أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - مَن هذا الفالنتاين الذي يعلم سمنون البغدادي الحب؟















المزيد.....

مَن هذا الفالنتاين الذي يعلم سمنون البغدادي الحب؟


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3277 - 2011 / 2 / 14 - 21:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتذكر أن هادي العلوي كتب مقالة ذات يوم، من أيام سنيه الأخيرة، بمناسبة ما يسميه الغربيون - وريثو الهمجية الرومانية وقادة الهمجية الأميركية الراهنة- "عيد الحب/ يوم فالنتاين". بدأ هادي مقالته تلك بقوله ( مَن هذا الفالنتاين الذي يريد أن يعلمنا الحب ونحن الذين أخذناه عن سمنون البغدادي؟ ) بحثت طويلا خلال الأيام الماضية عن هذه المقالة في كتبه التي بحوزتي فلم أجدها، وربما يكون قد نشرها في إحدى الصحف أو المجلات التي اعتاد النشر فيها ولم يضمها إلى كتاب، ولكنني أتذكر معناها العام: العلوي يرفض، وقد رفض قبلها الاحتفال برأس السنة الميلادي ولم يرد على التهاني التي كانت تصله بهذه المناسبة لأنها كما قال ليست مناسبة ميلاد مسيحنا الأصلي، الفلسطيني، المشاعي يسوع، بل هو المسيح الغربي الأبيض الذي يعبده بوش وتاتشر وأمثالهما. الدليل الذي يسوقه العلوي لتأييد رأيه هو أن جميع الأدلة والشواهد التاريخية تؤكد أن المسيح الفلسطيني ولد في الربيع، فيما يحتفل الغربيون بميلاده في مبتدأ كانون الثاني / ديسمبر وهو ذروة الشتاء القارس. أقول، لقد رفض العلوي في مقالته تلك أن يتتلمذ ويتعلم الحب على يدي قديس مالطي مجهول يدعى فالنتاين و قرر الانحياز إلى سمنون البغدادي والذي كان يلقب أيضا بسمنون المحب، وإلى رابعة العدوية وفيلسوف الحب محيي الدين بن عربي ..
هذه مجموعة من الكتابات التي وردت في كتاب هادي "من تراث الثورة المشاعية في الشرق/ مدارات صوفية" حول سمنون و غيره من معلمي الحب العظام نسوقها ليعلم بها المضللون السذج والجاهلون الأبرياء، أما اللاهثون عن قصد ودراية خلف شبح فالنتاين ودولارات الجواسيس لأسباب أخرى تتعلق بمهمة غَرْبَنَة - غربن يغربن أي مسخه غربيا - مجتمعاتنا وتنميطها أمريكيا فهي معروضة لهم بقصد فضحهم وفضحها.
في حملة فخري الترويجية للقديس المالطي المجهول فالنتاين اجتمع شمل مستشار السلطان الملطخ بدماء شباب "بشتآشان" وحرامي الحزب وتاجر المعلومات المخابراتية المعروف، اجتمع شمله بقديس "الحب الغربي" فالنتاين .. والحب الغربي! هل تذكرونه، ذاك الذي مزج تراب العراق بأشلاء أطفالنا ونسائنا حين مزقتهم قنابل طائرتهم الحُبية ( العجوز الفظيعة B52 ) وقصفها السجادي ؟
بمواجهة القديس المالطي فالنتاين الذي لا يُعرف عنه الكثير حتى في الغرب الأوروبي لنقرأ شيئا عن المتصوف البغدادي سمنون المحب الذي لا يريد لنا البعض أن نعرف عنه شيئا:
من ص 48 / من "تراث الثورة المشاعية في الشرق - مدارات صوفية" ، كتب العلوي هادي:
سمنون المحب: كان سمنون أقيم في مقام المحبة، وكان إذا تكلم فيها – في المحبة – يكاد الصخر أن يتصدع، وكانت قناديل المسجد تتراقص من كلامه. وتحدَّث مرةً فتكسرت القناديل من زهو ما سمعت. وكان مستمعوه من الناس يهيمون على وجوههم وتتوله عقولهم. حتى الطيور كانت تعلوها الدهشة والذهول من كلامه في الحب، ونزل عليه طير ذات مرة وهو يتكلم في الحب فمشى بين يديه حتى قعد في حضنه ثم نزل عنه وضرب بمنقاره البلاط فخرج منه الدم وبقي ينزف حتى مات. وسُئل بعضُ الأكابر : ما بال كلام سمنون في المحبة يؤثر في قلوب الخلق ما لا يؤثر كلام غيره؟ فقال: ليست النائحة الثكلى كالنائحة المتأجرة. وكان سمنون ببغداد في زمان الجنيد والسقطي ومن أقواله : لا يعبر عن الشيء إلا بما هو أرق منه ولا شيء أرق من المحبة فبماذا يعبر عنها .انتهى المقتبس.
ومن المصدر ذاته 169، يورد الراحل هادي الأبيات الانسيابية الأربعة التالية المنسوبة لسمنون بوزنها المجتزأ من البسيط والذي يشبه هدهدة الأم لطفلها حتى ينام كما قال:

أشارَ قلبي إليكَ كيما

يرى الذي لا تراهُ عيني

وأنتَ تلقي على ضميري

حلاوةَ السؤالِ والتمني

تريدُ مني اختبارَ شيء

وقد علمت المرادَ مني

وليسَ لي سواكَ حظٌ

فكيفما شئتَ فاختبرني

ومن أجمل أشعار الحب و الوجد الصوفي يورد العلوي هذين البيتين اللذين رواهما التاذفي إنشادا لأبي الحسن الصباغ في " قلائد الجوهر 133"

سقاني شربة أحيا فؤادي

بكأس الحب من بحر الودادِ

ولو لا الله يحفظ عارفيه

لهام العارفون بكل وادي

بالمناسبة، يقول هادي إنه أجرى تعديلا في البيت الأول، فوضع "كأس القرب" بدلا من "كأس الحب" لأن هذه العبارة – كما يعلل – تقليدية تأتلف مع روح الأدب الصوفي الخارق للمألوف .. ولا أراك يا شيخي الحبيب مصيبا في ذلك التعديل فأعدتُها كما كانت وكما قالها الشاعر ولي أسبابي المختلفة.. أما النص الذي يحكي عن سمنون فهو نص غير قابل للقراءة بقلوب وعيون تجار الدين والسياسة والجواسيس بل بوصفه من "الأدب الخارق للمألوف" والذي يجعلنا نصدق بسهولة قصة الطير الذي قتل نفسه في حضرة سمنون بأن ضرب منقاره بالبلاط وظل ينزف حتى الموت ..هذا إذا كنا نعرف ما هو الحب!
ثمة علاقة مهمة ينبه لها العلوي بين الحب والبكاء فهو يقول في آخر كتبه التي صدرت بعد رحيله " ديوان الوجد ص 14 " ( ..ولذلك يبكي العامي كما يبكي الصوفي والتاوي في حين لا يبكي مثقفونا المعاصرون الذين أخذوا الثقافة بالترجمة فهم يترجمون عن غيرهم ومن يترجم عن غيره لا يبكي ...) وفي الصفحة ذاتها يقدم لنا العلوي المعلومات الطريفة والمهمة التالية:
( في اللغة العربية عشر مفردات للحب، وعشرون لفعل الحب، وأربعون لمشتقاته. وفي اللغة الكردية حوالي عشرة مع مشتقاتها، وفي اللغة الفارسية ست مفردات ثلاثة أصيلة وثلاثة من اللغة العربية وهي عشق ومحبة و وله . أما في الإنجليزية ففيها مفردة واحدة أساسية هي (LOVE ) ولا يعرف الانجليز غيرها إلا بالتوليد والمجاز. كقولهم مثلا (LIKE) للود وأصلها للشبه وفيها إشارة إلى مبدأ الشبيه يجذب الشبيه. وعندهم (IROTIC ) للحب والغزل وأصل هذه الكلمة من عروس أروس السامية.)

