أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - من البعث إلى الانبعاث















المزيد.....

من البعث إلى الانبعاث


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3250 - 2011 / 1 / 18 - 00:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من البعث إلى الانبعاث
علاء اللامي*
يأتي إعلانُ خمسة تنظيمات بعثية عراقية في دمشق مؤخرا عن اندماجها في تيار واحد أُطلق عليه اسم "الانبعاث والتجديد"، متزامنا مع أحداث مهمة وذات صلة حدثت تحت عنوان "البعث" ذاته داخل العراق، بل، داخل قفص المحكمة التي يُحاكم فيها عددٌ من أقطاب النظام. لقد بلغت الخلافات بن البعثيين من قادة النظام السجناء درجة مثيرة وحادة تبودلت خلالها التشاتم والإهانات و كادت تصل، أو ربما وصلت فعلا إلى التعنيف الجسدي ذات مرة بين طارق عزيز ووزير الداخلية السابق وطبان إبراهيم الحسن الأخ غير الشقيق لصدام حسين، مما اضطر القاضي لقطع بثِّ جلسة المحكمة التي كانت تنقل على التلفزيون وأمر الحراس بإخراج وطبان من قاعة المحكمة.
خلاصة ما حدث تقول، وفقا لمصادر مطلعة، إنَّ وطبان شرع بالافتراق عن رفاقه سياسيا ونفسيا منذ زمن، و تبرأَ من تجربة البعث العراقي وممارساته في السلطة، واعتذر للشعب العراقي عنها في إحدى جلسات المحكمة، وزعم أنه قال لصدام بعد انتفاضة ربيع 1991، إنَّ عليه أن يحلَّ حزب البعث لأنه أصبح " ثقيلا" على الشعب، وليس جديرا بقيادة الدولة. وفي حملتهِ ذاتها، حمَّل وطبانٌ طارقَ عزيز مسؤولية ما كان يحدث بوصفه "المُخَطِّط والمهندس لسياسات النظام" أو بعبارته الخاصة " مهندس الخراب" وراح يصب عليه لعناته وهو في قفص الاتهام، فردَّ عليه عزيز باتهامات من ذات النوع، و قال في إحدى جلسات المحكمة إنه يريد أنْ يكون شاهد إثبات ضدَّ وطبان ليفضح ممارساته لأنه - على حدِّ تعبيره - كان "يذبح ويسلخ العراقيين بصفته وزيرا للداخلية فيما هو لا يصلح أن يكون راعيا للغنم"!
هذه المشادات التي عُرضت على شاشات التلفزيونات العراقية ، ونقلت على مواقع متخصصة على الإنترنيت، لا تخلو من الأهمية السياسية، لأنها تصلح لتكون مؤشرا على نهاية مرحلة من حياة البعث والبعثيين العراقيين وبداية أخرى، وتحديدا من الناحية النفسية و الاجتماعية، مرحلة تُؤذن بانهيار حالةٍ وبروز أخرى. كما أنَّ لها دلالاتها الخاصة التي سنتعرض لبعضها في التالي، ولكنها أيضا تَمُتُّ بصلات، قد لا تكون مباشرة، لحدث الاندماج بين التنظيمات البعثية الخمسة في دمشق، وربما جمعها في خطها العام وبواعثها الأرأس الجذرُ ذاتُه والنمطُ الخاصُ الذي حَكَم تجارب الأحزاب الشمولية عند فقدانها السلطة والثروة والأرض ودخولها في تجربة جديدة تشبه تلك التي شهدناها في حالة الأحزاب الشيوعية الستالينية في شرق أوربا وأماكن أخرى وانتقالها من التجربة الشمولية ذات الحزب الواحد إلى التعددية اللبرالية مع أخذ الفارق "الاجتماسي" الهائل بين التجربتين – البعثية والستالينية -بنظر الاعتبار.
التنظيمات الخمسة المندمجة، بعضُها معروف منذ زمن كتيار المراجعة والتَوحُّد بقيادة عبد الخالق الشاهر، وتيار التجديد بقيادة شهاب أحمد لافي، وأخرى يسمع بها لأول مرة وهي تيار الانبعاث القومي بقيادة خالد السامرائي السكرتير العام للتيار الجديد وحركة التحرر الوطني بقيادة آلام السامرائي وتيار "مناضلون" بقيادة نبيل الدليمي،وقد ظهر بيان في الصحافة يتبرأ فيه هذا الأخير من المحاولة ولا يُعْرَف مقدار صدقيته. ولكن لا يمكن المجازفة حاليا في تقدير الحجم الجماهيري والتنظيمي الفعلي لهذه التنظيمات مجتمعة، غير أنها كما يبدو ستكتسب المزيد من الأنصار و المؤيدين في الداخل والخارج لأنها ستلبي، بشكل ما، حاجةً موضوعيةً "بعثيةً" طال انتظارُها، خصوصا وقد تجمدت قيادات الحزب التقليدية بعد انشقاقاتها في تكريس أو تقديس أو نقد الماضي نقدا خفيفا لا يكاد يشعر أحدٌ به، واستمرت في الذود عن رموزها وتجربتها في الحكم– ونقصد هنا قيادة بعث الدوري "قيادة قطر العراق" - ورفض تقديم أي اعتذار للشعب بعد كل ما حدث أو الإعلان عن نيتها لمراجعة تجربتها. أما الجناح الآخر من الحزب والذي يقوده الضابط الكبير في الجيش السابق محمد يونس الأحمد "قيادة قطر العراق / المؤتمر الاستثنائي" فقد صدر عنه كلام مهم في هذا الصدد قبل فترة وأعلن أحد قادة هذا الجناح أنهم يَنْوونَ تقديمَ اعتذارٍ رسميٍّ للشعب العراقي عن كلِّ ما حدث وكلِّ ما تسبب به النظام، ولكنَّ الأمر انتهى عند هذا الحد وظل الكلام في حدود النوايا والوعود دون أنْ يندرج في خانة الأفعال والوثائق الرسمية.
