أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - سوف كا، ربي يتماغ.















المزيد.....

سوف كا، ربي يتماغ.


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3281 - 2011 / 2 / 18 - 19:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"سُوفْ كَا، ربي رَايْتْمَاغْ"

ليس إنسانا من لا يخاف؟ وطبيعي أن يخاف كل إنسان، لكن لن تكتمل إنسانية أي كان، حتى ُيغلب القيمة على الخوف الزائل. الكاتب والمعارض المصري، عبد الحليم قنديل.
سيتغرب البعض من عنوان هذه المقالة، ويتساءل الكثير ممن صعب عليهم تهجيه قبل فك شفرته ومعناه، وربما يقول البعض عند معرفته أنه مكتوب باللغة الامازيغية المغربية، و"مالنا حنا ومال الأمازيغية"، وهنا سيكون جوابي أولا للذين يحاولون فهم معنى العنوان، دون غيرهم ممن يرفضون اللغة الأمازيغية المغربية وأترك الرد عنها لمواعيد والمقالات أخرى قادمة بحول الله وقوته.
أما:"سوف كا ربي رايتماغ" فهو من المقولات والأمثال المغربية الأمازيغية السائرة المتوارثة التي تعكس نظرة واضحة عن بعض تجارب المجتمع المغربي الأمازيغي وما يتبناه من أفكار ومعتقدات، ووسيلة من وسائل تقييمه وحكمه على الأمور وتفصيلاتها بحسب الفكر السائد. أما معناه الإجمالي فهو: أن الشعور باليأس والإحباط يقضي على الخوف والتردد لدى الحيوان والإنسان حين يؤلمه الظلم وينفد صبره وييأس من زوال "الحقرة"، ولا يجد بدا من الانتفاض والثورة للخروج من تلك الحالة النفسية الشاذة التي يتكبد مرارتها ...
أما مناسبة المثل، فهو إفراز حادثة معينة معاشة مستوحاة من موقف سِنّورِ يائس مَقهور، ومن ردة فعله تجاه كََلِبِ متجبر متعدي ضيق عليه الخناق، ولم يبقى أمامه من مخرج إلا تطبيق مقولة المتنبي:
وإذا لم يكن من الموت بدّ *** فمن العار أن تموت جبانا
فصاغ ذلك، الرجل الشعبي الأمازيغي، في قالب جميل ليبقى في الذاكرة الجمعية كشاهد لا يطويه النسيان، ويستدل به على مواقف مماثلة، وأحداث متشابهة قد يعترض لها الإنسان في حياته، كحالات الشعور باليأس والإحباط والظلم ومرارة الاحتقار، التي تقضي على الخوف والتردد، وتجعل المرء جريئا في لحظات ضعف، فلا يهتم بالعواقب، ولا يهاب الموت، للتخلص من التسلط، والانتفاض والثورة على المتسلط، بأي وسيلة مهما ضعفت.
كفعل "سُوفْ" أي النفخ، التي تلجأ إليها القطط المقهورة للدفاع عن نفسها، بمحاولة التنطع على الظالم، ولو بالنفخ والزمجرة فقط، فإن ربي "رَِايْتْماغْ" أي أن الله سيكفل محاربة الظلم ويتولى الطغيان بدالك، ف "رايتماغ" تعني: سيدافع ويخاصم ويحارب بجانبك.
