أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - رفض الاجتثاث وتجريم تمجيد الجلادين















المزيد.....

رفض الاجتثاث وتجريم تمجيد الجلادين


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3271 - 2011 / 2 / 8 - 10:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلاصات عراقية لتجربة جنوب أفريقيا: رفض الاجتثاث وتجريم تمجيد الجلادين

كشفت الجلسة المتعلقة بطلب جفري بنـزيين، وهو عضو سابق في الشعبة الأمنية للشرطة عن تناقض شديد في موقف ضحاياه السابقين، الذي شككوا في النهاية بأنه كشف بالكامل المعلومات ذات الصلة. ومن ناحية أخرى شكلت أقوال جفري بنـزيين أمام لجنة العفو اعترافاً صريحاً بشكل مذهل بالممارسة الروتينية للتعذيب ضد أي شخص يشتبه في قيامه بأنشطة ضد النظام العنصري باسم المؤتمر الوطني الأفريقي في أواخر الثمانينيات. وأكدت شهادته وشهادة ضابط كبير سابق في الشعبة الأمنية للشرطة، أن سلوكه كان يحظى بالتأييد على أرفع مستوى سياسي. وفي إحدى مراحل الجلسة، وبناء على طلب طوني بنغيني أحد ضحاياه السابقين، مثَّل جفري بنـزيين على متطوع، أمام اللجنة والجمهور وآلات التصوير التلفزيونية أسلوبه الشهير في التعذيب بالاختناق المعروف باسم "الكيس المبلل" والذي اعتبره المراقبون شكلاً من أشكال "التشهير العلني به". ورغم هذا فإن استجوابه المتواصل من جانب ضحاياه في الجلسة غالباً ما فضح تقاعسه عن الاعتراف بالأشكال لسوء المعاملة وكشف أسماء رجال شرطة آخرين شاركوا في جلسات التعذيب.
وفي قضية ستانزا بوباب الذي أجرت عائلته تحقيقاً نشطاً في "اختفائه" الذي حدث في يونيو/حزيران 1988، قبلت اللجنة، بشيء من عدم الارتياح، مزاعم 10 رجال سابقين في الشعبة الأمنية، بينهم رئيس الشعبة في حينه، بأنهم قتلوه بصورة غير قانونية (نتيجة صعقه بالصدمات الكهربائية) وتخلصوا من الجثة واختلقوا رواية متقنة لإخفاء معالم الجريمة. وفي تأمل مقلق حول قضية "التناسب"، لاحظت اللجنة أن"الأساليب التي استُخدمت في استجواب الراحل كانت بغيضة وغير قانونية.
وأكملت اللجنة جلساتها وأصدرت أحكامها النهائية بحلول يونيو/حزيران 2001 ولم يبق أمام لجنة الحقيقة والمصالحة إلا إعداد تقريرها النهائي، الذي سيُدرج الوقائع التي توصلت إليها لجنة العفو في التقرير السابق للجنة الذي نُشر في أكتوبر/تشرين الأول 1998، ويتضمن توصيات إضافية حول تقديم تعويضات إلى ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الذين تعرَّفت عليهم لجنة العفو. ولم يكن ذلك التقرير الذي ينبغي رفعه إلى رئيس جنوب أفريقيا قد أُعد في مطلع العام 2002.
خلاصات :
وضعَ عملُ لجنة الحقيقة والمصالحة حداً لإنكار المسؤولين الرسميين والأحزاب السياسية طوال سنوات حدوث تعذيب منهجي وإفلات ممارسيه من العقاب في عهد الفصل العنصري. كما أنه أتاح للعديد من الضحايا الفرصة للتحدث عن التجارب التي مروا بها في جلسات علنية ومنح البعض فرصة لتحدي ممارسي التعذيب ضده وجهاً لوجه.
تنتهي هنا قراءتنا في وثائق لجنة الحقيقة والمصالحة كما رصدتها منظمة العفو الدولية وسوف نحاول الآن أن نقدم تصورنا الشخصي لكيفية استلهام هذه التجربة في ضوء خصوصيات الحالة العراقية .
لقد أكدنا في تضاعيف هذه السلسلة من المقالات أن ثمة فرقا كبيرا جدا بين الحالة الجنوب أفريقية والحالة العراقية ، كما ذكَّرنا بأن قيادة النظام العنصري كانت قد بادرت إلى تفكيك نفسها وإنهاء نظام الميز العنصري عبر التفاوض المباشر مع القيادة الثورية الأفريقية مع أنه كان نظاما مسيطرا من الناحية الأمنية بقوة القمع وكان مسلحا بالسلاح التقليدي وبالسلاح النووي وقويا اقتصاديا رغم الحصار العالمي المفروض عليه ، أما النظام البعثي الصدامي في العراق فقد عاند ورفض أي نداء للقيام بإعادة السلطة إلى الشعب والاحتكام إلى صناديق الانتخابات وكابر وقاد البلد والشعب في طريق الخراب والحروب والمغامرات الفاشلة والمكلفة بشريا واقتصاديا وزاد فنظم حملة قمع وتصفيات شاملة ضد المواطنين العراقيين. لقد كانت مبادرة قيادة النظام العنصري إلى التنازل وتفكيك المؤسسات العنصرية الحاكمة عاملا مساعدا سهل انطلاق واستمرار عميلة البحث عن الحقيقة والمصالحة، أما رفض نظام صدام حسين لإعادة