أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - ثورة النيبال: نصر عظيم أَم خطر عظيم!(من كتاب - الثورة الماوية فى النيبال و صراع الخطين صلب الحركة الأممية الثورية-)















المزيد.....



ثورة النيبال: نصر عظيم أَم خطر عظيم!(من كتاب - الثورة الماوية فى النيبال و صراع الخطين صلب الحركة الأممية الثورية-)


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3294 - 2011 / 3 / 3 - 15:34
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ثورة النيبال: نصر عظيم أَم خطر عظيم!
(الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي-اللينيني-الماوي)،" حقيقات " عدد 40 - 30 ماي 2008)
فصل من كتاب " الثورة الماوية فى النيبال و صراع الخطين صلب الحركة الأممية الثورية"
=================================================
النصر الأخير للحزب الشيوعي للنيبال (ماوي) في إنتخابِ الجمعية التأسيسيةَ وإعلان إنهاء الحكم الملكي بعمر 240 سنةً ، في جلسة جمعيته التأسيسيةِ الأولِ (28 ماي 2008)، وبداية "جمهورية النيبال الفيدرالية " مرةً أخرى شدّ الإنتباه إلى التَطَوّراتِ في هذه البلادِ. فسيطرت الغبطةُ على العديد مِن الثوريين والقوى التقدميةِ فى العالم وأرسلت العديد مِن الأحزاب اليسارية من حَولِ العَالَمِ رسائلَ التهاني إلى الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) لهذا النصرِ الإنتخابيِ.
من النظرة الأولى، هذه الغبطةِ مفهومةُ. فالكثير سعداء لأن راية الشيوعية رفعت كسلطة مرةً أخرى في القرنِ الجديدِ. إنهم يَشْعرونَ بأن نصر الماويين النيباليين وجّه الأفكار مجدّدا إلى الشيوعيةِ كبديل. لكن السؤالَ هو ما مدى تبرير هذه الغبطةِ وما هي قاعدتها الموضوعية؟ وهل أنه بوسعنا قول إن مستقبل الثورةِ في النيبال على هذا الطريقِ مستقبل وضاء؟
بالطبع سقوط الحكم الملكي في النيبال وإلغائه كقاعدة للهندوسيةِ من خلال كفاحِ العُمّالِ والفلاحين فى النيبال بقيادةِ الماويين، نصر و حدث سعيد. لكن تحوّل النيبال إلى "جمهورية" لا يحلّ التناقضاتَ الطبقية الأساسيةِ التى إستهدفت حربَ الشعب معالجتها.
لم يعلن حزبنا إبتهاجا بهذا النجاحِ الإنتخابيِ. و أثارت هذه المقاربة الكثير مِنْ الأسئلةَ في عقولِ الناسِ، بإعتبار كون حزبِنا، سويّة مع الحركةِ الأممية الثوريةِ وكُلّ أحزابها ومنظماتها، كَانَ مؤيدا قويا لحربِ الشعب في النيبال. و يعزى هذا خصوصاً لأنه إثر حركة أفريل الشعبية في النيبال (2006) وتطور قوّةِ حربِ الشعب، متجهة مِن الريفِ إلى المُدنِ، تَوقّعت إفتتاحية "حقيقات" (30 - أكتوبر 2006) نصرَا ممكنا لثورةِ النيبال و أفق تركيز دولة إشتراكية هناك. و بالرغم من أن ذلك العدد من "حقيقات" أشار بشكل صحيح إلى المشاكلِ الموضوعيةِ التي كَانت في طريقِ هذه الثورةِ وإلى وجودِ بَعْض التشويشِ في التفكير الإستراتيجي للحزب الشيوعي النيبالى (الماوي) يَتعلّقُ بمميزّاتِ دكتاتوريةِ البروليتاريا – إنطلاقا من الدروس الإيجابيةَ والسلبيةَ لأعظم تجربتين فى القرنِ العشرونِ، التجربتين الروسية والصينية- بثّت الإفتتاحية (وعنوانها بشكل خاص) الوهمَ بأن الماويين النيباليينِ كَانوا سيَستولونَ على السلطةِ عبرالبلادِ قريباً. و بيّن سير الأحداثُ أن ذلك تنبؤ غير ناضج وأحادي الجانب. عملياً، واجهت الثورةَ النيباليةَ مشاكلا حادّة ومعقّدةَ جداً وتوقفت عمليةَ سيرورة إفتكاك السلطة .
ما يَجِبُ التأكيد عليه هو أنّ الثورةَ في النيبال ملك لبروليتاريى و شعوب العالم. و على الحركة الشيوعية العالمية و بوجه خاص الأحزاب الماوية ، بينما تتَعَلّم مِنْ تلك الثورةِ و تبتهج لإنتصاراتها ، أن تفتح عيونَها وتَرى العوائق السياسيةَ والإيديولوجيةَ الخطرةَ في طريقِها وأن تنهض بالدوراللازم بهذا الخصوص. وقد أدلى حزبُنا بدلوه فى هذه المهمّةِ إلى الآن وسيفعل أكثرَ. فأيّ نوع من اللامبالاةِ وقلةِ تفحص الغطاءِ اليساريِ (لكن ذى الطبيعةِ اليمينيةِ العميقةِ) يشبه الدَعوة إلى "ثورة أخرى" أَو بالأمنياتِ يُؤكّدُ بِسذاجة" خبرةِ الحزب الشيوعي النيبالى التكتيكية في القيام بالتحليل الملموس للواقع الملموس " يعنى الإنحراف عن المهام الأممية ، و إتخاذ موقف لامبالاة تجاه الدفاع عن مكاسب الثورةِ الأكثر أهميةً في بداية القرنِ الواحد والعشرينِ، وعدم قدرة على موَاجَهَة المشاكلِ الحقيقيةِ التي تواجهها الثوراتِ البروليتارية فى الوقت الراهن .
