أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دانا جلال - تاريخ السم في السياسة والثقافة العربية















المزيد.....

تاريخ السم في السياسة والثقافة العربية


دانا جلال

الحوار المتمدن-العدد: 999 - 2004 / 10 / 27 - 08:23
المحور: الادب والفن
    


تاريخ السم في السياسة والثقافة العربية
كان (التطابق ) احد اهم السمات العامة للمجتمعات البدائية التي عرفت بالمشاعية الاولى، اضافة الى مشاعة فرضتها طبيعة العلاقة بين الانسان والطبيعة
فعلى سبيل المثال لا الحصر لعب المعادل العام ( الحبل ، العظام ، الجلود ) دور النقد اضافة الى كونه سلعا بذاتها ليجسد بذلك احد اشكال التطابق التاريخي ولكن ظهورالانتاج السلعي والخروج من قاعدة الذهب ومن ثم ظهور النقد الورقي الذي لايرتبط باحتياطي الذهب جعلت من العملة الورقية لاتملك قيمة بذاتها وان اتفق عليه كمعادل عام.
ومن الاشكال الاخرى للتطابق العلاقة بين ادوات العمل البدائية والسلاح، حيث عالج الانسان الاحجار واغصان الاشجار ليجعل منها ادوات تسهل عمليات الصيد ومعالجة التربة من جهة اضافة الى استخدامها كسلاح في صراعاته الفردية والجماعية من جهة اخرى . ومع تطور وسائل الانتاج وتراكم الخبرات والمعارف انفصلت العلوم عن خيمتها الميثولوجية فظهرت المسافات وتباعدت اوجه التطابق
وكان التباعد بين ادوات العمل والسلاح احد اوجه اختلال حالة التطابق
ومن الاسلحة القديمة التي عرفتها البشرية مادة السم الذي لعب دورا كبيرا في انهاء وتوجيه الصراعات السياسية .
اما في المجتنعات العربية القديمة فان تناول الدين الاسلامي لموضوعة السم عبر الاحاديث النبوية اضافة الى توضيف المادة في الابداع الادبي وتعدد مفرداتها يعتبر احد الخصائص التي تميزت بها تلك المجتمعات .
السم في التراث الاسلامي وتصفية المعارضة
لعب السم دورا كبيرا في الصراعات السياسية في المجتمعات القديمة بل ان استخدامه مازال قائما من قبل الحكومات القمعية لتصفية المعارضة السياسية اما في المجتمعات العربية القديمة فقد استخدم السم كسلاح سري اضافة الى استخدامه في العلاج الانساني وقد تناول الرسول موضوع السم وحرم استخدامها في الانتحار ففي الترمذي 1966 ( من قتل نفسه بسم فسمه بيده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا ابدا ) ولكن الاشكالية التي نتجت عن تحريم استخدام السم في العلاج الانساني من الامراض يفرض اسئلة بحاجة الى اجابات وخاصة في ظل الابحاث الطبية المعاصرة التي اثبتت ان سم العقارب تساهم في علاج سرطان المخ وان سموم اخرى تساهم في علاج الجلطة الدموية وامراض القلب والسكتة الدماغية ففي الحديث النبوي (نهى رسول الله ص عن الدواء الخبيث ، قال ابو عيس يعني السم ) الترمذي ص 1968 ويتفق ابن ماجة مع الترمذي بتفسير الدواء الخبيث على انه السم .
ورغم التحريم الواضح فان استخدام السم كسلاح للتخلص من الخصوم كان شائعا في المجتمعات الاسلامية ويمكن اعتبار اهل البيت كونهم المعارضة اليسارية في الاسلام مثالا لطريقة تعامل حكومات الخلافة الاسلامية مع معارضيها السياسيين مما حدا بالشاعر علي بن اسحاق البغدادي ان يقول
ياال احمد ما كان جرمكم فكل ارواحكم بالسيف تنتزع
منكم طريد ومقتول على ظما ومنكم دنف بالسم منصرع
وما قصة معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه كما يحلو لاحفاده المعاصرين ان يلقبوه مع الامام حسن معروفة في التاريخ الاسلامي حيث يذكر المسعودي في مروج الذهب ص 346 عن قتل الامام حسن على يد زوجته ( ان امرأته جعدة بنت الاشعث بن قيس الكندي سقته السم ، وقد كان معاوية دس السم اليها : انك ان احتلت في قتل الحسن وجهت اليك بمائة الف درهم وزوجتك من يزيد ، فكان ذلك الذي بعثها على سمه ، فلما مات وفى لها معاوية بالمال ، وارسل اليها : انا نحب حياة يزيد ، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه ).
ويستمر مسلسل التصفيات بالسم ليشمل الامام موسىالرضا وعبد الله بن محمد بن علي بن ابي طالب و القاسم بن عبد الله بن علي بن الحسين بل توسعت دائرة الضحايا ليشمل الخليفة العادل او الخامس عمر بن عبد العزيز الذي سمه يزيد بن عبد الملك وابي حنيفة الذي سمه المنصور.
السم في الثقافة العربية
رغم وجود مناطق مخصصة لتصدير انواع فعالة من السموم في المنطقة العربية ( ومن بلاد حاشد و بكيل يبتاع السم الذي يقتل به الملوك ) ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ـ ص344
فان تجارة السم كانت شائعة وكانت الهند من البلدان المصدرة للمنطقة العربية بل ان الاسماء الهندية للسم بقيت تحمل خصوصيتها اللغوية فاحد مسميات السم هو الهلهل ( الهلهل : السم القاتل، وهو معرب ، قال الازهري ليس كل سم قاتل يسمى هلهلا ولكن الهلهل سم من السموم بعينه قاتل : وليس بعربي واراه هنديا ) لسان العرب ـ ابن منظور ص6045 .
وقد استخدم العرب السم في سقي السيوف حيث يذكر الزمخشري ان ( ذرب ، ذرابة : حده وقيل هو ان يسقي السم ويقول الشاعر جهم بن خلف المازني
يفتر عن عوج ديدات رهف مذربات تقلس السم نظف
اما سم الذعاف فهو سم الساعة ، وقد دخل السم في عالم الامثال والحكم فقال العرب قديما( رب مخطئة من الرامي الذعاف )
اما اجواء الف ليلة وليلة فانها مليئة بمفردات استخدام السم بل انها وثقت طرق استخدامها وان كانت مزيجا من الحقائق والخيال الادبي لمؤلفه المجهول فما قصة الملك الذي بلل اصبعه بريقه لتقليب اوراق الكتاب المرسل اليه من قبل اعداءه والذي ادرك انه قد سمم بعد تقليبه للصفحات البيضاء للكتابالا نموذجا فريدا لتكنلوجيا استخدام السم.
امامأساة الشاعر امرؤ القيس في الادب العربي والذي كان خاتمة مأساته بالسم حيث تمكن معارضوه ومنهم الطماح من تشويه سمعته عند القيصر الذي كان قد اكرمه فبعد نجاح المؤامرة ضده ارسل القيصر الى امرؤ القيس حلة ذهبية مسمومة و منسوجة من الذهب وكتب اليه:ارسلت لك حلتي هذا وارجوا ان تكتب لي بخبرك من منزل لمنزل فلبسها امرؤ القيس وسر بذلك فاسرع فيه السم وسقط جلده فلذلك سمي ذا القروح فقال امرؤ القيس في ذلك
لقد طمح الطماح من نحو ارضه ليلبسني مما يلبس ابؤسا
فلو انها نفس تموت سوية ولكنها نفس تساقط انفسا
فلما وصل الى موضع من بلاد الروم يقال له انقرة احتضر بها فقال : رب خطبة مسحنفره ، وطعنة مثعنجره ، وجفنة متحيره ، حلت بارض انقره
ولما رأى قبر امرأة من بنات ملوك الروم وقد دفنت بجنب عسيب ، وهو جبل ،فقال :
أجارتنا ان الخطوب تنوب واني مقيم ما اقام عسيب
أجارتنا انا غريبان ها هنا وكل غريب للغريب نسيب

