أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - توما حميد - لاتطالبوننا بتحويل الشيوعية العمالية الى شيوعية بائسة - الجزء الاول- رد على رزكار عقرواي















المزيد.....


لاتطالبوننا بتحويل الشيوعية العمالية الى شيوعية بائسة - الجزء الاول- رد على رزكار عقرواي


توما حميد
كاتب وناشط سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 984 - 2004 / 10 / 12 - 12:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يعتبر فهم اهمية وسبل التحول الى حزب السلطة السياسية بمعنى حزب متدخل و له تاثير على المعادلات السياسية و على حياة الجماهير و يكون له شان في رسم الاوضاع الحالية و رسم مستقبل البشر في هذه البقعة الجغرافية او تلك وان يتصارع على السلطة و تكون مسالة الوصول الى السلطة السياسية هي اولويته،ويعتبر هذا الفهم احد ابرز الصفات التي تميز الشيوعية العمالية عن الشيوعيات البائسة, التي ليس لها اي حظ في احداث ابسط تغير في حياة الناس. ان احدى مقومات هذا الفهم هو معرفة حقيقة ان الانسان العادي و الجماهير بشكل عام تشخصن السياسة وتنظر الى الاحزاب والحركات السياسية وتفهمها وتتخذ موقف منها من خلال شخصياتها وكوادرها وقياداتها. في الحققية ان الانسان ليس فقط يشخصن السياسة فقط بل كل الفعاليات الاجتماعية. هذا الشيئ ينطبق على الرياضة وغيرها من الميادين.

والاكثر من ذلك فان كل الظواهر و الاشياء المعقدة في النهاية تختزل عند الانسان الى العلامات الفارقة و المميزة فيها او التي ترافقها، فالصورة التي نكونها عن مدينة كبيرة عندما نزورها في النهاية تتجسد في العلامات الميزة فيها وليس في التفاصيل الدقيقة. في عالم السياسة هذا التجسيد و الاختزال يتم من خلال شخصنة السياسة. فجزء كبير من الصورة التي يكونها الانسان العادي و الجماهير عن الاحزاب والحركات الساسية تحتل من قبل شخصيات هذه الاحزاب و الحركات. في الكثير من الاحيان يفوز حزب سياسي في الدول الغربية في الانتخابات اعتمادا على الشخصيات التي تقود هذا الحزب و طبيعتهم وشكلهم , وطول قامتهم ووسامتهم و امكاناتهم الشخصية و في الاخير على الصورة التي تتكون عند الناخب عن تلك الشخصيات. فاحيانا يعيل الناخب من الاهتمام الى الاشخاص اكثر مما يعيل الى برامج ذلك الحزب.

لذا فبروز القيادة و الشخصيات هي مهمة جدا لكل حركة سياسية ولكن هذه الاهمية تمتد الى كل التنظيمات التي تعتمد على العمل الجماعي. فالانسان بطبيعته يتخذ له في كل ميدان شخصا ذو ملامح وصفات معينة كنموذج او قدوة اومثل اعلى او قائد له. هذه الصفة عند البشر تستخدم بشكل ناجح ليس من قبل الحركات السياسية فقط بل حتى من اجل تسويق البضائع وعشرات الميادين الاخرى.

تتفنن الاحزاب و الحركات البرجوازية كونها حركات اجتماعية راسخة في المجتمع في استغلال حقيقة ان الجماهير تشخصن السياسة. ولكن اليسار الثوري عدى حالات محدودة مثل ثورة اكتوبر قد عجز ليس في استغلال هذه الظاهرة فقط بل عجز حتى عن فهمها ولم يتمكن من الاستفادة منها الا نادرا. ففي احسن الاحوال تتهم احزاب اليسار الراديكالي الجماهير بقلة الوعي وتنتظر اليوم الذي يصل وعي الجماهير الى مستوى تبدا بالتصويت او الركض وراء الحزب السياسي الذي يمثلها بعد الحكم على برامجه والاستماع الى تفاصيل نقاشات قيادته.

لذا كانت مسالة ابراز قيادة الحركة وليدرها وشخصياتها و الاهتمام بالشخصيات الاجتماعية داخل المجتمع كجزء من عملية تحويل الحزب الى حزب السلطة السياسية هي احدى الصفات المهمة التي تميز الشيوعية العمالية عن الشيوعيات الراديكالية السائدة و كل اليسار الراديكالي و احدى انجازاتها و اضافاتها الى الماركسية بغض النظر عما اذا كان بامكان الشيوعية العمالية لحد الان سواءا في العراق او ايران من تطبيق هذا الفهم عمليا.

