أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - العرب، الرابطة العربية، القومية العربية: نظرة جديدة في أوضاع مغايرة















المزيد.....

العرب، الرابطة العربية، القومية العربية: نظرة جديدة في أوضاع مغايرة


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3290 - 2011 / 2 / 27 - 20:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أظهرت الثورتان التونسية والمصرية وجودا أكيدا لمستوى عربي جامع. فقد تفاعل جمهور عربي واسع وبدرجة عالية من الإيجابية مع الثورتين، وارتفعت معنوياته أثناء سيرهما، ثم بفعل نجاحهما الأولي في إسقاط رئيسين. ولا يبدو أن الأمر يتصل بتعاطف إنساني مجرد، بل بدرجة قوية من التماهي، تتصل بتشابه البلدان العربية وتشابه أوضاعها ومطالب السكان فيها، لكن أيضا بشعور قرابة قوي لا شك فيه. لقد سعد كثيرون منا بما حققه التونسيون والمصريون، وتشرفوا بإنجازهم، وتوجسوا من مخاطر إخفاقهم، وبلغ الحماس بكثيرين أن وجهوا لهم النصائح. ومثل ذلك ظهر حيال ليبيا والبحرين واليمن. باختصار ظهر مستوى قوي من الأخوة العربية، كان خفيا أو غير متوقع.
على أن هناك وجها آخر للمستوى العربي الجامع، يتمثل في أن نخب السلطة في العالم العربية ظهرت متقاربة أكثر من أي وقت مضى، ورغم خصوماتها وتباغضها، لم يبتهج قلب أي منها بسقوط الحاكمين التونسي والمصري. ولقد كانت واعية كل الوعي أن تعاطف قطاع مهم من محكوميها مع المصريين والتوانسة هو في الواقع موجه ضدها هي، وأن سعادتهم بسقوط بن علي ومبارك هي بمثابة تعبير عن مشاعرهم حيالها هي، وأن في قوة عموم المصريين والتوانسة قوة معنوية وسياسية لمحكوميها، والعكس بالعكس. وعلى هذا النحو ظهر أن المجال العربي منقسم أفقيا إلى طبقتين: طبقة الحاكمين و"حبايبهم" و"قرايبهم" وأصحابهم وأتباعهم ومأجوريهم، وطبقة المحكومين الواسعة المتنوعة، التي ظهرت على حين غرة قوة متعاطفة متقاربة.
ولقد أظهرت تلاحق الاحتجاجات الاجتماعية في عدة بلدان عربية كأنما في سباق تتابع أن الرابطة بين هذه البلدان بنيوية وليست وجدانية فحسب، وأنه يمكننا التكلم على نظام عربي، أي على حقل من التفاعلات المتبادلة الأكثف من تفاعل هذه البلدان مع غيرها، وعلى المستويين السيكولوجي والثقافي، وكذلك المستوى السياسي. وهو ما يعني أن هناك "داخلا" عربيا من نوع ما، بالنظر إلى أنه يمكن تعريف الداخل بأنه إطار من التفاعلات المتميزة، بكثافتها العالية وبمعناها المتقارب. ليست التفاعلات هذه بكثافة التفاعلات داخل كل دولة طبعا، لكنها ليست من نوع ولا بكثافة التفاعلات مع دول أخرى، ولو كانت تركيا أو إيران، دع عنك باكستان أو إندونيسيا أو آسيا الوسطى، أو أفريقيا جنوب الصحراء. بوضوح، تظهر الرابطة العربية متمايزة عن الرابطة الإسلامية، وأقوى منها.
لكن في الوقت نفسه لم تطرح أي من الثورتين شعارات عربية جامعة، أو تتطرق إلى ما يفترض أنها القضية العربية الجامعة، فلسطين، أو تدعو إلى وحدة العرب أو تضامنهم. كانت ثورات داخلية محض، وشعاراتها ومطالبها تحيل إلى العلاقة بين المواطنين والدولة، لا إلى علاقة الدولة بغيرها. ولذلك بالذات لم تبهج الثورتان والانتفاضات الجارية في غير بلد قلب أي من النظم المتكارهة.
فكيف نفهم أنه كان للثورتين تأثير عربي واسع، يمكن الكلام عليه بلغة التماهي، وأنهما لم تعرفا نفسيهما مع ذلك باللغة المعتادة للرابطة العربية، هذه التي تتكلم على الوحدة العربية وعلى فلسطين؟
لا نقترب من إجابة معقولة على السؤال ألا إذا ميزنا بين الرابطة العربية، التي قد نسميها العروبة، وبين القومية العربية، فلا تطابق بين الاثنتين.