التنظيمات الخمسة، وعلى الرغم من قِلة المتداوَل عن سياساتها وأفكارها، غير منسجمة أو متجانسة سياسيا وفكريا، كما يمكن أنْ نسجل أنَّ أكثر من فصيل منها يحتفظ بالمسافة نفسها من الجناحين الكبيرين في الحزب. نقصد جناح عزة الدوري وجناح محمد يونس الأحمد. فهم يُخَطِّئون الطرفين ولكنهم لا يريدون أن يكونوا أعداء لكليهما، وهم يعلنون أنهم يستهدفون كسب القواعد الحزبية للجناحين بغية " إعادة البعث إلى ينابيعه الصافية " كما قالوا في مؤتمرهم الصحفي. ومع أن المندمجين، لا يحتكرون الصفة الحزبية، ولا يشطبون على حمََلَتِها في الأجنحة الأخرى، فهم يَصِفونَ أنفسهم بأنهم "جزء من طليعة البعث"، ولكنهم يفترقون عن غيرهم بكونهم يعودون بأزمة الحزب إلى ما يسمونه "المؤامرة والمجزرة التي قام بها صدام حسين سنة 1979 ضد العشرات من قادة وكوادر الحزب" في ما عرف بمؤامرة " محمد عايش ورفاقه" وهم البعثيون المؤيدون للوحدة مع سوريا آنذاك، والتي عارضها صدام. وفي ما خلا هذه الإشارة لا يوجد أي موقف نقدي آخر من قيادة صدام حسين وتجربته في الحكم، وليس هناك أي استعداد معلن للاعتذار للشعب العراقي عمّا حدث تحت رايتهم وباسمهم واسم حزبهم، وهم بذلك متأخرون نقديا وتاريخيا حتى عن جناح الأحمد الذي مازال قادته وكوادره يعتبرون أنفسهم من "أخلص" ورثة صدام حسين وقيادته ولكنهم لا يسكتون عن أخطاء وجرائم وقعت في عهده.
من بين المجموعات الخمس، تبدو المجموعة التي يقودها عبد الخالق الشاهر، هي الأكثر استعدادا للاندراج في الواقع السياسي القائم في العراق، واقع حكم المحاصصة الطائفية المتحالف مع الاحتلال، رغم كل الشعارات المعاكسة المعلنة، فهذه المجموعة قالت إنها دخلت فعلا في حوارات مباشرة مع حكومة المالكي، و "ليست لدينا مشكلة" في مواصلة تلك الحوارات، ولكن رد الفعل السريع من الحكومة أكد على أنَّ الحوار مع البعث الصدامي محظور دستوريا، ولا يمكن القيام به، (إنما- يضيف أمين عام مجلس الوزراء والقيادي المعمم في حزب المالكي" الدعوة" علي العلاق - إنما ذلك لا يمنع من الدخول في حوارات مع شخصيات وطنية غير ملطخة الأيادي بدماء العراقيين بغض النظر عن العناوين التي يندرجون تحتها) ومقابل هذا التصريح الذي وُصِفَ بالمعتدل واللماح، صدرت تصريحات مناقضة له عن مصادر بعضها في حزب الدعوة، وأخرى في التحالف الوطني "الشيعي" ترفض أي حوار مع البعثيين حتى إذا تبرأوا من تجربة الحكم الصدامية. موقف مشابهة في ليونته واعتداله صدر عن قائمة علاوي، وآخر عن التحالف الكردستاني ، على لسان القيادي محمود عثمان، الذي اشترط على البعثيين التبرؤ من تجربة القمع الدموي في عهد صدام حسين، مع الترحيب بأي مسعى لتوسيع نطاق المصالحة الوطنية. أما الناطق الرسمي باسم قائمة علاوي النائب حيدر المُلا فقد تمني بأن تتحول ( حالة الخصام بين البعثيين والحكم إلى حالة تنافس سياسي مثلما تحولت حالة العداء إلى حالة خصام بين الطرفين. يأتي هذا الموقف المعتدل والإيجابي من قائمة العراقية على الرغم من الإشارات المتحفظة والمفاجئة التي أبداها المندمجون تجاه هذه القائمة. فقد أعلنوا أنهم رصدوا عدم تحمس أو قلة تأييد من قائمة علاوي لهم كبعثيين أو لحوارهم مع حكومة المالكي لأن وجودهم في الساحة السياسية – كما قالوا في مؤتمرهم الصحفي بدمشق - كطرف مستقل يؤيد المقاومة ضد الاحتلال، ويرفض استهداف المدنيين والعسكريين العراقيين، يعني فقدان علاوي لملايين الأصوات الانتخابية "المؤيدة للبعث" التي ستصب لصالحهم وهذا رأي لا يخلوا من الحصافة وإنْ كان من المبكر الحكم على النتائج العملية التي يراهن عليها القائلون به.
وأخيرا، فقد جاء موقف جناح الدوري في حزب البعث، حاد ومتشنجا كما هو متوقع، إذْ رفض المجموعات المندمجة كلها، وشكك بها وبصِلاتها بالحزب، وتبرأ من برنامجها وأهدافها وبواعثها، ثم استغل المناسبة لِشَنِّ هجوم شرس على غريمه الرئيس في جناح الأحمد واتهامه بالخيانة العظمى والتآمر ضد الحزب. هكذا جاء رد فعل جناح الدوري كما كان متوقعا بالضبط، وعَكَسَ تماما جمود وتعصب القائمين على هذا الجناح لفكر وممارسات نظام صدام حسين، ونظرتهم الاستعلائية والشمولية إلى الشعب والماضي والحاضر، نظرة قائمة على انفصام يكاد يكون مَرَضيّا بين تفكيرهم وشعاراتهم وبين الواقع الفعلي على الأرض.
أما الجناح الآخر في الحزب "جناح الأحمد" فلم يصدر عنه موقفٌ لافتٌ ومهمٌ حتى الآن بخصوص حدث اندماج المجموعات البعثية الخمس، وربما كان هذا الأمر مدعاةً للشكوك التي أطلقها بعض المراقبين، على اعتبار أنه إذا لم يكن جناح الأحمد مؤيدا سرا للمحاولة فهو لا يمكن أن يعاديها في الوقت الراهن وهي ترفع أهدافا وتصورات سياسية لا تختلف كثيرا عن تلك التي يرفعها هو، ربما باستثناء الموقف التصنيمي الفائح برائحة "عبادة الشخصية" لرئيسهم السابق صدام حسين و الذي ما تزال جماعة يونس الأحمد تتجاذب و تنازع على قميصه مع جماعة عزة الدوري متنافسين معهم في إحراق المزيد من البخور الحزبي الشمولي حول القبر الذي هجرته الملايين.الأخبار 18/1/2011




