أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - رمادُ الكوابيس














المزيد.....

رمادُ الكوابيس


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 3280 - 2011 / 2 / 17 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


دمي مُصابٌ بدوارِ الحمام
عينايَ بحيرتانِ داميتان
يداي تتقصَّفانِ كغصنينِ يابسينِ من الصفصاف
عاجزتانِ حتَّى عن رفعِ صليبي وحملهِ عدَّةَ أمتار
وفمي مصابٌ بالخرَس
فزبانيةُ مؤسسةِ الرعبِ الوطنيِّ تطاردني بالمسدَّساتِ المسلولة
كأنني العربيُّ الوحيدُ الذي يعيشُ في هذهِ البلادِ التي قدَّسها الربُّ والحاخام
وبالرغمِ من أنني أتحدَّثُ لغةَ شعبِ اللهِ المختارِ لا أقولُ بطلاقةٍ
ولكن بمستوى لا بأسَ بهِ
أجدُ نفسي مصاباً بالخرَسِ وبالصمَمِ
عندما أجادلُ موظفةً بسيطةً تعملُ في هذهِ المؤسسَّةِ

وفي صباحِ أحدِ الأيامِ الرماديَّةِ يحتشدُ رأسي بالعواصفِ والأمطارِ والدموع
فأنا منذُ خلقني اللهُ لا أفلحُ في العثورِ على أملٍ ملائمٍ لحالتي النفسيَّةِ أو الجسديَّةِ
لا أنجحُ إلاَّ في العثورِ على خازوقٍ عظيمٍ يرفعني على بابِ الجحيمِ الأرضيِّ

منذُ تيتَّمتُ وأنا أعيشُ على هامشِ موائدِ اللئام
بشعورِ المطاردِ أو مجرمِ الحربِ أو اللصِّ أوالمارقِ أو الصعلوكِ
أذكرُ مرَّةً قبلَ عامٍ ربمَّا أو أكثر
كيفَ انقضُّوا على بيتي كأنهم خفافيشُ نهارٍ مسعورةٍ
في ذلكَ اليومِ أرعبوا حتى الجمادَ والنباتاتِ المنـزليَّةَ
وعندما اتصَّلوا بي أُصبتُ بالبكَمِ وتحوَّلَ الدمُ في عروقي إلى شرابٍ أحمر
يلمعُ كليزرٍ في ليلٍ بهيم
بينما وحشٌ يكادُ يموتُ من العطشِ يرقبهُ من علٍ كالبومةِ
التي تستعدُّ للانقضاضِ على فريستها الساذجة

في الحقيقةِ اليانعةِ كعينيِّ إبليس
أنني لا أُفرِّقُ بينَ أيِّ انسانٍ وآخرَ
على أساسِ مذهبٍ أو عرقٍ أو قوميَّةٍ أو دينٍ أو لغةٍ أو لونٍ أو شكلٍ
ولكنَّ البشرَ الملعونينَ السفهاءَ يدفعونني أن أُفرِّقَ بينَ الأخِ وأخيهِ
والزهرةِ وأختها والزوجِ وزوجهِ
وسبِّ آباءِ الجنودِ المرتزقةِ الذينَ اندفعوا كالكلابِ المسعورةِ
للدفاعِ عن قرَفِ البيروقراطيَّةِ على حسابِ إراقةِ دمي
على رصيفِ المدنِ القاسية
ورفعي على صليبِ الفقرِ
في الحقيقةِ الطالعةِ من دمِ الشاعرِ المسكينِ كألفِ شمسٍ ربيعيَّةٍ زرقاءِ
أنني لا أسعى إلى زعزعةِ الاستقرارِ السياسي أو الاقتصادي في هذهِ الكرةِ المأفونة
ولا أدعمُ المنظَّماتِ السريَّةَ الثوريَّةَ بأيِّ شكلٍ من الأشكالِ
فلماذا أعيشُ كما كانَ يعيشُ محمَّدُ الماغوطُ في أواخرِ حياتهِ
على فتاتِ الكوابيسِ والأحزانِ والعزلةِ والأحلامِ واليأسِ والجنون

أحلمُ فقط بكتابةِ قصيدةٍ واحدةٍ ليست جميلةً ولا عصماءَ
بقدرِ ما تعبِّرُ بصدقٍ مرهفٍ عن حالتي
وأنا مستلقٍ على كنبةٍ من أوجاعِ الحياةِ
أستمعُ إلى أغنيَّةٍ تركيَّةٍ عذبةٍ لا أفهمُ شيئاً من كلماتها
أحلمُ فقط بحياةٍ تشبهُ حياةَ تشي جيفارا
أحلمُ كما كانَ يحلمُ عشَّاقُ القرونِ الوسطى
بعاطفةٍ محترقةٍ وسذاجةٍ بالغةٍ
كما يحلمُ إبليسُ بالجنَّةِ
وأتخيَّلُ ذراعينِ من النعناعِ تعانقانِ وحدتي
وبحيرتينِ من الزمرُّدِ كعَينيِّ امرأةٍ في لوحةٍ من لوحاتِ رفائيل
تستقبلانِ جسدي التائهَ والمصابَ بألفِ نابٍ وسهمٍ وقوسٍ
وشظيَّةٍ من شظايا الحبِّ

كأنَّ كوابيسَ السامريِّ كلَّها تعشِّشُ في دمي
وتحشو قلبي برمادها غيرِ المرئيِّ.



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للدماءِ رائحةُ الياسمين
- مفخَّخةٌ بالحجارةِ والوَرد
- كأنَّ سماءهُ من فضَّةٍ
- مجموعة قصائد ونصوص
- مجموعة قصائد / 7
- مجموعة قصائد جديدة/ 2
- مرثيَّةُ الهاويةْ
- محمد عفيفي مطر.. عبقريَّةُ التنوُّع
- قصائد نابضة
- كعبُ آخيل
- سميح القاسم.. المخلصُ للقصيدة
- كيفَ التقيتُ بربعي المدهون؟
- مجموعة قصائد / 6
- قصائد /1
- مجموعة قصائد 5
- مجموعة قصائد 4
- مجموعة قصائد 3
- مجموعة قصائد 2
- مجموعة قصائد1
- مقالات مختارة


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - رمادُ الكوابيس