أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - في النقد التطبيقي ..مسرح نصرة المرأة















المزيد.....

في النقد التطبيقي ..مسرح نصرة المرأة


أحمد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 09:30
المحور: الادب والفن
    


في النقد التطبيقي
"مسرح نصرة المرأة"
(من المسرح الإنجليزي المعاصر)

إذا كنا على يقين من أن "مسرح نصرة المرأة" يسعى إلى طرح مضامين جديدة فى إطار وشكل مسرحى جديد يهدف بطبيعة الحال إلى استحداث نظرية للعرض المسرحى تشكل تصورا جديدا فى التعامل مع المرأة كممثلة، فى أسلوب جديد يمحى الصورة التقليدية للمرأة التى يخاطبها الرجال خطابا أنثويا ويستبدله بخطاب جديد يخاطب المرأة عقليا، إذا كنا على يقين من هذا ونوافق هذا المسرح من منطلق هذا المنظور الأيديولوجى، فإننا بطبيعة الحال نرى هذا المسرح "مسرح نصرة المرأة" يدخل فى إطار التجريب على مستوى النص والعرض- التمثيل والإخراج ساعيا إلى طرح رؤية جديدة للعالم، فى توجه فكرى وتقنى هدفه تأسيس مسرح جديد يخالف النظرة التقليدية الاعتيادية للمرأة، وإن بدا ثائرا رافضا مسيسا، إلا أنه بطبيعة الحال سيصل بعد فترة من التجريب والإبقاء والاستبعاد لبعض عناصره ومن ثم اكتمال ملامح هذه النوعية من المسرح الجديد.
إن قراءتنا لنصوص "كاريل تشرشل"- كرائدة من رواد "مسرح نصرة المرأة"- تضعنا فى حيرة لوهلة، إذ سرعان ما يسيطر علينا حالة من حالات التردد والقلق من نوعية الرسالة التى تود أن تطرحها المؤلفة من خلال أعمالها، وهل هى حقا طبقا لما يراه رواد النقد الحديث والمعاصر قد غيرت أدواتها ووسائلها المجسدة لرسالتها، ذلك أن الشخصية المسرحية- خاصة النسائية- التى تحملها المؤلفة برسالة تسعى إلى طرحها اعتمادا على إمكاناتها قد تغيرت- من منطلق نظرية "مسرح نصرة المرأة"- فهى صاحبة خطاب Discours تسعى إلى توصيله اعتمادا على كونها علامة بين علامات النص المسرحى، وتحمل رسالة تسعى إلى توصيلها إلى الجمهور فتصبح مرسلة لهذه الرسالة والجمهور مستقبل لها، وهناك قوى تساعد وتعارض وصول هذه الرسالة وهكذا عندما نعود نقرأ أعمال الكاتبة المسرحية "تشرشل" تتجسد أمامنا المفاهيم النقدية الجديدة، إلا أن أعمالها هذه تثير الدهشة- كما سبق القول- فعند قراءة مسرحية "القط فينيجار" أو "الساحرات" نجد أنها مسرحية لا تقدم أحداثا عصرية، بل إنها مأخوذة من واقعة تاريخية غير محددة الأحداث، الزمان هو القرن السابع عشر فى إنجلترا، حيث سمى هذا العصر بعصر السحر، على أن محور المسرحية ليس الساحرات ولا السحر، بل "السيدات اللاتى اتهمن بكونهن ساحرات، حيث أدركت أن السحر- هذا الكلام على لسان "تشرشل" إنما وجد فى كل العصور كوسيلة مقاومة للإضطهاد، إنه وهم لجأ إليه المعذبون، وأن الساحرات كن مجرد كبش فداء، أدركت لأول مرة العلاقة بين الصورة السلبية للمرأة، وما بين صورة الساحرات فى العصور الوسطى، واكتشفت أن كل السيدات اللواتى تمت إدانتهن فى تلك الفترة كن على هامش المجتمع، فهن عاجزات فقيرات وغير متزوجات .