ما يذكرنا بما حدث مع محمد بوعزيزي أحد مقهوري الوطن المغاربي والعربي الخوافين المرعوبين من ظلم المخزن وتجبره، والذي طفح به كيل الظلم، ودفعه الإحساس بالقهر إلى التحرر من خوفه المتجذر في أعماقه منذ نشأته الأولى، وتحول بالتالي إلى شرارة إنعتاق للشعوب من طغاتها.. وفي نفس السياق نجد في الدارجة المغربية أمثالا كثيرة تحمل نفس دلالة المثل الأمازيغي، ومنها القائل: "حك على الخواف يوللي رجل" الذي يعني أن الضغط على الجبان يحوله إلى سبع زائر شجاع، ويؤكد مثيله "سوف كا ربي رايتماغ" على النظرية العلمية "الضغط يولد الانفجار"، وأن فوبيا الخوف الموروث عن أجيال سابقة سكنها الرعب من كل شيء، وعلى مدى سنين، ما هو إلا ثقافة خائبة لا اصل لها، وسرابا يزول بمجرد الثقة بالنفس، وذلك لأن طاقة الشجاعة كامنة بدواخلنا تنتظر المحفز، الذي يحركها لتنطلق من عقالها، ولأن الخنوع والسكينة ليست خالدة ومتأصلة في الشعوب والمجتمعات على الدوام، بل لابد أن تعتريها رعشة الحياة، فتنفض الغبار عنها وتثور لكرامتها، وكثيرا ما يكون ذلك بيد الطغاة أنفسهم، الذين يحفزون ويستنهضون -من حيث لا يدرون- همم الشعوب المظلومة المضطهدة، ويوقدون فيها جذوة الأمل بظلمهم وبما يسومونها من صنوف العذاب والخسف والفساد والاستعباد، فتنتصر هذه الشعوب على خوفها، وتنزع طباع العبودية من قلوب مواطنيها، وتحزم أمورها للخروج على الطغاة، وتغيير المقولة/الفخ، "كما تكونوا يول عليكم" ثم يشعلونها نيرانا حارقة، كما حدث في تونس حين ثار التونسيون على فزاعتهم بنعلي، وفي مصر حين خلعوا فرعونهم مبارك، والله وحده يعلم من سيُطرد أو سيُخلع بعدهما من الطغاة المصنوعين من الورق.
فالمبالغة في الظلم والتمادي فيه، يقلبه على أهله، كما السحر ينقلب على الساحر، فيخلع وهم الخوف من
النفوس مهما ضعفت، ولو كانت بنفس قط وديع، و يطهّرها من أوساخ وقذارات ثقافة الخنوع للأنظمة الاستبدادية التي ملكت الأقوات واستعبدت الأرواح، -والتي تؤمن كلها بمقولة أبي جعفر المنصور الذي قال بعد تولّيه الخلافة: "لقد وُُلّيتُ عليكم، أرواحكم وأموالكم في يدي، إن شِئت قبضت وإن شئت بسطت"- فالدكتاتوريات كيفما كانت ومهما حاولت كتم أنفاس شعوبها، بكل وسائل الاستعباد الجهنمية والبدائية، ولو كانت بهمجية ما جربه النظام المصري البائد ورجالاته، لخنق أصوات الثورة الشبابية الراقية وكتم أنفاسها الهادرة، بتسليط "بلطجيته" السائبة بهراواتها وجمالها وخيلها وحميرها وسلاحها الحي ومولوتوفاتها وقناصتها ودهس سياراتها، والتي لم تفلح إلا في تؤجج الغضب في النفوس المتظاهرة التي أعاد الظلم ثقته بنفسه وإيمانه بأنها ذات همة نابضة بالحياة وعزيمة صادقة ، ومن ثم يزدها حماسا ويؤدي إلى زيادة أعداد المطالبين بغد كريم أفضل، لا يجوع فيه الناس، ولا تعضهم آفته الاجتماعية الأشد فتكا التي قال عنها الإمام علي: "جرّبتُ الحديد فغلبته وجرّبني الفقر فغلبني: إن أذعته فضحني وإن سترته أهلكني"، وقال أيضا: "لو كان الفقر رجلا لقتلته"...ولقتل هذا الفقر المتسبب في التفاوت والتباين بين أفراد المجتمعات في المستوى المعيشي، قامت معظم ثورات العالم، تقريبا، للقضاء على أن تبقى أقلية تملك كل شيء وأغلبية معدمة لا تملك أي شيء.
