أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رباح حسن الزيدان - المجتمع المدني العالمي : تعدد التفسيرات















المزيد.....

المجتمع المدني العالمي : تعدد التفسيرات


رباح حسن الزيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3333 - 2011 / 4 / 11 - 10:34
المحور: المجتمع المدني
    


جرت الاشارة في الملاحظات السابقة الى العوامل المباشرة وراء نشوء المجتمع المدني العالمي، ولكن السؤال المهم الاخر هو كيف نفهمه في اطار السياق العريض للعلاقات السياسية والاجتماعية على المستوى العالمي. هناك محاولات مختلفة لشرح وتفسير نشوء المجتمع المدني العالمي ومن بينها :
1. نظرية الاعتماد المتبادل التي سادت لفترة طويلة باعتبارها تمثل محاولة لشرح مقبول لنشوء المجتمع المدني العالمي. وتنبثق هذه النظرية عن (النموذج الأساسي) الوظيفي كبديل لشرح العلاقات الدولية في النظرية الكلاسيكية للعلاقات الدولية باعتبارها علاقات قوة. من هذا المنظور فالعالم يتطور تبعا لنبوءة المدرسة الوظيفية التي ترى أن الاقتصاد والروابط العالمية الجديدة تحتم تحرك النظام العالمي كنظام وظيفي في اتجاه بناء السلام بين الشعوب وتقليص أو إلغاء الحاجة إلى الحروب، حيث تتعلق مصالح الدول والشعوب بالتعاون والاعتماد المتبادل وتصير رفاهية كل شعب معتمدة على الشعوب الأخرى.
ولكن تلك النظرة المتفائلة للعلاقات الدولية لا تشرح أو تفسر لنا مظاهر استعراض القوة والحروب الصغيرة والكبيرة. ولذلك حاول الوظيفيون الجدد أن يعدلوا هذا الإطار النظري لإدخال علاقات القوة إلى صلب النظرية، فأكدوا أن الاعتماد المتبادل نفسه ليس رفاهية وسلاما بحتا، وإنما هو أيضا علاقة قوة، إذ تختلف درجة حساسية كل اقتصاد نحو الآخر أو نحو الاقتصاد العالمي. فالعملات مثلا ليست بالقوة ذاتها، وتتأثر عملات معينة- أكثر من عملات أخرى- بالهزات في الاقتصاد العالمي. والأهم هو أن تعرُّض أو انكشاف اقتصاد ما للهزات أو لسلوك اقتصاديات أخرى ليس على الدرجة نفسها. وتستطيع دول معينة إحداث ضرر أكبر بالآخرين نظرا لانكشافهم بدرجة أكبر أمامها. وبهذا المعنى فهناك تبعية متبادلة ومصالح متشابكة بين الجماعات والشعوب، ولكن هناك أيضا فجوات وعلاقات قوة.
ومن هذا المنظور أيضا فالعولمة ليست إلا تعبير خاص عن تمدد واتساع الاعتماد المتبادل وتطور العالم كنظام وظيفي جديد أو مختلف. والمجتمع المدني العالمي في هذا الشرح هو الجانب الاجتماعي من العولمة التي تتجلى بأشكال أخرى.
ويصطدم هذا الشرح مع أحد أهم صور النضال أو دوافع أو "مهام" المجتمع المدني العالمي، وهو مناهضة العولمة بصيغتها النيوليبرالية. فأقوى مظاهر تحرك المجتمع المدني العالمي قبل مظاهرات ومسيرات السلام الحالية تجسد في المظاهرات الصاخبة ضد العولمة الرأسمالية، بدءا من "سياتل" و"نجازاكي" و"روما" حتى "واشنطن" خلال عام 2002. وتبدو حركة مناهضة العولمة كنموذج مثالي للحركات الاجتماعية العالمية التي تأخذ بألباب الأجيال الشابة في العالم. وهي في الوقت نفسه مظهر مميز لكفاحية المجتمع المدني العالمي.
ولا شك أن هذا النضال ضد هذا النوع من العولمة ثم ضد التهديد بالحرب يفضح حقيقة أن العلاقات الدولية الرسمية لا تزال تقوم على القوة وعلى عدم التكافؤ في القوة، وخصوصا في ظل " نظام القطبية الاحادية " الراهن.
2. ومن جانبهم يشرح الماركسيون الجدد واليسار الجديد بصورة عامة منطق النضال ضد العولمة باعتباره شكلا خاصا من النضال الطبقي ضد الرأسمالية المعولمة. وبهذا المعنى، فالمجتمع المدني العالمي هو نوع من التحالف الأممي ضد الرأسمالية المعولمة في طورها الليبرالي الجديد. ويؤكد هذا الشرح أن القوى المدنية الجديدة التي تناضل ضد العولمة الاقتصادية تتخذ المنظمات والرموز الكبرى للعولمة الاقتصادية هدفا كبيرا لنضالها. وتدرك تلك القوى أن تصفية استغلال أو إهمال " العالم الثالث " هو بنفس الوقت كفاح من أجل مصالحها في الحصول على تعليم وخدمات صحية ورفاهية أفضل. وأن النضال ضد الحرب هو أيضا كفاح من أجل تحررها من الاستغلال الأشد المصاحب لصعود ما يسمى بالليبرالية الجديدة.
3. التفسير التكنولوجي. يشير البعض إلى السياق الذي انبثقت فيه عملية النضال ضد العولمة كثورة كونية ذات أبعاد متعددة وخاصة البعد المعرفي والتكنولوجي الاتصالي.