لقد تمكن امرؤ القيس من تصوير معاناته الانسانية بشاعرية مميزة ، ولكن كم من ضحايا الفكر والرأي في العالم لم يحالفه الحظ ان يصور معاناته الانسانية لا لفقدانه اللغة الشعرية بل لنوعية السموم التي تستخدمها الحكومات القمعية وما ال 5000 كوردي في مدينة حلبجة الذين كانوا ضحايا السموم الخانقة لم يمهلهم القدر الفاشي غير دقائق معدودة لمعانقة ووداع انساني اخير



#دانا_جلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمتا فقد رحل الدرويش سلمان شمسة
- رسالة الى السلطات السعودية
- بروتوكولات حكماء شوفين
- بيان خانقين
- تحولات النار وصدى الحلاج بانتصار الحق
- مأزق النصرالامريكي _ قراءة في بقايا حجر الجدار البرليني
- الاكفان المهزومة
- البرتقالة وجنجاويد الثقافة العراقية
- جيولوجيو الفكر وشعراء الحجر الكوردستاني
- معزوفة الوتر المنفرد(ردا على مقالة امين عام المنظمة العالمية ...
- نضال الكورد والخروج من مثلث الهامش السياسي والجغرافي
- من اجل السلام والديموقراطية
- المهمل والمنسي في محاكمة صدام
- من استوكهولم الى بغداد رموز وبقايا صور
- - انتصار الكلمة على الرصاصة - لروح الشهيد قاسم عبد الامير عج ...
- حدود الحق بين مشترك التاريخ وحجم التضحيات
- المقتديات علوجيات القوى الظلامية
- اليسار والعمل النقابي في ظل العولمة
- ثنائية البطل في تاريخنا السياسي
- العراق .. تراجع نماذج واحلال نماذج جديدة


المزيد.....




- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دانا جلال - تاريخ السم في السياسة والثقافة العربية