ما من حركة سياسية وحزب سياسي باستطاعته القيام بابسط تغير على مستوى المجتمع بدون ادوات معينة منها ان تكون شخصياته بضمنها ليدره ولجنته المركزية و كوادره معروفة في المجتمع . وهذا الامر ينطبق بشكل خاص على الحركات والاحزاب الشيوعية لانها بخلاف الاحزاب البرجوازية التي تمتلك امكانات هائلة و تحتاج فقط الى الحفاظ على الوضع القائم فان الاحزاب الشيوعية تبغي تغير هذا العالم مما يتطلب جهد اكبرا. ففي ظل غياب وسائل اعلام جماهيرية ضخمة مثل ال BBC و CNN وغيرها فاننا بحاجة ماسةالى ان تكون شخصيانتا ملموسة ومعروفة ويمكن للجماهير الوصول اليها بسهولة. فللبرجوازية ماكنة عملاقة جدا لتشوية الحقائق وليس باستطاعة حزب شيوعي من خلال اعلام بسيط بعيدا عن الجماهير من احداث تغير جدي. ان حزب سياسي يهيئ نفسه لتغير هذا الواقع و الاتيان بعالم افضل التي هي مهمة الاحزاب الشيوعية يحتاج الى تحزب جدي وان يكون له قيادة منضبطة ومعروفة للجماهير ومشهورة. فالشهرة ليست صفة سيئة. كوادرنا يجب ان يكونوا مشهورين في عالم السياسة كما هو اللاعب الفلاني مشهور في لعبة كرة القدم او الممثلة الفلانية مشهورة في الادوار الفكاهية مثلا.

ان هذه المقدمة هي من اجل توضيح راي بخصوص نداءات ظهرت في الفترة الاخيرة من عدد من الرفاق ومنهم الرفيق رزكار عقراوي الذي نشر ندائه الى الحزب في صفحة الحوار المتمدن ، من بين امور اخرى كثيرة، تدعو الحزب الشيوعي العمالي العراقي والشيوعية العمالية الى الغاء منصب ليدر الحزب و رئيس المكتب السياسي و الاكتفاء بتعين منسق لادارة امور ووظائف الحزب بحجة ان هذه المناصب هي دلالة على حب الظهور و روح التسلط وجزء من سنن البرجوازية الصغيرة او حتى انها دلالة على النزعة الستالينية داخل الحزب و الحركة. يقول الرفيق رزكار من ضمن اشياء اخرى(" الغاء كل الالقاب التي عمل بها لتعزيز روح المنصبية للبرجوازية الصغيرة مثل – ليدر ذلك اللقب المقزز الذي يشبه القاب الدكتاتوريين !!.... ورئيس .... الخ والتي تطابق عقلية الانظمة الشمولية للاسف")
يقول رزكار وهو يتحدث عن الانشقاق في الحزب الشيوعي العمالي الايراني- ( كانت نتيجة حتمية وطبيعية في ظل مؤسسات حزبية شمولية التى ارساها الرفيق منصور حكمت والتي تشابه التنظيم الحزبي الشمولي للكثير من الاحزاب اليسارية في المنطقة , احزاب لاتعترف بالراي الاخر الماركسي داخل وخارج الحزب , مؤسسات مغلقة فقط لخط القيادة ومؤيديها ومركزة في يد شخص احد , مؤتمرات مشوه دون نقاش محسومة النتائج سلفا , الخلاف الفكري مع القيادة يعتبر عداءا , انعدام اية اليات لادارة الخلاف داخل الحزب مثل النشرات الداخلية او حق الراي الاخر في النشر في الاعلام الحزبي والخارجي , هناك فقط اليات لحسم الصراع – الخلاف !- الانشقاق والطرد وللاسف استخدمت دوما بشكل مستمر في الحزبين الشيوعي العمالي العراقي والايراني وكنت انا احد ضحايا تلك السياسات للاسف .)

بتصوري ان هؤلاء الرفاق لم يفهموا الشيوعية العمالية بعد. فهذه هي احدى صفاتها الجوهرية، لذا فمن الافضل لهم ان يبحثوا عن حركات اخرى تمثلهم لان الشيوعية العمالية اما ان تلتزم بهذه الصفات و اما ان تكف من ان تكون شيوعية عمالية.