---------------
إنه لمن الواضح أن نصرِ الماويين في الجمعية التأسيسيةِ والتَحَوُّل إلى الحزب الحاكم في الحكومةِ لَيسَ مساويا لإفتكاك السلطة السياسيةِ. فمشاركة الشيوعيين النيباليينِ في النظامِ لا يعنى ولادةَ دولة ثورية جديدة. مشاركتهم فى دولة إقطاعية كمبرادورية لا يحوّل تلك الدولة إلى دولة ثورية بقيادة البروليتاريا. إنّ الإختلافَ بين الدولة والحكومةِ أحد أهمّ العناصرِ الأساسيةِ لنظريةِ الدولة والثورةِ في علم الماركسيةِ الثوري. إن الدولة أداة هيمنة سياسية و إقتصادية و إجتماعية لطبقة على طبقة أخرى. والحكومة شكل يمكن أن تتخذه أيّة دولة في إطارالظروف السياسيةِ التاريخيةِ المختلفةِ. وعلى سبيل المثال، حكومات الطبقة البرجوازية الحاكمةِ يُمْكِنُ أَنْ تَأْخذَ أشكالا مثل الجمهوريةِ البرجوازيةِ،الحكم الملكي، أَو أنظمة تيوقراطية فاشية (مثلما هو الحال في إيران ). و كذلك يُمْكِنُ للدول البروليتارية أَنْ تَأْخذَ أشكالَ الجمهورية الديمقراطية الشعبيةِ أَو الجمهوريةِ الإشتراكيةِ السوفيتيةِ أَو الأشكال الفيدرالية. و تغيير شكل نظام حكم إلى آخر لا يَعْنىَ تغييرَ نظام الدولة. من الناحية التاريخية، رَأينَا حالات عديدة جرى خلالها تغييرأنظمةَ (أَو حكومات) دون تغيّر الطبيعة الطبقية للدولة مطلقاً. في ثورةِ 1979 بإيران، تمّ إسقاط نظام الشاه دون تحطيم حكم الطبقات الرأسمالية الكمبرادورية والإقطاعية. فقد جرت الإطاحة بنظام الشاهِ دون تركيز دولة الطبقة العاملة وحلفائها من الشغالين و الكادحين الآخرين. فقط بواسطة إمتِلاك هذا النوعِ مِن الدولة من الممكن إعادة تنظيم المجتمعِ على أساس ثقافي وإجتماعي وإقتصادي جديدة كلّياً. ونظام الدولة الذي إعتمدَ عليه نظام الشاه (بالملموس الجيش، والنظام الأمني وأجهزته، السجون، و المحاكم، والعلاقات الدولية، الخ. ) لَمْ يقع فقط تحطيمه و إنما أعيد تنظيمه كجزء من سيرورة تعزيز نظام حكم ديني رجعيِ. والنظام الجديد ما كَانَ سلطة سياسية جديدة، و إنما في الحقيقة، برمزه الديني، أصبحَ أكثر رجعية و أكثرَ كفاءة مِن ذى قبل في قَمْع أغلبيةِ المُضطهَدينِ فى إيران وقمع النِساء بشكل خاص. لم يقع المسّ من الأساس الإقتصادي - الإجتماعي للدولة و أيضاً بسبب آمالِ الناسِ حول "الثورةِ"، نجى مِن هجماتِهم الغاضبةِ وبهذه الطريقة كسب وقتا لإعادة بناء وتوطيد نفسه. وتبعيته العميقة للرأسماليةِ الإمبريالية التي شكّلت الدولة الإيرانية لم تبق فحسب سليمةُ بل أخفيت عن عيونِ الجماهيرِ بغطاء "الإستقلالِ". إنّ سببَ تشديدنا على هذه التجربةِ هوأَنْ نُشيرَ إلى أنّ تَغْيير حكومة لا يَجِبُ أَنْ يخلط مع تغييرِ طابع و طبيعةِ الدول. لِهذا على الدوام عرّف الشيوعيون نصرَ ثورة ب "التَحْطيم الكامل للدولة".وفي النيبال، لم تولد بعدُ دولة ثورية جديدة من تَحْطيم الدولة القديمةِ.
في 2006 ، وقّعَ الحزب الشيوعي للنيبال إتفاقيةً سُمّيت "إتّفاقية سلام شامل" مع الأحزاب البرلمانيةِ فى تلك البلادِ. و كان هدف هذه الإتفاقيةِ تركيز السلامِ والشروع فى عملية سلمية لتَأسيس الجمعية التأسيسيةِ وتشكيل جمهورية برجوازية قائمة على إنتخابات تشارك فيها أحزاب عديدة و من بينها الحزب الماوي. وأعلنَ الماويون بأنّ حربِ الشعب إنتهتْ وبأن جيش التحرير الشعبي وُضِعَ فى معسكراتِ تحت مراقبة الأُمم المتّحدةِ.
في ذلك الوقت، كَتبت اللجنة المركزية لحزبِنا رسالة خاصّة إلى الحزب الشوعي النيبالي ( الماوي ) تَنتقدُ بجدية وتُحذّرَ من هذه السياسةِ بينما تُشيرُ للحقائقَ التي كَانت ولدت من التجاربِ المرّةِ والداميةِ مِن نضلات بروليتاريا شعوب العالمِ ، بما فيها تجربةِ ثورةِ 1979 في إيران. (2). في معارضةِ لتكتيك الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) المستند على " إتّفاقيةِ السلام الشامل" حذّرت قيادتنا من خطر أن :
"… تكتيك حزبكم هذا يُمْكِنُ أَنْ يعيد الحياة لأعداء الثورةِ ويُساعدُهم على العودة بإستراتيجية ذكية لبناء دولة حيوية وفعاّلة. لا تَنْسِوا أنّ واحد من أهم أسبابِ قدرة حرب الشعب على الإنتشار بسرعة كان عدمِ إستقرار هذه الدولة و تفككها."
