أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعيد الكحل - ثماني سنوات على أحداث 16 مايو ، أين المغرب من خطر الإرهاب ؟















المزيد.....

ثماني سنوات على أحداث 16 مايو ، أين المغرب من خطر الإرهاب ؟


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 3378 - 2011 / 5 / 27 - 20:19
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مرت ثماني سنوات على الأعمال الإرهابية التي روعت المواطنين ليلة 16 مايو 2003 بالدار البيضاء وصدمت عموم المغاربة الذين ظلوا على اعتقاد خاطئ بأن المغرب في منأى عن الأعمال الإرهابية لاعتبارات دينية وحضارية . بالنسبة للاعتبارات الدينية فتستند إلى المذهب المالكي كمقوم جامع بين المغاربة على اختلاف شرائحهم الاجتماعية وانتماءاتهم العرقية ( أمازيغ ، عرب ، أفارقة ،مورسكيون الخ) . ومن خصائصه أنه مذهب وسطي منفتح على الاجتهادات الفقهية التي ترفع الحرج عن الأمة وتيسر للناس الانفتاح على قيم العصر وإنتاجاته العلمية والتقنية والفكرية . فلم يحدث أن تصدى العلماء للاختراعات العلمية /التقنية ولا ناهضوا القيم الحضارية التي تكرم الإنسان وتصون آدميته . أما الاعتبارات الحضارية فتتجسد في طبيعة الشخصية المغربية المتشبعة بقيم التسامح والتعايش على مدى عشرات القرون . وقد احتفل اليهود المغاربة بهذه القيم التي تجذرت عبر التاريخ المشترك الذي يمتد لأكثر من 2000 سنة ، حيث نظمت جمعية السفارديم الأمريكية، الأحد 15 ماي 2011 بنيويورك، ندوة علمية دولية حول "ألفي سنة من حياة اليهود في المغرب" احتفاء بالهوية التعددية لإحدى جماعات السفارديم. كل هذه المعطيات وغيرها جعلت المسئولين والمواطنين يستبعدون تعرض المغرب للأعمال الإرهابية ، وما زاد من يقينهم هذا بُعد المغرب عن منطقة الشرق الأوسط ، منطقة الصراع والتوتر . لكن العمليات الانتحارية التي نفذها شباب مغاربة ليلة 16 مايو 2003 ضد فندق ومقهى ومقبرة يهودية ، وأودت بحياة 45 شخصا ضمنهم الإرهابيون ، صدمت المغاربة وفتحت عيونهم على الخطر الماحق الذي بات يشكله الإرهاب على أمن المغرب واستقراره . منذ تلك الأحداث الأليمة ، والدولة المغربية تكثف جهودها للتصدي لخطر الإرهاب عبر اعتماد مقاربة شمولية ( أمنية ، اجتماعية ، دينية ،مجالية الخ) . وإذا كانت المقاربة الأمنية قد حققت نتائج هامة في مكافحة الإرهاب حيث تم تفكيك ما يناهز مائة خلية إرهابية ، فإن باقي المقاربات لم تثبت فعاليتها ، سواء في تجفيف منابع الإرهاب أو الحد من العوامل المساعدة التي يستغلها الإرهابيون في الاستقطاب والتجنيد . ويتعلق الأمر على الخصوص بالمجالات الدينية والاجتماعية والقضائية . ذلك أن الدولة اعتمدت إستراتيجية إعادة هيكلة الحقل الديني بما يساهم في ضبطه ومراقبته حتى لا تستمر التيارات المتطرفة تعبث به وتنشر عقائدها الضالة التي تفسد عقول الشباب فتحولهم إلى أعداء الوطن والمجتمع والإنسانية . إلا أن هذه المقاربة ظلت محدودة النتائج لتركيزها على الجوانب الإدارية دون الاهتمام بالمضمون الفكري والعقدي بالشكل الذي يساهم في نشر ثقافة التسامح ويشيع عقائد الوسطية والاعتدال بين رواد المساجد ودور القرآن وكل المؤسسات التعليمية والمعاهد الدينية . لقد مرت عقود على حالة التسيب التي عانى منها الحقل الديني حتى بات مخترقا من طرف كل التيارات المتشددة التي اعتلى شيوخها منابر الخطابة والوعظ دون حسيب أو رقيب . واليوم ، تجد الدولة صعوبة حقيقية في ضبط الخطاب الديني وتقييده بالثوابت التي أجمع عليها الشعب المغربي منذ قرون خلت . ومكمن الصعوبة هو تنوع مشارب الفقهاء والخطباء وخريجي المعاهد الدينية ودور القرآن التي يشرف عليها الخواص أو الجمعيات . بل حتى المجالس العلمية المحلية والإقليمية مخترقة من طرف التيارات المتشددة أو الخارجة على المذهب المالكي . الأمر الذي يعقد من مهام هذه المجالس في مراقبة الحقل الديني وتحصينه من الدخلاء والغلاة . بالتأكيد أن مراقبة المساجد والمعاهد الدينية لا تكفي وحدها في التصدي للعقائد المنحرفة على اعتبار الدور الخطير الذي باتت تلعبه الفضائيات والمواقع الإلكترونية في نشر عقائد التشدد والكراهية وثقافة