أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - انصاف الحقائق لا تبني مواقف الامتناع عن التصويت خطوة ذكية مسؤولة في مواجهة شرّين















المزيد.....

انصاف الحقائق لا تبني مواقف الامتناع عن التصويت خطوة ذكية مسؤولة في مواجهة شرّين


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 1004 - 2004 / 11 / 1 - 09:37
المحور: القضية الفلسطينية
    


راقبت بتمعن في نهاية الاسبوع بعض المقالات والبيانات السياسية التي ظهرت في اعقاب قرار كتلة "الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير" وكتلة "التجمع" بالامتناع عن التصويت على "خطة الفصل" التي بادر اليها اريئيل شارون. ومن بين الذين كتبوا ونشروا هناك اصدقاء شخصيين، ولن اتطرق لهم بشكل عيني نظرا للتشابه في ما كتبوا.
من المقلق جدا في ما نشر انه تم التعامل مع مسألة الامتناع بشكل مجرد، وليس ضمن السياق الذي ولدت فيه الفكرة، وفي أحسن الأحوال تم تهميش التطورات الساخنة التي دفعت بهذا القرار، لا لشيء وانما فقط لاثبات "صحة موقف" الكتّاب، والفكرة التي تبنوها.
الأمر الاساسي الذي تم تغييبه بشكل واضح في عدد من وسائل الاعلام العربية هنا، هو على ماذا صوتت الكنيست يوم الثلاثاء الماضي، وماذا كان النص الحرفي للخطة المعروضة والملاحق المرفقة بها، وللأسف فإن توجهاتي الشخصية لبعض وسائل الاعلام قبل التصويت، حتى بأيام، ليوضحوا، ومن باب المسؤولية الصحفية لا أكثر، ما هو نص القرار، لم يلق نجاحا عند الجميع. وهذا الأمر ساهم في تضليل قطاع واسع من الجمهور، وبغير قصد فقد لعب هذا الأمر في ملعب التضليل الاسرائيلي الرسمي للنوايا الحقيقية لخطة شارون. كما لم ينفع "تطوع" مستشار شارون الأقرب، المحامي دوف فايسغلاس للكشف عن الاهداف الرهيبة لخطة الفصل.
وللتذكير او للتوضيح، نذكر ان النص الذي عرض على اعضاء الكنيست لم يتطرق بتاتا الى مسألة اخلاء المستوطنات، والبند الأول للخطة المعروضة يقول بوضوح: "ليس في هذه الخطة ما يقضي باخلاء مستوطنات"، وهذا ما أكده مرارا وتكرارا وزير الخارجية سلفان شالوم في كملته امام الكنيست. أضف الى هذا ان في النص ما يؤكد على ان اسرائيل ستعيد انتشارها في منطقة قطاع غزة، وتحاصره برا وبحرا وجوا، وهناك ما يوضح بأن اسرائيل أقدمت على هذا الانسحاب من اجل تعزيز سيطرتها على اراضي أخرى في الضفة الغربية.
كذلك فإن النص يقول بوضوح انه لا يوجد شريك فلسطيني ولهذا فإن اسرائيل تذهب الى هذه الخطوة بشكل احادي الجانب، وما كان معروضا ليس اتفاقا وانما اجراء حكوميا اسرائيليا، وفوق كل هذا تم ارفاق رسالة الضمانات التي قدمها الرئيس الامريكي جورج بوش الى رئيس الحكومة اريئيل شارون في نيسان من العام الحالي، والتي تقضي على حق عودة اللاجئين وتقر بضم كتل استيطانية ضخمة لاسرائيل وعدم التقيد بحدود 1967، أما القدس فتتحول الى موضوع منسي.
على كل هذه اللائحة السوداء وقف النائبان عبد المالك دهامشة وطلب الصانع بصوت جهوري في قاعة الكنيست ليعلنا موافقتهما الكلية على هذا النص بحذافيره، ولم يكتفيا بهذه الفضيحة بل أصدرا بيانا واسعا في وسائل الاعلام العربية في نهاية الاسبوع تضمن الكثير من العبارات، التي نعتبرها شاذة جدا في علاقات الاحترام المتبادل القائمة بين اعضاء الكتل الثلاث في الكنيست، وباعتقادي المتواضع ان آخر اثنين بامكانهما المزاودة، هما دهامشة والصانع، ولكنهما لم يكتفيا بالمزاودة بل شوها الحقائق مع سابق الاصرار والترصد، واتهام النواب الستة وكأنهم وقفوا حائرين متخبطين قبل التصويت... هذا كلام عيب.
بودي ان اتوجه الى النائب دهامشة بملاحظة واحدة، ففي كلمته امام الكنيست في اطار النقاش، قال باللغة العربية، ان هذه المرّة الأولى التي يظهر فيه هذا الاختلاف في الموقف السياسي بين كتلته والنواب من الكتل الفاعلة في الوسط العربي، وهنا أخطأ النائب ابو يحيى خطأ فادحا، فإن ذاكرته كانت يجب ان تمتد الى قبل ستة أعوام بالضبط، حين انقذت كتلته "العربية الموحدة" حكومة بنيامين نتنياهو خلال تصويت بالقراءة الاولى على ميزانية الحكومة، وحينها عارضت كتلة "الجبهة والتجمع" (في حينه) على هذه الميزانية، لا أريد أن افتح صفحات الماضي القريب وبالذات في هذه القضية لما تحمله من صفحات سوداء قاتمة.