أن حزب ليس له قيادة معروفة وليدره معروف لن يقبل به المجتمع كقائده. اذا لم يكن بامكان حزب ان يقبل له بقائد يقود صفوفه تحت اي حجة كانت لن يكون بامكانه تنصيب رئيس جمهورية ووزراء وغيرها من الوظائف التي يجب ان تملئ في حال وصول ذلك الحزب الى السلطة. ان اهمية الشيوعية العمالية وفرقها عن الاحزاب الهامشية و الفرق الخيرية و التنويرية وغيرها هو انها من بين امور اخرى انها وعت هذه الحقيقة. ان تغير المجتمع لن يتم من خلال منظمات غير حكومية يديرها منسقون و فاعلو خير.

من الواضح ان هؤلاء الرفاق الذين يطلقون هذه النداءات هم تحت تاثير الهجمة الشرسة التي شنتها البرجوازية العالمية على الشيوعية وعلى كل نزعة نحو التنظيم للوقوف بوجه المأساة التي فرضتها الراسمالية على البشرية وهم لايزالون تحت تاثير 8 عقود من الهزيمة التي فرضت على الشيوعية. انهم تحت اقصى تاثير الفكر البرجوازي الليبرالي الذي يرى في التحزب و النزعة الى التنظيم في صفوف الجماهير كفرا ويريدونها ان تكون افرادا معزولة خاضعة للسوق و العالم التي ينشده الرأسمالي. انهم يروجون لتقاليد شيوعية مهزومة لاتبغي احداث ادنى تغير في حياة البشر وشيوعية ترضى ان تبقى في حوافي المجتمع. يروجون الى تقاليد شيوعية بائسة بمعنى شيوعية تكون وظيفتها قول الحقيقة و تهيا الارضية للاجيال القادمة لكي تقوم في يوم ما غير معلوم بالثورة و بتغير مادي في حياتهم. انهم يروجون الى شيوعية هامشية، منزوية وعديمة التاثيرو بدون ادنى قيمة وظيفتها هو الكتابة والتحليل و طرح الافكار لا التغير و العمل الاجتماعي. ان من يروجون لهذه الافكار ليس في مخيلتهم الثورة وتغير المجتمع بل في اقصى الاحوال القيام ببعض الاصلاحات. ولكن حتى ادنى اصلاح لايحدث في مجتمع يحكم بالنار والحديد عن طريق منسقي حملات بل يحتاج الى حزب سياسي يكون له ليدر ورئيس مكتب سياسي وانظباط حزبي عالي. هذا الخلط بين الحزبية والدكتاتورية هي مقصودة من قبل الاعلام البرجوازي ولكن للاسف الكثير من الرفاق قد وقعوا تحت تاثيره حتى دون ان يشعروا بذلك.
في العراق و على المستوى السياسي كل الحركات البرجوازية بغض النظر عن طبيعتها و برامجها تستفاد من هذا الصفة عند الجماهير الى اقصى الحدود. لقد كان لصدام حسين مكانة مهمة داخل حزب البعث وربما كان اهم من حزب البعث كله و هكذا بالنسبة الى الحركات البرجوازية الرجعية الاخرى كالاحزاب الحركة القومية الكردية والحركات الدينية. من يستطيع تعريف خواص عصابات ماتسمى بجيش المهدي ؟ ما هو برنامج هذه العصابات و ما هي اهدافها؟ أن الكثير ان لم يكن اغلب اتباع هذا العصابات هم اتباع شخص الصدر نفسه. فالاستفادة من هذه الصفة عند البشر مسموح للحركات البرجوازية و لكن عندما يتعلق الامر بالحزب الشيوعي العمالي العراقي و الحركات التقدمية التي تدافع عن حقوق الجماهير المحرومة و النساء و الشباب و الاطفال فيعتبرا كفرا. يصرخ الرفاق هذا الحزب حزب ستاليني وشمولي! ما من احد في الاحزاب البرجوازية سينتقدننا لاننا لدينا ليدر ورئيس مكتب سياسي بل بالعكس يتوقعون منا ان يكون لنا قيادة و ليدر ولكن النقد ياتي من رفاقنا لانهم يرون انفسهم متهمون بما لصقته البرجوازية بالشيوعية و لانهم يحسون بالذنب لما قام به ستالين وغيره باسم الشيوعية. فمن حق حثالات في المجتمع مثل مقتدى الصدر ان يصبح رمزا داخل المجتمع وقائد لحركة ليس في برنامجها سوى الارهاب و القتل ولكن عندما ياتي الحديث عن منصور حكمت وريبوار احمد فعليهم ان يبقوا في الخفاء لايعرفهم احد، كشخصيات هلامية وتتتهم اي شخصية بارزة داخل الحزب الشيوعي العمالي العراقي بحب روح البرجوازية الصغيرة او التحول الى ستالين.