القتل وتمجيد سفك الدماء باسم "الجهاد" . لكن هذا لا يعفي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من مسئولياتها الدينية والوطنية والإنسانية عبر التصدي للفتاوى التي تكفر كل مخالف لدعاة التشدد وتحرض على كراهيته وقتله ، سواء كان من المواطنين أو المستأمنين من الأجانب . وكان من المفروض في هذه الوزارة أن تحث على تجنب الإفتاء من أعلى المنابر ومنع فتاوى التكفير والكراهية التي يشيعها عدد كبير من خطباء الجمعة ، لدرجة أن من الخطباء من لازال يدعو بأن يجعل الله نساء الغرب سبايا للمسلمين والأموال غنيمة لهم . ومثل هذه الفتاوى خارجة عن التاريخ والمنطق والأعراف والمواثيق الدولية . فكيف للمغرب الذي تربطه علاقات صداقة وتعاون وأمان بين دول العالم وشعوبه ، وعضو في هيئة الأمم المتحدة أن يسمح بمثل هذه الخطب التي تحرض على الكراهية والعداء ضد أهل الديانات السماوية الأخرى ؟ إن مثل هذه الفتاوى هي التي تهيؤ النفوس وتجعلها مستعدة لتقبل فكرة قتل من يصنفهم فقهاء الإرهاب "بالكفار" ، سواء من أعلى المنابر أو عبر المواقع الإلكترونية . ولا شك أن أثر إعداد النفوس كما تعد التربة للزراعة ، بدا واضحا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة التي تميزت بظاهرة الإرهاب الفردي الذي يعتمد على القناعة الفردية الخاصة. فما بين 16 مايو 2003 و أبريل 2007 ، كانت الخلايا الإرهابية ذات بناء هرمي يترأسها أمير له الأمر والنهي ، وهو من يقرر ويحدد الهدف . أما باقي الأعضاء فلا يتجاوز دورهم السمع والطاعة . لكن ابتداء من غشت 2008 ، تاريخ العملية الإرهابية الفاشلة التي نفذها هشام الدكالي بساحة الهديم بمدينة مكناس حين استهدف حافلة للسياح ؛ حيث فقد ذراعه دون أن يصيب أحدا بأذى ، ظهر شكل جديد في العمل الإرهابي يعتمد أسلوب العمل الفردي دون الائتمار بزعيم أو أمير . في هذه الحالة الفردية يكون الإرهابي أمير نفسه ، هو من يوجهها لوضع مخطط إجرامي يستهدف أماكن محددة لها رمزيتها ثم يأمرها بتنفيذه . ويكون دافعه الأساسي هو القتل والترويع بناء على فتاوى منحرفة تلقاها من مواقع إلكترونية "جهادية" وتشبع بها . وقد عرف المغرب أعمالا إرهابية انفرادية تلت حادث مكناس ، منها حادث مقهى الحافة بطنجة الذي ارتكبه «عبد اللطيف الزهراوي»، حين هاجم إسبانيين ومعهم مغاربة بسكين حيث طعن الشاب حسن زياني، 25 سنة، على مستوى بطنه فلفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بجروحه . وكان المرحوم طالبا بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة، شعبة الإسبانية، سنة ثانية. بينما أصيب زميل الضحية في الدراسة بجرح بليغ في الصدر . وحين تم التعرف على المجرم وانتقلت القوات الأمنية لاعتقاله بعد محاصرة مسكنه ، قرر الانتحار بقطع شرايين معصم يده اليسرى وبقر بطنه بواسطة سيف. أما النموذج الثالث فيمثله عادل العثماني الذي فجر مقهى أرݣانة في 28 أبريل الماضي . لم يكن عادل العثماني ينتمي لخلية إرهابية تأتمر بأوامر زعيم أو تتلقى تعليمات من جهة معينة ، حسب المعطيات المتوفرة إلى الآن ، بل قرر هو نفسه تنفيذ عمله الإجرامي بكل برودة دم وانتشاء بقتل الأبرياء . وسبق له أنا حاول ، منذ سنة 2004 ، الالتحاق بمناطق التوتر في العراق والشيشان للقتال ضمن صفوف تنظيم القاعدة ، لكنه فشل وأعيد إلى المغرب ليقرر تنفيذ إجرامه . إن هذا النوع من العمليات الإرهابية التي تعتمد على الأسلوب الفردي يعقد من مهام الأجهزة الأمنية لسببين رئيسيين :
ــ السبب الأول : صعوبة رصد المخطط الإرهابي الفردي لضيق مجال التحرك والنشاط . ذلك أن الأجهزة الأمنية تتتبع ارتباطات العناصر الإرهابية فيما بينها وشبكات الاتصالات المباشرة أو الافتراضية ، وكذا تحركاتها . وفي حالة الأسلوب الفردي فإن هذه العناصر التي يرتكز عليها عمل الأجهزة الأمنية تكون منعدمة . ومما يزيد من تعقيد مهمة الرصد والتتبع ، أن الإرهابي الافتراضي يتجنب إثارة الشبهات حوله ، سواء في مظهره أو طبيعة تدينه . بل إنه يعيش حياته الاجتماعية والأسرية بشكل عادي ، لدرجة أن الجيران والمعارف يفاجأون ومنهم من يصدم بخبر اعتقال المعني بالأمر أو بتنفيذه عملا إجراميا .
