أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محيي المسعودي - عباس مطر في مستشفى الكرخ















المزيد.....

عباس مطر في مستشفى الكرخ


محيي المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 3350 - 2011 / 4 / 29 - 08:05
المحور: المجتمع المدني
    



انه ليس احد نجوم الفن او السينما او المسرح او الثقافة , ولا قياديا او عنصرا من عناصر الاحزاب السياسية الحاكمة في العراق, ولا سياسيا بارزا , ولا وجها اجتماعيا معروفا . كل هؤلاء يحصلون على المال والجاه والنفوذ ويحتكرون الاعلام لانفسهم طوال الوقت - ليس في العراق وحسب بل في جميع دول العالم - اتحدث اليوم عن حالة مختلفة . عن انسان مجهول في وسائل الاعلام , انه الفاعل الخفي, ولكنه الحقيقي والصادق والمخلص في عمله الذي يُعد الركيزة الاساس في عملية بناء العراق, لانه يعمل في اخطر واهم مؤسسة مسؤولة عن امن وسلامة الدولة العراقية واعني بذلك مؤسسة الجيش, اتحدث عن شاب عراقي في العشرين من عمره وواحد من الاجيال العراقية التي ولدت في زمن الحصارالجائر والجوع الكافر . شاب وجد الجوع والمرض بدل الحليب عند ولادته ووجد العمل الشاق عند طفولته بدل المدرسة والالعاب . ووجد القمع والحروب بدل الحرية والرفاه . لم يستطع ابوه, الرجل العصامي الذي خدم في سلك الشرطة قبل ثورة عام 1958 وتقاعد قبل الحصار ان يوفر له حياة تساعده على اكمال دراسته كبعض اقرانه . لان الاب خرج من الخدمة بتقاعد لا يكفي ثمن وصفة واحدة لدواء واحد امراضه المزمنة . عباس مطر انخرط في سلك الجيش جنديا في اولى ايام تشكل الجيش العراقي الجديد . لم يكن له اقارب من مسؤولين ليظموه الى حماياتهم . ولم يكن لديه اقارب متنفذين لينسبوه الى وحدات عسكرية في مناطق آمنة . فكانت خدمته في الجيش منذ بداياتها في المناطق الساخنة وسط غرب العراق . وعلى الرغم من بساطة ثقافتة وتعليمه, الا انه كان يؤمن بان العراق بلده وان شعب العراق شعبه ولا فرق بين مواطن وآخر بسبب الدين او القومية او الطائفة . ظل مخلصا لواجبه . وقد خطف الارهاب بعضا من رفاقه في الجيش وذهب امام عينه اعزاء عليه في وحدته العسكرية . مع هذا صمد في واجبه دون ان يشكو لاحد قسوة الارهاب وطول خدمته في المناطق الساخنة . عباس مطر, واحد من افراد الجيش العراقي الذين لا يعرفون غير العراق ابا ووطنا لهم . لم يطمع من هذا الوطن بفترة استراحة او بعطية مال او بوجاهة, حتى داخل وحدته وكان كل رصيده هو ما يشعر به, من اخلاصه في الواجب . هذا الاخلاص الذي كان يقول عنه انه لا يقدر بثمن لانه اسمى من كل الموجودات المادية . ولان عباس يفكرهكذا, فانه كان شجاعا ومقداما لا يهاب الموت في سبيل دفع خطر الارهاب والارهابيين ومخخاتهم عن ابناء شعبه المدنيين اولا والعسكريين ثانيا . وفي خضم واجبه لمنع زرع عبوة ناسفة تختطف ارواح المدنيين على رصيف احد شوارع مدن العراق. في لحظة شعوره بالرضا عن نفسه لانه يواجه الخطر نيابة عن اهله . في هذه اللحظة كان لا بد لعباس ان يدفع ثمن حبه لاهله ولوطنه , الثمن الذي تأخر بدفعه طويلا , قياسا باخلاصه وعمله والتزامه بالواجب لفترة طويلة . في لحظة مشؤمة استطاع الارهاب ان ينال من محب العراق وشعبه . ذلك الـ عباس .. الشاب البسيط المجهول لوسائل الاعلام . وسقط عباس تحت عصف انفجارعبوة ناسفة, كانت قد زرعت لتحصد اكبر عدد من العراقيين , لكن عباس كفى هذه العبوة الناسفة بنفسه . لينقذ من استهدفتهم او ربما كانت تستهدفه بالذات هو ورفاقه الجنود.
لم يكن الموت قدرا محتوما دائما . ربما لان القدر يريد للانسان ان يتحمل ما هو اقسى من الموت , وذلك من خلال مكابدة الالام والاوجاع الجسدية والنفسية . لا ادري ان كان القدر قد اختار لعباس هذا المصير !؟ ولا ادري ان كان المخلصون في هذا الوطن ممن هم مثل عباس يستطعون انقاذ الاخير من مصير اشد من الموت . واقصد بهم ابناء المؤسسة الصحية من اطباء ومساعدين ومضمدين وحتى عمال النظافة في المؤسسات الصحية . امس وقبل زيارة لعباس وهو يرقد في مستشفى الكرخ - الجناح العسكري كنت اعتقد ان جميع المؤسسات الصحية العراقية يسودها ما يسود مؤسسات العراق من الفساد والاهمال . ولكني وجدت في هذه المستشفى وخاصة الجناح العسكري ما اعاد لنفسي الثقة, بان في العراق هناك ثمة مخلصين في عملهم من اجل وطنهم , وتحكمهم انسانيتهم قبل كل شيء . مع ان عباس كان وحيدا في المستشفى ومغمى عليه من شدة اصابته البليغة , الا انني تلمست في طاقم العمل في ذلك الجناح من مستشفى الكرخ . تلمست وعيا انسيانيا رائعا وعملا مخلصا ودقيقا من قبل الجميع . شعرت وانا اسمع الطبيب حازم جابر المشرف على حالته وهو يتحدث عن اصابته, بان في العراق اطباء اكفاء جدا وشرفاء جدا وانسانيين جدا ومخلصين لعملهم جدا . اردت ساعتها ان اقبل الطبيب واصرخ بكل صوتي ليكن اطباء العراق كلهم مثلك يا دكتور . لا اطباء يسعون وراء المال على حساب صحة المريض وهم يقبعون في عيادات بائسة وغير صحية ولكنها تمطر عليهم ملايين الدنانير شهريا مقابل معاينات سطحية مغلوطة في اغلب الاحيان . واسجل هنا شكري واحترامي وتقديري واعجابي بكل العاملين في مستشفى الكرخ واخص العاملين في الجناح العسكري وعلى رأسهم دكتور حازم جابر ومدير الجناح .....
ان حديثي عن عباس مطر لا يعني انني اتحدث عن عباس مطر بعينه وان كانت حال الاخير ووضعه, هو ما حرضني على الكتابة في هذا الموضوع . عباس مطر هو كل عراقي مخلص وشريف وشجاع ومحب لوطنه ولشعبه . هو كل عراقي يعمل بصمت بعيدا عن الاضواء وجعجعة الاعلام والمجتمع . هو كل عراقي قدم ويقدم لبلده ما يستطيع من الجهد والمال والنفس, ولا يطمع بشيء غير حقه في الحياة الكريمة التي تتوفر فيها الحقوق والحريات . واتمنى على الاعلام والشرفاء من المسؤولين توجيه انظارهم واهتمامهم الى الـ عباس العراقي في كل مكان بغض النظر عن العرق والدين والطائفة وغيرها من الانتماءات العصبية .
وفي الختام اتمنى ان تصبح قضية عباس مطر قضية وطنية ينطلق منها كل العراقيين لاعادة الحسابات في التعامل مع الانسان العراقي, فقط على اساس مواطنته وعمله وما يقدم لوطنه ولشعبه . لاني ارى في حال عباس مطر وقضيته حال وقضية العراق . عباس يمثل العراق اليوم . عباس استهدفه الارهاب والعراق يستدهفه الارهاب ايضا . عباس وقع ضحية الارهاب والفساد والعراق الان هو ضحية الارهاب والفساد . ان عباس مطر الان هو العراق الان الحالتين متطابقتين من حيث الفعل ونتائجه ومن حيث النجاح والفشل واتمنى ان يتعفى عباس ليتعافى العراق وبتعافي العراق يتعافى كل عباس عراقي دون استثناء



