أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - باتر محمد علي وردم - الفقر برئ من الإرهاب!














المزيد.....

الفقر برئ من الإرهاب!


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 979 - 2004 / 10 / 7 - 10:26
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تنتشر في العالم بمراكزه الأكاديمية المختصة وبعض وسائل الإعلام توجهات سياسية وفكرية تربط ما بين الفقر والإرهاب، وبأن الفقر هو المصدر الرئيسي للإرهاب في العالم ويجب محاربة الفقر من أجل التخفيف من خطر الإرهاب. وقد رحب العالم العربي والإسلامي بدوره بهذا التوجه على أساس أنه لا يجعل الإرهاب مرتبطا بديانة معينة أو عرق معين خاصة مع توالي الاتهامات للعرب والمسلمين بالإرهاب. ولكن الواقع أن مثل هذا الربط التعسفي ليس مجرد خطأ منهجي كبير ولكنه لا يفيد أحدا في فهم ظاهرة الإرهاب ويجعل التوجه بعيدا عن المصادر الفعلية للإرهاب كما أنه يجعل ظاهرة الإرهاب خاصية مميزة للعالم الثالث والفقراء وهو أبعد ما يكون عن ذلك.
المشكلة الرئيسية في هذا الخلط هي أن العالم غير متفق على مفهوم الإرهاب وتعريف الإرهابيين. الأميركيون يفضلون أن يجعلوه ملتصقا بالعرب والمسلمين وكل من يعادي إسرائيل والسياسات الأميركية التوسعية وهذا ما قد ينطبق على المقاومة العراقية حماس وحزب الله وسوريا وكوريا الشمالية وربما فرنسا أيضا في بعض الاجتهادات الأميركية المتطرفة، بينما يفضل الأوروبيون ربط الإرهاب بالفقر وتهميش المجتمعات والذي يؤدي بدوره إلى الهجرة إلى الشمال والتي تعتبر إحدى المشاكل الرئيسية في أوروبا.
ولكن إذا اعتبرنا أن الإرهاب بالمفهوم المطلق هو التسبب بالأذى للمدنيين الأبرياء من أجل تحقيق أهداف سياسية أو غيرها فإنه من الواجب القول بأن أكبر الإرهابيين في التاريخ هم من الأغنياء لا من الفقراء. فالاستعمار الأوروبي تسبب بإرهاب الملايين من سكان الدول الفقيرة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بينما تسببت عقلية الكاوبوي الأميركية والقوة المتغطرسة لجيشها في مقتل مئات الآلاف من المدنيين في اليابان والعراق وفيتنام وأفغانستان وغيرها كما أن إسرائيل أوضح شاهد على إرهاب الأغنياء ولا ننسى كذلك الإرهاب الذي تمارسه الحكومات القمعية في العالم ضد شعوبها وهي مدججة بكل القدرات الاقتصادية التي تحرم منها هذه الشعوب.
وفي النهاية فلا يوجد إرهابي فقير، وحتى أسامة بن لادن الذي أصبح نموذج الإرهاب العالمي بالنسبة للغرب فهو لم يعش يوما واحدا فقيرا وجذور تحوله إلى الإرهاب يمكن تتبعها من السجلات السرية لوكالة الاستخبارات الأميركية لا من المشاكل الاقتصادية والتنموية في العالم العربي. ومن الظلم الكبير أن يصبح الفقراء في العالم موصومين بأنهم إرهابيين محتملين فتصبح تهمة الإرهاب إضافة أخرى إلى واقع الفقر لتتسبب في معيشة ضنكى اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا لأكثر من ثلثي سكان العالم.
الفقر قد يكون سببا في الإحباط والمرارة والغضب والثورة ضد الظلم والتعسف ولكنه بالقطع ليس سببا في الإرهاب أو على الأقل لا يمكن التعميم في هذا الصدد. وهذا يعني أن القضاء على الفقر يجب أن يكون التزاما إنسانيا أخلاقيا لرفع مستوى معيشة الناس لا لمجرد حماية الدول الغنية من "إرهابيين" محتملين طور التكوين. وإذا أراد الغرب أن يقوم بحرب "أخلاقية" على الإرهاب-ليس بقيادة الولايات المتحدة بالتأكيد- فعليه أن يبحث عن الأسباب في الظلم السياسي والاستبداد ونهب الثروات ودعم الاحتلال وبعض حالات التعصب الديني فهذه هي أسباب الإرهاب الجوهرية لا الفقر.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الكثير من حكومات العالم الثالث ومنها اتلعالم العربي تريد أن تدفع باتجاه تبني هذه الفكرة من أجل زيادة المساعدات الغربية لها وخاصة في الجانب الأمني-الاقتصادي بهدف معلن هو محاربة الفقر كمصدر للإرهاب بينما يكون هدفها الحقيقي هو محاربة المعارضة بحجة مكافحة الإرهاب والاستيلاء على هذه المساعدات تحت ستار التنمية ومحاربة الفقر لزيادة ثروات الفئات الحاكمة.
كما قلنا فإن الربط ما بين الفقر والإرهاب هو نتيجة غير منطقية لتسلسل التحليل في التفكير الغربي والذي ينطلق هو الآخر من بدايات فكرية غير صحيحة. التحليل الغربي يبدأ بتوصيف الإرهاب بأنه إرهاب عربي-إسلامي ثم يجد أن العالم العربي والإسلامي يتميز بالكثير من حالات الفقر وتباين الثروات، وعندما يشير إلى ما يسميها "تنظيمات إرهابية" فإنه يشير إلى الكثير من تظيمات المقاومة الفلسطينية ويعتقد مخطئا أن إبن المخيم الفلسطيني الذي يتحول إلى استشهادي يفعل ذلك بدافع الفقر والحرمان ولكن الواقع هو أن ذلك يحدث بدافع الوطنية ومقاومة الاحتلال.
الإرهاب الحقيقي هو ترويع الناس في معيشتهم وممتلكاتهم وأرواحهم بدون ذنب ارتكبوه وهذا ما دأبت على فعله الولايات المتحدة وإسرائيل ضد العرب والمسلمين كما فعلته الكثير من حكومات الدول المستبدة، والكثير من التنظيمات المتعصبة دينيا في العالم الإسلامي وغيره وإذا كان ثمة عامل واحد مشترك يجمع بين هؤلاء فهو بالتأكيد ليس الفقر، ولهذا فإن الربط بين الفقر والإرهاب ربط غير صحيح ومن الأفضل لنا في العالم العربي أن نحمي فقراءنا من أن تلتصق بهم تهم جديدة تطارهم وهم يكادون لا يجدون لقمة العيش!



