أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد صقر - ازدهار العلاقة بين المسرح والمجتمع في الفترات الثورية .















المزيد.....

ازدهار العلاقة بين المسرح والمجتمع في الفترات الثورية .


أحمد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3271 - 2011 / 2 / 8 - 13:59
المحور: الصحافة والاعلام
    


حين أتحدث عن هذا الموضوع – والذى يبدو منذ الوهلة الأولى أنه بسيط ويسير غير أنى أرى أنه متداخل وليس بيسير- أرى أنه من الأفضل أن ألقى الضوء فى البداية على جانب هام وهو مفهوم الثورات من منطلق آراء علماء الاجتماع ثم بعد ذلك أعرض كيف تجسد هذا فى المجتمع عبر العصور.
قامت الثورات الشعبية منذ فجر التاريخ لمقاومة العبودية والتسلط وللبحث عن الحرية، فكفاح الإنسانية – على مدى العصور – هو كفاح من أجل الحرية للإنسان ومحاولة توفير حقوقه تجاه السلطة الحاكمة وتجاه غيره من الأفراد والمكونين للجماعات الإنسانية : فالحرية هى أسمى آمال البشر، وهى وسيلة وغاية معاً : وسيلة لتحقيق الحياة الكريمة ولتوفير الحقوق المشروعة وتيسير السبل أمام كل من يتولى زمام أمورها. وهى غاية- فى حد ذاتها – لأنها عنوان إنسانية الفرد وكرامته وسموه على سائر المخلوقات الأخرى، فهى جوهر الروح الإنسانية ودعامتها الأساسية.
وحيث أن قضية الحرية المرتبطة بطبيعة الحال برفض الواقع السائد، وهو يعنى ضمنياً تغير السائد من النظم ترتبط دائماً بالثورة. وحيث أن للثورات أشكال وسبل مختلفة تعرض لها المفكرون – منذ فجر التاريخ– حيث تناولوا قضية الحرية والثورة وتناولوا مفهومها ودلالاتها ومداها، ولقد اختلف مفهوم الحرية وكذا أشكال الثورات تبعاً للنظم السياسية المختلفة واختلاف العقائد والمذاهب التى يدين بها هؤلاء المفكرون.
ففى الفكر السياسى اليونانى القديم كان الفكر الديمقراطى فى مدينة أثينا يقوم على عدة أسس منها حرية المواطن فى إبداء الرأى فى المشاركة فى إدارة الشئون العامة حسب قدراته وكفاءته وليس حسب مركزه الاجتماعى أو المالى . ولكن هذا الحق للمواطن فى إبداء الرأى وفى إدارة الشئون العامة لا ينبع من القول بأن الديمقراطية الأثينية، كان من سماتها الأساسية إهدار حريات وحقوق الأفراد لأن هذا النظام كان يهدف إلى جعل السلطة فى يد الشعب دون أن يعير اهتماماً بمركز الفرد، أو أن يعترف له بحقوقه قبل الجماعة. ومع ذلك فقد كان أفلاطون فى كتابه (القوانين) يعترف بالفرد ويقيم المساواة السياسية، ويجعل الانتخاب وسيلة لاختيار الحكام، وهؤلاء يسألون عن تصرفاتهم كما ذكر أفلاطون فى كتابه (الجمهورية) أن الحرية فى أية ديمقراطية هى مفخرة الدولة ومن ثم لا يستطيع أن يعيش فى الديمقراطية إلا الأحرار. بينما نجد أرسطو يذكر فى كتابه (السياسة) بأنه إذا كانت الحرية والمساواة تتوافران فى الديمقراطية على الأخص كما يعتقد البعض، فإن خير السبل للوصول إليها هو أن يشترك الناس فى الحكم إلى أقصى حد.
إن الثورة والرغبة فى التغيير هما السجل الحى للتاريخ البشرى منذ أقدم العصور، فلقد سجل التاريخ العديد من الثورات فى المجتمعات المختلفة، هدفت جميعاً لتغيير نظم الحكم القائمة، وتحقيق الآمال التى تراها الشعوب حقاً لها يجب الإسراع فى إنجازها بأساليب وقيادات جديدة، فحين تقتنع الشعوب بأن مطالبها الجوهرية لن تتحقق بالطرق القائمة، تسعى إلى التغيير السلمى فإن عجزت لجأت لطريق الثورة. مسرحية برلمان النساء هى مثل حى من قبل أرسطوفانيس على ذلك.
إن الثورة هى مظهر مهم من مظاهر التعبير عن الرأى العام على مر العصور أثبتت فيها الشعوب أصالتها وقدرتها على الإمساك بزمام مصائرها وعدم الخضوع لسلطان الحكام الذين يتجاهلون حقوق الشعوب أو يعجزون عن تحقيقها. وتعد الثورة المظهر الأساسى الذى تبدو من خلالها قوة الرأى العام وقدرته على إحداث التغيير المطلوب. وكذلك تعد الثورة أكبر على قدرة الشعب على حكم نفسه بنفسه.
اختلاف الثورة عن الانقلاب:
تختلف الثورة عن الانقلاب اختلافاً جذرياً، فالثورة يقوم بها الشعب بعد اقتناع من أجل إحداث تغيير شامل فى المجتمع، وإحلال قيادات سياسية وطنية محل القيادات السياسية التى تثبت فشلها فى تحقيق آمال الجماهير، فالوصول إلى السلطة من خلال الثورة ليس غاية فى حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق الأهداف الشعبية. أما الانقلاب فيقوم به فرد أو أفراد بغيتهم الوصول للحكم لتحقيق مصالح خاصة بهم.
وإن تستروا خلف هدف تحقيق مطالب الشعب، فالثورة إذن حركة شعبية تستند إلى مجموع الشعب أو إلى غالبيته وتعتمد على قوتها لتهدم بها النظام القائم من جذوره، وتبنى نظاماً جديداً على أسس جديدة. أما الانقلاب فهو حركة محدودة النطاق يقوم بها نفر قليل من الشعب مستنداً لا إلى قوة الشعب، ولكن إلى بعض القوى الحكومية القائمة، مثل قوة الجيش أو قوة الشرطة. والانقلاب لا يستهدف أى تغيير فى كيان المجتمع أو الأنظمة والأوضاع الاقتصادية السائدة فيه.
وإذا أردنا أن نتعرف على صدى هذا فى المسرح والعلاقة بين المسرح والمجتمع من خلال الثورة والأسباب التى تؤدى إلى ازدهار المسرح فى حياتنا الأدبية فى هذه الأيام سنجدها من الظواهر المميزة والمثيرة التى تسترعى الانتباه. وهنا لابد وأن نتعرف على الأسباب التى دفعت بالمسرح إلى هذا المركز الأمامى، وإلى محاولة الوصول إلى بعض أسس الصياغة الفنية التى يجب أن تتوافر فى المسرحية كى يستطيع المسرح أن يلعب دوره القيادى من الناحيتين الفكرية والفنية معاً.
إن ازدهار الدراما فى أى فترة من الفترات التاريخية يرتبط بظروف المجتمع ويعنى بها الظروف الثورية فى المجتمع وهى بهذا تؤكد نفسها بشكل يبرر حقائق الحياة الأساسية التى يجب أن تتوافر فى الدراما. إذن العلاقة بين المسرح والمجتمع أقوى ما تكون فى الفترات الثورية فى حياة المجتمع . ومن هنا كان ازدهار المسرح فى يومنا هذا.
مسرحية أنتيجونى :
وهى مثل صادق على العلاقة الحميمة بين المسرح والمجتمع ففى هذه المسرحية يركز سوفوكليس على مرحلة من مراحل التطور الاجتماعى. فالقرار الذى يصدره كريون بعدم دفن بولينيسيس لخيانته لوطنه خروج على ناموس قديم هو احترام كرامة الإنسان . وخروج أنتيجونى على قرار كريون ثورة على الوضع الجديد والسلطة الجائرة وتأكيد لناموس أزلى.
فالصراع بين أنتيجونى وكريون هو فى الواقع صراع بين قانونيين خلقيين متضاربين فى فترة اجتماعية تاريخية معينة. هذا الصراع فى الواقع الفنى، بحكم تصويره للواقع الاجتماعى، هو أساساً تصوير للصراع بين القوى الاجتماعية فى مرحلة استدعت إيجاد حل للأوضاع المتضاربة، أى أنه تصوير للثورة على وضع قائم.
أما عن العلاقة بين المسرح والمجتمع فى عصر شكسبير:
فإن مسرحية " الملك لير" فى تصويرها للعلاقات بين لير وبناته، وجلوستر وأولاده، تسجل انحلال العائلة كمجتمع إنسانى، والاتجاهات البشرية التى نجمت عن تحطيم العائلة الإقطاعية.
أما عن العلاقة بين المسرح والمجتمع فى عصر النهضة:
فإن مسرحيات هذه الفترة تركز على تصوير مرحلة تطور اجتماعية، إذ هى تصوير للصراع بين الإقطاعية التى تلفظ آخر أنفاسها ومولد المجتمع الطبقى الجديد.

