أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - توما حميد - الخلافات بين الشيوعية العمالية واليسار التقليدي-رد على جليل شاهباز-الجزء الثاني















المزيد.....


الخلافات بين الشيوعية العمالية واليسار التقليدي-رد على جليل شاهباز-الجزء الثاني


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 999 - 2004 / 10 / 27 - 08:15
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في هذا الجزء سوف اقوم بتلخيص الخلافات التي قدمها كورش وجناحه سببا لانشقاقهم عن الحزب الشيوعي العمالي الايراني والتي بنظري هي خلافات جوهرية تميزنا ليس عن الحزب الشيوعي العمالي الايراني الحالي فقط بل عن كل اليسار التقليدي ويمكننا في المستقبل مناقشتها بتفصيل اكثر.
لايمكن فهم منشأ هذه الخلافات دون فهم الارضية التي تشكلت منها الشيوعية العمالية. لقد مايزت الشيوعية العمالية نفسها منذ ظهورها مع اليسار التقليدي الذي كان منشأ الحركة. ولهذا الخلافات تكونت مع الايام الاولى لظهور الشيوعية العمالية. ان محور نقد منصور حكمت من كتاباته الاولى المنتقدة للشعبوية هو موجه لتصورات اليسار غير الاشتراكية. هذه الخلافات والتيارات السياسية كانت موجودة في مرحلة الحزب الشيوعي الايراني وجاءت معه الى الحزب الشيوعي العمالي وكانت لازمة الصمت بسبب الحضور والنفوذ والاعتبار السياسي والفكري الكبير الذي يتمتع به منصور حكمت. ولهذا فان مساعي جناح حميد بارجاع الخلافات الى قبل سنتين هو محاولة مغرضة تهدف الى تصوير الامر كما لو ان كورش قد استغل غياب منصور حكمت وجاء حميد بوصفه حامل راية الدفاع عن منصور حكمت. ان هذا التفسير هو هزيل وتسفهه نفس ابحاث منصور حكمت في البلينوم 14 الذي حضره منصور حكمت ابان مرضه. وكما يقول كورش لقد كان هناك ميلين وافقين مختلفين داخل الحزب هما ميل الشوعية العمالية الذي مثله منصور حكمت وميل اليسار التقليدي والذي يطغي على اليسار على مستوى العالم في الوقت الحاضر. هذان الميلان قدما اجابات مختلفة على المسائل التي واجهت المجتمع والحركة وكانا في تصارع مستمر. اي ان الخلافات كانت موجوده على طول 12 سنة من عمر الحزب الشيوعي العمالي الايراني وهو الامر الذي تحدث عنه منصور حكمت في معظم اجتماعات قيادة هذا الحزب. يكفي ان منصور حكمت نفسه قال في الاجتماع المذكور بان الحزب ليس على خطه وهو اقرب الى اليسار التقليدي من كونه حزبا شيوعيا عماليا.
ان ابرز الخلافات بين تيار الشيوعية العمالية وبين تيار اليسار التقليدي داخل الحزب الشيوعي العمالي الايراني والتي ادت الى الانشقاق في هذا الحزب هي:

