أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الاسدي - عاهرة الجوع














المزيد.....

عاهرة الجوع


حيدر الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 3330 - 2011 / 4 / 8 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة ( عاهرة الجوع )




حيدر الاسدي




الساعة ألان الخامسة وخمسة دقائق ...الساعة هذه لا تكترث بالآدميين...فلا تطيل حياتها إلا بضع أسابيع تمرق كما يمرق الشهب فوق الرؤوس المترعة باللذة على السرائر الفضية ، راديو الجار الثمل على الطوال يصيح بأغاني قديمة تناسقاً مع قميصه الممزق الذي يظهر به من نافذته بعد كل رفع أذان المغرب من ذاك الجامع الذي يجاورهم ،فهو تعود ان يتلصص من شرفته المتهرئة على ( سناء) التي تربي جيشاً من عيال الله ، بعد أن فارقها زوجها الذي ترك أثره في حاويات النفايات بعد أن امتطى متعودا كنس الازبلة المنتشرة في أزقة المدينة حينذاك،ولم تكُ رائحة سكان ذاك الزقاق بأزكى من رائحة تلك النفايات المتعفنة التي تغطي مساحات شاسعة من الأفرع والمساحات الفارغة ،وقد دأبت سناء ان تخرج صباحا بعيداً عن أعين ذاك السكير بعيناه الغائرة التي تتربص بها الدوائر وثمة من اشترك معه بهذه الخصيصة وصاروا يرتادون شرفاتهم يوميا ويصحون باكرا من اجل مراقبة سناء أين تذهب؟ ومتى تجيء ؟ وصار هذا شغلهم الشاغل ودأبهم اليومي ..أحداهن تخاطب ذاك العجوز الثمل :

- أنها تحمل أكياس لابد أنها تعمل في ماخورات دعارة ؟!

يجيبها وقد التوت رقبته ليطالع بإمعان من شرفته على جارته البدينة التي اتهمت سناء للتو :

- أنها تعود ومعها أكياس ملونة ..لآبد إنها مومس . والا من أين لها كل تلك الأكياس التي تجيء بها ...وإلا لماذا تعود مبكراً ...! لابد أن نقرعها أيما تقريع ! .

والبدينة بثوبها الأحمر الفضفاض تكشر عن تجاعيد وجهها المحبب وهي تمد بجسدها من الباب الأمامي لتكلم جارتها التي افترشت باحة الدار وهي تخيط ثوبا وترقع ما فيه من عيوب

- اعتقد أنها متسولة وليس مومساً!

- ربما ..لأنها تحمل أكياس معها وهي عائدة يوميا وقت المغرب بينما تخرج متلصصة مع زقزقة العصافير باكراً قبل انسحاب خيوط الفجر حتى .

وإجابتهم جارة ثالثة :
- اعتقد أنها .......استغفر الله ....!

ليخرج لهم الثمل وقد طرق الباب وهو يتوسل طلبا ان تمنحه قدح شاي تلك التي تتربص بسناء على امتداد الأسابيع .

- اعتقد أنها تمارس الدعارة من اجل المال ؟ لابد ان نجتمع ونطردها من المدينة فوراً.

وثمة صوت ناعم خرج من فم فتاة لازالت يافعة في مشوار الحياة هذه ومفاوزها ومنغصاتها ،ابنة هذا الثمل أنها زهرة اقتطفت زورا من واقع قاهر ..

- حرام عليكم تتهمون المرأة باطلاً ...عندما قتل زوجها أمام أعينكم برصاص الأوباش لم يحرك أحدكم ساكناً ولم يكلف نفسه بزيارتها أو السؤال عن حالها ..فاتركوا المرأة تعمل ما تشاء .

- اسكتي أنتِ لا تتفلسفي علينا .أنها عار على مدينتنا !!