ان حاجتنا الى الليدر و رئيس المكتب السياسي و غيرها من الوظائف الحزبية و الى التحزب نابع عن فلسفتنا السياسية و عن طبيعة العمل الذي ننوي القيام به. اذا كنا نود تشكيل تنظيم من اجل كشف الحقيقة و تنوير عقل البشر فاننا لانحتاج الى الليدر و غيرها من الوظائف السياسية بل يكفي جهاز كومبيوتر و خط انترنيت لكي نقوم بهذه الوظيفة. ان تشكيل حلقات فكرية ودعائية شيوعية رغم اهميتها لاتحتاج الى حزب سياسي. ان محاولة نشرثقافة مثقفية لاتهدف تغيير المجتمع، لذلك لاتحتاج الى الحزب و التحزب. أذا كان الهدف تشكيل تنظيم يكون فيه الفكر اهم من العملً، ويمثل التحليل افضل من العمل والتغير فلن يكون هناك حاجة الى حزب سياسي و التحزب.

و حتى لو كان الهدف هو انشاء تنظيم شيوعي ليست السلطة السياسية في خطة عمله، حزب يرضى ان يكون هامشي، غير عمالي،غير اجتماعي، غير فعال، لايستند الى الممارسة العملية فلن نكون بحاجة الى الليدر او المكتب السياسي وغيرها. عند مثل هذه الاحزاب فان الحديث عن الليدر و رئيس المكتب السياسي و عن النضال من اجل السلطة من الطبيعي ان يكون مقزز ويتحول الحزب الذي هو اداة التغير في اي مجتمع الى مؤسسة شمولية و مغلقة وتصبح عملية تعين شخص في منصب ليدر الحزب هو تركيز شؤون التنظيم في يد شخص واحد.
ففي عرف هؤلاء الرفاق ان وظيفة الشيوعية هو الكتابة والنقاش الداخلي الفكري واصدار النشرات الداخلية وان يكون من حق كل عضو التحق يوم امس بالحزب ان يعبر في الجريدة المركزية للحزب عن رايه المخالف والا فان الحزب هو حزب ستاليني شمولي. ان هذه النظرة الى الامور ترى في منصب ليدر الحزب جاه ورفاه وليس عمل وانظباط حزبي واوجاع رأس وشقاء اكثر. ان اصحاب هذه الاراء عليهم البحث عن منظمات غير حكومية ليبرالية الى اقصى الدرجات وليس الى احزاب شيوعية عمالية. ان تهمة الستالينية و الشمولية التي توجه لنا نابعة من سعينا الى تاسيس حزب سياسي و ليس اقامة جبهة من " القوى اليسارية و التقدمية" او تجمع من الناس الطيبين.

اما اذا كان هدفنا بناء حزب شيوعي عمالي، متدخل في مصير المجتمع، مقتدر، ويعد نفسه لاستلام السلطة وتُغَير حياة الجماهير ويريد تحويل الفكر والتحليل الى عمل، فاننا نحتاج ليس فقط ان يكون ليدرنا ورئيس مكتبنا السياسي بل كل كوادرنا و فعالينا معروفين في المجتمع وملامحهم معروفة للناس. يجب ان يعرف الناس طريقتهم في النضال، في التعامل، في العمل، في النقاش و غيرها. على الحزب السياسي ان يكون اعضائه وكوادرة معروفة ً في ازقة الجماهير، في كل مدينة ومحلة وقرية، في كل مكان، يستطيع الناس بعونهم ان ينظم اضراباً، يستطيعوا بعونهم ان يحلوا مشاكلهم وان يقفوا بوجه الجريمة وكل ممارسات الاحزاب البرجوازية. ان التحزب هو ضروري لهذا الهدف وان وظيفة الليدر و المكتب السياسي هي جزء من هذا التحزب. أن ما تمثله وما تود ان تقوم به حركة سياسية مرهون بماذا تبغي القيادة وكوادرها ان تعمل ويتشخص لدى الناس في المارسة العملية والملموسة لهذه القيادة و الكوادر. هذه الممارسة العملية تعتبر اكبر وسيلة اعلامية لحزب شيوعي عمالي.
اننا نعلم ان الطبقة و الجماهير عموما تتبع وتقلد حزبها الثوري. بدون حزب لايمكن للطبقة العاملة الامساك بالحزب. و بدون شخصيات معروفة في المجتمع ليس بوسع الحزب ان يخطو خطوة واحدة. البشر لايركضون وراء شخصيات وهمية. السياسة تحتاج الى اشخاص يكون بامكان الجماهير لمسهم والاستماع لهم واخذ الاوامر منهم عند الحاجة.
لذا فان مجمل قصتنا تتعلق فيما اذا كنا ننوي القيام بتغيير حياة الجماهير. الموضوع متعلق بالوظيفة التي نود القيام بها. ان الفرق التنويرية والتبشيرية و فرق كشف الحقيقة لاتحتاج الى قيادة و تحزب و لكن العمل من اجل تغير المجتمع يحتاج الى اقصى درجات التحزب. لنفترض اننا استلمنا الحكم غدا، هل بامكان احد ان يقول لا تضعوا حاكم للمقاطعة او المدينة او المحلة الفلانية لان هذه المناصب اسيء استعمالها من قبل وتدل على روح البرجوازية الصغيرة او النزعة الستالينية؟ المجتمع بحاجة الى وظائف وقيادة و اشخاص يملئون هذه المواقع.