السلطة إلى الشعب واستمرار بالقمع حتى آخر أيامه فإنه سيكون عاملا مؤثرا جدا ولكن في الاتجاه المضاد. إن هذا الفارق النوعي بين الحالتين لا يمكن أن ينظر إليه كسبب يقفل الباب بوجه أية محاولة لاستلهام التجربة الجنوب أفريقية، صحيح أنه سيجعل عملية الاستلهام لها صعبة ولكنها ليست مستحيلة لأن القول باستحالتها سيعني الاندفاع في طريق العقلية الثأرية والتصفيات المتبادلة والغرق في بحر الحرب الأهلية. الخيار إذن هو في دراسة الحالة العراقية دراسة دقيقة والانطلاق في عملية واسعة النطاق للتبشير بها والضغط من أجل أن يصدر النظام الحاكم والشرعي الذي سيقوم مستقبلا في العراق قانونا رسميا يؤسس لتجربة جديدة لمعرفة حقيقية ما حدث خلال فترة حكم البعث والبدء بعملية إنصاف قانوني وقضائي للضحايا ومعاملة المسئولين الحكوميين والجلادين على أساس ما سوف يقدمونه من تعاون وحقائق واعتذار للشعب العراقي وللجسم الرسمي القضائي الذي سيتشكل آنذاك لمعالجة ملف المصالحة الوطنية الحقيقية والمرتكزة على معادلة : العفو مقابل الحقيقة والاعتذار .
إن خصوصيات الحالة العراقية توجب استثناء المسؤولين الكبار في نظام صدام الذين تلطخت أياديهم بدماء الشعب وفي مقدمتهم الرئيس السابق المعدوم صدام حسين نفسه من أي عفو قانوني، كما ينبغي تشريع قانون يُجَرِّم ويُحَرِّم أية محاولة لتمجيده وإعادة الاعتبار له ولزمرته المدانة على اعتبار أن هذا التمجيد وإعادة الاعتبار هو إهانة صارخة لدماء مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء الذين أزهقت أرواحهم الطاهرة، أما الاجتثاث السياسي والفكري لحزب البعث فهو أمر مختلف ويتناقض جوهريا مع المثل الديموقراطية مما يوجب إنهاؤه وتحويل ملفاته إلى الجهات القضائية المتخصصة ورفع الحظر عن أي حزب يحمل هذا الاسم ويفي بالمطالب والاشتراطات الآنفة، ولا عبرة ولا احترام لكلام بعض الانتهازيين من البعثيين السابقين الذين التحقوا باللعبة السياسية الحالية وأصبحوا نوابا ووزراء ومسؤولين ولكنهم "يهذرون" بكلام ضد فكر هذا الحزب و يحاولون في الوقت ذاته تبرئة الجلادين الصداميين الدمويين الملطخين بدماء العراقيين.
لقد عانت التجربة الجنوب أفريقية من الكثير من السلبيات الواردة في خلاصات تقاريرها ومن ذلك إهمال موضوع التعويضات المادية والمعنوية لضحايا القمع وغير ذلك من سلبيات ، وهذه أمور ينبغي الاستفادة منها وتلافيها في التجربة العراقية وعدم تكرارها.
كما إن تلك التجربة لم تشترط لنيل العفو اعتذار مرتكب الجرم القمعي عن جرمه واستعداده الشخصي لتعويض المتضرر وتركت ذلك لرغبته الحرة وهذه نقطة ضعف كبرى يمكن أن تسيء لحقوق الضحايا الدستورية والقانونية والأخلاقية.
يمكن أيضا أن نقترح وجوب عدم المساواة بين جميع الأشخاص المتقدمين بطلب العفو والمعترفين بمساهمتهم في عمليات القمع والتصفيات وتقسيمهم من حيث أهمية ما ارتكبوه ومن حيث موقعهم في السلم الوظيفي في المؤسسات القمعية الحكومية والتعامل مع تلك الأقسام حسب الموقع الأهمية . تلك هي التجربة الفذَّة التي قدمها للتاريخ ولشعوب العالم شعبُ جنوب أفريقيا، فهذا الشعب انتصر مرتين: مرة على النظام العنصري الدموي النووي بدمه الأعزل، ومرة ثانية على نفسه وبشريته وأحزانه وآلامه فاختار طائعا وحرا طريق المصالحة المشفوعة بالعدالة والرحمة . وأخيرا، ولكي يكون المطالبون باعتذار من البعثيين الصداميين صادقين أخلاقيا مع أنفسهم وشعبهم ينبغي عليهم ، ومن باب أولى، أن يطالبوا بعض المسؤولين الكبار في نظام المحاصصة الطائفية القائم اليوم، وهم ممن يزعمون العداء للقمع البعثي الصدامي، أن يطالبوهم بأن يعتذروا بدورهم عن مجازر وارتكابات دموية مشهورة قاموا بها، واعتبروها انتصارات لأحزابهم ومليشياتهم كمجزرة "بشتآشان" التي راح ضحيتها أكثر من سبعين من اليساريين العراقيين الذين التحقوا بصفوف الأنصار الشيوعيين في الثمانينات من القرن الماضي دفاعا عن الشعب الكردي وضد نظام صدام ولكنهم قتلوا بطريقة بشعة وغادرة من قبل الذين ظنوا أنهم أصدقاء.. خلاصة القول، إن مَن يطالب البعثيين الصداميين بالاعتذار عن مجازرهم وتجاوزاتهم، وهذا حق، عليه أولا أنْ يغسلَ يديه الملطختين بدماء العراقيين الشرفاء الذين ناضلوا ضد ذلك النظام