وبينما الجدال قد حمى وطيسه بين البدينة والبنت الناعمة والسكير بدا أنهم سيكيدون مكيدة
لتلك المرأة ...أنها فاسدة ..فاسقة ...امرأة هوى تبيع جسدها لمن هب ودب ..! فلا تستحق أن تعيش بوسط نظيف كوسطنا هذه أخر جملة خرجت من السكير قبل أن يفض هذا الاجتماع ما بين سكان الزقاق .وعندما بدأت الشمس تسحب نفسها من المدينة في اليوم التالي كان الجميع يرقب باب الدار لكي يروا خطوات سناء وهي تعود لبيتها ...انتظروا عشر دقائق قبل ان تباغتهم بخطوات متعثرة وكأنها تتلصص وهي عائدة كمن يتخطفها أخر ويركض ورائها لتهرع بقدمين متعثرتين لتطرق الباب على عجالة ..بينما راحت إقدامهم عجلى لكي توقفها عند حدها بعد أن حملوا معهم المصابيح وقد استفزتها البدينة بسؤال وبصوت جهوري أجش وهي تسخر منها :

- أنتِ...يا محترمة ..لقد كشفناك ...يا ساقطة عليك أن تغادري المدينة ألان وفي هذه الظلمة وإلا حطمنا البيت على راسك ورأس أطفالك !

أجابت سناء بصوت متلعثم خائف وجسدها يرتجف من أعلاه وحتى أسفله :

- انا...انا ..ماذا عملت ...لماذا؟

- لا تتظاهري بالطيبة فقد انكشف أمرك لنا جميعا وقررنا طردك من البيت بدلا من عقابك.فأنت صرتي تنغصي حياتنا..

- وما فعلت انا ؟

- أنت تمارسين الدعارة ونحن نخشى على بناتنا الشابات هنا فلا نريد لمدينتنا أن تعيش فيها امرأة مثلك تلوث عقول المراهقات وتجعل مهنتك مستساغة لديهن .

- انا لم أفعل ما تفوه به لسانك يا جارتي ؟!

- إذن ما هذه الأكياس ولماذا تتلصصين فجراً خارجة وتعودين بعد غياب الشمس ؟ ولماذا
تخفين الأكياس عناّ ولا تقولين ما هي مهنتك ووظيفتك التي تأخذك النهار كله من البيت بعيداً عن بناتك اللواتي فتحت عيونهم للتو على الحياة ؟

- يا جارتي : انا اخرج صباحا ابحث في نفايات الأغنياء عن ما تبقى من فضلاتهم من خبز لكي أبيعه واشتري ملابساً لبناتي الثلاث تغطي أجسادهن.. وما تبقى منه أعود به وجبة وحيدة لعيالي اليتامى بعد أن تخلى الجميع عني وتقطعت السبل بيّ في فترة ما بعد مقتل زوجي ...!



#حيدر_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليابان بلا كهرباء ولا برلمان ؟؟!!
- ما يجب ان يقال ...قبل ساعات من الانتخابات البرلمانية
- هل توافقوني الرأي (نحتاج وجوه جديدة تحت قبة البرلمان القادم ...
- هذيان خارج نطاق التغطية ( عندما يتكلم الصمت)
- أنقذوا أطفال العراق يا (.........)
- حوار مع الاديب الدكتور محمد طالب الاسدي
- الاتفاقية الأمنية في الميزان
- المسامحة والمصالحة
- ساسة العراق تجمعوا في البصرة قبل أيام من الانتخابات!! لماذا ...
- أعطني صوتك ... أمنحك النجاح
- لماذا العزوف عن الانتخابات القادمة ؟!
- الاتفاقية الأمنية وجروح العراق المتلاطمة
- بوش أوباما يفوز بالانتخابات الأمريكية !!!
- البصرة سلة خبز العراق ...ولكن
- الصُحف تاريخ كبير وواقع مرير
- أعمال شاقة لا تليق بشقائق الرجال وقوارير العراق
- أرجوحة مايا
- الشعب العراقي يراقب الانتخابات القادمة ؟؟ !!
- رسالة إلى أمرآة مقدسة ...
- ثقافة العنف عند الاطفال


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الاسدي - عاهرة الجوع