ما هو الحزب؟
يعتقد تيار اليسار الراديكالي بان الحزب هو وحدة فكرية وايدولوجية بين الافراد لذا يرى ان اي اختلافات في وجهات نظر داخل تنظيمه ليست فقط مضرة و سيئة وغير مرغوب بها بل يرى في احد طرفي هذا الخلاف مهما كان صغيرا، طرفا يمينيا او خائن للمباديء والافكار، وبهذا فان تنظيماته تبتعد عن السياسة بالمعنى الاجتماعي لتتحول الى نوع من تنظيمات عقائدية شبه دينيه. فاتهم ان اختلاف النظرات لاتعني بالضرورة عدم انتمائها لحركة اجتماعية واحدة. ان بوسع حركة اجتماعية ان تحتوي على نظرات متعددة تجاه مسالة ما. ان هذا دليل حيوية واجتماعية الحركة. ولكن اليسار الغارق في الافكار يرى عالم الافكار ولايرى المجتمع.
بينما تعتقد الشيوعية العمالية بان الحزب هو اداة الوحدة السياسية بين الافراد ووسيلة لوحدة من اجل العمل. ولذلك بحسب الشيوعية العمالية يمكن ان يكون داخل الحزب سواءا كان يمينيا او يساريا وجهات نظر مختلفة حول مسائل محددة دون ان يفقد الحزب طبيعته الطبقية او تمثيله لحركته الاجتماعية. وان يميزه عن مجموعة نقاش هي وحدة الارادة ووحدة العمل السياسي.
وفي الوقت الذي تنظر الشيوعية العمالية الى الحزب كتنظيم اجتماعي قد يصل عدد افراده الى عشرات الالاف بل الى الملايين مما يستحيل قولبتهم في تصور موحد واحد تجاه كل مساله بحيث لايبقى مجال للاجتهاد والبحث والتامل الفكري والسياسي او التوافق السياسي الكامل بين كل اعضائه على ادق تفاصيل العمل السياسي و الثورة الاشتراكية، يرى اليسار التقليدي الحزب كتنظيم فكري يجمع عدد من المثقفين الذين ليس يتوافقون في افكارهم السياسية فحسب بل في الكثير من الاحيان في مزاجهم و طبائعهم الشخصية. ان هذه الامور ليست واضحة جدا في جناح حميد تقوائي في الوقت الحاضر لانه لازال تحت تاثير الشيوعية العمالية وله الكثير من ارثها ولكن مثل هذه الامور واضحة جدا في تنظيمات اليسار الراديكالي في الغرب. ففي استراليا مثلا، ان اكبر حزب ينتمي الى هذا التقليد اي حزب Democratic Socialist party مثلا لايقبل اعضاء في صفوفه بل على كل الذين ينتمون الى هذا الحزب هم كوادر ويجب ان يكونوا فعالين. فعلى اي شخص يود الانتماء الى هذا الحزب ان ينتمي اولا الى منظمة تابعة للحزب تسمى منظمة Resistance اي المقاومة لفترة يفحص فيها ايدولوجيا ويتم التاكد من انتمائه الطبقي فكريا قبل ان يدخل الحزب. كما ان هذا الحزب من شدة تحوله الى فرقة شبه دينية، اذا تقدم شخص يلبس ملابس نظيفة وجيدة او يستخدم العطر وغيرها من الامور العادية بالنسبة لانسان عادي تصبح كلها سببا كافيا لان يشككوا في انتمائه الايدولوجي والطبقي. ان كلامي هذا لاينطبق بالضرورة على حشعا، بل قصدي اعطاء تصور عن ممارسة اليسار.
فليس غريبا ان يرفع هذا الجناح شعار( الاشتراكية الان) وهو نفس الشعار الذي يحمله تنظيم يسمى عصبة السبارتاكوس وله فروع صغيرة في مختلف انحاء الدول الغربية وهو اكثر تنظيم فئوي و يمثل اليسار التقليدي على وجه الارض. لقد ظل هذا التنظيم يقذفنا بهذا الشعار كلما سمع اسم منصور حكمت لانه برأيهم ان منصور حكمت يقسم الثورة الاشتراكية الى مرحلتين وهي نفس التهمة التي يطلقها الحزب الشيوعي العمالي الايراني الحالي ضد الحكمتي. براي ان من يعتقد ان مثل هذه الامور هي صدفة فهو على خطأ.
ان هذه النظرة الى الحزب تجعلهم يتعاملون مع اي راي مخالف داخل الحزب بالشكل الذي تعاملوا معه في الحزب الشيوعي العمالي الايراني. فعندما يعطي شخصا داخل الحزب رأيا قد يكون غير صحيحا اومخالفا لهم يصابون بالفزع لانه في نظرهم وجود مثل هذه الافكار في راس عضو حزبي يصيب الحزب بلوثة مما يتطلب شن حملة ايدولوجية لتطهيره منها وبالنتيجة يتحول الحزب الى فرقة شبه دينية ليس له اي ربط بالمجتمع. انا متاكد باننا سنجد الكثير من هذه الامور في الحزب الشيوعي العمالي الايراني في المستقبل.
ان هذه النظرة الى الحزب هي نابعة من ان الفكر والايدولوجيا عندهم هي اهم من العمل السياسي و هي التي تقودوهم في النهاية الى تشكيل مجاميع ايدولوجية عقائدية وليس احزاب سياسيه و تترك هذه النظرة تاثيرها على مجمل سلوكهم وعملهم السياسي وتجعلهم يختلفون عن الشيوعية العمالية حول مجمل مسائل الصراع الطبقي وكل تفاصيل الحياة اليومية.
ففي الوقت الذي يسعى تيار الشيوعية العمالية الى تشكيل حزب سياسي يكون قادرا على تنظيم الجماهيروالامساك بالسلطة وتنظيم الثورة الاشتراكية، يتوجه اليسار الراديكالي الى تشكيل جماعة ضغط او فرقة ايدولوجية فكرية تكتفي بالقسم باسم الاشتراكية والتغني بالثورة الاشتراكية دون ان تكون قادرة على القيام بشئ من الناحية العملية لتغيير حياة الناس و لتحقيق الاشتراكية ودون حتى ان تفهم كيف تقوم بذلك. وفي الوقت الذي تكون فيه عيون الشيوعية العمالية مصوبة نحو المجتمع تتركز عيون التيار التقليدي على تنظيمه الذاتي ونقاءه الايديولوجي. وبينما تصبح الاشتراكية لليسار التقليدي قبل كل شيئ منظومة فكرية تكون بالنسبة للشيوعية العمالية حركة اجتماعية و سياسية في المجتمع.
فهذه هي ليست اختلافات سطحية يمكن للشيوعية العمالية التعايش معها بسهولة. ان هاتين النظرتين ينتج عنها ممارستين مختلفتين تماما.
لقد كان لهذا الاهتمام بالفكر والنقاء الفكري ووحدة الفكر اكثر من العمل والوحدة السياسة دور كبير في الخلافات ومن ثم الانشقاق في الحزب الشيوعي العمالي الايراني. و كما يقول كورش لو كانت قيادة الحزب الشيوعي العمالي الايراني الحالي بصدد بناء حزب سياسي لكانت قد صوتت ضد البحوث التي قدمتها وانتهى كل شيئ. الحزب السياسي هو الاداة التي تحقق الوحدة في العمل السياسي بين الافراد. فاذا لم تصبح افكار كورش يوما من الايام الخط الرسمي للحزب و الى ممارسة عملية للحزب فلماذا كانت لهم الحاجة لكي يقوموا بحملة من اجل تطهير الحزب ايديولوجيا؟ لماذا اصروا على ان يتوب كورش عن تلك الاراء ويسحبها؟
وحتى التفسير الذي تقدمه قيادة الحزب الشيوعي العمالي الايراني الحالي للانشقاق كما قلنا يعبر عن صلب طبيعة هذا التيار وعن صلب فهمه للقوى السياسية وحركة التاريخ التي هي كلها نابعة عن هذه النظرة. فبينما تقول الشيوعية العمالية ان الانشقاق كان بسبب اختلافات تيارين لهما جذور تاريخية يركز اليسار التقليدي على افكار شخص واحد وان هذا النوع من التفكير يقودهم الى استنتاج بان من اجل منع هذه الامور، اي الانشقاق، يجب التركيز على الطريقة التي يفكر بها الناس والذي يقود الى التحقيق في ايدولوجياتهم والتاكد من انهم يحملون الاراء الصحيحة عن الديمقراطية و الثورة وغيرها من التفاصيل. وهذا يقودهم الى القيام بثورة ثقافية على الطريقة الماوية في الحزب كطريقة وحيدة لمنع الناس من الانحراف و الردة والى اتباع السلوك التقليدي المعروف في اوساط اليسار التقليدي اي النقد و النقد الذاتي وغيرها. اما بالنسبة للشيوعية العمالية فعندما يكون هناك اختلافات داخل التنظيم فان الطريقة التي يجب ان تتبع لتجاوز الخلافات هي من خلال ايجاد بلاتفورم للعمل المشترك يلتزم به الجميع ولذلك يكون للحزبية ضرورة ومعنى.

كما ان هذه النظرة هي التي تشكل منطلقهم في الحكم على يمينية او يسارية اي قوة او حزب. اذ يعتبرون ان فكر و ايدولوجيا هذه القوة هي الاساس اما ماتقوم به من ممارسة فهو امر ثانوي. وهذا ادى بهم ان يصفوا الحزب الشيوعي العمالي العراقي بحزب يميني لانه اتخذ قرار واحدا ليس في صالحهم. ان القوى و الاشخاص عند هذا النوع من التفكير غير الاجتماعي هي اما اسود او ابيض. اما يميني او يساري وهكذا.
باختصار فانه بالنسبة لليسار التقليدي تعتبر الايدولوجية والنظرية و طريقة تفكير الناس هي محرك التاريخ. ان التاريخ هو ساحة لتصارع الايدولوجيات وليس الحركات الاجتماعية. وهذا ما يجعلهم يعلنون الانتصار في وقت يترك مئات من كوادر الحزب الشيوعي العمالي الايراني لصفوفه. فالمهم انهم انتصرو ايدولوجيا.
· من يقوم بالثورة الحزب ام الطبقة؟
يؤمن تيار الشيوعية العمالية ان من يقوم بالثورة هو الحزب، حيث يعتقد هذا التيار ان وصول الطبقة العاملة الى السلطة يعني وصول حزبها السياسي الى السلطة. اي ان الحزب من يستلم السلطة، اي حزب الطبقة العاملة، وهذا هو جوهر اللينينية و الحكمتية. ويقف بشدة ضد فكرة اليسار التقليدي القائلة بان الطبقة العاملة هي التي ستقوم بالثورة باعتبارها نشر نوع من الوهم بين الطبقة العاملة. اذ كيف تكسبها بدون حزب؟! اما اليسار التقليدي فيعتقد بان الطبقة العاملة هي التي ستقوم بالثورة من خلال تنظيماتها مثل المجالس. وهو بذلك لايرى، عمليا، اهمية في بناء الحزب الا كوسيلة لتشجيع الطبقة العاملة ودفعها للقيام بالثورة. (ومن هنا تنبع سر عدم اكتراث تقوائي بالتضحية بنصف الحزب). يعتقد هذا التيار ان الترويج لفكرة قيام الحزب باستلام السلطة بوصفه الحزب السياسي للطبقة العاملة هو صك من اجل القيام بانقلاب عسكري وهي خيانة للطبقة العاملة. هذه هي الفكرة الكلاسيكية التي ظل اليسار غير اللينيني متمسكا بها. هذا الاختلاف كان مهما في حدوث الانشقاق في الحزب الشيوعي العمالي الايراني حيث سنتحدث عنه لاحقا.