الفارق بين المسرحية التى تصور السلوك الاجتماعى وبين التى يتجلى فيها نمطية موضوعها وعالميته:
إن هذا لا يرجع إلى الظروف الاجتماعية التاريخية النشطة فحسب، بل يرجع أساساً إلى تطور الحس التاريخى للكاتب المسرحى. فالنوع الأول قد يكون تاريخياً فقط فى سطحية اختياره للموضوع وتصويره للعادات السائدة فى فترة ما . ولكن لا يكفى أن تكون المسرحية صادقة فى تصويرها للشخصيات نفسياً واجتماعياً، كأن تصور طرق السلوك عند فئة اجتماعية معينة أو غيرها مثل الطريقة التى يجب بها أبن الذوات والطريقة التى يجب بها أبن الفلاح مثلاً .
فالمسرحية لا تعكس الواقع التاريخى إذا استمدت مادتها من السلوك الاجتماعى فقط . فالكاتب هنا يدرك بلا شك الملامح البارزة المميزة لعصره، ولكنه لا يرى الخصائص المتعلقة بذلك العصر من الناحية التاريخية.
مسرحيات سوفوكليس وشكسبير وموقفها من المجتمع:
إننا نجد أن مصائر الأفراد ترتبط بواقع الأحداث، وأن الكاتب قادر على التغلغل فى طبيعة العلاقة بين الشخصية والحدث من ناحية، وبين الاثنين والظروف الاجتماعية التاريخية من ناحية أخرى، فنتيجة لتطور أيديولوجية الكاتب ونظرته الاجتماعية، اللذين نتجاً عن تطور فى حسه التاريخى وإدراكه لأهمية الفترة التاريخية التى يعيش فيها، فإنه يحاول الوصول إلى حقائق الأمور وإرجاعها إلى أسبابها فى الواقع التاريخى، ومناقشة الأسباب هذه تؤدى به إلى الإحساس بضرورة تغيير الأوضاع التى لا تتفق مع إنسانية الإنسان بغية تطوير الواقع الإجتماعى إلى واقع أفضل. فالفنان هنا يدرك بثاقب حسه وفطنته النسق الذى تجرى عليه الأمور فى المجتمع فى فترة معينة بالذات يمكن تعميقها على التاريخ كله، أى أنه يدرك أهمية الأحوال الاجتماعية من الناحية التاريخية، ويحفزه ذلك إلى خلق طريقة للتعبير عن هذه الأوضاع والناس والظروف فى فترة من فترات تطور المجتمع تمهيداً لتغيير المجتمع مستقبلاً.
ما هو دور المسرح حيال المجتمع وكيف يمكنه أن يصور هذا الدور تصويراً فنياً ودرامياً؟
إن دور المسرح يتمثل فى الكشف عن إنعدام القيم الإنسانية فى ظل نظام معين (كالرأسمالية مثلاً) ولكنه يذهب إلى أبعد من هذا فيوضح الدور الذى تلعبه الجماهير الكادحة فى تطوير التاريخ أما بطريقة مباشرة أو عن طريق إذكاء الإحساس بالدور الاجتماعى الذى يلعبه الإنسان فى هذا المضمار. فهو يلقى ضوءاً على التناقضات الداخلية فى المجتمع الرأسمالى بين فئة أصحاب العمل وفئة العمال، ويعطى مفهوماً دقيقاً للتاريخ على أنه وليد الصراع بين القوى الاجتماعية المتطاحنه. قد يظن البعض أنه يكفى لكى نحقق هذا فنياً أن نكتفى بتصوير أفراد كل من الفئتين تصويراً يضم الملامح العامة لكل منهما وهذا بعدما يكون عبر عن روح الفن عموماً والدراما بوجه خاص.
إذن لابد من الفردية للوصول إلى الجماعية أى نبدأ من الفرد لننتهى إلى المجتمع ككل. روميو وجوليت ... الحب يصطدم بظروف المجتمع وقيمه... والحب عاطفة فردية ذاتية، وفردية الشاعر هنا هى التى تشدنا إليهما برابطة من التجاوب العاطفى معهما. ولكنه حب يتفاعل مع الظروف الخارجية الاجتماعية، والحب الفردى هنا هو الذى يحطم القيم الاجتماعية المنهارة.