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -قراءة في نظرية -إبحث عن المستفيد
- الثاني عشر من أيلول 2004: لا نزال ندافع ولكننا نخسر
- كيف يتعامل الضمير العربي والإسلامي مع الجرائم بحق الآخرين؟
- إختطاف أطفال: هل وصلنا قمة الإنحدار الأخلاقي؟
- الصحوة ضد -خطف الأبرياء-: ما الفرق بين الفرنسيين والنيباليين ...
- رفض أي دور أمني أردني في فلسطين!
- عندما يصبح الإصلاح وهما عربيا!
- صفقة إدانة قتل المدنيين الإسرائيليين مقابل تخفيف ضغوطات الإص ...
- ماذا بعد رفض -الإصلاح- من الخارج؟
- -القاعدة- هي التي تقود أخطر حملة على الإسلام!
- مشروع الشرق الأوسط الكبير
- غزة وبغداد...جرائم متماثلة ولو اختلف الفاعلون!
- لا يرغبون بنا...فلماذا نسافر إليهم؟
- هل هناك مجتمع معلومات في العالم العربي؟
- تعقيبا على -الاتجاه المعاكس-: المثقف الذي يقبل رشاوى الأنظمة ...
- الإصلاح العربي...من دافوس!
- قائمة كوبونات النفط تسبب صدمة أخلاقية في الأردن!
- متى تطالب الدول النامية -بالمديونية البيئية- من الدول الصناع ...
- عندما تصبح أجهزة الحاسوب مصدرا للموت والمرض!
- جوائز أسوأ الشركات تأثيرا على البيئة لعام 2003


المزيد.....




- الأردن: مستوطنون إسرائيليون اعتدوا على قافلتي مساعدات في طري ...
- فيدان .. تركيا ستنضم إلى استئناف جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بمح ...
- -معلومات مضللة-.. موسكو تنفي اتهامات بروكسل لها بانتهاك حقوق ...
- مراقب الدولة في إسرائيل يبدأ تحقيقا عسكريا بهزيمة الجيش أمام ...
- شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن عملها وقيادتها السيارة
- صاحب -ثلاثية نيويورك- و-4 3 2 1-.. بول أوستر يودع الحياة عن ...
- فيضانات كينيا تجبر السلطات على إجلاء السياح من محمية ماساي م ...
- فيديو: وزير الخارجية الفرنسي يستكمل جولته الإقليمية بلقاء نظ ...
- شجب حقوقي لإدانة الناشطة السعودية مناهل العتيبي بـ-الإرهاب- ...
- السعودية.. جريمة مروعة في نجران تثير غضبا كبيرا والسلطات تتح ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - باتر محمد علي وردم - الفقر برئ من الإرهاب!