أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - برهوم جرايسي - حزب العمل الاسرائيلي والموت السريري















المزيد.....

حزب العمل الاسرائيلي والموت السريري


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 660 - 2003 / 11 / 22 - 07:18
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


نادرة هي الحالات التي عاد فيها الذين اصيبوا بالموت السريري الى وعيهم وحياتهم *لعبة شد الحبل بين قيادات الحزب تزيد الازمة، والنجاحات التي حققها حزب العمل في الانتخابات البلدية الاخيرة ليست مؤشراً لنهوض الحزب، خاصة وانها كانت على أساس شخصي، أكثر منها حزبياُ* عودة بيرس هي انعكاس لازمة، ونشاطه يدل على تعمقها *نيّة متسناع بالعودة الى زعامة الحزب هي "مغامرة دنكشوتية"*

مقدمة

يظهر حزب العمل في الايام الاخيرة في وسائل الاعلام في قضيتين داخلتين فيه، الاولى المفاوضات الجارية بينه وبين حزب "عام إحاد" بزعامة رئيس الهستدروت عمير بيرتس، والثانية الصراع على زعامة الحزب، وتسريب معلومات، عن قصد، حول نيّه رئيس الحزب المستقيل عمرام متسناع، المنافسة من جديد على زعامة الحزب، بشرط ان تتم الانتخابات الداخلية بعد عام ونصف العام، بدلا من حزيران القادم. وغير ذلك فإن هذا الحزب شبه غائب عن الحياة السياسية العامة في اسرائيل، مقارنة مع حجمه في الخارطة السياسية.
وعلى الرغم من الازمة الممتية التي يعاني منها حزب العمل، إلا انه ما زال يشكل قوة مركزية على الخارطة السياسية من اسرائيل، خاصة وان ظهوره قويا يعطي فرصة لقوى يسارية صهيونية، وقوى يسارية ليست صهيونية للتحرك بشكل اقوى على الساحة الاسرائيلية. وكل هذا بصفته الحزب الاكبر في مركز الخارطة السياسية، ويضم في صفوفه بعض الاوساط والشخصيات المحسوبة على اليسار الصهيوني. وزواله عن الخارطة، وهي فرضية غير قائمة حتى الآن، يتطلب بناء جشم سياسي صهيوني مواز، وايضا في الظروف الراهنة هو امر صعب جداً.
وفي ما يلي اتوقف عند بعض ما يدور داخل هذا الحزب، وما يواجهه ميدانيا.

