منفيون من جنة الشيطان/6

وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3315 - 2011 / 3 / 24 - 21:01
المحور: الادب والفن
    

منفيون من جنة الشيطان/6

وَإذ أُنزِلا إليها خاسِئينَ
وَضَعَتْ حَوّاءُ مَولودَها الأوّلَ
فكانَ أسْوَدَ
ثمّ حَبُلَتْ وَوَضَعَتِ الثاني
فكانَتْ فتاةً شَقراءَ
ثمَّ حَبُلَتْ وَوَضَعَتِ الثالثَ
فكانَ غلاماً أبيَضَ
وَحَبُلَتْ وَوَضَعَتِ الرّابعَ
فكانَتْ فتاةً زنجيّةً سَاحِرَةً
ثمّ حَبُلَتْ وَأنجَبَتْ وَحَبُلَتْ وَأنجبَتْ
وَحَبُلَتْ وَأنجبَتْ
حتّى كانَ خَلْقٌ كثيرٌ
يَلعبًونَ في الوديانِ وَالسّهولِ
حتّى كانَ يومٌ
رَأى الأبيَضُ أخاهُ الأسْوَدَ
يمتصُّ شيْئاً من ريقِ الشّقراءِ
فأنشَبَتْ الغَيْرَةُ أظفارَها في فؤادِهِ
فألقى عَليهَ صَخْرَةً قتلتْهُ في الحَالِ..
وَبِصَرْفِ النّظَرِ عن بقيّةِ القِصّةِ
وَتأويلاتها..
كانَ ذلِكَ هُو اليومُ العَالمي
لِولادَةِ النَازيّةِ
وَسلطةِ الألوانِ في مسْرَحيّةِ التراتبِ الجنْسي
ترجيعاً عَلى مُناظَرَةِ إبليس
مَعَ ربّ العَالمينَ
مُدّعياً الأفْضَليّةَ
خَلَقتَهُ من طينٍ خاسِئ
وَخَلَقْتَني من مَارجٍ مِنْ نارٍ
ثمّ تأمرُني بِالسّجودِ لَهُ
قالَ إذهبْ فأنكَ مِنَ الخاسِئينَ..
(..بقيّةُ القِصّةِ)
وَلمْ يكُنِ الأمرُ هيّناً
عَلَى طاووسِ الملائِكةِ
إذ توعّدَ آدمَ قائِلاً
لأغْويَنَّ نسْلَهُ أجمعَين!
..لمْ يجتهِدْ عُلَماءُ الأنثربولوجي
وَفلاسِفَةُ اللاّهوتِ
لِدِراسَةِ مَدى قدُراتِ الطّاووسِ
أو التوقفِ لَدى تهْديدِ
ذلكَ الكلامُ الذي قابَلَ بِهِ رَبّهُ
فَنَظَرَ إليهِ
وَمَعروفٌ مِنَ القِصّةِ
أنّ ابليسَ مَنْ أغْوى حَوّاءَ
لِقَضْمِ التفّاحَةِ وَتقديمها لآدَمَ
لكنَّ غيرَ المعْروفِ
إذا كانَ ابليسُ
قدْ وَضَعَ لُعابَهُ في التفّاحَةِ أم لا
كمَا يفعَلُ بَعضُ الدّراويشِ هَذِهِ الأيّامَ
وَهَكذا
نَجَحَ في حطّ مَكانةِ آدمَ
في عَينِ الرّبّ
وَاجْتمعَ الإنسُ وَالجنُّ
عَلَى الأدَمِ
وَمَا يزالُ الصّراعُ مُسْتمرّاً
مُمثلاً في الخيرِ وَالشّرّ
حتّى صِراعُ قابيلَ وَهابيلَ
ليسَ بمنأى عن يَدِ الشيطانِ..
وَلا الحبّ وَالغَيرةُ وَالبَغضُ
وَأدّعاءُ الأفضليّاتِ
تلكَ العلّةُ الماحِقةُ التي
تهرُسُ كِيانَ الانسْانِ وَوُجودَهُ
هَذِهِ الثنائيّةُ الجدَليّةُ
وَالدّيالكتيكُ التّاريخي
وَتناظرُ الظلِّ وَالضّوءِ
عَلَى لَوحَةِ الطبيعةِ
الحياةُ والموتُ
الانسَانُ وَالحيوانُ
البرُّ وَالبَحْرُ
الأرْضُ وَالسّمَاءِ
الطّولُ وَالعَرْضُ
الحبّ وَالكرْهُ
الشّحَةُ وَالوِفرَةُ
المركزيّةُ الغربيّةُ
وَنظريّةُ التفوّقِ الدّارْونيّةُ
نيتشه وهتلر
المسيحُ وَنابليون
اسحاقُ وَاسماعيلُ
ابراهيمُ وَالعِراقُ
سَارَةُ وَهَاجَرُ
اليَهودِيّةُ وَالاسْلامُ
العُرْبَانُ وَالعِبرانُ
البَحْرُ الأبيَضُ وَالبَحْرُ الأسْوَدُ
البَحْرُ الأحمرُ وَالبَحْرُ العَرَبيُّ
المحيطُ الهِنْديّ وَالمحيطُ الأتلانتك
الرّجُلُ وَالمرْأةُ
العَقْلُ وَالقلْبُ
الرّوحُ وَالجّسَدُ
الانسَانُ وَالذّاتُ
الرّغبةُ وَالحَاجةُ
الأخلاقُ وَالواقعُ
المجتمَعُ وَالدّوْلةُ
الفلاسِفةُ وَالعَسْكَرُ
التجّارُ وَرِجالُ الدّينِ
و.. و..
..و..و…..
الخ..
وهَكَذا وَصَلَتْ إلينا
طاحُونةً عَمْيَاءَ!!

#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل