أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - المسرح وتحديات العولمة















المزيد.....

المسرح وتحديات العولمة


أحمد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3254 - 2011 / 1 / 22 - 18:40
المحور: الادب والفن
    


المسرح وتحديات العولمة
(قومية المضمون وعالمية التقنيات )

حين نعرض لقضية المسرح وتحديات العولمة فإن أول ما يثير قلقنا حول الفن بشكل عام والمسرح بشكل خاص أن الفن إنسانى يتوجه إلى الإنسانية فى المطلق فنحن نشاهد مسلسلاً أجنبياً أو فيلماً سينمائياً " مترجماً أو مسرحية عالمية ونستمتع ونحقق التلاقى الفنى والفكرى معاً ويتحقق لنا المتعة الفكرية والحسية، لذا نقول الأمر يختلف ويثير قلقنا فى هذا الشأن أننا لا نتحدث عن قضية أقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، بل نحن نتحدث عن كل ذلك، إذ أن المسرحية إنما هى صورة ولوحة صادقة من اللوحات الحياتية لهذا المجتمع أو ذاك تعكس النواحى الاجتماعية والسياسية والدينية الفكرية، وعليه تظل مضامين المسرح محلية قومية قد تصل لدرجة العالمية إن هى أحسنت التعامل مع القضية المحلية وصدق مؤلفها فى عرضها حتى بات هذا الابداع مكملاً لكافة جوانب التفرد والتميز، وهو ماسماه النقاد بالعالمية حيث إن المؤلف العالمى لايصل إلى العالمية إلا عندما ينجح فى تحقيق النجاح على المستوى المحلى فما جعل أعمال الأغريق تصل إلينا إلا لكونها حققت كافة نواحى الاكتمال الفنى وهو ما ينطبق على أعمال شكسبير وموليير وتشيكوف وراسين وغيرهم من المبدعين.
إن تحقق الجانب الأول فى أى ابداع أمر طبعى وليس بجديد ولكن الجديد سيثير النقاش كون هذا الابداع يستخدم تقنيات عالمية تتشابه وتتوحد بين كثير من بلدان العالم وهو ما يدفع ببعضهم إلى القول إن المسرح عالمى وهذا القول الصحيح ولكن إذا أراد الآخر أن يقول بعولمه المسرح فهذا – وكما سبق القول- أمر لم يتحقق بعد.
ويبدو لى أن المضمون والشكل العالمى للمسرح أمر تتشابه فيه كافة بلدان العالم – باستثناء بعض أنواع وأشكال المسارح المحلية الشعبية – اليابان – الصين – المنطقة العربية "المسرح الشعبى " والاختلاف يتأتى من كيفية توظيف هذه الفكرة وكيفية تحققها اتفاقاً مع هذا المجتمع أو ذاك، فالخير فكرة إنسانية وكذا الشر تتنوع وتختلف المعالجات المسرحية بين هذا الكاتب أو ذاك ويظل هناك التنوع والتفرد بين عمل هذا أو ذاك، وأيضا إلتقائهم فى فكرة واحدة هى الخير والشر، وكذلك الحال مع التقنيات العالمية التى بها يحقق هذا المخرج أو ذاك فكر المؤلف المبدع.
إن السؤال الذى يفرض نفسه علينا فى سياق حديثنا هذا هو كيف يمكن لامتنا العربية أن تواجه تحديات العولمة على المستوى الثقافى بشكل عام وعلى مستوى المسرح بوجه خاص، ذلك أن أمتنا العربية قد تعرضت للغزو على ثقافتها عبر مراحلها التاريخية فقد شهد تاريخنا العربى على " محاولات طمس هوية الأمة بالتخلص من إرثها الثقافى المرئى والمكتوب لأن الغزاه يدركون أن سر بقاء هذه الأمة يكمن فى مقوماتها الثقافية" بما تحمل من قيم روحية وفكرية ولغوية واجتماعية انهزم أمام قوتها الغزاه.
هذا ما كان بالأمس أما اليوم فعلى أمتنا العربية أن تتعامل مع العولمة من حيث كونها واقعاً وقدراً حتمى لايمكن أن نتجاهله وعلينا أن نفكر فى سبل ردنا عليهم، فالعولمة تبتكر كافة الوسائل والتقنيات التى تسعى من ورائها السيطرة على الأمم الأخرى ولكن ليس فقط السيطرة وإنما تسعى إلى الغاء هويات هذه الأمم وثقافتها حتى لايعدو أمامها إلا تقبل هذه الثقافة المعولمة.
قام الغرب ممثلاً فى فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بتقديم كافة التسهيلات إلى الفنانين لتشكيل هويتهم الثقافية بما يجعلهم حاملين لفيروس العولمة وهو قوة إيجابية يتنامى معهم هذا الفيروس وتنتقل عدواهم إلى غيرهم من الأمم ، وبذا يجدون من يروج لهم ويدافع عنهم، وهذا ما نجده اليوم فى كافة المحافل الثقافية والفكرية والفنية على مستوى العالم العربى، ولكن كيف يمكن أن نواجه هذا الواقع؟