ان بامكان منسقين ان ينظموا حملات معينة ولكن ليس بوسعهم قيادة احزاب وايصال الطبقة العاملة الى السلطة. ان وضع منسق لتنسيق عمل المكتب السياسي هو ليس ميكانزم مناسب لحزب سياسي يتطلع الى حكم المجتمع. كان من الاجدر ان يكون نقد هؤلاء الرفاق الى الحزب الشيوعي العمالي العراقي على عدم القيام بهذه الوظيفة بالشكل المطلوب وعلى عدم كون ليدرة ورئيس مكتبه السياسي معروفين بقدر علاوي وطالباني وغيرهم وليس على الاقتناع ومحاولة القيام بهذه الوظيفة. ان الشيوعية العمالية قد اقتنعت باهمية بروز الشخصيات السياسية وهو امر قد فرضته ولا رجعة عنه. هل باستطاعة احد ان ينتقد منظمة حرية المرأة في العراق لان ينار محمد التي هي رئيسة هذه المنظمة قد اصبحت شخصية معروفة على مستوى العالم؟ هل هذا شيئا سيئا؟ هل كان من الافضل لنساء العراق ان تكون ينار غير معروفة بحجة ان هذه الشهرة هي صفة البرجوازية الصغيرة؟ ان هذا الامر قد انتهى بالنسبة للشيوعية العمالية. ان موضوع تحويل الحزب الى حزب الشخصيات الاجتماعية والعمل السياسي في المجتمع كشخصيات حقيقية والسعي ان تكون معروفة ومشهورة هو احد انجازات الشيوعية العمالية.