· حتمية او عدم حتمية الاشتراكية.
يعتقد جناح اليسار الراديكالي بان الثورة ستحدث في ايران بغض النظر عن ارادتنا فاذا التزمنا بافكارنا الاشتراكية وبقينا راديكاليين وحرصنا على التحريض وتنوير عقول البشر وحرصنا على ان نكون معروفين وبارزين في المجتمع الايراني فان الثورة حين تحدث (وعملا يتعاملون مع الثورة كالغرباء، اي ان الجماهير ستقوم بها وليس ثمة حديث عن دور للحزب فيها) والجماهير ستقوم باختيارنا لقيادة المجتمع. اي ان الاشتراكية عندهم امر حتمي والثورة سوف تحدث حسب اليات المجتمع وليس للاحزاب اي دور في القيام بها لذا لاتوجد حاجة الى بناء حزب قوي. كلما يتطلب منا هو الالتزام بالعقيدة الاشتراكية مما يعني عمليا الدعوة الى السلبية السياسشية والتي لم ولن تاتي باي ثمار.
اما الشيوعية العمالية فتعتقد بان حدوث الثورة الاشتراكية ليس امرا حتميا و لن تحدث هذه الثورة في ايران من تلقاء نفسها فهناك دور مهم لارادة الانسان في احداث الثورة ولذا يجب العمل والنضال من اجلها ولذا نحتاج الى حزب قوي ومقتدر ومتدخل. ان التغني بالثورة وترديد الشعارات ليست كافية لاحداث الثورة. كما ان الكتابة والدعاية و التحريض رغم اهميتها فانها لاتكفي لتحيق الثورة. نحن نحتاج بالاضافة الى كل هذا الى تنظيم الناس على الارض و خلق شبكات تربط الناس بعضهم ببعض وزجهم الى الساحة السياسية. تعتقد الشيوعية العمالية ان وجود الظروف الثورية هي ليس تحت سيطرة الاحزاب ولكن عندما تتوفر مثل تلك الظروف فان حدوث الثورة ونوع الثورة التي تحدث يعتمد على الاحزاب. وفي التاريخ المعاصر الكثير من الامثلة، فالاحداث التي حصلت في العراق في عام 1991 وفي الارجنتين مؤخرا هي افضل مثال على هذه الحقيقة (والثورات التي شهدناها ليست بالقليلة!). ان هذه النظرة تؤكد على دور لارادة الانسان وهو جوهر الماركسية و اللينينية والحكمتية ومايفصلها عن بقية التيارات اليسارية. هناك فرق بين النظرة التي تدعو الى العمل المخطط ودور للارادة في احداث الثورة الاشتراكية وبين النظرة التي تدفعك عمليا نحو اتخاذ موقف متفرج عمليا رغم كل الضجيج والحركية الاكسيونية الذي تقوم بهما، اي النزعة السلبية. اذ ليس قصدي من النزعة السلبية هو عدم الحركية.
فبدون تدخل فعال من الحزب الشيوعي العمالي فان مئات الثورات لن تنتهي الا الى وصول احد الاحزاب البرجوازية الى الحكم على حسابها وعلى رقابها في اغلب الاحيان. فالجماهير قد تثور وتقلب الانظمة الا انه بدون وجود حزب يخطط ويوجه الجماهير صوب اهدافها المنشودة، لايمكن للثورة الاشتراكية ان تحدث. فالجماهير الساخطة اما انها لن تحظر الى الساحة السياسة او حتى اذا حضرت و انتفضت في غياب حزب شيوعي عمالي يعمل بوعي وانضباط سوف تنتهي الى السير وراء احد التيارات الموجودة في المجتمع.
الثورة بحد ذاتها ليست هدف الشيوعية العمالية ولاتؤيد ثورة تقودها القوى البرجوازية بل الثورة الاشتراكية هي الهدف ونعمل من اجل هذه الثورة فقط. ولكن تيار اليسار الراديكالي وبسبب من شعبويته يهلل لاي ثورة تقوم بها الجماهيرلانهم يعتقدون ببساطة ان الجماهير ستقوم باختيارهم ووضعهم في السلطة لان سياساتهم صحيحية ولانهم يقولون كلاما جيدا. لذا تجد ان الحزب الشيوعي العمالي الايراني الحالي يطالب الجماهير بالالتحاق بالمظاهرات التي دعت اليها حركة قومية فاشية-دينية مغرقة في الرجعية في الايام الاخيرة في ايران.