وفي المصدر ذاته ص 21 يخبرنا أبو الحسن بأن ( أدب الحب يتصنف إلى ثلاثة : غزل، صبابة، وجد .. الغزل عام وموضوعه صفات المرأة الجسدية مع كلمات الإغراء لاستدراجها إلى الرجل وهو لا يصدر بالضرورة عن حب بل قد يكون عن رغبة جسدية... والصبابة هي الحب المبرِّح الملتهب بالأشواق ويختلط فيها الغزل بالوجد، وهي فن جميل يتحاشى الحسية المفرطة فضلا عن الكلام المكشوف الجارح لكرامة المرأة ) ويقيني أن العلوي يناهض في العبارة الأخيرة النظرة الشائعة في مجتمعاتنا وخصوصا من قبل رجال الدين والسياسة والمثقفين بثقافة الترجمة عن الغرب والتي تنظر إلى المرأة كموضوع أو كمعطى جنسي وليس ككائن إنساني. فإذا نظر أحد هؤلاء إلى المرأة فأنه لا يرى فيها إلا جسدها كموضوع قابل للتملك والفعل الجنسي فيه من قبل المتملك وهذه منتهى الخسة الفحولية التي تجرح كرامة نصف البشرية وتخرج بعلاقة الجنس التي هي من أسرار وجودنا من إطار العلاقة الكريمة المنعشة النظيفة إلى مستنقع الابتذال والسوقية والدودية. ومع كل انحيازي ضد الغرب وظلمه وإجرامه بحق الشعوب الأخرى، يتوجب عليَّ أن أسجل أن المرأة الغربية، وبعد أن ذاقت ما ذاقت في عصور الهمجية الغربية، فرضت نفسها أخيرا ككائن إنساني وخرجت من طور الموضوع الجنساني بفعل نضالاتها ونضالات الأحرار من بني مجتمعاتها الرجال.. وثمة هنا بعض الاستثناءات ومنها "تبضيع" جسد المرأة في شبكات الدعارة ومؤسساتها العلنية والسرية ضمن المنطق أو الدين الذي يحكم عقل الغرب ألا وهو دين الربح المادي.
بالعودة إلى تصنيف العلوي هادي لأدب الحب يعرف لنا الصنف الثالث الود بقوله ( الوجد فرع من الوجود، يكمله الوجدان، وتعريفه اللغوي يشتمل على ركنين : حب + حزن . فالحب وحده ليس وجدا وإنما يكون وجدا مع الفقد فمن كانت عنده حبيبة فهو الحب فإن فقدها كان الوجد. والحزن وحده ليس وجدا لأن الإنسان قد يحزن على شيء فلته وهو راغب أو طامع فيه من غير علاقة حب ومثاله أن يحزن المثقف لأنه لم يحصل على جائزة أو يحزن التاجر لأنه خسر في صفقة . أما الحزن الذي يدخل فيه الوجد فهو حزن المحب حين يفقد حبيبته ...)انتهى الاقتباس.
تلك هي عموميات فلسفة الحب الشرقي كما أسس لها سمنون البغدادي وسواه رواد فلسفة وممارسة الحب وكما شرحها لنا أقطاب الثقافة غير المترجمة .. فما الذي يجمع مجتمعاتنا بحب القديس المالطي المجهول فالنتيان بل لماذا يريد لنا فخري وصبيانه أن نجعله إماما لنا ونقدمه على سمنون البغدادي ورابعة العدوية وجميل بثينة وقيس لبنى وقيس المجنون العامري صاحب ملحمة الحب التي مطلعها :

( ألا يا حمامات العراق أعنني ... على شجني وابكين مثل بكائيا )



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كمين أميركي اسمه الجنرال-عمر سليمان-
- خطر التصارع الحزبي على الانتفاضة العراقية ومقترحات لتفاديه / ...
- خطر الاستقطاب الطائفي والعرقي على الانتفاضة العراقية ومقترحا ...
- رفض الاجتثاث وتجريم تمجيد الجلادين
- ثلاثة أخطار تحدق بالانتفاضة العراقية ومقترحات لتفاديها
- تطبيقات من تجربة المصالحة في جنوب أفريقيا:الضحايا كشهود
- المعادلة المغاربية الجديدة: القلب التونسي و جناحاه
- جلادون يعترفون وضحايا ومحققون يضجون بالبكاء
- من البعث إلى الانبعاث
- تجربة المصالحة الوطنية في جنوب أفريقيا بعيون عراقية:العفو مق ...
- أنصفوا قناة -البغدادية- ..فهي صوت وطني لا يدعي الكمال والعصم ...
- الركابي في -أرضوتوبيا العراق.. من الإبراهيمية إلى ظهور المهد ...
- حزب- الدعوة- والانتحار السياسي بزجاجة -عرق-!
- هادي العلوي وإشكاليات محمد أركون: تفكيك المصادرات الأورومركز ...
- لماذا لا يغلق اتحاد الأدباء ووزراة الثقافة ويترك النادي مفتو ...
- الغرب ومسيحيو الشرق: إذلال واستعباد وإهانة
- التسامح كخيار أخلاقي للعقلانية ومحنة المثقف في الحضارة العرب ...
- حماقة إعدام طارق عزيز
- من أجل ردِّ الاعتبار للملك الشهيد فيصل الثاني / مع شهادة بقل ...
- المفكر الراحل نصر أبو زيد.. إشكاليات التأسيس و ثمن الريادة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - مَن هذا الفالنتاين الذي يعلم سمنون البغدادي الحب؟