#محيي_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد ليست بحاجة للقمة العربية القادمة !
- مركز الرافدين للتدريب والمعلومات .. بناية متصدعة وادارة ضائع ...
- ثورات الشعوب العربية على حكامها الطغاة .. صحوة امة ام تدبير ...
- قانون حماية الصحافة والصحفيين 00 ام قانون حماية نقابة الصحفي ...
- تنصيب المحافظ الجديد في بابل..! هل هي محاولة صادقة للاصلاح, ...
- آل سعود - شرقا - والقذافي - غربا – لقمع الشعوب العربية المطا ...
- تمييز وعنصرية اجتماعية مناطقية خفية, خلف الحكومة المحلية في ...
- بعد ان نجح بالوصل للسلطة .. هل ينجح المالكي بالصمود فيها !؟
- المحافظ في بابل .. منصب تسنمه الزركاني -مؤقتا - وانتهى بصاحب ...
- في بحر هائج .. المالكي يقود سفينة متهالكة , ركابها مأزومون و ...
- من اجل ماذا يتظاهر العراقيون !؟
- مقامات الصعفصار .... المقامة الثالثة - لن تصلح الحاكمية قبل ...
- احزاب المعارضة في مصر تبيع انتفاضة الشعب للحكومة , والغرب يش ...
- ورشة عمل لتشريع قانون محلّي, يُعنى بذوي الاحتياجات الخاصة في ...
- مبارك يُحرق مصر والامريكان - كعاتهم - يفضلون مصالحهم على مبا ...
- صدور ديوان - شعر الخُليعي- عن هيئة الاحياء والتحديث الحضاري ...
- امقامات - الصعفصار ... المقامة الثانية ( قسمة - فنيخ -)
- سكّان -شمال بابل- بين ارهاب القاعدة ورغبتهم بالامن والسلام . ...
- دراسة في محافظة بابل تكشف توزيعا غير عادل للمشاريع بين الاقض ...
- التزوير والتجاوز على المال العام , صيد حرام .. لحمه للمسؤولي ...


المزيد.....




- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محيي المسعودي - عباس مطر في مستشفى الكرخ