أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - على هامش تطبيق مدونة السير.















المزيد.....

على هامش تطبيق مدونة السير.


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3260 - 2011 / 1 / 28 - 21:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على هامش تطبيق مدونة السير.
كيف تعامل المغاربة مع مدونة السير بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الشروع في تطبيقها؟
جاءت كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، لتساهم في ترسيخ القيم المجتمعية الحضارية النبيلة، التي من شأنها أن تعمل على إرساء واحترام حقوق الإنسان، الفردية والجماعية.ـ ولتحقيق أكبر قدر ممكن من حقوق في المغرب، تفتقت عبقرية الإنسان المغربي، فأوجدت ترسانة من الإجراءات القانونية الوقائية والزجرية، المنسجمة مع طبيعته وفطرته المغربية، لتنظيم حركة الحياة وتطويع التصرفات مع مرافق التنقل الذي أضحى أكثر تعقيدا مما مضى، وأطلق على مبتكره الذي يرمي إلى تخويل مستعملي الطريق، حقوقا جديدة، لا يتمتعون بها حاليا، والمبنية أساسا على الوقاية كحجر الزاوية في إشاعة السلامة الطرقية، والتقليص من مآسي حوادث السير، وتغيير سلوك المواطن، في تعاطيه مع الطريق، واحترامها واحترام الآخرين، اسم "مدونة السير".
ورغم ما رُوج من مغالطات خطيرة حول المدونة وأصولها وفروعها، مند كانت فكرة، وخلال مسارها الصعب الذي سبق التصديق عليها، وإلى الأيام الأولى من تنفيدها، والتي مفادها (المغالطات) أن المدونة ليست إلا إجراءات في أجندة الصراع الانتخابي لسنة 2012. وآلية لرفع الأسعار دون خفض الأضرار، وأنها ليست إلا إسقاطا لقانون إحدى الدولة الإسكندنافية المتقدمة، وأنها لا تتوافق مع سيرورة وتطور المجتمع المغربي.
فإننا نجد أن هذه المدونة، بصدق وموضوعية، تعتبر -بكل ما تضمنته من نصوص وإجراءات جديدة- مسارا جديدا داخل البنية المجتمعية المغربية، من خلال تغيير سلوك المواطن مستعملي الطريق، في تعاطيه مع الطريق، واعترافه بأن المغرب دخل عهدا جديدا، يحكمه نظام لا يقيّد حركة الفرد والمجتمع لكنه يضمن انسيابية سيره وحركته نحو الأفضل، بما يلزم من احترام للقوانين والآخرين، حيث لاحظ المتتبعون أن المدونة حققت وفي ظرف وجيز من دخولها حيز التنفيذ، نسبة كبيرة من الأهداف، وعلى رأس كلها، شيوع نوع من الوعي بضرورة احترام قانون السير، والشعور بالخوف من الغرامات الثقيلة التي قد تعرضهم لخصم النقط أو رخصة السياقة عند تكرار الأخطاء، كما لمس المواطن العادي، بعد مرور بضعة أسابيع من التطبيق، تنامي الالتزام بقواعد السلامة الطرقية، وشهد نوعا من الانضباط النسبي وسط أغلب المدن، والانخفاض في سرعة السير داخل المجال الحضري، وبين الطرقات الرابطة بين المدن والبوادي..
