أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهوم جرايسي - زكي ناصيف.. كلمات على غير عادة.. لظاهرة فوق العادة














المزيد.....

زكي ناصيف.. كلمات على غير عادة.. لظاهرة فوق العادة


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 777 - 2004 / 3 / 18 - 10:15
المحور: الادب والفن
    


لم يكن بالامكان تفسير الدمعة على رحيل الملحن والفنان العريق، واحد بناة الفلوكلور اللبناني، زكي ناصيف، في نهاية الاسبوع الماضي، على انها دمعة على رحيل مبكر، بعد 88 عاما، منح نحو سبعين عاما منها للفن المميز. ولكن الدمعة، في هذه الفترة بالذات، كانت بالاساس على ظاهرة فنية رحل صاحبها، وابقاها لنا وسط قلق ان تضيع على مر السنين، امام الحالة الفنية المتردية التي نعايشها اليوم، التي "تصدح" فيها الغالبية الساحقة من الاصوات بفضل "الماكنات والاجهزة"، الى درجة انه حتى الاصوات الجميلة الناشئة اصبحت تتضرر بفعل تردي الحالة.
والدمعة، ايضا، ممزوجة بخجل غاضب، حين تسمع وترى ان عملاقا كزكي ناصيف، بنى فلكلورا للبنان، واثرى اغنيته الوطنية، ومنها ما تغنى وقوفا، مثل اغنية "راجع يتعمّر لبنان"، يكون في سنواته الأخيرة حالة اجتماعية بحاجة الى منحة اجتماعية، تقدمها مشكورة المؤسسة اللبنانية للارسال LBC، التي بقيت على وعدها له حتى ساعاته الأخيرة، اذ التزمت بكامل تكاليف معالجته. وكل هذا امام دولة لبنانية عاجزة مشلولة، تؤمن فقط رواتب تقاعد ساستها، الذين لم يخدموا اسم لبنان، لا بنيانا ولا اقتصادا ولا ثقافة ولا فناً، بجزء يسير مما قدمه ناصيف وزملاؤه الفنانون والمثقفون.
إن الوضع الاجتماعي المأساوي الذي يصل اليه كبار الفنانين العرب، وليس في لبنان فحسب بل في دول عربية كبيرة، وبشكل خاص مصر، هو وصمة عار على جبين حكام العرب، الذين قد لا تجد مكانا على جبينهم لهذه الوصمة من كثرة الوصمات.
تُسمع انتقادات هنا وهناك للمطرب وديع الصافي، لانه وبعد هذا العمر لم يقرر الاعتزال، خاصة وان صوته تراجع، ولكن حين تسمع منه عن حالة كبار الفنانين والمثقفين العرب في سنوات شيخوختهم، وان عددا منهم يعيش في حالة جوع، ولا يوجد من يؤمن لهم حتى العلاج الصحي، تفهم لماذا الصافي، الذي تجاوز الثمانين من العمر ما زال يصعد على المسرح ويغني.
في حقيقة الأمر انني لست ناقدا فنيا، ولكني اخترت في هذه المرّة، ان أكتب على غير عادة، حول انسان، فنان هو فوق العادة.. زكي ناصيف. فالمجتمع الذي تقوده السياسة والاقتصاد بحاجة الى ان يتغذى، من الغذاء، وايضا من الغذاء الروحي، الفني الثقافي، وقد غذانا ناصيف الكثير الكثير منه.
كأبناء جيلي، لا يمكننا القول اننا كنا نعلم من هو زكي ناصيف، وإذا فتشنا عن ايجابية للفضائيات العربية، فقد تكون انها قربت بعض كبار الفن والثقافة الينا، خاصة وان زكي ناصيف، مثل فلمون وهبي، ونجيب حنكش، والكثير من الملحنين اللبنانيين، لم نكن نعلم انهم وراء زخم كبير جدا من الفن الفلكلوري اللبناني الذي احببناه ورددنا، إن كان على لسان فيروز او نصري شمس الدين او وديع الصافي، وكنا ننسب كل اغنية جميلة للرحابنة، وحتى الآن نتفاجأ حين نعلم ان اغاني كثيرة انتشرت بيننا لم تكن للرحابنة، إن الرحابنة، وفي كلمة حق لهم، هم ايضا ظاهرة فنية ضخمة، ولكن هذه الظاهرة، وهذا ليس ذنبهم، اخفت ظواهر فنية لا أقل إن لم تكن حتى أكبر، كما هو الحال في ظاهرة زكي ناصيف.
في آخر مقابلة تلفزيونية له كانت من نصيب تلفزيون "نيو. تي. في" اللبناني، كان واضحا على ناصيف تقدمه في السن، ولكن ما كان واضحا ايضا، ما هو معروف عنه اصلا، تواضعه الشديد. وحين نشهد هذا التواضع، نضحك كثيرا امام مشاهد عنجهية "نجوم" عابرة باهتة، تملأ الفضائيات، وتدعي انها ساطعة وتناطح الشمس، ويسمح لنا محمود درويش استعارة كلماته لنقول، انهم عابرون في موسم عابر، ويبقى تراث ناصيف لاجيال طويلة ركنا كبيرا في فلكلور لبناني احببناه وغنيناه.



#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الشيوعي العراقي مدرسة نضالية اقوى من كل المؤامرات
- عام 2004 عام الركود في الخارطة السياسية الاسرائيلية
- المهانة المزعومة للعرب في اعقاب اعتقال صدام
- رسالة خاصة من القلب الى رفيقين عزيزين على خلفية اعتقال صدام
- كل عام والحوار المتمدن بخير وأكثر
- عقلية شارون تنسف بالوناته السياسية
- حزب العمل الاسرائيلي والموت السريري
- في كم عالم نحن نعيش؟
- قاموس اريئيل شارون السياسي
- حصار عرفات والامتحان الفلسطيني
- قادة حركة ميرتس الاسرائيلية: حنين الى الجذور الصهيونية الصقر ...
- خربطة الطريق... نحو السلام الحقيقي


المزيد.....




- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - برهوم جرايسي - زكي ناصيف.. كلمات على غير عادة.. لظاهرة فوق العادة