حالة تخبط مستمرة

بعد حوالي عشرة اشهر على الانتخابات البرلمانية الاخيرة، ما زال حزب العمل يتخبط في داخله، وقد دخل الى اشبه بحالة موت السريري، خاصة وان كل الاجراءات التي سارع الى اتخاذها، في سبيل النهوض من ازمته، لم تدل على اي تحرك، لا بل ان الغوص في الوحل مستمر أكثر فأكثر، واعادة تعيين شمعون بيرس، ختيار الحزب، رئيسا للحزب هو أكبر انعكاس لاستفحال الازمة، ليس فقط الميدانية وانما ايضا القيادية، خاصة وأن الاشهر الخمسة على تولي بيرس هذا المنصب لم تأت بأي جديد، وحتى ان كل خطوة يقوم بها تتم مواجهتها بمعارضة شديدة.
لقد اعتاد حزب العمل بكوادره وقواعده وجمهوره، على انه الحزب المؤسس لاسرائيل، واعتمد طيلة عشرات السنوات على تلك الشخصيات المؤسسة، او العسكرية الأولى ذات التاريخ الواضح في بدايات اسرائيل، ولم ينجح في خلق شريحة قيادية للمواصلة، وما ساهم في هذا هو الصراع الطويل، وعلى مدى نحو 20 عاما، بين قرني الحزب، شمعون بيرس ويتسحاق رابين، هذا الصراع الذي انتهى مع اغتيال رابين في تشرين الثاني 1995. وبعد هزيمة الحزب في انتخابات 1996 استعان الحزب بشخصية عسكرية لم تولد وترعرع في صفوف الحزب، وهو ايهود براك، الذي قاد الحزب لنجاح محدود جدا في انتخابات العام 1999، سرعان ما اضاعه في مطلع العام 2001.
والى جانب البحث المتواصل عن زعيم "جذّاب"، كورقة ضرورية لكسب الاصوات، غاب عن الحزب ان ما يزيد من ازمته هو بالاساس تخبطه السياسي والتأتأة في طرح القضايا السياسية والاقتصادية، وعلى رأسها التعامل مع حل القضية الفلسطينية، في شارع اسرائيلي يزداد يوما بعد يوم في توجهه العسكري اليميني الحربي، وايمانه بأن القوة العسكرية وحدها كفيلة بحل "القضية"، هذه القوة التي ارتدت عليه وكلفته ثمنا دمويا ليس سهلا، الى جانب ازمة اقتصادية خانقة، تتكشف في اعقابها يوما بعد يوم مظاهر الفقر والبطالة والجوع، والقضاء على دولة الرفاه.
لقد وجد حزب العمل نفسه ضعيفا امام تحريض اليمين الارهابي، لا بل هو نفسه، وخاصة إبان حكومة براك، غذى هذا اليمين وهذا التحريض، وقد وضع كل قواعد القمع الارهابي للشعب الفلسطيني مع بدء عدوان ايلول 2000، الذي تم الرد عليه بانتفاضة شعبية انتلقت بسرعة الى العسكرة وفقدت الطابع الشعبي. فحكومة براك هي اول من بدأت باستخدام الطائرات وعمليات القصف والاغتيالات، وواصل حزب العمل العدوان من خلال مشاركته في حكومة شارون حتى مطلع العام 2003.
والمقصود هنا ان حزب العمل ساهم بشكل اساسي، من خلال تأتأته السياسية، في نمو الاوساط اليمينية واليمينية الارهابية، هذه الاوساط التي قضت على حكمه بسرعه، وتمنعه، حتى الآن، من فرصة العودة.
وبشكل مواز فإن حزب العمل، وحين كان في الحكم في السنوات الاخيرة، لم يعط البديل الاقتصادي، عمليا لا فرق بين العمل وحزب الليكود في السياسة الاقتصادية، وكل حزب يكمّل الآخر في هذا المجال، وامام هذه الحالة لم يكن بامكان حزب العمل ان يطرح نفسه بديلا.
هذه التخبطات، الى جانب الصراع على كرسي رئاسة الحزب، لم تسمح بفوز الحزب حين تزعمه لبضعة اشهر الجنرال الاحتياط عمرام متسناع ذي التوجهات اليسارية الصهيونية النسبية. وللحقيقة فقد أوقع متسناع نفسه في مطبّ كان من الواضح انه لن يخرج منه سالما، فقد نجح في الوصول الى كرسي رئاسة الحزب فقط، ولم يكن له في الجهاز الحزبي سوى هذا الكرسي وبالكاد الغرفة التي يجلس فيها، لأن الجهاز كله كان خاضعا لمنافسه بنيامين بن اليعيزر، ذي التوجهات اليمينية، وقد سبق وأن وصفته قبل عامين ببرميل متفجرات متحرك على الساحة السياسية الاسرائيلية. وقد عمل الجهاز الحزبي على افشال متسناع الذي سرعان ما ترك خائبا، وما اعلان نية متسناع للعودة الى زعامة الحزب إلا محاولة دنكشوتية، لن يكتب لها النجاح في الظروف الحالية، وقد يتغير هذا التخمين في حال تغيرت الظروف، وهذا امر لا يلوح في الافق الآن.