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثة أخطار تحدق بالانتفاضة العراقية ومقترحات لتفاديها
- تطبيقات من تجربة المصالحة في جنوب أفريقيا:الضحايا كشهود
- المعادلة المغاربية الجديدة: القلب التونسي و جناحاه
- جلادون يعترفون وضحايا ومحققون يضجون بالبكاء
- من البعث إلى الانبعاث
- تجربة المصالحة الوطنية في جنوب أفريقيا بعيون عراقية:العفو مق ...
- أنصفوا قناة -البغدادية- ..فهي صوت وطني لا يدعي الكمال والعصم ...
- الركابي في -أرضوتوبيا العراق.. من الإبراهيمية إلى ظهور المهد ...
- حزب- الدعوة- والانتحار السياسي بزجاجة -عرق-!
- هادي العلوي وإشكاليات محمد أركون: تفكيك المصادرات الأورومركز ...
- لماذا لا يغلق اتحاد الأدباء ووزراة الثقافة ويترك النادي مفتو ...
- الغرب ومسيحيو الشرق: إذلال واستعباد وإهانة
- التسامح كخيار أخلاقي للعقلانية ومحنة المثقف في الحضارة العرب ...
- حماقة إعدام طارق عزيز
- من أجل ردِّ الاعتبار للملك الشهيد فيصل الثاني / مع شهادة بقل ...
- المفكر الراحل نصر أبو زيد.. إشكاليات التأسيس و ثمن الريادة
- نكبة ابن رشد من منظار الجابري : هجاء -المتسلط الأوحد- في مدي ...
- حكومة شَراكة أم شَرِكَة حكومية مساهمة ؟
- دستور غالبريث و الدولارات الكردية
- أبو زيد وإشكالية العلاقة بين التراث والعلوم الحديثة : أهل ال ...


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - رفض الاجتثاث وتجريم تمجيد الجلادين