"… لم تستطع التحالفات الطبقية الرجعية اللاشعبية التي حَدثت في النيبال منذ 1990 فى شكل ديمقراطيةِ برلمانيةِ، لم تستطع أَنْ تعزّز الدولة بحكم التناقضاتِ المتأصّلةِ فى تلك التحالفِات ولدرجة أكبر بفعل حربِ الشعب. والآن، يُحاولونَ أَن يُنفّذوا سيرورة التعزيزِ من خلال، من ناحية، إبعاد الملكَ وإبعاد حرب الشعب، من الناحية الأخرى. وإذا نجحوا فى هذا فإن النتيجةِ سَتَكُونُ دولة جمهوريةِ إقطاعية كمبرادورية. و يُمْكِنُ أَنْ تشهد هذه السيرورة الكثير مِن التقلباتِ، بما أنه يَجِبُ عليهم أَنْ يُقنعوا الملكَ و يَجِبُ عليهم أَنْ يَرضوا تيارات مثل "الحزب الشيوعي النيبالي الموحد (الماركسي –اللينيني ) (الحزب التحريفي العامل ضمن النظامِ)، أَو طرده الخ. لكن، الشيء الرئيسي في القضية بأسرها هو دفع الماويين إلى هذه السيرورة و تجنيد مساعدتهم في تَطبيقها." (2)
وحذّرت تلك الرسالةِ أيضاً من الأهدافِ التي تريد تحقيقها الأحزاب الحاكمةِ في النيبال والهند من خلال تَوْقيع هذه الإتفاقيةِ:
"هدفهم إستبعاد كلّ من الملك و السلطة الشعبية الثورية التى تشكلت عبرعقد الحربِ الشعب في مناطق الإرتكاز؛ و إعادة تنظيمِ الدولة القديمةَ كجمهورية إقطاعية كمبرادورية و محورِها حزبِ المؤتمر (الحزب الحاكم الموالى للهند) والماويون- بالطبع إذا تحوّل الماويون مِن حزب يخوض حربَ الشعب إلى حزب سياسي ضمن النظامِ "" (2)
تَسْألُ رسالةُ اللجنةِ المركزيةِ قيادةِ الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ):
"هَلْ يستحيل عليها (الطبقات الحاكمة للنيبال والهند والإمبريالية الأمريكية) تحقيق هذا؟ لا! بالطبع من المحتمل أن يقاوم الملكُ و جزء من الإقطاعيين و الكمبرادوريين الذين يمثلون قاعدةَ الملكِ بالإضافة إلى الجنرالاتِ العسكريينِ النيباليينِ هذه الخطةِ. لكن، حتى في مثالِ إيران في 1979 رَأينَا أنّ الجنرالاتَ الأمريكانَ أقنعوا جنرالاتَ الجيش الإيرانيينَ لتَرْك الشاهِ يَذْهبُ ويَأْخذُوا جانبَ خميني. في النيبال من المحتمل أيضاً أن يترك الجنرالاتُ النيباليونُ الملكَ يَذْهبُ ويَأْخذواُ جانبَ حزبِ المؤتمر." (2)
ثمّ تثيرالرسالة سؤالاً آخر:
"هَلْ يستحيل عليها السماح للماويين بالإنظمام إلى هيكل دولة جديد لَهُ شكل الجمهوريةِ لكن محتوى دكتاتوريةِ الطبقة البرجوازية الكمبرادورية ؟ "
"نحن مدركون أن الدولة الهندية وجزءَا من الطبقات الإقطاعية و الكمبرادورية النيبالية الذين يمثّلهم حزب المؤتمر يَعتقدانِ بأنّ هناك فرصة جيدة لتحقيق ذلك. نَعْرفُ بأنّ الطبقات الحاكمةَ للهند قامت بهذا قبل ذلك في الهند وهي مدركة للقوةِ السحريةِ لكَسْب الشيوعيين السابقينِ إلى هيكلِ الدولة وبذلك يُمْكِنُ أَنْ يَعطوا حياة جديدة إلى الدولة القديمةِ. خلال تاريخِ حكمها، إستطاعت الطبقات الحاكمة للهند أَنْ تُعيدُ تنظيم دولتها وتُجدّدُها من خلال كَسْب الشيوعيين السابقينِ وجزءِ من ممثلي حركاتِ المُضطهدينِ إلى دولتها القائمة. بهذا، إستطاعت التحوّل مِنْ دكتاتوريةِ غير كفأة وغير مستقرةِ إلى دكتاتورية رجعية فعالة أكثر ضدّ الجماهيرِ. والدور الخانق للأحزاب "الشيوعيةِ" المُخْتَلِفةِ في الهند في تَسكين الإندفاع وتمرّد الجماهيرِ ما كَانَ أقل مِنْ الدورِ التدميريِ للدينِ والعناصرِ الإيديولوجيةِ الأخرى للطبقات الرجعيةِ. فالطبقات الرجعية الهندية خبيرة في تحويل الشيوعيين مِنْ خصومِ قدامى إلى شركاءِ حاليينِ. والآن هم يسعون للقيام بالشيئ نفسه في النيبال."
و تقول الرسالة، بعد تَحليل الخطةِ الإستراتيجيةِ للعدو في تَوْقيع إتّفاقيةِ السلام الشاملِ مَع الماويين:
"هذه الخطةِ الإستراتيجيةِ تقوم على نجاح جزئين متكاملين من التكتيك. أولا، تحويل هذا النظامِ الإقطاعي الكمبرادوري المؤقت إلى نظام دائم بعد إنتخاباتِ الجمعية التأسيسيةَ. ثانيا، فصل ماويي النيبال عنْ الثوريين في الهند وحول العالمِ."