ما الذي جرى قبل التصويت

لم يخف على أحد ان موقف كتلتي "الجبهة والعربية للتغيير" و"التجمع" حاز على اهتمام اعلامي وسياسي واسع جدا، كما ليس خفيا على ان نواب اليسار الصهيوني فقدوا صوابهم امام هذا الموقف لأنه كشف ضيق افقهم في الركض وراء شارون والرقص في ملاعبه. لقد حذر نواب الكتلتين بوضوح من النوايا المبيتة لخطة شارون، وهذا ما يدفعهم الى معارضة الخطة بشكل مبدئي.
في الساعتين الأخيرتين قبل التصويت ظهرت ملامح لعبة جديدة يلعبها وزير المالية بنيامين نتنياهو الذي كان يسعى الى استخراج تعهد من رئيس الحكومة شارون باجراء استفتاء عام على الخطة. وحسب المعلومات التي وصلت للكتلتين، وتأكدت أكثر فأكثر لاحقا، فإن نتنياهو كان سيبني ضغطه على شارون اعتمادا على الفارق الضئيل بين المؤيدين والمعارضين للخطة، بعد احتساب اصوات النواب الستة في الكتلتين في خانة المعارضة، وحتى ان نتنياهو فحص امكانية ان ينضم هو ومجموعته الى المعارضة (6 اعضاء 4 وزراء ونائبين)، لتظهر النتيجة في النهاية 61 نائبا يؤيدون الخطة مقابل 57 نائبا ضد، وامتناع نائب واحد وغياب نائبة.
والمعادلة التي ظهرت امام النواب الستة الذين حافظوا على تنسيق وبحث مشترك لكل التطوارات في الساعات الأخيرة ولحظة بلحظة، هو التصويت ضد الخطة، وبذلك، ودون اي قصد، الدفع بفكرة الاستفتاء الى الأمام، وهنا توجد معارضة مبدئية سياسية وفكرية لفكرة الاستفتاء، لأن هذه خطوة خطيرة يجب محاربتها بكل قوة لما فيها من اخطار وسابقة خطيرة، إذ لم يسجل التاريخ استفتاء من هذا النوع، وهو أن تسأل الشعب الذي تمارس حكومته الاحتلال، إذا ما يسمح لحكومته بالانسحاب من الاراضي المحتلة أم لا، بل إن الاستفتاءات عرضت على الشعوب التي كانت تحت احتلال.
وعلى الرغم من التأكد من مؤامرة نتنياهو، وقف النواب الستة عند مدخل قاعة الكنيست ليراقبوا ما سيجري في الجولة الاولى من التصويت وليتأكدوا من التفاصيل التي وصلتهم، وفي المقابل وقف نتنياهو ومجموعته في الخارج ايضا في انتظار قرار النواب الستة، وبعد أن تأكدت اللعبة داخل النواب الستة، وبدأ سكرتير الجلسة بتلاوة الاسماء التي غابت عن الجولة الأولى من التصويت، وحسب الابجدية كان أول النواب هو النائب محمد بركة، تلاه مباشرة النائب عزمي بشارة، بمعنى ان موقف الكتلتين بات واضحا، نحن ضد الشرّين : خطة شارون واستفتاء نتنياهو.
إن من راقب عملية التصويت لاحظ انه عندما نطق النائب بركة بكلمته "ممتنع" ثارت ضجة في القاعة، والتقطت الكاميرات نتنياهو يعطي اشارة الى ليفنات، استطعنا تفسيرها لاحقا بأنه يقول لها "خسرنا اللعبة".
لم يكن بطبيعة الحال هدف النواب الستة اقناع نتنياهو بالتصويت الى جانب خطة الفصل، فهذه حساباته، وانما منعوه من السمسرة باصواتهم من جانب فرض مسألة الاستفتاء، ولا استطيع ان اخاطر بالقول أن فكرة الاستفتاء اصبحت لاغية كليا عند شارون، ولكن على الاقل في هذه الجولة تم افشال المحاولة.
لا ضرورة للبحث عن شهادات شرف او دعائم لاثبات صحة الموقف، ولكن من المفيد ان نلتفت الى ما كتبته وقالته وسائل الاعلام الكبرى في اسرائيل، وبشكل خاص صحيفة "يديعوت احرنوت" وصحيفة "هآرتس" والقناة الاولى للتلفزيون الاسرائيلي، وهو أن النواب الستة نجحوا في لي يد نتنياهو وافشال مناورته.

