغفور له صدام حسين على موظفي الدولة بالعمل في بناء بيوت الطين ، كحل لمواجهتهم مصائب الحصار الاقتصادي على البلاد ..
أكثر الموجودين في المعبر كانوا من الافارقة السود ، إضافة الى الجالية المصرية .. الجميع ينتظرون الايعاز بركوب باصات يبدو انها تستعد لنقلهم الى حيث يشير العاملون في منظمات الاغاثة الدوليه .. وفعلا لم يطل بنا المقام حتى تم نقلنا الى مخيم قريب يديره الهلال الاحمر الاماراتي ، في حين توجهت بقية الباصات باللاجئين من اصول افريقية سوداء الى مخيم اخر هو مخيم شوشه .. اليافطة المعلقة على الباب الرئيسي للمخيم تقول بانه مكان لخدمة الاخوة الليبيين .. ولم يكن هناك تواجد ملحوظ للمواطنين الليبيين عدا عن مخيم فرعي تعمد القائمون على ادارة المخيم بعزله في مكان محدد ، ليأويهم ولفترات لا تتعدى اليوم او يومين ومن ثم يغادروا المكان ليحل محلهم قادمون اخرون ..
عشرة ايام قضيتها في مخيم الامارات العربية المتحده ، أوحت لي بالكثير مما لم اكن متيقن منه .. وفي مقدمة ذلك ما شاهدته من استعدادات مبهرة لخدمة المقيمين في المخيم من قبل العديد من المنظمات الانسانية الدوليه .. مدرسة لتعليم الاطفال .. أطباء بلا حدود .. تطوع جماعي للاطباء العراقيين ومن الجنسين للعمل في المستشفى المركزي .. لجان فنية صحية لرعاية وتطبيب النساء الحوامل وبشكل دوري .. متابعة متواصلة لبقاء المخيم خالي من الامراض الساريه .. حراسة مستمرة وعلى أرفع المستويات من قبل الحرس الوطني التونسي .. وما جلب انتباهي وبشكل يدعو الى الاعجاب ، هو تلك المقدرة على تصريف شؤون المئات من القادمين على مدار الساعة وترحيلهم الى بلدانهم في اليوم التالي ليتم استقبال الوافدين الجدد .. ومن يرغب بالبقاء في المخيم بهدف الحصول على التوطين في بلد ثالث لا يتم ارغامه على المغادرة .. ترى .. اين كانت تلكم الالاف المؤلفة من البشر ؟ .. ماذا كان الشعب الليبي يعمل إذن وأين ؟ .. اكثر من شهر مضى على الاحداث الجديدة في البلاد ، والحدود الليبية لا زالت تقذف بالحشود الاجنبية ومن مختلف الجنسيات ، ومع هذا فان ظروف الحرب الداخلية ما زالت تقع حائلا دون خروج المحاصرين منهم وهم بالالاف ايضا .. إنها علامة واضحة من معالم الاتكالية المشينة لدا الشعوب العربية ميسورة الحال ، حينما تركن مهمة بناء اوطانها الى الاغراب ، ويجري الاكتفاء بامتيازات المكابرة والعيش في كنف حياة لا تحمل طعما ولا لون ولا رائحه .. في دول الخليج مثلا ، قد يكون الخط البياني لمسيرة حياة الفرد ، يمر بنقاط تؤشر امكانية السفر الى خارج البلاد بين حين وآخر ، للتعويض عن حالات الحرمان والانحسار الاجتماعي بسبب تطويق الفكر المحافظ ومقاومته لكلما هو جديد ومتطور ، ولكن في ليبيا .. لم أجد لدى الغالبية من الشعب رغبة او اهتمام بالسفر لاغراض الترفيه ، بل لاغراض العلاج فحسب .. والغريب جدا ، هو أن تلك الغالبية ، لا تشعر بالحيف من عدم استعدادها للراحة خارج ليبيا للاطلاع على معالم اخرى غير تلك التي يقضمها العقل الاجتماعي الليبي وبترديد ممل ويدعو للشعور بالشفقه .. فالتاريخ الليبي بنظر النظام والمجتمع لا يعدو عو كونه سلال من ورق سعف النخيل خاطتها الجدات ايام زمان ، واقراص رحاة طحن الدقيق تديرها العجائز ، والواح من الفخار أكلها العث وعبث بها المناخ .. وكنت استغرب جدا حينما ارى تلك الافواج الضخمة من السياح القادمين من اوروبا وغيرها من قارات العالم ، وليس امامهم كشواخص سياحية في ليبيا اكثر من اطلال ميته ، ومتحف مركزي واحد فقط ، يعرض في داخله عدد مما يسمونه بالارث التاريخي للبلاد ، يعلوه الغبار ، وتحيط به وجوه لا توحي بغير ملامح تصلب الشرايين ، وعيون تنثر الغضب المزمن .
الساحل الليبي يمتد لاكثر من الف كيلومتر بين مدينتي طرابلس وبنغازي .. هذا المكمن الاقتصادي الضخم ، والواقع على شواطيء البحر الابيض المتوسط ، كان له ان يمتص الملايين من الشباب العاطل والباحث عن متنفس لقتل فراغه المميت ، لو تكرم النظام بمد يد الرعاية اليه ، متخطيا تلك الفلسفة السخيفة بعدم جدوى فتح المرافق السياحية المثمرة بدعوى الحرام ، وعدم التشجيع على ظهور معالم التهتك الصليبي ، والابتعاد عن مسالك الفرح المثيرة لسخط الاجداد .. في حين تتفتح شهية الشباب الضائع وبطرقهم الخاصه ، للسهر في الطرقات العامة ، وفي زوايا الشوارع الفرعية ، وعند شرفات البيوت دون قيود ولا رقيب .
وفي مساء يوم كانت تتخلله برودة منعشه ، تحركت بي واسرتي ، وممثل عن منظمة الهجرة الدولية ، حافلة صغيرة ، متوجهة بنا الى مطار تونس ، وقد سجلت في مفكرتي الشخصيه ، اسماء وعناوين الكثيرين ممن وقفوا لتوديعي عند المخيم ، وانا مفعم بمشاعر الود للجميع .
يتبع
تونس
26 / 5 / 2011



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و ...
- ألعراق لم يكن إرثا من آبائكم .. فكيف تتبرعون بأراضيه ؟!
- ألحزن الكبير ...
- كان لدينا قطار للموت .. فهل سمع أحدكم بذلك ؟!!
- الفودكا .. واختراق الحصار ..
- دعوة نصوح .. كي يموت فينا الضد السيء .
- أمريكا تحتفل بافضل راقصيها..
- للحقيقة .. إتجاه واحد .
- لمصلحة من يجري التحامل على التجربة السوفيتيه ؟؟ .
- كيف السبيل لإرضاء شركاء الدم ؟
- هيبة القانون ، أم هيبة الدوله ؟
- متى يصار إلى النطق بالحقائق ؟
- ألشيطان رجل .. ( قصة قصيره )
- رافقوني إلى القاع .. فذلك أجدى لمعايشة الحقيقه .
- اليسار في بلادنا ، وتخلفه عن ريادة الحركة الشعبيه .


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حامد حمودي عباس - ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من وقائع الثورة في ليبيا # 7