وحتى نكون موضوعيين، فالمدونة التي أثارت منذ بداية طرحها أمام أنظار البرلمان، نقاشا عموميا حادا امتد إلى الأحزاب السياسية والنقابات، وقسم الشارع المغربي إلى فئة مؤيدة وأخرى معارضة، قد أتت أكلها بعد أقل من ثلاثة أشهر من تطبيقها، حين غيرت في الآونة الأخيرة من أخلاق الطريق، ليس بكثافة حملات المراقبة الصارمة، ولا بالعقوبات المشددة فقط، لكن بما جاءت به من آليات جديدة من شأنها المساهمة في تحسين السلامة الطرقية، وتحفيز السائقين الملتزمين على تعزيز الوقاية، ومن بين تلك الآليات المباركة على سبيل المثال لا الحصر، وضع المدونة لشروط أكثر صرامة للحصول على رخصة السياقة التي تعد الأساس في العملية، وتحديدها لدفاتر تحملات جديدة، والتأسيس لإطارات تنظيمية خاصة بمدارس تعليم السياقة، وإخضاع شبكة تدبير مراكز الفحص التقني لإصلاحات عميقة وتوحيدها عبر التراب الوطني، بحيث لا يمكن الاستعانة بمركز في حالة رفض أحد المراكز تسليم شهادة فحص ما، إلى جانب إحداث الـ"بطاقة سياقة مهنية" لسائقي سيارات الأجرة ونقل الأشخاص والبضائع، مع إخضاع لحالتهم الصحية والعقلية، لمتابعات طبية، وإلزامهم بالخضوع لتكوينات أساسية ومستمر كل خمس سنوات.. كما أنها سنت إجراء آخرا يتسم بالشفافية، ويتمثل في إجبارية حمل رجال الشرطة والدرك لشارة تتضمن الاسم العائلي والشخصي والصورة والرقم الترتيبي، وذلك "من أجل تمكين المواطن من معرفة الجهة التي يتعامل معها".
مما سبق يبدو جليا أن مشكل السير في بلادنا، ليس في المدونة التي جاء بها السيد كريم غلاب والذي لا أحد يشك في وطنيته ونزاهته وكفاءته ولا في نيته الحسنة في القضاء على مآسي الطريق، ولا دخل للقوانين المنظمة للسير، ولا للعقوبات الزاجرة، ولا لدرجة ردع وثقل الغرامات، ولا لقسوة العقوبات السالبة للحرية ولا لتواجد الشرطة و"الرادارات" بكل ملتقيات الطرق ومداراتها، ولا لتعليمات الحكومة وكل وزاراتها الداخلية منها والخارجية، ولا لصرامة وكثافة حملاتها فيما عرفته المدونة من معارضة أدت إلى إضرابات ومواجهات بين وزارة النقل ومهني النقل. فالمشكل كل المشكل، كامن في تأثير المحيط الذي ترعرع فيه السائق، من أسرة ومدرسة وسوق ومقهى وكل دروب وزوايا المجتمع المتعددة التي نهل من معينها، وتلقى منها سلوكياته البدوية غير المتحضرة التي لا تعترف بضرورة احترام القوانين وتقدير الغير، منذ الصغر، لأن سلوك أهل البادية في تعاملهم مع الطريق ما زال محتفظا برمزيته في الذاكرة الجماعية للناس، فرغم سكنهم في الحواضر الكبيرة فإنهم لا يعرفون الحدود في تحركاتهم فضاءات بواديهم الفسيح وأرضيها الممتدة والتي ليس بها لا إشارات مرور و لا علامة قف ولا خطوط راجلين. الكل يمشي بحرية و بلا حواجز، ولذلك تجدهم لا يحترمون علامات المرور.
ما جعل جل الرافضين للمدونة يُعمون أبصارهم عن مزاياها، ويركزون صراعاتهم على هفواتها الذي ينقلونه من دائرة الشأن العام، إلى دوائر التسييس الضيقة، والانحيازات العصبية، التي لا تعني إلا مزيداً من الانغلاق والتزمت والتعصب والتطرف واستمراء الفوضى المتخلفة في كل شيء، والطريق مظهر فقط من مظاهر تلك الفوضى، وذاك التخلف الذين يذكرنا، مع الأسف، بالجهل والأنانية والتعنت وجفاء الخُلُق، وتصحّر النفوس، وقلة التسامح المتحكمة فينا أثاء استعمالنا للطرق، سائقين كنا أو راجلين، شبابا أو شيبا، ذكورا أم إناثا، وإصرارنا على قبيح سلوكيات القيادة، على اعتبار أننا كلنا "بوعروف" ومدارس نموذجية في السياقة، بل وأساتذة مبرزين في منهجيتها، وجهابذة في آدابها وسلوكياتها.