وتُصرّحُ الرسالة بشكل واضح بأنّ، "إستعمال الطبقات الحاكمة لمثل هذه الإستراتيجيةِ ليس بالشيئ الجديد. و لقد سَمّاه لينين "حلّ دستوري" من قبل الدولة القديمة لنهاياتها المسدودةِ وأزمةِ شرعيتهاِ." (2)
لا تُغيّرُ مشاركة الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) في الحكومةِ المؤقتةِ للنيبال الطبيعة الطبقية الإقطاعية الكمبرادورية لتلك الدولة. وبالإلغاءِ القانونيِ للنظام الملكيِ وإعلانِ الجمهوريةِ، لَنْ تَتغيّرَ طبيعة تلك الدولة. فأي تغيير في شكلِ الحكومةِ لا يعنى تحطيم دولة الطبقات الإقطاعية الكمبرادورية والقطع مع السيطرة الإمبريالية. هذه حقيقة عادة يجب على قيادة الحزبِ الماويِ أَنْ تَعْرفَها وعليها أَنْ تُعلمَ بها صفوف الحزب والجماهيرِ الثوريةِ والمُضطهَدةِ فى النيبال.
حتى إذا صادقت الجمعية التأسيسيةِ على بَعْض "الحقوقِ" الإقتصاديةِ والإجتماعيةِ والسياسيةِ للعُمّالِ و الفلاحين والنِساء والقوميات المُضطهَدة وعَيّنتهم كسادة المجتمعِ، طالما أن قلب الدولة الرجعيةِ - وبمعنى آخر الجيش الرجعي - بَقى سليماَ، فإن المعنى الحقيقي لهذه القوانينِ سَيكُونُ نشر الوهمِ بين الجماهيرِ والإلتفاف على الحقوقَ الحقيقيةَ التي كَسبتها خلال حربِ الشعب. وطالما أن الجيش في أيدي الطبقات المستغِلة ووسائلَ الإنتاج الرئيسيةَ تحت ملكيتِها وسيطرتِها، فإن وعودا دستورية حول حِماية مصلحة الشعب عديمة الأساس. إنّ دورَ الدستورِ في الجمهورياتِ البرجوازيةِ هو بالضبط أَنْ يضْمنَ ويخْدمَ أسس الإستغلالِ الإقتصاديِ. و حتى في أكثر الجمهورياتِ البرجوازيةِ ديمقراطيةِ، حقوق الناسَ منحصرة في هذا الإطارِ. وإذا صارت الوعود المقدمة للشعب فى تناقضِ مع الهدفِ الجوهري فإنه سيداس بسهولة.
بشكل واضح، أطلقَ شيوعيو النيبال حرب الشعب لإنجاز المهمة العالمية لكل الثورات البروليتارية أي "تحطيم آلة الدولة " و إفتكاك السلطة. و طبّقوا هذا الخَطِّ لعقد من الزمن. لكن اليوم، نظرا للصعوباتَ التي طرأت في الطّريق، يَعتقدونَ بأنّهم يُمْكِنُ أَنْ يبلغوا هدفَ إرساء دولة ثورية عبر الطريق السلمي. لكن هذا مستحيل! تاريخيا لم تفتكّ أية طبقة السلطة السياسية بطريقة سلمية. وكذلك القوَّةِ الكبيرة التى كُسِبتْ لم تكسب إلا فى خضم عقد مِنْ حربِ الشعب التى خاضها العُمّالِ والفلاحون فى النيبال بقيادة الماويين. و القوَّةِ الكبيرة لَمْ تظهر من خلال المقاعدِ التى كسبت فى الجمعية التأسيسيةَ لكن أساسا من خلال التغييرات الثورية السياسيةِ منها والإقتصاديةِ التي أُنجزتْ أثناء عشْر سَنَواتِ مِنْ الكفاح المسلّحِ. لكن هذه القوَّةِ، بدون تحقيق السَيْطَرَةعلى البلادِ بأسرها، غير مستقرُّة ويحدق بها خطر فقدانها إلى الأبد. إنّ السؤالَ المركزيَ، هل أن المُشَارَكَة في الدولة ومحَاوَلَة تَغييرها مِنْ الداخل سيعززالقوَّة السياسيةُ والإقتصاديةة للعُمّالِ والفلاحين فى النيبال، أَم سَيُؤدّي إلى إبادتها الكاملة؟ هَلْ ستُستعمل عشْر سَنَواتِ مِنْ حربِ الشعب لتحسين أداء الدولة الرجعيةِ أَم لتحطيمها؟ إذا كانت النتيجةِ تأسيس جمهورية برجوازية، فإن تضحيات الجماهيرِ سَتستعمل لتحسين أداء الدولة وتحديثَ وسائلِ إضطِهاد الجماهير و ليس تركيز مجتمع جديد له سلطة سياسية جديدة و إقتصاد جديد و علاقات إجتماعية جديدة و ثقافة جديدة.
إذا إستمرّ الرفاقِ فى النيبال على الطريقِ التى يتبعون فإن مُعظم القوّة السياسيةِ والإقتصاديةِ التى كَسبها العُمّالِ والفلاحون فى النيبال سوف لَنْ تتعزز بل ستتلاشى. وبدلاً مِن ذلك سيكون هناك جمهورية إقطاعية برجوازية تابعة للهند أوالصين أَو لكلاهما.