ثورة شبابية، أشعلها شباب تونس ومصر ضد الفقر والحرمان، وضد جميع الدكتاتوريات والسلطات القمعية في باقي البلدان، وأذكتها وسائل الشبكة العنكبوتية للاتصالات التكنولوجية والمعلوماتية الحديثة، التويتر والفيسبوك واليوتوب والرسائل النصية، والتي ظن الطغاة أنها واهية كزمجرة السنور في ثورته ضد عدوه التقليدي "الكلب" وتعديه، والتي لم يتوقع أحد أن تمددت خيوطها لتلتف حول أعناقهم وأصحاب الثروة والسلطة، وخيل لهم أنه بإمكانهم مواجهة ذل هذه الوسائل الحديثة (الانترنيت والفيسبوك والتويتر واليوتوب) بالجمال والبغال والحمير والبلطجية، وبتعطيل شبكة الانترنيت، وقطع خطوط الهاتف المحمول، والتشويش على القنوات الفضائية، وغلق مكاتب الصحف واعتقال الصحفيين واغتصابهم كما حدث للصحفية لورا لوغن (39 سنة والتي تعمل كمراسلة "سي.بي.اس" الأمريكية) التي تعرضت للاعتداء والاغتصاب أثناء تغطيتها للأحداث، حسب نفس المحطة، وما حصل من استخفاف بالقيم والأرواح وصل حد القتل الذي دهب ضحيته "أحمد محمد محمود 39 سنة صحفي بجريدة التعاون التابعة لمؤسسة "الأهرام"، والذي لقي ربه الكريم مساء الخميس 3 فبراير 2011 بعدما أطلق عليه قناصة شرطة النظام الديكتاتوري الرصاص يوم السبت 29 يناير، وهو يقوم بتصوير مجزرة شارع مجلس الشعب بواسطة كاميرا هاتف محمول من نافذة مكتبه.
ولم يتصور أحد أن يستطيع جيل الشباب تنظيم معارضة شبابية عصرية فاعلة بخصوصية استثنائية بمستوى عالي من الفهم والوعي والانتظام والانضباط والسلوك السلمي الحضاري والراقي، من دون قائد ملهم كاريزماتي محدد، ولا رامج سياسية أو شعارات تعتمد سخافات مفاهيم الإسلام السياسي، وتفاهات القومية العربية، وأوهام اليسار التقليدي، ومن دون اللجوء إلى الانقلابات والمؤامرات وإراقة الدماء واحتلال القصور والإذاعات واغتيال الخصوم والمعارضين، ولم يتخيل أحد كذلك أن تكون ثورة لاعنفية تذكرنا بغاندي ومارتن لوثر كنغ.. تنشر نضالاتها على صفحات عادية على شبكة الانترنيت المبثوثة من أجهزت صغيرة وهواتف وحواسيب الكترونية، محملة بالرغبة الجامحة في الدخول إلى العصر والمشاركة في صنع الحاضر وتغيير المستقبل..
وفي الختام، لابد من الاعتراف أن هذه الثورة التي انطلقت من تونس وانتقلت لمصر واتسعت رقعتها لتعم سائر أرجاء الوطن العربي، ليست ضد الأشخاص، ومطالبها واضحة ومحددة، تتمثل فى تأسيس نظام سياسي جديد.
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاد الدل تنهجر.
- جوع كلبك يتبعك
- ثقافة التقليد.
- على هامش تطبيق مدونة السير.
- غربة درب
- عابد الجابري واستفزاز الصغيرات.
- عشق حي قديم.
- وإذا بوعزبزي يوما أراد الحياة...
- صراعات الأديان
- الغضب
- لماذا يبكي الآباء عند تزويج بناتهم؟؟؟
- مشاهد حياتية مستفزة(الحلقة3)
- مشاهد حياتية مستفزة الحلقة 2
- مشاهد حياتية مستفزة, الحلقة الأولى,
- عيد العمال بنكهة جديدة
- اليوم العالمي للصحافة
- احتفالات عيد العمال
- على هامش المصادقة على مدونة السير الجديجة
- قصار القامة عظماء الهامة
- المعارض ليست سيئة كلها


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - سوف كا، ربي يتماغ.