· القيام بالثورة من خلال الاقلية او الاغلبية:
يعتقد تيار الشيوعية العمالية بضرورة ان يكون الحزب الشيوعي العمالي مستعدا للقيام بالثورة و اقامة الحكومة كاقلية كما فعل لينين من قبل. ان اكثر فكرة حمقاء يؤمن بها اليسار الراديكالي هي ان على الحزب الشيوعي العمالي ان ينتظر اليوم الذي يكسب اغلبية الجماهير الى جانبه قبل ان يقوم بالثورة. حيث يعتقد بانه في صيرورة نضالية تصاعدية سوف يزداد التاييد للحزب تدريجيا فما ان يبلغ نسبه التاييد له 51% عندها يحق للحزب اعلان الثورة ولكن اي شيئ اقل من 51% من الجماهير هي مغامرة سياسية او انقلاب عسكري او بلانكية. ان هذه الفكرة الحمقاء تجعل من الشيوعية وهما كما تجعل من الشيوعين والاشتراكيين اناس طوباويين اكثر من كونهم اناسا ينوون تغيير الواقع. وهي تشبه الى حد ما فكرة التروتسكيين في الثورة الدائمة والتي عمليا لاتعني شيئا الا الطلب من الطبقة العاملة وحزبها الطليعي بعدم القيام باي شيئ وانتظار "يوم القيامة" من اجل ان ترى الاشتراكية. يقول كورش كما يقول منصور حكمت ان بامكان اقلية القيام بالثورة الاشتراكية ضد حكومة برجوازية تمثل اقلية رجعية ومتخلفة في دولة تمر بظروف ثورية. اذ يعتقد تيار الشيوعية العمالية ان الوصول الى السلطة هو شرط اساسي لكسب اغلبية الجماهير الى جانب الحزب الشيوعي العمالي. ففي روسيا قام الفان اواكثر بقليل من البلشفيين في مدينة واحدة في بلد يبلغ سكانه عشرات الملايين بالثورة ولكن ما ان وصلوا الى الحكم تمكنوا من كسب اغلبية الجماهير الى جانبهم في فترة قصيرة من خلال شعارات واضحة مثلت المطاليب الملحة للطبقة العاملة واغلبية الجماهير. يستحيل في ظل التفوق الحالي للبرجوازية ان تتركك تكسب اغلبية الجماهير الى جانبك قبل ان تصل الى السلطة، اذ لايوجد اي ميكانزم لحزب يعمل من اجل الثورة الاشتراكية للقيام بذلك وهو في المعارضة.
يستشهد كورش مدرسي بما قاله لينين سنة 1917" متى ما كانت الجماهير محايدة و لها امل حيالنا ولكنها حيادية يجب علينا استلام السلطة يجب ان لاننتظر ان تؤيد الاغليبة البلاشفة". ا
اما اليسار الراديكالي فيقول ان القيام بثورة باقلية لاتتعدى انقلاب عسكري او مغامرة سياسية غير محمودة العواقب.
يقول كورش ان ثورة اكتوبر لم تكن انقلابا كما تدعي بعض اوساط البرجوازية او اليسار لانها حدثت في ظروف ثورية بحيث التحقت الاغلبية الساحقة من الجماهير بالثورة في خلال فترة قصيرة من خلال شعارات عبرت عن مطاليب اغلبية الجماهير. لإ يمكن القيام بالثورة يوميا بل نحتاج الى ظروف ثورية ووجود حزب جماهيري قادر على لمس نبض المجتمع في كل لحظة و الاستجابه له. وهذا كان احد الخلافات الجوهرية داخل الحزب الشيوعي العمالي الايراني. اذ كان جناح حميد قد عاد الى النظرة الكلاسيكية لليسار غير الاجتماعي للثورة وهذا ما حدا بحميد تقوائي الى ان يرفض بحث منصور حكمت حول الحزب والسلطة السياسة، حيث يقول ان هذا البحث كان للدعاية و للعمل في ظروف غير ثورية او في احسن الاحوال "بهدف رفع المعنويات".