لذلك فمدونة السير الجديدة في حاجة إلى ومواطن متحضر-الأمر غير المتوفر بيننا في هذه الساعة أو بنسب ضئيلة جدا على الأقل- يلتزم بها ويجعلها تُطبق بيسر وسهولة، دون علاقة التوتر السائدة بين المواطن وبين القوانين عامة، وقانون السير خاصة، هذه العلاقة التي تقوم على الخوف أكثر من الاحترام والامتثال، وتجعل من شرطي المرور في تصور السائقين رقيبا مزعجا، يحول القانون من وظيفته الأصلية المتمثلة في الحماية، إلى أداة للعقاب، الشيء الذي ينفيه السيد غلاب وزير النقل والتجهيز في حوار أجراه معه الأستاذ منصور مدني لوكالة المغرب العربي للأنباء، في 23 يناير2009 حين قال: "لم يأت لتعزيز حق رجال الشرطة والدرك ضد مستعملي الطريق حتى في حالة ارتكابهم للمخالفات" واستمر قائلا في نفس الحوار، "أن ضمان حركة سير آمنة على الطرقات وتفادي التعرض للعقوبة، وتجنب أداء الغرامة أو تقديم الرشوة، ينبغي احترام قانون السير لحماية حياة الناس وممتلكاتهم".
ومهما ادعى صانعو المدونة الكمال، فلا شك أن تعتريها بعض النواقص، مثلها مثل باقي أعمال بني البشر، التي ينال المجتهد فيها أجرين، عندما يوفق في عمله، بينما يحصل المخطئ على أجر واحد مقابل اجتهاده، وعلى رأس تلك النواقص التي تقف ضد نجاعة تطبيق المدونة في يسر وسهولة هناك أولا: هشاشة البنية التحتية لأهم الطرق المغربية، التي تتميز بضيقها وانتشار الحفر بها، وكثرة منعرجاتها، وغياب إشارات تنظيم المرور عليها، إلى جانب هشاشة واهتراء العشرات من القناطر التي لا تليق بالنظام الجديد للسير، والتي اعترفت وزارة غلاب بهشاشتها والتزمت بالحد من تصدعها بالرفع من الاعتمادات المخصصة للتشوير الطرقي إلى 140 مليون درهم سنويا ابتداء من 2009 عوض 60 مليون درهم سابقا، وإنجاز برنامج إجمالي للتأهيل على مدى سنتي 2010-2011, تقدر الاعتمادات المرصودة له ب`4651 مليون درهم..
ثاني النواقص وأخطرها: انتشار الرشوة التي أصبحت ممارسة لا تتعارض مع الأخلاق والقوانين والمبادئ، والتي تصعب معها المراقبة وتطبيق المخالفات المسجلة، وتحد من وصول أي قانون لأهدافه المتوخاة، وتحد من قدرة مدونة السير الجديد، على رفع المغرب إلى مصاف البلدان التي تعرف حركة سير آمنة عكس ما هو عليه الحال اليوم".
وكما قال أحد المعارف إننا في حاجة إلى مدونات كثيرة لا إلى مدونة واحدة، وإنه لا تزال العقوبات مطلوبة بأشد من تلك التي وردت فيها، حتى نحافظ على البقية الباقية من أخلاق السياقة، واستتباب آداب الطريق بدوافع ذاتية من السائقين ودون الحاجة إلى شرطي أو دركي يترصد في كل زقاق ويلاحق المخالفين في كل درب..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غربة درب
- عابد الجابري واستفزاز الصغيرات.
- عشق حي قديم.
- وإذا بوعزبزي يوما أراد الحياة...
- صراعات الأديان
- الغضب
- لماذا يبكي الآباء عند تزويج بناتهم؟؟؟
- مشاهد حياتية مستفزة(الحلقة3)
- مشاهد حياتية مستفزة الحلقة 2
- مشاهد حياتية مستفزة, الحلقة الأولى,
- عيد العمال بنكهة جديدة
- اليوم العالمي للصحافة
- احتفالات عيد العمال
- على هامش المصادقة على مدونة السير الجديجة
- قصار القامة عظماء الهامة
- المعارض ليست سيئة كلها
- الاعتذار(1)
- فوضى الأعياد
- محاسبة الرؤساء بداية الإصلاح
- لغو أطفال


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - على هامش تطبيق مدونة السير.