الوحدة مع حزب "عام إحاد"

فكرة الوحدة مع حزب عمير بيرتس "عام إحاد"، (بيرتس هو رئيس اتحاد النقابات الاسرائيلي العامة- الهستدروت) هي فكرة قادها شمعون بيرس، تحت غطاء اعادة الطابع الاقتصادي الاجتماعي لهذا الحزب، العضو في الاشتراكية الدولية، ولكن من يعرف تاريخ شمعون بيرس، لا يمكنه التعامل بسذاجة مع فكرة كهذه، خاصة وأن بيرس، احد ابرز الاسماء التي أسست اسرائيل، يعرف تماما ان انضماما كهذا سيغير الموازين في داخل مؤسسات الحزب، وهذا ما نسميه "لمس بيت الدبابير". فتغير الموزاين سيؤثر على حسابات المتسابقين على زعامة الحزب.
ولكن السؤال المطروح بماذا سيستفيد بيرس من هذه المناورة. حين تم انتخاب بيرس في شهر حزيران الماضي لرئاسة الحزب، كان عمليا انتخاب حل وسط ولمدة سنة، لاعطاء فرصة للحزب للخروج من صدمته، وان تجري الانتخابات لرئاسة الحزب في حزيران القادم، اي ان ولاية بيرس محددة لسنة، ويكون بيرس قد شارف على عيد ميلاده الواحد الثمانين. ولكل القوانين والاتفاقيات يوجد استثناءات، وما يريده بيرس اانه امام تقلب الموازين سيكون الجميع معنيين بتمديد عام آخر لرئيس "الحل الوسط" بيرس.
وهنا ظهر معسكران في قيادة الحزب، المعسكر الاول يضم المنافسين الذين يعتبرون انفسهم ان الظروف مهيأة داخل الحزب لانتخابهم، مثل بنيامين بن اليعيز وافرايم سنيه ومتان فلنائي وابراهم بورغ. والتناقضات جمّة بين هذه الشخصيات. فبورغ هو من ضمن شخصيات "تفاهمات جنيف" الاخيرة، اما بن اليعيزر فلا فرق بين جوهر افكاره وافكار الليكود.
اما المعسكر الثاني يضم الرئيسين السابقين للحزب ايهود براك وعمرام متسناع، فكل منهما يطمح للعودة الى رئاسة الحزب، ويريد تغيرا جديا في تركيبة مؤسسات الحزب، ولهذا فإن هذين الاثنين يؤيدان فكرة تأجيل الانتخابات لرئاسة الحزب.
ويسأل السؤال هل فعلا حزب عمير بيرتس سيزيد من قوة حزب العمل ويعيد له قواعد بشكل جدي. مسبقا نقول هذه اوهام. فحزب عام إحاد هو عمليا حزب الرجل الواحد، يتزعمه عمير بيرتس، ومن دونه لا وجود لهذا الحزب، وليس له وجود على الساحة السياسية إلا في فترة الانتخابات البرلمانية، وانتخابات الهستدروت. ونشاط هذا الحزب يتركز في نشاط زعيمه كرئيس للهستدروت وليس كزعيم للحزب. هذا اولا.
وثانيا فإن بيرس ولد وترعرع في حزب العمل منذ سنوات شبابه، وحقا انه انفصل معه عدد من نشيطي الحزب، ولكنه لاحقا ضم الى صفوفه عناصر من اليمين وحتى من المتدينين المتشددين، فمثلا، العضو الثالث في كتلته البرلمانية (تضم ثلاثة نواب) هو دافيد طال، احد ابرز شخصيات حزب شاس المتدين المتشدد، الذي سارع للانتقال الى حزب عام إحاد، بعد أن ايقن ان لا امل له في ولاية برلمانية جديدة ضمن كتلة شاس، وانضمام بيرتس الى حزب العمل سيُحدث، آجلا ام عاجلا، انشقاق في صفوف كتلته البرلمانية.
وعمليا فإن الانضمام الى حزب بيرتس، وايضا الانفصال، هو ليس على اساس سياسي، فبيرتس ذي "التوجهات اليسارية السلامية الحمائمية الصهيونية"، لم يسع في الانتخابات البرلمانية الى طرح برنامج سياسي، وانما تركز فقط في الجانب الاقتصادي الاجتماعي، وعلى هذا الاساس، مثلا، انضم الى حكومة شارون السابقة، ولم يكن مندوبه محسوباً على "اليسار" في حكومة شارون. وحين ينضم هذا الحزب الى حزب العمل، فإنه عمليا سيتبنى خطا سياسياُ وسيبعد عنه قواعد انتخابية هامة، وايضا سيفتح المجال امام اوساط يمينية في داخله الى مغادرة الحزب واعادته الى حجمه الطبيعي.
وثالثا، يجب ان لا ننسى ان الاصوات الـ 85 الفا، تقريبا، التي حصل عليها حزب عام إحاد في الانتخابات الأخيرة لم تكن في غالبيتها اصواتا على اساس مبدئي، فقد استخدم بيرتس كل المؤسسات الهستدروتية وغالبية موظفي الهستدروت لدعايته الانتخابية، وهذا اسلوب كان يتبعه طيلة عشرات السنوات حزب العمل، وعاد من جديد وبقوة على يد عمير بيرتس، الذي اقتحم قيادة الهستدروت تحت راية القضاء على زعامة حزب العمل المتعفنة في اكبر النقابات الاسرائيلية.
من السابق لاوانه الحكم على المفاوضات الجارية بين الحزبين للوحدة، ولكن ما سيقرر مصير هذه المفاوضات هو ميزان الربح والخسارة لزعيمي الحزبين الحاليين.