--------------------
لإثْبات هذا، سَتَكْفي الإشارة إلى ميزانِ القوى المهيمنِ. فالجيش الملكي ظلّ سليما فى الأساس ويَتمتّعُ بدعمِ الهند والولايات المتّحدة والأحزاب الحاكمة الكبرى. وتَوقّفتْ حرب الشعب قبل تَحْطيم العمود الفقري للدولة القديمةِ. وإذا ألقينا نظرة على الوضع الإقتصاديِ للبلادِ، و على كَيفَ أن هذه البلادِ الصغيرةِ بين أنيابِ الدولة الهنديةِ والمراكزِ الإقتصاديةِ العالميةِ، فإن الأبعاد الحقيقية لميزان القوى هذا غيرالمناسبِ ستظهر. هَلْ من المحتمل قَطْع هذه الأنيابِ فقط بالمشاركة في الحكومةِ، ودون دولة بروليتارية ؟
ما هي المهمة الضرورية للسلطة السياسية ولدولة دكتاتوريةِ / ديمقراطية البروليتاريا ؟ إنها ضرورية لتَحْطيم الإقطاعيةِ والرأسماليةِ البيروقراطية و التبعية للإمبرياليةِ، وتحويلِ النيبال إلى قلعة حمراء ثورية بروليتارية في العالمِ. لِهذا تحطيم آلة الدولة القائمة لا يُمْكن أنْ يُحدّدَ أو يقلّص إلى الإطاحة بالحكم الملكي. إنّ هدفَ الثورةِ الديمقراطيةِ الجديدةِ هو الطبقات البيروقراطية- الكمبرادورية و الإقطاعية بأسرها و مؤيديها الأجانب و الإمبرياليين وليس فقط الجزء الملكي منها. شعار إلغاءِ الملكية كان وهو صحيحُ لكن هذا يَجِبُ أَنْ يكون جزءا من ثورة ديمقراطية جديدة و تركيز دولة جديدة.
لا يمكن للمرء أن يختزل الإقطاعيةِ في النيبال فى مؤسسةِ الحكم الملكي. فالإقطاعية علاقاتُ ملكيةِ الأرضَ ونمط ماقَبْلَ رأسماليَ للإستغلالِ. لأجل تحرير الفلاحين ، بالتأكيد يجب تحطيم علاقاتِ الملكيةِ هذه. و فى نفس الوقت ينبغى القضاء على السيطرة الإقتصادية-السياسية للدولة الهنديةِ على النيبال نيابة عن الرأسماليةِ العالميةِ. و من غير الممكن تَنفيذ هذه السيرورة دون الإعتماد على الجماهيرِ العريضة ووعيها و نضالها المُنظَّمِ.
في عصرِ الإمبريالية من غير الممكن إجْتِثاث الإقطاعيةِ دون أن ننزع فى الوقت ذاته ملكية الرأسماليةِ البيروقراطية. فهذه الرأسماليةِ أيضاً يَجِبُ أَنْ تُصادرَ؛ يجب تغيير طبيعة الأملاك الرأسمالية المصادرة لتخدم مصلحة تطور إقتصاد مكتف ذاتيا هدفه تلبية حاجيات الشعب .
أَيّة طبقة وبأية خطة إقتصاديةِ سَتديرالمصارف والثروات الأخرى فى البلادِ؟ هل سَيَستخدمُ البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خيوط "المساعدة الماليةِ" و"الإستثمار الأجنبي" ليَستمرّا بإدارة إقتصادِ النيبال؟ لو ظلّت هذه المؤسساتِ الماليةِ تُسيّرُ الأمورَ و بقيت الهند تخنق البلادِ، فإن حتى الإقطاعية لا يُمْكن أنْ تُلغي، لأن، في عصرِ الإمبرياليةِ، ليس للإقطاعية حياة مستقلة ومنفصلة عن نشاط الرأسماليةِ. فالرأسمالية البيروقراطية (المعتمدة على النظام الرأسمالي العالميِ) والنظام الرأسمالي عموماً (سواء كان عبرالرساميل الهنديةِ أَو الصينيةِ، أَو عبر "مساعدةِ" البنك الدولي) حوّلا ودمجا نمطَ الإستغلال الإقطاعي لخدمتِهما. ومهما بقي من نمط الإستغلال الإقطاعي (بما فى ذلك علاقاتَه الإجتماعيةَ) بات فى خدمة ربح الرأسماليةِ البيروقراطية. واليوم، يَتطلّبُ إِجْتِثاث الإقطاعيةِ في النيبال توزيعَا ثوريَا للأرض في تيراي (المنطقة التي تعدّ المصدر الرئيسي لتغذيةِ الشعبِ النيباليِ. ). بذلت حرب الشعب وسعها في الجبالِ والتلالِ. لكن لمَنْع إحياءِ الإقطاعيةِ بأشكال معدّلة أَو إحلال الإستغلال الرأسمالي محلّ الإستغلال ما قبل الرأسمالي ، يَجِبُ أَنْ تَكُونَ السلطة بأيدي دولة دكتاتوريةِ/ديمقراطية البروليتاريةِ لكي تُنفّذَ حركة الملكيةِ الإشتراكيةِ في المناطقِ حيث تحدث ثورة زراعية.
لا حكومة إئتلافيةَ بمشاركة أجزاءِ من البرجوازية (أَو مشاركة جزءِ من بقايا النظامِ السابقِ) سَتُطبّقُ مثل هذه الخطةِ، لأن الملكيةِ الخاصّةِ تنهض بدور مركزي في النظام الرأسمالي وبرجوازية بلاد مثل النيبال عِنْدَها صلاتُ عميقةة بملكيةِ الأرضِ. علاوة على ذلك، لن تساند الطبقات المستغِلّة، بسبب خوفِها العام مِنْ فقراء الريفِ، إصلاحا زراعيا ثوريا. و صحيح أن برنامجِ الإصلاح الزراعي الثوريِ ما زالَ ضمن حدودِ الديمقراطيةِ البرجوازيةِ بيد أن تطبيقَه بطريقةٍ ثورية لا يمكن أن تقوم به سوى البروليتاريا. بهذه الطريقة فقط يُمْكِنُ للطبقة العامِلةَ الصغيرةَ الحجم فى النيبال أن تُرسي قاعدةَ تطورِ مستقلِ وسريعِ للبلاد.و ثورة زراعية وحدها بإمكانها أَنْ تُمسي أساسا للتطويرِ السريعِ، وللتعاون وللتعاونيات الطوعية، و لهذا دور مركزي في رَفْع مرحلةِ الثورةِ إلى المرحلةِ الإشتراكيةِ.