ــ السبب الثاني : أن الإرهابي يعتمد على وسائله الخاصة في التشبع بعقائد التكفير والقتل عبر التردد على المواقع الإلكترونية الجهادية . وهو بهذا الأسلوب يجعل نفسه ومصادره في منأى عن أي مراقبة أو رصد . فضلا عن هذا ، فإنه يكتسب التقنية اللازمة والخبرة الضرورية لصنع المتفجرات من هذه المواقع في غفلة عن عيون الأمن ، دون حاجة إلى كهوف أو وديان خلاء لإجراء تجاربه . هكذا كان حال هشام الدكالي وعادل العثماني اللذين لم يكتشف أمرهما إلا بعد تنفيذ عملهما الإجرامي .
إذن ، نحن أمام أسلوب جديد يعتمد الفردية في التنفيذ من جهة ، ومن أخرى ، تقنية التفجير عن بعد بدل التفجير الانتحاري الذي ميز عمليات 2003 و2007 . وقد يتخذ هذا الأسلوب الجديد أبعادا أخطر حينما يعتمد السيارات المفخخة . لهذا سيكون على الأجهزة الأمنية مضاعفة جهودها وتطوير أساليب عملها بما يمكّن من إفشال المخططات الإرهابية قبل تنفيذها . ذلك أن التركيز على عمل الخلايا الإرهابية في تكوينها وارتباطاتها لا يمكن أن يظل المقاربة الوحيدة لدى الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب ، الأمر الذي يستدعي الانفتاح على مقاربات أخرى من شأنها المساعدة على إفشال المخططات الإرهابية ذات الأسلوب الفردي أو الجماعي عبر توجيه الضربات الاستباقية الفعالة .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعوب المغاربية لن تبكي مقتل بن لادن !!
- هل من شك في أن العمل الإجرامي الذي هز مراكش هو من تدبير القا ...
- الملكية من منظور الأحزاب المغربية (1).
- موقف الإسلاميين المغاربة من مبادرة الملك بإصلاح الدستور .(3)
- موقف الإسلاميين المغاربة من مبادرة الملك بإصلاح الدستور (2/3 ...
- موقف الإسلاميين من الخطاب الملكي بين التثمين والتبخيس 1/3.
- إلى روح الفقيدة فدوى العروي .
- حركة 20 فبراير وتداعياتها على العمل الحكومي والحزبي في المغر ...
- المغرب وتداعيات ثورة الشباب في تونس ومصر .
- المشاركة السياسية في تصور جماعة العدل والإحسان (3) .
- المشاركة السياسية من منظور مكونات الحركة الإسلامية في المغرب ...
- المشاركة السياسية من منظور مكونات الحركة الإسلامية في المغرب ...
- -بابا نويل- لا يقلك تهَجُّمُهم فهم قوم يكرهون الحب ويحرّمُون ...
- تبرئة العدليين كرامة إلهية أم إرادة سياسية ؟
- الخطاب المزدوج لجماعة العدل والإحسان .
- العنف ضد النساء ثقافة وتربية قبل أن يكون سلوكا وممارسة .
- ليكن لمسيرة الدار البيضاء ما بعدها .
- الوجه الإرهابي للبوليساريو .
- ومكر أعداء المغرب يبور .
- ليكن الحكم الذاتي خيارا وليس فقط حلا .


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعيد الكحل - ثماني سنوات على أحداث 16 مايو ، أين المغرب من خطر الإرهاب ؟