زرع عقلية العسكرة وارتدت عليه

منذ ايامها الاولى سيطرت على اسرائيل عقلية عسكرة المجتمع، وكان هذا حزب العمل، في حينه كان اسمه حزب المباي (اختصار لحزب عمال اسرائيل)، الذي غرس هذه العقلية في المجتمع الاسرائيلي. وعلى مدى عشرات السنوات، كان الملجأ السياسي الابرز لكبار الجنرالات الاسرائيليين، بعد خروجهم الى التقاعد او ترك صفوف الجيش، هو حزب العمل، عدا بعض الاستثناءات، وقد استمر هذا الوضع حتى منتصف التسعينيات. ووصول حزب الليكود الى الحكم في العام 1977، لم ينعكس على قيادة الجيش الاولى، فالارتقاء الطبيعي في السلم القيادي للجيش خدم حزب العمل لاكثر من 18 عاما بعد وصول الليكود، وكنا نرى ان غالبية الجنرالات التي تركت صفوف الجيش، حتى في سنوات الثمانين كانت تنتقل ايضا الى حزب العمل إبان حكم الليكود.
وقد اعتمد حزب العمل طيلة عشرات السنوات على ان قادته هم ذوي الماضي العسكري الرفيع، حتى أطلق عليه اسم "حزب الجنرالات"، وحتى شمعون بيرس الذي لم يصل الى مراتب عسكرية متقدمة، وحين كان مرشحا لرئاسة الحكومة في العام 1996، دأب الحزب على ابراز طابع ماضيه الامني، ومنه انه كان مديرا عاما لوزارة الحربية، وانه المحرّك الاكبر لبناء مفاعل ديمونة النووي، وهناك من يصفه بـ "ابو هذا المفاعل"، نظرا لدوره الكبير في الضغط على فرنسا في سنوات الخمسين للمساعدة في بناء المفاعل، ايام حكم دافيد بن غريون.
وحين وصل بنيامين نتنياهو في العام 1996 الى رئاسة الحكومة، وضع حدا، لهذا المسلسل، وعمليا قصد سحب هذا البساط من تحت حزب العمل، ولأول مرة في تاريخ الجيش يتولى رئاسة اركان الجيش جنرال لم تكن له الاولوية، فعادة من كان يتولى هذا المنصب هو من كان نائبا لرئيس الاركان، وقد لعب نتنياهو لعبته، وابعد ليس فقط الجنرال متان فلنائي الذي كان نائبا لرئيس الاركان، ليوصل شقيق صديقه المليونير، شاؤول موفاز الى رئاسة الاركان، وانما هذه الخطوة ابعدت جنرالات اخرى شاركت في مفاوضات اوسلو وكان واضحا ان مستقبلها السياسي لن يكون في صفوف الليكود.
وعمليا فإن هذا التحول الذي خدم خطاب حكومة نتنياهو السياسي كان عقبة اساسية امام حكومة ايهود براك، إذ اتضح تناقض كبير في مواقف الطرفين بشكل لم تشهده اسرائيل من ذي قبل، وهذا الامر لم يقتصر على الجيش بل ايضا على الشرطة واذرع امنية اخرى ومنها جهاز الموساد والمخابرات العسكرية.
وبهذا فإن العقلية التي غرسها حزب العمل تاريخيا في المجتمع الاسرائيلي ارتدت عليه، في فترة زمنية يلتصق فيها المجتمع الاسرائيلي اكثر فاكثر الى العقلية القائلة إن "القوة وحدها كفيلة بحل ازماته" الى الحكم، بسبب الدعاية الحكومية الرسمية، وما يساعد حكومة شارون على تعميق هذا الخطاب هو الخطاب الامريكي الجديد بعد وصول جورج بوش، فالاخير اصبح هو الآخر يعتمد دعاية "تخويف المجتمع" من العدو الخارجي، وانه ليس امامه سوى القوة للقضاء على هذا العدو. وهذا الخطاب نجح في اسرائيل، ولهذا فإنه من السابق لاوانه نعي حكم جورج بوش بعد عام من الآن.
وعلى حزب العمل ان يبحث عن بديل مقنع وهذا الامر لا يمكن ان يتم في فترة الدعاية الانتخابية، وعليه ان يجد الشخص السحري الذي بامكانه ان يتغلب على هذه العقلية.

القطة تدور حول ذيلها

قد يكون هذا تشبيها دقيقا لحالة حزب العمل، واستمرار هذا الدوران سيؤدي لا محالة الى الدوخان والسقوط الاخير.
حزب العمل يُخضع ويحكم كل تحركاته بموجب لعبة شد الحبل بين المتنافسين على زعامة الحزب، وإن لم ينته الصراع فالقطة ستواصل الدوران حول ذيلها حتى السقوط. ولكن حسم الصراع الرئاسي قبل حسم الصراع السياسي ايضا لن يُنقذ الحزب من ازمته.
فعلى حزب العمل، ولست في مهمة تقديم النصائح لحزب له الباع الاكبر في الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل ضد شعبي الفلسطيني، ان يحسم طابع برنامجه السياسي اولا، على ان يكون هذا البرنامج متميزا عن الخطاب اليميني المتطرف السائد، ووضع برنامج اقتصادي اجتماعي بديل، ثم اختيار رئيس للحزب قادر على التطبيق، وان يكون خطابه منسجما مع خطاب الحزب، والشروع في حملة تعبئة شاملة بين صفوف الجمهور الاسرائيلي، في محاولة لفرض نفسه كبديل، امام حالة التدهور الامني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وان يستغل الازمات المتلاحقة لاقناع الجمهور.
والشرط الاساسي هو وضوح الخطاب والتخلي عن التأتأة ومعادلة "نعم ولكن" التي ميزت هذا الحزب وهو في الحكم في السنوات الاخيرة، هذه المعادلة التي ابعدته عن الحلول السياسية، وخلقت البلبلة التي استغلها جيدا اليمين وعاد من خلالها الى الحكم سريعا.
لا يمكن لحزب العمل ان يطرح نفسه بديلا، وهو لا يملك البرنامج السياسي البديل، واستمرار القيادة الموقتة في قيادة الحزب.
حقا لقد حقق حزب العمل انجازات ملحوظة في الانتخابات البلدية في نهاية الشهر الماضي، ولكن هذه الانتصارات لم تجعله متفوقا على حزب الليكود، ولا تبشر بتحول سياسي في المجتمع الاسرائيلي، لانه في غالبية الاماكن جرت الانتخابات على اساس شخصي وحسابات بلدية داخلية.
 