لو أريد تحقيق إنتصار، ليس بمقدور المرء قطع الطريق على هذا البرنامج أَو إختراع "مرحلة إنتقالية" لتَطبيقه. و لا يمكن جعْل "الإنتقالِ" إلى الثورةِ الديمقراطيةِ الجديدةِ يعتمد على الجمهوريةِ البرجوازيةِ. و مثلما عبّرت عن ذلك رسالة قيادتِنا إلى الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ):
"ما ستنجزونه بإعادة هيكلة الدولة من خلال هذه الخطوةِ "المؤقّتةِ" سوف لَنْ يَكُونَ حتى جمهورية برجوازية. سَيَكُونُ جمهورية إقطاعية كمبرادورية. وهذه الجمهوريةِ سَتُضعفُ النيبال الجديد الذى ولد خارج النيبال القديم بقوةِ العنفِ الثوريِ ولكنه لحدّ الآن لَمْ يقدر على تَحْطيم الدولة القديمةِ بالكامل. إن الحكومة المؤقّتة سَتَفْتحُ الطريق أمام إبتلاع النيبال الجديد مِن قِبل النيبال القديم "(2)
تركيز جمهورية برجوازية "إنتقالية" لَيس تكتيكا بوسعه أَنْ يَخْدمَ لدَفْع إستراتيجيا الثورةِ الديمقراطيةِ الجديدةِ و إنما هو تكتيك يَخْدمُ إستراتيجياَ إصْلاح الدولة الإقطاعية الكمبرادورية. وهو تكتيك قاتل و مدمّر للغاية ويُمْكِنُ أَنْ يقضي على كُلّ آمال وإنجازات الشعبِ النيباليِ. و حصر الجيش الشعبي فى معسكرات و الدعوة إلى دمجه مع الجيش الملكي لتشكيل جيش جديد مظهر من أكثر مظاهر هذا التكتيك ضررا". (3).
--------------------
التهاني والتقديرات التى أرسلتها الأحزاب الشيوعية و المنظمات و الشخصيات اليسارية والتقدمّية إلى الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) لهذا النصرِ الإنتخابيِ لا تعدو كونها تغطّي قضايا أساسيةَ مَذْكُورةَ أعلاه. فدون فَهْم عميقِ وشامِلِ للعقبات الموضوعيةِ في طريقِ الثورةِ في النيبال، لا يَستطيعُ المرء مُسَاعَدَة الرفاقِ فى النيبال.
و القيام بالثورةِ في بلاد فقير و صغير و متخلف إقتصاديا مثل النيبال التي يجد نفسه محصور بين دولتين كبريين مثل الصين والهند، ويحدق به خطرِ إجتياح مِن قِبل الهند في أيَّةِ لَحظَةٍ، يشهد الكثير مِنْ التعقيداتِ. علاوة على ذلك، الثورة في النيبال لوحدها في العالمِ وميزانِ القوى عالمياً لَيسَ لصالحها. و إلتقاء مجموعة هذه العواملِ وضع قيودَا عديدةَ على تقدّمِها وتَطَوّراتِها. (4) في أيّة ثورة، تَرْفعُ خطوطَ مختلفةَ رؤوسَها عندما تُواجهُ الثورات الصعوباتَ والتعقيداتَ للردّ على ذلك الوضع. ولكن ما يبعث على القلق أكثر من غيره بالنسبة للقوى الشيوعيةِ عالمياً هوالخَطُّ الذي تبناه الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) بخصوص كَيفية التقدّم بالثورة في تلك البلادِ. لقد بيّنت لنا التجربةَ التاريخيةَ بأنّ الثوراتِ يُمْكِنُ أَنْ تُهْزَمَ حتى إذا لَمْ يرتكب الثوريون الأخطاءَ. في هذه الحالةِ، سبب فشلِهم سَيَكُونُ ميزان قوى غير مناسب. لكن عندما يرتكب الحزب الذي يَقُودُ الثورةَ أخطاءا ويَخطئ في التَمييز بين الأصدقاءِ والأعداءِ، فإنا لثورة سَتَفْشلُ بالتأكيد. هذا هو الخطرُ الرئيسيُ! سيعزّزالخَطّ السياسي و السياسات الخاطئة العواملَ غير المناسبةَ لدرجة أكبر حتى وسَيَجعل ميزان القوى غير مناسب لدرجة أكبر. فالتوجّه الإستراتيجي يُؤثّرُ على ميزانِ القوى إيجابياً أَو سلبياً، لأنه عاجلاً أم آجلاً يُغدو قوة مادية. و حين يكون التوجه الإستراتيجي و تكتيكاته المناسبة خاطأ، فإنه لا يدفع فقط إلى حركة لولبية تنازلية فى السيرورة الثورية بل على المدى البعيد يُؤثّرُ هذا الإرتدادِ على الشيوعيين سلبياً ذلك أنه يزرع بذورِ تشويشِ الأفكار و يوطّد التحريفية فى صفوفهم.
الثورة فى النيبال يتهددها خطر عظيم. و من الواجب الأممي لجميع شيوعيي العالمِ الإنتِباه إلى هذا. و بلا شك،النضال من أجل مُوَاجَهَة الأخطارِ التي تُهدّدُ الثورةَ في النيبال مِنْ الداخل والخارج، سَيرْفعُ من فَهْم كُلّ الشيوعيين في العالمِ لتعقيداتِ وصعوباتِ القيام بالثورةِ في عالمِ اليومِ.
لكن نهايةَ الثورةِ في النيبال لَمْ تُكْتَبُ بعدُ. فقد مرّت هذه الثورةِ بالعديد مِنْ المنعرجات و الإلتواءات ودون أن نريد تَوَقُّع مستقبلِها، بالنَظْر إلى الصورةِ الأكبرِ، أي إلى التغييرات في الوضع العالمي الذى يشكّل إطار الثورةِ فى النيبال، يُمْكِننا بعدُ أَنْ نَرى تَعزيز عاصفةِ فى الأفق. هذه الثورةِ يُمْكِنُ ويَجِبُ أَنْ تَستمرَّ.
