أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بودريس درهمان - الرعب الأبيض و عملية التشبيك الاجتماعي














المزيد.....

الرعب الأبيض و عملية التشبيك الاجتماعي


بودريس درهمان

الحوار المتمدن-العدد: 3304 - 2011 / 3 / 13 - 16:39
المحور: حقوق الانسان
    


الرعب الأبيض في معناه التقني الإجرائي حسب الخبراء الدوليون المدافعون عن قيم و مبادئ حقوق الإنسان يتحدد في الحالة التي يمنع فيها السجان بأوامر من مرؤوسيه احد المعتقلين من الكلام و التواصل مع الآخرين لمدد طويلة من الزمن إلى أن يفقد المعتقل قدراته العقلية و يصاب بالهلوسة و الجنون. الرعب الأبيض هو بالضبط هذه الحالة من الهلوسة و الجنون التي يعيشها المعتقل بداخل الزنزانة.
فقط هؤلاء الخبراء الدوليون المدافعون عن قيم و مبادئ حقوق الإنسان لم يتخيلوا يوما أن هذه الحالة المجسدة في حرمان المعتقلين من الحديث و التواصل مع الآخرين قد تمتد إلى الناس العزل بداخل المجتمع و بداخل الحياة العامة. بل أكثر من ذلك هذه الحالة قد تمس حتى الجماعات البشرية و في بعض الأحيان المجتمع برمته. هكذا ففي لحظة من اللحظات يتحول المسئولون بداخل الدولة إلى سجانون و المواطنون إلى معتقلون بداخل الفضاء الرحب للحياة العامة.
الثورات الحالية التي تنتشر كبقعة الزيت على الصفحات البيضاء بداخل منطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط سببها الرئيسي كذلك هو انقلاب الرعب الأبيض على ممارسيه.
الرعب الأبيض الذي يمارس على بعض المعتقلين يدفع في لحظة من اللحظات باقي المعتقلين الآخرين إلى التضامن و إلى استنكار الوضع الغير إنساني و هذا ما حدث في منطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط؛ فلما انتفض المواطنون التونسيون على جلاديهم الذين كانوا يحرمونهم من الكلام و من المعتقد قال المصريون و الليبيون و اليمنيون و غيرهم لماذا نحن كذلك لا نثور في وجه جلادينا و نتفادى العيش في حالة الرعب الدائمة.
الرعب الأبيض المحدد دوليا في حرمان المعتقلين من التواصل و الكلام و الذي من الممكن أن يمس الأفراد و الجماعات بل حتى الشعوب بكاملها يتم تحقيقه بواسطة التشبيك المكثف للأخبار الكاذبة و المعطيات الزائفة إلى أن تتحول هذه المعطيات و هذه الأخبار إلى حقائق يعتقد فيها الجميع و يدافع عنها الجميع.
التشبيك المكثف هي تقنية سوسيو إعلامية من أجل التواصل ومن أجل حماية المجتمع من القوى الظلامية. التشبيك المكثف هو في الأصل انجاز من انجازات سوسيولوجيا الجماعات بواسطته يتم تحديد نوعية البناء الذهني للمجتمع و بواسطته يتم تحديد كذلك طبيعة التواصل العاطفي الوجداني بين كل أفراد المجتمع.
خبراء الإعلام و التواصل بالإضافة إلى علماء علوم الأعصاب و غيرهم، هم من كانوا وراء تأسيس هذا الفرع من السوسيولوجيا المدعو بسوسيولوجيا الجماعات غير أن غايات و أهداف هؤلاء الخبراء جد نبيلة و كانت تسعى إلى خدمة الفرد و الجماعات و المجتمع و من أفكار هؤلاء انبثق ما يسمى حاليا بداخل فضاءات الانترنيت بالمواقع الاجتماعية الافتراضية التي ساهمت منذ عشرين سنة تقريبا في تواصل و تفاهم المجتمعات.
المجتمعات التي تؤمن بالديمقراطية و حقوق الإنسان و ظفت التشبيك الاجتماعي المكثف من اجل مساعدة المواطنين على التواصل و التفاهم في ما بينهم، أما بداخل الدول التي يتم فيها توظيف العلم و المعرفة من أجل توطيد دعائم الرعب الأبيض فقد قامت بتوظيف عملية التشبيك الاجتماعي من أجل استعباد المواطنين عن طريق الاعتقاد في القضايا و الأخبار الزائفة. هذه الدول هي التي تعيش حاليا ثورات مكثفة لأن غايات العلم و المعرفة هي إسعاد المواطنين و ليس عزلهم و إقصائهم إلى أن يفقدوا قدراتهم العقلية و يصابون بالذهان و بالوسواس القهري.
الرعب الأبيض الذي يمارسونه في البداية على أشخاص محدودين و فئات محدودة من أبناء الشعب مع بروز الحقائق الاجتماعية و انتشارها و مع بروز الأزمات الاقتصادية و السياسية، ينتهون في الأخير إلى فرض الرعب الأبيض على كل المجتمع و مع المدة يكتشف المجتمع هذا الرعب الأبيض فيضيق بهم درعا و يفجر الثورات.
الرعب الأبيض هو نوع من التعتيم الكلي و نوع من الدرع الإعلامي و السياسي المزيف و نوع من النشاط الاقتصادي الريعي المزور الذي يدور في حلقات مفرغة إلى أن يصاب بالكساد و الانهيار كما حصل للاقتصاد الأمريكي قبيل مجيء الرئيس أوباما و كما حصل كذلك للاقتصاد التونسي بفعل تبني نظام من المضاربات المافيوزية و صلت مؤثراته إلى كل دول المنطقة بما فيها المملكة المغربية و الجمهورية الجزائرية.
عملية التشبيك الاجتماعي بداخل الدول التي تؤمن بقيم الديمقراطية و حقوق الإنسان هي دمغنة céphalisation المجتمعات حسب قيم و مبادئ حقوق الإنسان، أما عملية التشبيك الاجتماعي بداخل الدول التي تتحايل على قيم الديمقراطية و حقوق الإنسان فهي دمغنة المجتمع وفق آلية الإحساس الدائم بمؤثرات الرعب الأبيض الذي يجعل المواطنين يخافون من تناول قضايا بعينها و يدلون بتصريحات يعون جيدا أنها ليست التصريحات التي يودون الفصح عنها. يحدث هذا الإحساس بالرعب الأبيض الداخلي المستبطن لأبسط مواطن كما يحدث كذلك لأكبر سياسي و أكبر مناضل يسعى إلى تحرير المجتمع؛ لأن الرعب الأبيض أكبر مما يتصور و لهذا السبب كانت ردود الأفعال الثورية كذلك أكبر مما يتصور و قد تجسدت أفظع تجلياتها بداخل دول شمال إفريقيا في إقدام مواطنين عزل محرومين من أي حماية قانونية أو رعاية اجتماعية على إحراق ذواتهم.
الرعب الأبيض هو رعب الإنسان لأخيه الإنسان تماما كما اعتقد بذلك الفيلسوف الانجليزي طوماس هوبز خلال القرن السادس عشر حينما قال: "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان". أما الرعب الأسود فهو الزلازل و الفيضانات و انتشار الأمراض و الفقر.