اسرائيل ضُبطت متلبّسة

ليس خروجا عن النص، ولكن، اردت ان اختتم مقالتي هذه بطرح نموذج لنهج الشلل السياسي الذي يسيطر على حزب العمل في هذه الايام.
في مطلع الاسبوع المنتهي، تم ضبط اسرائيل متلبّسة معترفة بفضيحتها، بجريمتها، ليس بحق الشعب الفلسطيني فقط، وانما ايضا بحق الشعب الاسرائيلي نفسه، فقد ضُبطت اسرائيل بوسائل اعلامها وعدد من ابرز ساستها، تستهر بتصريحات وزير المالية بنيامين نتنياهو الذي اعلن ان بلاده انتقلت الى مرحلة التمو الاقتصادي بعد ان ظهر نمو كهذا في الاشهر ما بين تموز الى ايلول الاخيرة، وقال المستهترون ان لا اساس لهذا التصريح، فهذه الفترة كانت فترة الهدوء الامني، فترة الهدنة مع الفلسطينيين، وان الاشهر الحالية، اشهر التوتر الامني، ستجهض هذا النمو العابر.
اسرائيل هنا اعترفت، مرة أخرى، بأن الجرائم التي تقترفها، والتوتر الامني الذي تبادر اليه دون توقف، هو هو السبب الرئيسي لهذه الازمة الاقتصادية.
اقول هذا لالفت النظر ان حزب العمل المنشغل بنفسه لم يستغل هذه الزوبعة الاعلامية، هذه الثغرة التي انتبه اليها الجمهور الاسرائيلي ليحرّض ويوضح ويحاول احداث تحوّل في هذا المتجمتع الغارق في جنون العظمة العسكرية، هذه العظمة التي تكلفه يوما بعد يوم دماء في غالبيتها دماء.
حزب العمل، وكما ذكرت في البداية يواجه اشبه بحالة موت سريري، ونادرة هي الحالات التي عاد الذين اصيبوا بالموت السريري الى وعيهم وحياتهم، فهل سنشهد حالة نادرة أخرى. 

* الكاتب صحفي فلسطيني مقيم في الناصرة

 



#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في كم عالم نحن نعيش؟
- قاموس اريئيل شارون السياسي
- حصار عرفات والامتحان الفلسطيني
- قادة حركة ميرتس الاسرائيلية: حنين الى الجذور الصهيونية الصقر ...
- خربطة الطريق... نحو السلام الحقيقي


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: عائلات العسكريين الأوكرانيين القتلى تفشل من ...
- مدفيديف يتحدث عن العلاقات بين روسيا ولاوس
- وسائل إعلام: بولندا تفتح قضية تجسس ضد القاضي شميدت الهارب إل ...
- البرلماني الجزائري كمال بن خلوف: بوتين أعاد لروسيا هيبتها ال ...
- مصر تحذر من -تصعيد خطير- إثر استمرار سيطرة إسرائيل على معبر ...
- النازحون بالقضارف السودانية.. لا غذاء ولا دواء والمساعدات قل ...
- الأسد وانتخابات -البعث-.. -رسائل للعرب-
- الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن ...
- بيان إماراتي بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح
- -طلائع التحرير- المجهولة تتبنى قتل إسرائيلي في مصر.. ومصادر ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - برهوم جرايسي - حزب العمل الاسرائيلي والموت السريري