· الوصول الى السلطة والثورة:
تعتبر الشيوعية العمالية الوصول الى السلطة شرط للقيام بالثورة الاشتراكية وتحويل اقتصاد المجتمع وعلاقات الانتاح الى اقتصاد وعلاقات انتاج اشتراكية. اي بكلمات اخرى الثورة الاشتراكية لاتتحقق بمجرد الوصول الى الحكم بل ان الوصول الى الحكم هو شرط لتحقيق الثورة الاجتماعية، اي الاشتراكية . تعتقد الشيوعية العمالية بانه سيكون هناك انتفاضة جماهيرية تحت راية اشتراكية وبقيادة حزب شيوعي عمالي توصل هذا الحزب الذي يمثل طليعة الطبقة العاملة الى السلطة و الذي سيقوم بدوره بتطبق كامل برنامجه الاشتراكي و تحويل علاقات الانتاج الى علاقات انتاج اشتراكية والقيام بكل ما يرافق ذلك من تحولات فوقية مطلوبة.
فالنظرة الحكمتية ترى ان الثورة الاشتراكية بالنسبة لحزب شيوعي عمالي هي الظروف المنشودة و الانتفاضة الجماهيرية التي توصل الحزب الى السلطة. لذا فان العمل من اجل تحقيق الثورة الاستراكية هو العمل من اجل ايصال الحزب الى السلطة.
اي اننا نرى ان تغير علاقات الانتاج لن يتم خلال 24 ساعة من حصول الثورة او الانتفاضة الجماهيرية في حين ترى قيادة الحزب الشيوعي العمالي الايراني الحالي والتيار التقليدي بان هذه الفكرة هي فكرة يمينية و صك للقيام بانقلاب او التامر مع القوى البرجوازية من اجل الوصول الى السلطة من خلال المفاوضات والدبلوماسية وغيرها. لا اعرف لماذا لم يدع احد من هؤلاء بان ثورة اكتوبر لم تكن ثورة اشتراكية لان الثورة لم تتحقق ليس بمجرد وصول اقلية بلشفية الى الحكم فحسب بل خسرت الطبقة العاملة وحزبها الطليعي السلطة بعد سنوات دون تحقيق الاشتراكية. ان ما يؤكد وجود هكذا خلاف هو البيان الذي اصدره الحزب الشيوعي العمالي الايراني الحالي ردا على البيان التاسيسي للحزب الشيوعي العمالي الايراني_ حكمتست. لقد انتقدوا بوضوح هذه الفكرة واعتبروها كما قلت سبيلا للتامر مع الاحزاب البرجوازية من اجل الوصول الى السلطة.