هناك الملايين من الافراد والمنظمات في هذا العالم التي تود ان ترى عالما افضلا ولكن ليس باستطاعتها القيام بادنى تغير على مستوى المجتمع لاتها تفتقد الى تحزب جدي. ليس بامكان احد ان ينكر الجهود والطاقات التي يبذلها شخص مثل جون بيلجر، الصحفي و مخرج الافلام الوثائقية المشهور على سبيل المثال في كشف الحقيقة و فضح النظام الراسمالي ولكن تاثير مايقوم به تافه جدا على مستوى المجتمع لانه يفتقد الى تنظيم متحزب. احدى ميادين النضال للاحزاب الشيوعية في العالم هو ضد الهجمة الشرسة التي شنتها الراسمالية العالمية على التحزب. لقد شددت البرجوازية من حملتها على التحزب وكل عمل جمعي وبشكل مخطط وعقلاني خاصة منذ انهيار قطب راسمالية الدولة. البرجوازية بكل طاقاتها تحاول ان تحول المجتمع الى مجموع من الافراد المنعزلين عن بعضهم البعض. اكثر من ثمانية عقود من الهجوم على الاشتراكية قد جعلت الحزبية و التحزب رديف الدكتاتورية و التوتاليتارية. لقد ابدع الاعلام البرجوازي في هذه المهمة وقد باتت كل الاحزاب الشيوعية توتاليتارية ما لم تعلن ابتعادها وتخليها عن التحزب صباحا ومساءا . لقد كانت في خضم اجواء اسوأ من اليوم عندما برز منصور حكمت و اعاد للشيوعية وجهها الانساني و اكد على ضرورة التحزب بارقى اشكالها الانسانية كوسيلة لتحقيق التغير في المجتمع. ان احدى الصفات التي تمييز الشيوعية العمالية عن اليسار التقليدي السائد منذ فشل الثورة البلشفية هي تحزبها. ان نضال الشيوعية العمالية ضد الهجمة على التقاليد الحزبية ليس نضال ضد الطبقة الحاكمة فقط بل ضد تقاليد اليسار الراديكالي الهامشي بخصوص التحزب. ان الرفيق رزكار يلصق بالشيوعية العمالية نفس التهمة التي يرددها الاعلام البرجوازي ضد كل القوى التي تود تغير هذا العالم المقلوب اي التوتاليتارية والستالينية. هل من حركة سياسية على وجه الارض اكثر انسانية من الشيوعية العمالية؟
ان الطريقة الحضارية التي ادير بها النقاش داخل الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول موضوع الانشقاق داخل الحزب الشوعي العمالي الايراني هو خير دليل على مدى الحرية في ابداء الراي داخل الحزب. وان القلة القليلة التي شذت عن استخدام هذا التقليد كان نابعا عن بعدها عن الشيوعية العمالية.
ان وصف منصور حكمت وحركته بالشمولية ليس فقط ليس فيه اي انصاف بل انه يعبر عن المقاييس التي في مخيلة الرفيق رزكار للحزب. انه يريد حزب بعقلية وممارسة يسار هامشي ممزوجة باقصى درجات الليبرالية والفردية. ان وجود مثل هذا التنظيم كان سيكون اسوأ تنظيم يمكن لعقل ان يتصورة. ولكن في الواقع لايوجد مثل هذا التنظيم. ان المشكلة ليست في منصور حكمت وحركته بل في مقاييس الرفيق رزكار للحزب. يمكنك ان تجادلني بمئات المقالات عما اذا كان الحزب الشيوعي العمالي العراقي شموليا ام لا ولكن الجماهير تحكم عندما ترى ممارستتا في المجتمع. انه نحن الذين نطالب الجميع بالموافقة على الحد الادنى من الالتزام بالحريات في المجتمع وعدم اللجوء الى العنف في حل المشاكل السياسية، ونناضل من اجل جر بقية القوى لتبني والمصادقة على هكذا مبادئ. هل من حزب سياسي صرف جهد بقدر جهدنا لتثبيت الحريات الفردية و الاجتماعية والسياسية للبشر والتنظيمات؟ والقائمة تطول. ان هذه هي الامور التي تدل على مدى قبولنا للراي الاخر و مدى التزامنا بحرية التعبير. اما ان تاتي بتفصال يلائم فرقة تنويرية وتريد ان تفرضها على الحزب واذا رفض الحزب تفصالك تتهمه بالستالينية و الشمولية فهذا امر اخر.

**************************************
حافظوا على وحدة حزبكم ,نداء الى الرفاق في الحزب الشيوعي العمالي العراقي
رزكار عقراوي
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=23007



#توما_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة اربيل والدور غير المباشر للاحزاب الحاكمة
- ديمقراطية امريكا المرجوة في العراق: سراب ام واقع ! الجزء الث ...
- ديمقراطية امريكا المرجوة في العراق: سراب ام واقع ! - الجزء ا ...
- ديمقراطية امريكا المرجوة في العراق: سراب ام واقع ! الجزء الا ...
- فصل اخر من فصول السيناريو الاسود، يخرجوه مجلس الحكم
- هذا البعبع لم يعد يخيف الناس ردا على جريدة الفرات
- لماذا نطالب باستبدال قوات الاحتلال بقواة دولية تحت اشراف الا ...
- نحن بحاجة الى فصل الدين عن الدولة وليس اصلاح الدين - تعقيبا ...
- نحن بحاجة الى فصل الدين عن الدولة وليس اصلاح الدين - الجزء ا ...
- أمريكا بحاجة الى المزيد من الحروب و الأنتصارات فمن العدو الق ...
- لماذا لن تقوم امريكا ببناء العراق؟ الفرق بين عراق اليوم والم ...
- المعارضة العراقية: يا عالم لاحل لدينا غير حرب امريكا!!!!!!!! ...
- جوق التسبيح بحمد المنقذ الأمريكي
- الليبرالية على طريقة المعارضة البرجوازية العراقية


المزيد.....




- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...
- إسرائيل تؤكد استمرار بناء الميناء العائم بغزة وتنشر صورا له ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - توما حميد - لاتطالبوننا بتحويل الشيوعية العمالية الى شيوعية بائسة - الجزء الاول- رد على رزكار عقرواي