في تاريخنا سوابق مشرفة

من حق كل واحد منا ان يتبنى الموقف الذي يشبع قناعاته وأفكاره، ولكن ممنوع على الجميع التعاطي مع انصاف جمل وانصاف حقائق من اجل المناطحة السياسية، فالاعلام هو مسؤولية تجاه الجمهور العام، وكلما كان الكاتب في خانة المقروئين أكثر كلما زادت مسؤوليته عما يكتب.
في اجتماع سكرتارية الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة كان نقاش في بعض مراحله صاخبا، ولكنه كان من اجمل واعمق المناقشات السياسية التي شهدتها هذه الهيئة المسؤولة، وليس هذا فحسب فقد كان في هذا النقاش الذي ظهرت فيه ثلاثة مواقف من الخطة، مع وضد وامتناع، نكهة خاصة، وهذه النكهة تلخصت في استذكار مواقف الجبهة والحزب الشيوعي في مسائل سابقة، وعلى رأسها اتفاقية "كامب ديفيد" بين مصر واسرائيل، التي صوت نواب الجبهة الخمسة في حينه ضدها.
اليوم هناك من ينظر الى هذه الاتفاقية بشكل منزوع من الاجواء التي ظهرت فيها، وهناك من يخاطر بالقول، "ما الذي جرى؟، فها هي الارض المصرية عادت كلها"، ولكن الصورة لم تكن هكذا في أواخر السبعينيات، فقد ظهرت هذه الاتفاقية لتفشل اقامة مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط، كان من الممكن جدا ان تنسحب اسرائيل من جميع الاراضي المحتلة عام 1967 في اعقابه، خاصة إذا أخدنا بعين الاعتبار موازين القوى في العالم والمنطقة. لقد فرضت اتفاقية "كامب ديفيد" حقائق على الارض وساهمت بشكل كبير في رسم تطورات المستقبل، وما يجب ان نسأل انفسنا عنه، كيف كان سيتطور المستقبل لو لم تكن "كامب ديفيد"، ومن حقي القول بأنه من المؤكد ان حاضرنا كان سيكون افضل بكثير.
لقد تصرف نوابنا الثلاثة ونواب "التجمع" بمسؤولية سياسية قصوى، ولم يضربوا رؤوسهم بالحائط. لقد تجلت المسؤولية القصوى ايضا من خلال التنسيق الوثيق بين الكتلتين، وقد فرض هذا التنسيق وزنا لا يستهان به في داخل الكنيست، لقد كان النواب الستة الحلقة الأصعب في ما جرى، وهذا ما ادركه شارون نفسه، وزعيم حزب "العمل" شمعون بيرس.
تعالوا نواصل النقاش بشكل موضوعي، وليس من باب "عنزة ولو طارت".



#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شارون نقل عدوى ازمته للاحزاب الأخرى.. وآخرة حكومته تقترب
- زكي ناصيف.. كلمات على غير عادة.. لظاهرة فوق العادة
- الحزب الشيوعي العراقي مدرسة نضالية اقوى من كل المؤامرات
- عام 2004 عام الركود في الخارطة السياسية الاسرائيلية
- المهانة المزعومة للعرب في اعقاب اعتقال صدام
- رسالة خاصة من القلب الى رفيقين عزيزين على خلفية اعتقال صدام
- كل عام والحوار المتمدن بخير وأكثر
- عقلية شارون تنسف بالوناته السياسية
- حزب العمل الاسرائيلي والموت السريري
- في كم عالم نحن نعيش؟
- قاموس اريئيل شارون السياسي
- حصار عرفات والامتحان الفلسطيني
- قادة حركة ميرتس الاسرائيلية: حنين الى الجذور الصهيونية الصقر ...
- خربطة الطريق... نحو السلام الحقيقي


المزيد.....




- حفل زفاف -أسطوري- لملياردير أمريكي في مصر وعمرو دياب في صدار ...
- بالفيديو.. ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستقبل وزير الخار ...
- مقتل 3 فلسطينيين على الأقل جراء غارة جوية إسرائيلية على مخيم ...
- لقاءات بالرياض لبحث وقف إطلاق النار بغزة
- الحرس الثوري: هدفنا تأمين مياه الخليج
- ضغوط في الداخل والخارج.. هل يتراجع نتنياهو عن عملية رفح؟
- الحراك الداعم لغزة يتمدد.. قمع في السوربون وطلاب جامعة كولوم ...
- حزب الله يقصف مواقع إسرائيلية والاحتلال يكثف غاراته على جنوب ...
- تعرض سفينة لأضرار قبالة اليمن وإيطاليا تعلن إسقاط مسيرة للحو ...
- فرنسا.. أكفّ مطلية بالدماء تضامنا مع غزة تثير غضب مؤيدين لإس ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - انصاف الحقائق لا تبني مواقف الامتناع عن التصويت خطوة ذكية مسؤولة في مواجهة شرّين