لا تنضبط الثورتان المصرية والتونسية ولا التفاعل العربي الواسع معهما بالعقيدة القومية العربية. تقوم هذه على مبدأ "العروبة أولا" أو العروبة المطلقة. وعلى أن تونس ومصر وغيرهما "أقطار" في "وطن عربي" كبير واحد، ينتظر أن يتحقق يوما في دولة واحدة. وأن سكان بلداننا عرب، لا يفرقهم دين ولا يباعدهم حد على ما يقول نشيد معروف، بينما تباعدهم حدود "طبيعية" عن غيرهم، ولا يكاد يجمعهم بهذا الغير جامع. تنكر هذه العروبة المطلقة تعدد البلدان العربية وتمايزا متعدد المستويات بينها، تنكر أيضا التعدد الداخلي لكل من هذه البلدان، وتنكر أخيرا اندراج البلدان العربية كلها في متعدد أكبر هو العالم. وبفعل هذه الإنكارات الثلاث تتسبب في توتر مستديم في العلاقات بين الدول العربية المتفاوتة الرسوخ؛ وفي تولد مشكلات أقليات إثنية وقومية في أكثرها، أخذت أشكالا متفجرة أو مريرة في البلدين الذين تبنّيا العروبة المطلقة، سورية والعراق؛ فضلا عن مشكلة ممانعة ثقافية حيال العالم (إيديولوجية "الأصالة) بفعل تمركزها المفرط حول الذات.
بالمقابل، لا يبدو أن الثورة المصرية تنضبط بمبدأ المصرية المطلقة أو "مصر أولا". الواقع أن هذه بالضبط كانت إيديولوجية نظام مبارك، ونظيراتها هي إيديولوجيات النظم العربية الأخرى القائمة، بما فيها نظام بن علي في تونس. وقد آلت بمصر إلى وزن دولي وإقليمي أصغر، وإلى قدر من التبعية مهين للبلد ولشعبه، دون أن تعود على عموم المصريين بالخير. بل إننا نقدر أن بعدا وطنيا مصريا لا بد أ يحمل على البعد الديمقراطي للثورة المصرية، وأن البعد الوطني ذاك هو ما قد يدفع نحو إعادة اعتبار للرابطة العربية، كرابطة ثقافية، وكإطار إقليمي حاضن، بل وربما يقود إلى درجة من التصادم مع المحور الأميركي الإسرائيلي. تبدو إيديولوجيات من نوع "مصر أولا" و"سورية أولا" وأشباهها متوافقة مع تدهور وزن الدول المعنية في محيطها، وهو عربي أساسا، ونحو ضرب من الوطنية الاستبدادية أو المطلقة التي لا تعود بالخير على المصريين والسوريين...، وكذلك نحو درجة أدنى من الاستقلال الوطني وأعلى من التبعية للمراكز الدولية الفاعلة.
نميل، في المحصلة، إلى أن الثورتين تنضبطان بفكرة الوطنية الدستورية المرتبطة بدورها بفكرة الحكم الدستوري والدولة الديمقراطية. وهذه عموما ذات منزع عقلاني، ربما ترى إلى الرابطة العربية كرصيد حضاري واستراتيجي يتعين الحفاظ عليه وتثميره. ومن هذا الباب، وبما هي مشترك بين وطنيات ديمقراطية ودستورية، ربما تظهر العروبة كخير عربي عام، بدل أن تكون منطقة تنازع معمم كحالها اليوم.
وضمن مفهوم الوطنية الديمقراطية تترتب الهوية أيضا على نحو مغاير للنحو القومي العربي. تشغل مصر أو تونس... الصدارة. العروبة والإسلام تحديدان مكملان للهوية الوطنية، لا تستقيم بحال ضدهما، لكن السيادة ليست لأي منهما. السيادة للأمة المعرفة "وطنيا" ومواطنيا، وليس قوميا ولا دينيا. وهنا قد يمكننا التكلم على العروبة الدستورية، هذه التي تقر بتعدد أصيل في المجال العربي، وبتعدد مكون لكل من البلدان العربية، وباندراج بلداننا في عالم أوسع.
أما الإسلام الدستوري،أو الديمقراطي، فسيكون مطروحا على جدول الأعمال، السياسي والفكري، خلال الشهور القادمة.




#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر وتونس، ونهاية عالم ما بعد 11 أيلول!
- غياب -الأجندات- ليس فضيلة ثورية
- أهؤلاء نحن؟ لا بأس بنا!
- مثل المصريين والتونسيين تماما، لسنا خارج الأمر!
- حركات التحرر المواطني...
- ثورات الكرامة
- من يتضرر من الثورة التونسية؟
- مغتسلا بالنار، المغمورُ بطلا
- في تونس ثورة... مفتوحة الآفاق
- من نزاعات الهوية إلى الاحتجاج الاجتماعي
- مناقشة لكتاب -السلفي اليتيم- لحازم الأمين
- الماهية والكراهية: الأديب الفصيح ضد -الرعاعة الأمة-
- خاووس
- يتغير السودان، المهم ألا يتغير النظام
- المرض بالإسلام...
- عرض نقدي لكتاب جلبير الأشقر: العرب والمحرقة النازية، حرب الم ...
- ويكيليكس والدول
- الحلول بخير في مصر، والمشكلات أيضا!
- في الكاريزما وصناعتها وأطوارها وتوابعها الإيديولوجية
- هذا الفصام الكردي المستمر...


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - العرب، الرابطة العربية، القومية العربية: نظرة جديدة في أوضاع مغايرة