#أحمد_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الإنسان الأوروبي والأمريكي في أعقاب الحرب العالمية الثا ...
- مصطلح السينوجرافيا بين أوديب ملكا والأيام السعيدة
- المونودراما ..قراءة في نصوص وعروض مسرحية .
- المسرح التحريضي ( الإثارة- الدعاية ) في أمريكا
- المسرح السياسي في أمريكا
- المسرح أحد وسائل الاتصال الجماهيري وعلاقته بالمجتمع
- القضية الاجتماعية في المسرح المصري (سعد الدين وهبة نموذجا )
- قضايا العولمة الثقافية وموقفنا منها
- العولمة الثقافية
- النقد النسائي (النسوي)
- نظرية العرض المسرحي في المسرح العرائسي للطفل
- تاريخية العولمة والقوي التي دفعت العالم إلي التغيير
- الارشادات المسرحية في مسرحية الزفاف الدامي للكاتب الاسباني ل ...
- البيئة العربية في مسرح لوركا الاسباني
- المسرح بين التجريب والعولمة
- في النقد التطبيقي ..مسرح نصرة المرأة
- سينوجرافيا المسرح ..المرجعية النظرية للعرض المسرحي
- آلية التلقي في المسرح ..دراسة في النقد الأدبي والمسرحي
- المسرح وتحديات العولمة
- الأسرة في المسرح الأمريكي المعاصر


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد صقر - ازدهار العلاقة بين المسرح والمجتمع في الفترات الثورية .