#بودريس_درهمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاتيح الثورات توجد في ثنايا التاريخ
- أجيال الخيبة، جيل الثورة و النظام الإقليمي الجديد
- الجامعة العربية و روح و عقل الشعوب
- خطة الرئيس أوباما للتغيير
- بلطجية التاريخ انتهوا
- مفهوم التجديد و مفهوم الابتكار
- ثورة البرونيتاريا
- في النظام الجزائري الحالي لا قضية تعلوا على قضية الصحراء.
- دكتاتورية الشفافية
- الكبرياء و التاريخ:رسالة أيمن نور، خطاب أوباما و موقع ويكيلي ...
- الإعلام الجزائري و قضية الصحراء
- الأراجيز و التاريخ
- العلوم العصبية و نظرية الازدواجية الوظيفية
- محاربي تندوف هم بصدد التحول إلى محاربي التنظيم الإسلامي العا ...
- العقل الإجرائي و نظرية التعتيم الكلي
- الصحراء، أسطورة الإطار و فشل صراع الأضداد
- التسريبات الويكيليكسية
- اليمين الاسباني و اتفاقية مدريد
- قرار البرلمان الأوروبي قوي اللهجة
- مخيم اكديم ازيك و التحديات الأربع


المزيد.....




- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بودريس درهمان - الرعب الأبيض و عملية التشبيك الاجتماعي