في هذا الإطار قد يمكننا فهم نشوء المجتمع المدني العالمي وتبلوره أو نضوجه النسبي، كأحد تجليات الثورة التكنولوجية الراهنة، بما صاحبها من " فورة ثقافية " على المستوى الكوني. ويبدو أن العامل المحرك من وجهة النظر هذه هو سقوط "النماذج الأساسية الكبرى"، وبروز اهتمامات وتطلعات عالمية جديدة من ناحية ثانية.
وبوسعنا أن نرى في هذه النظرية صياغة مستحدثة لفكرة "القرية الكونية" رغم التباس هذا المفهوم. وتعبر تلك الفكرة أساسا عن الضمير أو الوعي الليبرالي الذي بشر مبكرا بالنتائج الإيجابية للثورة الاتصالية من خلال يوتوبيا القرية الكونية. فالفكرة لا تقول بسقوط القوميات أو نهاية المرحلة القومية، ولكنها ترى وعيا جديدا يخرج من " شرنقة " الدولة القومية، ويتطلع لأنماط من التواصل والانتماء عابر للحدود القومية، بل وللحدود المرسومة بين الثقافات. فكأن " القرية الكونية " تتجاوز المفهوم الاتصالي الذي يلغي المسافات ويعكس بروز مواطنية جديدة عالمية أو كونية. ومنعا للالتباس، لابد من الاشارة الى ان هذه " القرية العالمية " ليست " مدينة فاضلة " تضمن المساواة بين الجميع بل انها في واقع الحال تحتوي على كل التناقضات الفعلية السائدة على الصعيد العالمي، بما في ذلك حالة الاستقطاب المعولم الذي يرافقه تراكم الفقر من جهة وتراكم الثروة من جهة اخرى.
4. وقد نجد تعبيرا خاصا عن تلك الظاهرة نفسها في نظرية أخرى تتفرع عن " نبوءة ما بعد الحداثة ". فثورة الوعي ضد "النماذج الأساسية" قد تنتهي إلى اضمحلال أو على الأقل خفوت الدولة القومية كإطار للفعاليات والنشاطات الاجتماعية. ومن هنا تبرز فكرة " ما بعد الحداثة " القائلة بما بعد الدولة القومية. وتعكس تلك الفكرة أيضا الثورة على النمط الكلاسيكي للسياسة أو ظهور منظور "ما بعد السياسة". فالسياسة التقليدية ركزت على "التدافع" والتنافس والتحزب، وخاصة في النسق الديمقراطي الغربي. بينما الممارسة التي تميز الأجيال الحالية تركز على الحاجة للتكافل والعمل المشترك والتحالفات الكبيرة العابرة للحدود بين الأيديولوجيات.
5. ويمكننا أن نشرح نشوء وتطور المجتمع المدني العالمي باعتباره "تمددا عالميا" لحركات اجتماعية أو سياسية غربية المنشأ أكثر منها "تحالفا" حقيقيا بين قطاعات وحركات اجتماعية متعددة الجنسيات. فالعناصر الأساسية اللازمة لنضوج المجتمع المدني العالمي تحققت في المجتمعات الغربية أو الصناعية المتقدمة أكثر مما تحققت في الأفق الكوني بذاته. ولكن هذا الشرح لا ينطلق من مفهوم المصلحة فحسب، بل من مفهوم الرؤية بصورة أكبر.
لقد ثارت نضالات تاريخية كبرى انطلاقا من "رؤى" أكثر كثيرا من دافع المصلحة وخاصة إذا فهمنا هذا المصطلح الأخير من زاوية الطبقات وأنماط الإنتاج. فحركة السلام لم تكن تعبيرا عن مصالح طبقية أو اقتصادية مباشرة بل كانت تعبيرا عن رؤية مناهضة للحرب بذاتها ولما تسببه من آلام بشرية عميقة وواسعة النطاق. وكذا الامر بالنسبة لحركة حقوق الإنسان التي لم تكن تعبيرا عن دوافع طبقية أو سياسية مباشرة، بل كانت انعكاسا لالتزام فكري أو رؤية إنسانية عامة.



#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نرجسية المثقفين العرب
- العلمانية بين التضامن الاجتماعي و الواجبات تجاه الله
- دور الاشتراكية والشيوعية في تشكيل المدرسة العلمانية الفرنسية
- الإكليروس و العلمانية في النموذج الفرنسي للعلمانية
- اصبح الاسلام موضوع من لا موضوع له
- مفهوم العلمانية
- مفهوم المجتمع المدني العالمي
- رؤية هيجل للمجتمع المدني
- مفهوم المجتمع المدني
- العلمانية في الدساتير الفرنسية
- هل تغيرت العلاقة بين الدين والدولة في فرنسا ؟
- إشكاليات قانون العلمانية في فرنسا
- إدارة العلمانية في ألمانيا
- الولايات المتحدة : العلمانية والدين بين المجتمع و الدولة
- الثورة اليسارية في الاسلام
- المفاهيم المبهمة للعلمانية
- الجابري والاعراب نظرة ورأي
- موت النزعة الانسانية في العالم الاسلامي
- ابن خلدون ومكيافيلي في عيون الوردي
- من اسباب الخلاف بين الدين والسياسة


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رباح حسن الزيدان - المجتمع المدني العالمي : تعدد التفسيرات