· أحتمال حدوث السيناريو الاسود في ايران بعد سقوط الجمهورية الاسلامية.
تعتقد الشيوعية العمالية بانه في الظروف العالمية الراهنة وعند غياب حزب شيوعي عمالي مقتدر فان السيناريو الاسود بمعنى غياب اي نوع من الادارة المدنية و تفكك البنية المدنية للمجتمع وكل الكوارث التي ترافق هذه الظاهرة كما حدث في العراق من الممكن ان يحدث في ايران. لذا فمن الضروري جدا ان تعمل بجد من اجل بناء حزب شيوعي عمالي يكون بحد ذاته سلطة وبامكانه التصدي لقوى السيناريو الاسود قبل سقوط الجمهورية الاسلامية في ايران في حين ان التيار الراديكالي يستبعد حدوث هكذا سيناريو في ايران لان ايران تمر بظروف ثورية لذا فان العمل بوتيرة روتينية من اجل بناء المجالس وليس الحزب هو الخيار.

في الحقيقية ان تيار الشوعية العمالية يختلف عن تيار اليسار التقليدي في نظرته الى كل الامور ابتداءا من الوجهة التي يجب ان يتجه اليها الحزب، نوع الحزب المراد تشكيله، نوع الشيوعية التي يجب ابرازها في المجتمع، تفسير عدم قدرة اليسارعلى الوصول الى السلطة و تنظيم ثورة اشتراكية او على الاقل القيام بتغيير ملموس في حياة الناس، اسباب ضعف اليسار والحركات الماركسية وتحولها الى فرق ايدولوجية وفكرية وجماعات ضغط، ضعف اعتبار الماركسية في الوقت الحاضر. فهناك اختلاف حول كل الامور وهذه الاختلافات كانت موجودة في الحزب الشيوعي العمالي الايراني ايام منصور حكمت. وبعد وفاة منصور حكمت مال توازن القوى لصالح التيار التقليدي داخل الحزب الشيوعي العمالي الايراني وحصل الانشقاق.
للبحث تتمة



#توما_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انا يساري فان لم تكن معي فانت يميني! رد على الرفيق جليل شهبا ...
- لاتطالبوننا بتحويل الشيوعية العمالية الى شيوعية بائسة - الجز ...
- لاتطالبوننا بتحويل الشيوعية العمالية الى شيوعية بائسة - الجز ...
- جريمة اربيل والدور غير المباشر للاحزاب الحاكمة
- ديمقراطية امريكا المرجوة في العراق: سراب ام واقع ! الجزء الث ...
- ديمقراطية امريكا المرجوة في العراق: سراب ام واقع ! - الجزء ا ...
- ديمقراطية امريكا المرجوة في العراق: سراب ام واقع ! الجزء الا ...
- فصل اخر من فصول السيناريو الاسود، يخرجوه مجلس الحكم
- هذا البعبع لم يعد يخيف الناس ردا على جريدة الفرات
- لماذا نطالب باستبدال قوات الاحتلال بقواة دولية تحت اشراف الا ...
- نحن بحاجة الى فصل الدين عن الدولة وليس اصلاح الدين - تعقيبا ...
- نحن بحاجة الى فصل الدين عن الدولة وليس اصلاح الدين - الجزء ا ...
- أمريكا بحاجة الى المزيد من الحروب و الأنتصارات فمن العدو الق ...
- لماذا لن تقوم امريكا ببناء العراق؟ الفرق بين عراق اليوم والم ...
- المعارضة العراقية: يا عالم لاحل لدينا غير حرب امريكا!!!!!!!! ...
- جوق التسبيح بحمد المنقذ الأمريكي
- الليبرالية على طريقة المعارضة البرجوازية العراقية


المزيد.....




- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...
- DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
- دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز ...
- الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على ...
- -700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب ...
- زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
- اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
- بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - توما حميد - الخلافات بين الشيوعية العمالية واليسار التقليدي-رد على جليل شاهباز-الجزء الثاني