أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - عقلية شارون تنسف بالوناته السياسية















المزيد.....

عقلية شارون تنسف بالوناته السياسية


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 664 - 2003 / 11 / 26 - 04:40
المحور: القضية الفلسطينية
    


*بالونات شارون السياسية التي أطلقها في الأيام الاخيرة هي للاستهلاك الخارجي أكثر منه الداخلي *عقلية شارون لا تقبل بما نطق به هو نفسه *جدلا لو حصل تغير لدى شارون فإن قاعدتيه الحزبية والانتخابية لم تتغيرا*

أطلق رئيس الحكومة الإسرائيلية، اريئيل شارون، في الأيام الاخيرة بالونا سياسيا في الهواء، حول نيته القيام بخطوات "احادية الجانب" تدفع بالمفاوضات مع الفلسطينيين، وهو يأتي ضمن سلسلة بالونات سياسية أطلقها شارون في الآونة الاخيرة، ومنها "المدائح" التي أطلقها تجاه رئيس الحكومة الفلسطينية أحمد قريع (أبو العلاء) أو "التسريبات" من المقربين منه حول "اعترافه بأنه أخطأ" في التعامل مع رئيس الحكومة الفلسطينية السابق محمود عباس أبو مازن.
وكان مضمون بالون شارون الاخير هو نيته بإزالة مستوطنات نائية وصغيرة، وبشكل خاص في قطاع غزة، ونقلها الى منطقة النقب في جنوب إسرائيل، ولكن شارون شخصيا لم يصرّح بهذا على لسانه مباشرة، كما انه لم يسارع الى نفي هذه الأنباء، وترك الامور تسير لوحدها ليراقب ردود الفعل، التي يعرفها شارون جيداُ.
وكان أول هجوم على شارون بسبب هذه "التسريبات" قد جاء من بيته السياسي، حزب الليكود، وكتلته البرلمانية (40 عضواً من أصل 120 عضوا في الكنيست)، التي تنتمي غالبيتها الى اليمين المتطرف الذي لا يقبل بأي مفاوضات مع الفلسطينيين وتنادي بما يسمى بـ "إسرائيل الكبرى". وهذا طبعا الى جانب ردود الفعل من جانب اليمين المتطرف والارهابي، وعلى رأسهم زعامة المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
لقد جاء شارون الى اجتماع كتلته البرلمانية، يوم الاثنين الأخير، بارد المزاج، هادئاً أكثر من ذي قبل، لأن ردود الفعل المعارضة هذه تخدمه، وتخدم عقليته، لا بل رفضه لمقترحاته هو نفسه أكثر حدة من رفض منتقديه، وهذا لسبب انه هو نفسه الذي اقام هذه المستوطنات ويعتبرها انجاز حياته. فحتى قبل اشهر قليلة اطلق شارون مقولته الشهيرة التي قالها فيها إن مستوطنة نيتسريم الصغيرة النائية في قطاع غزة، بالنسبة له، تساوي من حيث الاهمية مدينة تل ابيب.