وافقت الأحزاب البرجوازية في النيبال على مسك الماويين بزمام نظامِهم في وقت ينبأ بالندرة والجوع بسبب طرقِ عَمَل النظام الرأسمالي. ونظّمَ الرجعيون النيباليون مجموعات شبه عسكرية فاشية لتَنفيذ خطةِ إغْتياَل ماويين ثوريينِ. وأوقفتْ الدولة الهنديةُ تصديرَ الأرز إلى النيبال بتعلّة َمْنع مجاعة في الهند. إنها، بمعية الإمبرياليين الأمريكان، يوَدّونَ أَنْ يضعوا عبءَ المشاكلِ الإجتماعيةِ على كاهل الماويين وأن يُحوّلوا غضبَ الجماهيرِ نحو الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ). و فى نفس الوقت، عن طريق المؤامراتِ، يُحاولونَ إستعمال إنقسامات حاليةَ فى صفوف الشعب (مثل الإنقسامات القومية) لكي يشعلوا نيرانَ النزاعِ فى صفوفه و بطرق ووسائل متنوعة، أن يعزّزوا عدمَ الأمان وعدمَ الإستقرار في البلادِ. من الممكن أن مثل هذه الأزماتِ يُمْكِنُ أَنْ تغيّرَ "التطور السلمي الثورةِ" إلى تطور"غير" سلمي. و قد تساعد الحقائق الصعبة للصراع الطبقي الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) على القطع مع الطريقِ الحاليِ بأسرع ما يمكن. و دائماً يَتطلّبُ تَصحيح مسيرة خوض صراع إيديولوجي و سياسي واعي وشامِل.
في النيبال وبين صفوف الحزب الشيوعي النيبالي( الماوي ) لَيس سِرّا أنّ هناك إختلافات و صراع خطين بين الماويين فى العالمِ بشأن المسار الذى يسلكه الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي). فقد أشارَ قادة الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي ) ناطقون رسميون بإسمه إلى هذه الإختلافاتِ في منشوراتِهم العلنية عدّة مرات. وعلى سبيل المثال فى مقابلة صحفية فى 2007 تحدّث براشندا رئيس الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) عن معارضةِ الحركة الأممية الثوريةِ والحزب الشيوعي الهندي (الماوي) للخَطِّ الحاليِ للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ). وقال زعيم ماوي آخر في النيبال، في مقابلة صحفية مع "النجم الأحمر":
"بالنسبة إلينا نقد بوب آفاكيان ( رئيس الحزب الشيوعي الثوريِ، بالولايات المتحدة الأمريكية) وغانابثي (رئيس الحزب الشيوعي الهندي - الماوي) ألطف وأكثرُ فعالية مِنْ التقديراتِ الواردة مِنْ جورج بوش والحكومة الهندية."
و تجدر الملاحظة أن الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) كَشفَ عادة صراع الخطين صلب الحركةِ الشيوعيةِ العالمية وصلب زعماءِ الحزب، لمؤيدي الحزب، وكَانَ مثالا جيدا بهذا الخصوص. لكن إعلام الجماهيرِ و تقاسم الأخبار معها شيءُ وتنظيم نقاش واسع ومُناقشات وجدالات نظرية جدّية فى صفوفها حول هذه الخلافات الخطية التى تمثّل مسألة حياة أو موت بالنسبة للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) ، شيءُ آخر.
واليوم، الواجب الرئيسي للحركةِ الشيوعيةِ العالمية إزاء الثورةِ في النيبال ليس كيل المديح لإنتصارات جزئيةَ ومؤقتةَ. حتى عندما تصبح الجماهير (وزعماء الثورةِ) مَسْحُورةً بمثل هذه "الإنتصاراتِ" وتغلق عيونَها عن مصالح المدى البعيدِ ، يَجِبُ علينا أَنْ نَجْلبَ االإنتباهَ إلى الحقائقِ والقوانينِ الأساسيةِ التي تَحْكمُ الصراع الطبقي خاصة وأن هذا "النصرِ" سمّ مدسوس فى عسل يُمكنُ أَنْ تكون له عواقب وخيمةَ على هذه الثورةِ وبالطبع على البروليتاريا العالمية بأسرهاِ. و مثلما قِيلَ في أخبار " عالم نربحه" فى مقالةِ عنوانها "فى الذكرى الثانية عشرة لحربِ الشعب في النيبال ونتيجتها المجهولة" (11 فيفري 2008):
"في أي وقت كان، ليس هناك ضمان لنصرِ الثورةِ في النيبال أَو أيّ بلاد أخرى. لَكنَّه يُمْكِنُ أَنْ يُقالَ مع ذلك إنه مهما كان الطريق صعبا ومروّعا لبلوغ النصر الكامل للثورةِ ، يظلّ، ذلك الطريقُ هو الطريق الحقيقيُ والممكن الوحيدُ لتَغيير النيبال. و من الضروري للشيوعيين أن يُثابروا على هذا التوجهِ وأن يَقودوا الجماهيرَ في تَكريسه."