#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجربة المصالحة الوطنية في جنوب أفريقيا بعيون عراقية:العفو مق ...
- أنصفوا قناة -البغدادية- ..فهي صوت وطني لا يدعي الكمال والعصم ...
- الركابي في -أرضوتوبيا العراق.. من الإبراهيمية إلى ظهور المهد ...
- حزب- الدعوة- والانتحار السياسي بزجاجة -عرق-!
- هادي العلوي وإشكاليات محمد أركون: تفكيك المصادرات الأورومركز ...
- لماذا لا يغلق اتحاد الأدباء ووزراة الثقافة ويترك النادي مفتو ...
- الغرب ومسيحيو الشرق: إذلال واستعباد وإهانة
- التسامح كخيار أخلاقي للعقلانية ومحنة المثقف في الحضارة العرب ...
- حماقة إعدام طارق عزيز
- من أجل ردِّ الاعتبار للملك الشهيد فيصل الثاني / مع شهادة بقل ...
- المفكر الراحل نصر أبو زيد.. إشكاليات التأسيس و ثمن الريادة
- نكبة ابن رشد من منظار الجابري : هجاء -المتسلط الأوحد- في مدي ...
- حكومة شَراكة أم شَرِكَة حكومية مساهمة ؟
- دستور غالبريث و الدولارات الكردية
- أبو زيد وإشكالية العلاقة بين التراث والعلوم الحديثة : أهل ال ...
- تاريخانية الفكر الإسلامي لدى محمد أركون : الدائرة في مواجهة ...
- المفكر الراحل نصر أبو زيد في بواكير أعماله : المجاز والتأويل ...
- مذبحة جديدة بسكاكين القاعدة لعلماء الدين السنة العراقيين
- الهروب الأميركي الكبير..ودروسه
- إعادة إنتاج -الحادثة- في السِّير الذاتية التقليدية من منظور ...


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - من البعث إلى الانبعاث