وهكذا تركز هذه المسرحية على قضية المرأة وطرح صورتها السلبية التى عاشت بها فى الماضى، وترجع المؤلفة أسباب هذه الصورة إلى ظروف المجتمع وما عانته المرأة من الفقر والجهل وعدم الزواج، هذا غلى جانب ما كانت تتعرض له بعضهن من صور الإذلال والقهرعلى يد الرجال حتى ولو كانت تعترض على زواجها من شخص لا تريده.
إن هذه المسرحية لا تقدم صورة جديدة إيجابية مقترحة من قبل المؤلفة، بل هى طرح لصورة المرأة التى كانت، وما عانته، ولكن الجديد كما ترى المؤلفة أنها بعدت عن "صورة المرأة النموذج لتقدم المرأة الحقيقية بكل مشاعرها الخفية وعليه أثارت هذه المسرحية التى قدمتها فرقة "المونسترس رجيمانت" أى "كتيبة الرعب" النقاش حولها، هذا إلى جانب بعض أعمالها التى قدمتها قبل ذلك ومن أهمها مسرحية "النمل The Ant" ومسرحية "طائر النورس The Sea-Gulls" التى يكتنفها الكثير من الغموض وعدم المباشرة، ولعل ذلك يعود كما يحدد د."محسن مصيلحى" إلى "غموض نابع من اللغة ذاتها واختيار "تشرشل" للألفاظ، بحيث تترك مساحة واسعة للتأويل، وهى مساحة تساوى تأويل أسباب القدرة الإبداعية عند بعض الناس دون الآخرين، والنص الإنجليزى الذى ترجمت عنه- كلام المؤلف- يستخدم IT كثيرا وهو ضمير يصح فيه التأنيث والتذكير والهروب من التذكير والتأنيث وفى ترجمة هذا الضمير إلى اللغة العربية مستحيل، كان لابد إذن من تحديد مرجعية جنسية ونوعية لتلك الموهبة التى تتمتع بها "فاليرى" بطلة المسرحية .
إن غموض المسرحية إنما يعود إلى غلبة النقاش على حوار الشخصيات الثلاثة- فاليرى- داى- وكليف- هذا الغموض الضى لا ينجلى إلا فى نهاية المسرحية التى كتبت فى شكل يقربها من مسرحيات الفصل الواحد، حيث نتعرف على الحدث الرئيسى الأوحد الذى كانت تقوم به "فاليرى" من قبل وهو قدرتها على تحريك مقبض صغير يحرك آلة معقدة تطلق الألعاب النارية، وهو عمل تكسبت من وراءه "داى" مكاسب كبيرة، غير أن "فاليرى" تتوقف عن العمل وتتعرض للفشل، وهو فشل أثار الكثير من التساؤلات لا يعرف مصدره، وهنا تتضح لنا قضية عمل المرأة كمبدعة وقدرتها على الاستمرار فى الإبداع سواء كان فى السيرك، أو فى كتابة المسرح، لأن المؤلفة أكدت من خلال النص على عدم اهتمام "داى" كثيرا بقضية التواصل بين المبدع وجمهوره، إنما تهتم بهذا اللقاء لرفع روح "فاليرى" المعنوية، لعلها تبدع أفضل فتعطى عائدا أكبر. لكن المسرحية تأخذ إتجاها مخالفا لخطة "داى".. للأسباب السابقة وغيرها، والتى سيحسبها القارئ من ثنايا النص، فضلت الميل تجاه النظر إلى موهبة "فاليرى" على أنها موهبة التأليف والعرض المسرحى وعليه نستطيع القول إن المؤلفة فى حيرة من بطلتها، بل لعلها فى حيرة من نفسها، فهى تسأل عن العقل وعن كونه مصدر طاقة المستقبل:

فاليرى: أنا فقط أحرك أشياء صغيرة للغاية لمسافات صغيرة للغاية
كليـــف: ولكن هذا جوهرى، لابد وأنك نفسك تشعرين بذلك.
كليـــف: إنها الشئ التالى للطبيعة النووية. العقل هو مصدر طاقة المستقبل.
فاليرى: إنه شعور مضحك أن تكون بهذه الأهمية.
كلــيف: لاتدعيهم يغررون بك. المهم هو كيف تستعملينها.
فاليرى: أنا لاأحب عادة أن أقولها لأنها تبدو سخيفة أو دالة على الجشع، ولكن يبدو أحيانا أن العقل يستطيع فعلا أن يحرك الجبال. أنت تفهم أنى لا أقول إن عقلى هو القادر، بل عقولا كثيرة كثيرة، لو كانت هناك عقولا كثيرة قادرة على القيام بها، وربما فى المستقبل. لو كان صحيحا سابقة لزمنى، لو كان هذا ما سيئول إليه البشر أو كان باستطاعة كل إنسان حقيقة أن يقوم به أصلا .

وهكذا تثير المؤلفة قضية العقل إلا أننى أراها تربطه بقدراته بالمرأة، غير أنها ليست متأكدة من قدرة عقل المرأة وحدها على تحقيق المستقبل، كون أنها تعتقد أنه من الممكن لعقل المرأة،- كما هو حالها وقت كتابة المسرحية- أن يسبق الزمن، غير أنها لاتتوقع إمكانية استخدام المرأة لهذه القدراتالعقلية- المؤلفة و"فاليرى"- بل أن المؤلفة ترجع القدرة العقلية إلى كونها خدعة أرادت بها "فاليرى" أن تتظاهر بعجزها لكى تستحوذ على اهتمام الناس ويعتقدون أنها بالفعل خدعة.
إن "تشرشل" تقر حين انتهت من كتابة مسرحية "طيور النورس" أنها أصبحت عقيمة يساورها هذا الشك ويسيطر عليها، وهو ما دفعها جاهدة لتقديم رد عملى على هذا الشك فى انتهاء أو فى ضمور أو انتهاء موهبتها بالمبادرة بكتابة مسرحيتين هما "المصلحون المغفلون" و"سحابة تسعة" وهى تجارب مسرحية تدور فى فلك التجريب على مستوى النص والعرض، فمثلا عند قراءة مسرحية "القط فينيجار" أو "الساحرات" المكونة من أحد وعشرين مشهدا مسرحيا لا تجد هذا التطور الدرامى بالمعنى التقليدى، إذ لسنا أمام نص مسرحى يعرض لقضية تتطور تطورا دراميا فى خط تقليدى، بل على العكس من ذلك فكل مشهد يكاد يكون وحده تذكرنا بكتابات "بريخت" المسرحية حيث يبنى النص على شكل لوحات متراصة متجاورة من الممكن أن نقدم أو نؤخر فى بعضها البعض.. هذا من ناحية.
من ناحية ثانية لا تلتزم المؤلفة كثيرا بالمعنى الواقعى للزمن، فمن خلال مسرحياتها- سحابة تسعة مثلا- "تلجأ المؤلفة إلى التجريب على مستوى الزمن الدرامى بإجراء أحداث الفصل الثانى بعد مائة عام من أحداث الفصل الأول على الرغم من أن الشخصيات لا تشعر إلا بمرور خمسة وعشرين عاما فقط" .

مما سبق نستطيع القول إن "تشرشل" تعتمد فى طرح قضاياها النسائية على تقنيات التجريب على مستوى كتابة النص وهو ما يجعلها تتخطى البنى التقليدية للنصوص المسرحية وكذا الحال للعروض المسرحية التى تسارك الفرق المسرحية المؤدية- عن طريق ورش العمل والتدريبات- باقتراحاتها مما يجعل هدف "تشرشل" فى "مفردات العرض المسرحى والبناء الدرامى يعود إلى رغبتها الجامحة فى عرض الصدام المحزن بين الفرد والسلطة، وعرض التفاعل والاختلاط فى التجربة الإنسانية الخاصة والكون الإجتماعى الأوسع" .
إن "تشرشل" تسعى من وراء هذا التجريب إلى طرح صورة جديدة للمرأة، صورة لا توظف من خلالها المرأة توظيفا تقليديا زخرفيا، يجعلها دائما تابعا للرجل، علامة دالة، يتحقق مدلولها من كونها فى المركز الثانى للرجل، وهو ما دفعها إلى محاولة كسر هذه الصورة التقليدية. غير أن تحقق صورة جديدة للمرأة من منطلق رؤية مؤيدى ومناصرى "مسرح نصرة المرأة" لم تتحقق بعد، إذ لاتزال صورة المرأة من هذا المنطلق محل دراسة وافتراض، وهو ما يؤكد لنا حقيقة لا شك فيها تتمثل فى أن "مسرح نصرة المرأة"، نصا كان أو عرضا، لايزال فى طور التجريب ولا نستطيع أن ندعى أنه اكتمل مثل اكتمال المبادئ التى وضعتها النسوة المؤيدات لحركة "نصرة المرأةFeminism" المسمى بـ"الإتحاد النسائى لحركة نصرة المرأة".

مع تحيات أ.د أحمد صقر- جامعة الإسكندرية



#أحمد_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سينوجرافيا المسرح ..المرجعية النظرية للعرض المسرحي
- آلية التلقي في المسرح ..دراسة في النقد الأدبي والمسرحي
- المسرح وتحديات العولمة
- الأسرة في المسرح الأمريكي المعاصر


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - في النقد التطبيقي ..مسرح نصرة المرأة