"حقيقات " عدد40 ، الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي –اللينيني- الماوي ) / 30 ماي 2008
الهوامش:
1 - إنه لأمر مهمّ مُلاحَظَة أن أغلب الأحزاب المهنِّئة لم تدعم أو لم تدعم كثيرا السَنَواتَ الـعشر مِنْ حربِ الشعب بقيادة الماويين في النيبال. والبعض مِنهاْ مَدح هذا النصرِ الإنتخابيِ كثيراً مدحا لم يسبق أن كاله لجزء من الإنتصاراتِ الماضيةِ للماويين في النيبال! هَلْ أن هذا النوع من الأحزاب سعيد لأنه يُمكنُ أَنْ يَكُونَ المرء فى آن "شيوعي" ويَنضم إلى الألعابِ السياسيةِ البرجوازيةِ النموذجية ؟ لأنه من الممكن أَنْ يَحْلم المرء بإنشاء مجتمع جديد جذريا ،لكن في نفس الوقت يضع حدا للصراع الطبقي الطويلِ والصعبِ؟
يُمْكِنُ أَنْ نَرى أوهاماَ خطيرة في هذه الرسائلِ التهنيئيةِ (خصوصاً في تلك الصادرة عن الأحزاب الشيوعية): وهم أن الكفاحِ من أجل التغييرِ الثوريِ للمجتمعِ يُمْكِنُ أَنْ يَمُرَّ عبرالإشتراكِ في التسييسِ البرجوازيِ السائدِ. وأسوأ حتى، وهم أنَّ هدف الكفاحِ الثوريِ هو أَنْ نصبحَ مقبولين إلى دوائرِ السياسةِ السائدةِ ونحْصلُ على الإعترافِ مِنْ النظامِ. لكن هذه الطرقِ إختبرت مرات عديدة قبلُ في التاريخِ وأثبتت فشلها. فهذا الطريقِ نفسهِ سلكه الحزب الشيوعي الأندونيسي. و كانت النتيجة أن واجهَ الحزب الأندونوسي هزيمة كبرى إلى درجة أنه لم يَستطع أَنْ يرْفعَ رأسهَ ثانيةً. علاوة على ذلك، لَمْ يَبْقَ تأثير تلك الهزيمةِ الكارثيةِ ضمن حدودِ أندونيسيا بل كَان خطيرا على الحركةِ الشيوعيةِ قاطبة في العالمِ وحتى مثّل ضربة كبيرة وجهت إلى الصين الإشتراكية. فالنصر في أندونيسيا كان يُمْكِنُ أَنْ يؤثّرَ على ميزانِ القوى إيجابياً لمصلحة الشيوعيين لكن الهزيمة قلبت الوضع و أفادت الإمبرياليين.
2 - هذه الرسالةِ بعثت مِنْ اللجنةِ المركزيةِ للحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي –اللينيني-الماوي) إلى اللجنةِ المركزيةِ للحزب الشيوعي النيبالي(الماوي) في نوفمبر 2006. نَصّها الكامل سَيَنْشرُ فى الوقتَ المناسب.
3 - أحد بنود إتّفاقيةِ السلام الشامل في 2006 كَانتْ أَنْ يوضع جيش التحرير الشعبي فى معسكرات و توضع أسلحتُه تحت مراقبةِ الأُمم المتّحدةِ. و أسبغ هذا أكثر مِنْ أيّ شئ آخر شرعيةً على جيشِ العدو. و أراد الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) أيضاً أَنْ يدمج الجيشين ويُشكّل منها جيشا واحدا. لكن هذا ما كَانَ ليحدث ولَمْ يَحْدث. ففي جانفي 2008 عارضَ رئيس القوات العسكريةِ الرجعيةِ هذا الإقتراحِ بشكل مفتوح بما يُبيّن أنّ الرجعيين أبداً لا خلط لديهم بصدد أكثر وسائلِهم محوريةِ لمُمَارَسَة السلطةِ.
4 – لمزيد نقاش هذه المسألة يُمْكِنُكم العودة إلى المقالاتِ السابقةِ في "حقيقات":
- مقالات مختلفة في حقيقات عدد 30 - أكتوبر2006
- الثورة فى النيبال: المشاكل المعقّدة؛ الأجوبة السهلة!" حقيقبات" عدد 31
- تعقيدات ثورة تُصبحُ تبريرا لمُهَاجَمَة الماويين. "حقيقات" عدد32
- الذكرى الثانية عشرة لحربِ الشعب في النيبال ونتيجتها المضطربة؛ 11 فيفري 2008. أخبار" عالم نربحه".
- النيبال، أفق توقّعِ الشعب يتسع . 14 أفريل 2008, أخبار" عالم نربحه"
وهذه المقالاتِ متوفرة على موقعِ أنترنت الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي –اللينيني -الماوي)



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تمرّد نكسلباري إلى الحزب الشيوعي الهندي (الماوي) ( مقتطفا ...
- لنقاتل من أجل إنقاذ الثورة فى النيبال! _ من كتاب -الثورة الم ...
- ليس بوسع أي كان أن يغتال أفكار -آزاد- ! ليس بوسع أي كان أن ي ...
- رسالة مفتوحة إلى الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) من ...
- عملية الصيد الأخضر : إرهاب دولة فى الهند. (مقتطف من كتاب -مد ...
- شبح الحرب ضد إيران و التكتيك الشيوعي الماوي (الفصل الثاني من ...
- إنتفاضة شعبية فى إيران : وجهة نظر شيوعية ماوية(الفصل الثالث ...
- الإسلام إيديولوجيا وأداة في يد الطبقات المستغِلّة (الفصل الر ...
- مساهمات ماو تسى تونغ فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالم ...
- حقيقة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى( مقتطف من كتاب -ال ...
- تعتقدون أن الشيوعية فكرة جيدة لكنها غير قابلة للتطبيق؟ قوموا ...
- -الإشتراكية أفضل من الرأسمالية و الشيوعية ستكون أفضل حتى !- ...
- الماوية : نظرية و ممارسة -5 - ملاحق كتاب - الثورة الماوية فى ...
- من مكاسب الثورة الماوية فى الصين( الفصل الخامس من كتاب - الث ...
- الماوية : نظرية و ممارسة - 5 - الثورة الماوية فى النيبال و ص ...
- الماوية: نظرية و ممارسة - 6- - جمهورية إيران الإسلامية :مذاب ...
- الماوية : نظرية و ممارسة - 4 - - الثورة الماوية فى الصين : ح ...
- إلى الأمام على الطريق الذى خطه ماوتسى تونغ ( نص للحركة الأمم ...
- الصين : من تحرير المرأة إلى إستعبادها( فصل من كتاب -الثورة ا ...
- من الصين الإشتراكية إلى الصين الرأسمالية


المزيد.....




- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - ثورة النيبال: نصر عظيم أَم خطر عظيم!(من كتاب - الثورة الماوية فى النيبال و صراع الخطين صلب الحركة الأممية الثورية-)