دوافع شارون

ويسأل السؤال لماذا اختار شارون هذا التوقيت بالذات.
إن غالبية الاعتبارات، إن لم تكن كلها، تعود لاسباب خارجية، وإن ظهرت بعض الدوافع الداخلية فهي هامشية نسبيا.
لقد أطلق شارون هذه البالونات في اعقاب زيارته الى ايطاليا التي لاقى فيها استقبالا حارا لم يشهده من قبل في أوروبا، وهو يطمح باستقبالات مماثلة في دول أوروبية اخرى، ويمهد الطريق لهذا، وهذه الاستقبالات عمليا تفتح طرقا أمام حكومته في العالم، وتوطد الشراكة الأوروبية الإسرائيلية التي تشهد في غالب الأحيان قلاقل، أو تهديدات من جانب الأوروبيين بتقييدها.
وتزامن هذا، ايضاً، مع تشكيل الحكومة الفلسطينية، وفي هذه المرّة فإن تشكيل الحكومة الفلسطينية كان أكثر دون هدوءا من حكومة أبو مازن، ولا يرافقها نزاع بين أبو العلاء والرئيس ياسر عرفات، وعمليا لا يستطيع ان يرتكز شارون في تحريضه على القيادة الفلسطينية على الخلاف الداخلي فيها، كما حصل قبل عدة اشهر. وبكلمات أخرى فإن الوحدة الظاهرة في قيادة السلطة الفلسطينية سحبت بساطا جديا من تحت شارون، الذي سيواجه الآن قيادة متلاحمة أكثر، وبنفس الوقت هي على استعداد للتفاوض. وهذا الوضع سيحرج شارون أكثر أمام أوروبا، أما تجاه الولايات المتحدة فلا يحتاج شارون لأي جهد أو تكتيك لاقناع قادة البيت الابيض الذين يمنحوه دعما غير محدود.
وعلى الصعيد الداخلي وأمام مبادرتين سياسيتين من جانب اليسار (الصهيوني)، الأولى وثيقة عامي ايالون وسري نسيبة، والثانية ما اصطلح على تسميتها "اتفاق جنيف"، قد يكون شارون بحاجة للظهور في وسائل الاعلام وأمام الرأي العام الإسرائيلي وكأن لديه ما يطرحه وما يفعله. ولكن هذا العامل ايضا هو للاستهلاك الخارجي أكثر منه للاستهلاك الداخلي، بمعنى ان هاتين المبادرتين وصلتا الى المحافل الدولية، ولا يريد شارون فتح هذه المحافل أمام قوى اليسار الإسرائيلية، وظهوره وكأنه رافضا كليا للسلام، وهو بالفعل كذلك.
وهذا مع علم شارون المسبق ان غالبية المجتمع اليهودي الإسرائيلي، ليس جاهزا لسماع مبادرات سياسية، كتلك التي تطلقها اوساط اليسار، لانه وبعد سنوات يميل هذا المجتمع أكثر لليمين، ولا يرى أمامه قوة يسارية قوية تستطيع أن تقوده الى انفراج سياسي، كما حصل في العام 1992، ويعود هذا الى التخبط الحاصل في اكبر حزب إسرائيلي محسوب على اليسار الصهيوني، وهو حزب العمل (كنت قد عالجت موضوع حزب العمل في المقال الاخير الذي نشرته في موقع الحوار المتمدن في الاسبوع الماضي).

ما يواجهه شارون داخليا

حين يجري الحديث عن مبادرات سياسية سلمية جدية فإن العقبة الأولى التي سيواجهها شارون، وقبل اي حديث عن تركيبة الساحة السياسية الإسرائيلية، هي عقلية شارون نفسه، فشارون حتى الآن يرفض كليا ليس فقط شروط السلام العادل، لا بل أقل منها بكثير، وداخليا هو لم يتخلّ عن فكرة "ارض إسرائيل الكاملة"، وهو ما زال يؤمن بالاستيطان ويعمل على توسيعه. فعلى هذا الصعيد دلت دراسة لحركة السلام الآن الإسرائيلية، ونشرت في الأيام الاخيرة، تؤكد انه تجري حالياً في غالبية البؤر الاستيطانية العشوائية، التي تسميها إسرائيل غير قانونية (على اعتبار ان باقي المستوطنات الكبيرة هي قانونية لأن الحكومة بادرت اليها) تجري أعمال بناء وتحويل هذه البؤر الى "مستوطنات رسمية"، وكل هذا تحت سمع وبصر ومؤازرة حكومة شارون، هذه الحكومة التي أعلنت مراراً وعلى لسان رئيسها انها ستزيل هذه البؤر.
وجدلا لو اعتبرنا ان شارون جاد في حديثه، يطرح السؤال حينها، ما هو السقف الذي مستعد شارون ان يصل اليه، وما هو في نظره الحل الدائم. وحول هذا الامر سمعنا في الماضي القريب ان أقصى ما هو مستعد اليه و"التنازل"! عن 48% من مناطق الضفة الغربية، علماً بأنه حسب شارون وإسرائيل فإن الـ 100% من الضفة الغربية لا تشمل القدس المحتلة، وهذا يعني ان الـ 48% التي يتحدث عنها شارون من الضفة الغربية تساوي عمليا 36%.
والأمر الآخر هو ما سيواجهه شارون في الساحة السياسية الإسرائيلية، وحسب ما هو قائم اليوم فإن الغالبية الواضحة في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) ترفض أي حل مع الفلسطينيين، وتبدأ هذه الغالبية في غالبية كتلة حزب الليكود التي يتزعمها شارون نفسه، ويضاف اليها 13 نائبا في كتلتي اليمين المتطرف الارهابي في الائتلاف الحكومي (حزب المفدال المتدين وايحود ليئومي) ونصف كتلة شينوي الشريكة في الائتلاف (سبعة أو ثمانية من أصل 15 نائبا)، وكذلك سيجد معارضة يمينية في المعارضة البرلمانية، تضم حوالي 16 نائبا من المتدينين (11 نائباً من كتلة شاس و5 نواب يهدوت هتوراة ونائبا متدينا في كتلة عام إحاد التي يتزعمها عمير بيرتس رئيس اتحاد النقابات الهستدروت).
إن شارون الذي يشعر باستقرار حكومي دون قلاقل، لن يبادر بنفسه الى نسف الائتلاف الحاكم الذي يرأسه، وقد يكون شارون يطمح لولاية اخرى في رئاسة الحكومة، ولن يمنعه جيله المتقدم في العام 2007 (سيكون ابن 79 عاما) من المنافسة، خاصة وان شمعون بيرس ابن الثمانين يتزعم حزب العمل المعارض، وسلفه في رئاسة الحكومة وزعامة الليكود يتسحاق شمير كان ابن 80 عاما حين نافس على رئاسة الحكومة في العام 1992. ولهذا فإن شارون، وحتى لو طرأ تغير سياسي لديه، ستمنعه من هذا حساباته الذاتية، وحسابات القواعد الانتخابية التي يرتكز عليها.

هل نشتري بالونات شارون

البالونات تبقى بالونات هوائية فارغة، وفي أقل وخزة ستتفرقع، ولا أقترح على القيادة الفلسطينية ان ترفض أو ان تقبل خاصة وان لها حسابات دولية، ولكن من المفيد ان يتم الاسراع في كشف حقيقة شارون، وعدم السماح له بالمراوغة والمماطلة، فسرعان ما ستتكشف الحقيقة لأن شارون لن ينجح في تغطيتها كليا.
كذلك يجب الحذر من السقوط في المكائد، أو كما يقول المثل العربي "العوم (سباحة) على شبر من الماء"، والافراط في التفاؤل أمام تصريحات شارون.
إن ظهور القيادة الفلسطينية موحدة خلف الثوابت، وعدم الانجرار وراء اغراءات خارجية، وصد محأولات إحداث قلاقل داخلية، ومقاومة اختلاق النزاعات الداخلية على الساحة الفلسطينية، وبشكل خاص خلال المفاوضات، سيسحب من تحت شارون بساطا يراهن عليه شارون كثيراً في مناوراته أمام العالم، وهي بدعة انه لا توجد قيادة فلسطينية جاهزة للمفاوضات.
لا يمكننا تجاهل الازمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها إسرائيل، وحتى الآن ينجح شارون في تسييس معركته ضد اتحاد النقابات، وحجب نظر الجمهور عن جوعه لصالح "الخوف الدائم من العدو المتربص"، ولكن لكل شيء نهاية، وكل مناورة كما انها تنشأ في لحظة فكذلك الامر توجد لحظة لنهايتها.
لم تسقط اي حكومة في إسرائيل على خلفية اقتصادية، وهذه المعادلة ما زالت قائمة اليوم، والتوتر الامني الذي يبادر اليه شارون وحكومته هو العصا السحرية التي تبعد عنه الضغط الجماهيري على خلفية اقتصادية، وهذا الامر احدى نتائج عسكرة عقلية المجتمع الإسرائيلي. ولكن إسرائيل لم تشهد ازمة اقتصادية بهذه الحدّة منذ عشرات السنوات، خاصة وأنها تأتي بعد فترة ازدهار اقتصادي استمرت من منتصف وحتى أواخر التسيعينيات، وعملياً فإن المجتمع الإسرائيلي عرف وتذّوق البديل الذي قد يلاقيه في ظروف الانفراج السياسي، ومن الممكن ان وراء هذا، وخاصة في ظروف هدوء نسبي، قد يكون تحول مأمول في الرأي العام الإسرائيل.



#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب العمل الاسرائيلي والموت السريري
- في كم عالم نحن نعيش؟
- قاموس اريئيل شارون السياسي
- حصار عرفات والامتحان الفلسطيني
- قادة حركة ميرتس الاسرائيلية: حنين الى الجذور الصهيونية الصقر ...
- خربطة الطريق... نحو السلام الحقيقي


المزيد.....




- حفل زفاف -أسطوري- لملياردير أمريكي في مصر وعمرو دياب في صدار ...
- بالفيديو.. ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستقبل وزير الخار ...
- مقتل 3 فلسطينيين على الأقل جراء غارة جوية إسرائيلية على مخيم ...
- لقاءات بالرياض لبحث وقف إطلاق النار بغزة
- الحرس الثوري: هدفنا تأمين مياه الخليج
- ضغوط في الداخل والخارج.. هل يتراجع نتنياهو عن عملية رفح؟
- الحراك الداعم لغزة يتمدد.. قمع في السوربون وطلاب جامعة كولوم ...
- حزب الله يقصف مواقع إسرائيلية والاحتلال يكثف غاراته على جنوب ...
- تعرض سفينة لأضرار قبالة اليمن وإيطاليا تعلن إسقاط مسيرة للحو ...
- فرنسا.. أكفّ مطلية بالدماء تضامنا مع غزة تثير غضب مؤيدين لإس ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - عقلية شارون تنسف بالوناته السياسية