علينا أن نفكر " ونبتكر ونتسلح بما تحمله الثقافة العربية من الخصائص التى نضعها ليس فى مواجهة الآخر، بل تجعلها نداً له تأخذ ما يفيدها منه وتلفظ ما لاتقبله من القيم والمفاهيم، وتعطيه من فيض مالديها من فضائل وإنجازات إنسانية حققتها على مدى قرون طويلة ولن يكون بمقدورها أن تأخذ دورها الفاعل إلا بالعودة إلى مخزونها التراثى قراءة وتمحيصاً وتشريحاً ونقداً وانتقاداً مع استيعاب العصر لغة وفكراً وتقنيات وهكذا يتأكد لنا أن مواجهة العولمة لا يتمثل فى قبولها سلباً ودونما سعى إلى التعامل معها تعاملاً إيجابياً يمكنا من مواجهتها ذلك أن بعض الباحثين يرى أنه طالما أن العولمة قدر حتمى فلابد أن نقبلها كيفما قبلنا الكثير من أفكار الغرب وما الداعى إلى ضياع الوقت فى مواجهتها ويتضح هذا من قول د. البزار " إن المواجهة الحضارية للعولمة لا يمكن أن تتم بالرفض المطلق لها ولا قبولها قبولاً تاماً أو الانخراط فيها دون تردد، وإنما تكون المواجهة من خلال إعادة بناء معطيات ذاتية اقتصادية وثقافية داخل المجتمع، ويمكن أن تستخدم المواجهة بعض أدوات العولمة ذاتها من خلال إكتساب الآليات والأدوات لممارسة التحديث عبر العلم والثقافة والاستفادة من الامكانيات اللامحدودة التى توفرها العولمة ذاتها وفى مقدمتها الاتصالات والمواصلات والمعلومات.
وأرى أنه ليس هناك ما يمنع من الإفادة من أدوات العولمة وامكاناتها التقنية فى سبيل اثبات هويتنا الثقافية واثبات فشل العولمة برمتها فى الغاء تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا ولكن من الممكن أن توجد جنباً إلى جنب مع ثقافتنا المحلية المتأثرة بغيرها من الثقافات العالمية وغير الملغية لتميزها وتفردها بين الثقافات الأخرى، فقد أخذنا عن الغرب المسرح منذ أن عرفناه إلا أننا مع ذلك لم نقبل كافة الصيغ والأشكال المسرحية الغربية ولامضامينها التى رفضناها رفضاً واضحاً مهما حاول المحدثين أو الناقلين أو المقلدين منهم مسرح العبث – اللامعقول – مسرح العرى – مسرح القسوة وغير هذه من الأشكال والصيغ التى عرفها الغرب فشلت عندما حاول بعض مبدعينا تقليدها ونقلها ولم تنجح فى أن تفرض علينا هذه الأشكال.
إذن ليس هناك ما نخشاه من العولمة إن نحن حددنا كيف نتعامل معها ولانستسلم لها ونقرها أمام عدم رغبتنا فى مواجهتها بحجة أنها قدر، إننا نستحضر قول مكسيم جوركى فى هذا الصدد حين قال:-
إذا كان الموت عادلاً، فعلى الحياة أن تكون عادلة أيضاً، أى أنه علينا أن ندرك الفوارق بين غيرنا من أشياع العولمة ولكن علينا أن نعى جيداً الفوارق ولكن لا نستسلم لها ونقبلها كأمر واقع.وقد حدد د. برهان غليون أسس التعامل الناجح مع العولمة والتحديات التى يجب أن ندرك ما سوف يترتب عليها، فى النقاط الآتية:-
1- التخلى عن المواقف الدفاعية التقليدية.
2- تبنى مبادرات إيجابية وبناءة تهدف إلى تعديل النظام الذى نعيش فيه.
3- تطوير التعاون الجماعى.
4- نعترف بقصور أنظمتنا الإجتماعية والثقافية.
5- الانطلاق من هذا القصور نفسه من أجل احتلال مواقع عالمية.
6- اختراق الهامشية، وكسر آليات التبعية، نحو المشاركة الفعلية والفعالة فى الجهود الحضارية الإنسانية.
إن المقترح الذى قدمه د. غليون يعد مقترحاً إيجابياً يعترف بالغير إلا أنه لاينسينا أنفسنا ولاقدر ثقافتنا ويجعلنا نذوب فى الأخرين ونتحلل ونصبح نسخة باهتة من العولمة الثقافية، على نحو مايقوم به بعض المسرحيين العرب حين يحاكون التجريب المسرحى من خلال مهرجانات القاهرة للمسرح التجريبى ويقدمون نوعاً من النسخ والنقل والتصوير الفوتوغرافى لتجريب الغرب الذى يعد أحد الأذرع القوية لعولمة المسرح خاصة والثقافة بشكل عام.
ويرى د. أسعد السحمرانى أن العولمة الثقافية تحمل بداخلها الكثير من بواطن الضعف.
ويرى فى مقوماتها عوامل رفضها وتحديها – كما يقولون – من داخل القصر جاءت الهزيمة أعنى أن مقومات العولمة السلبية هى خير تحدى للعولمة ذاتها فهى تفضل النظرة الأحادية التى تسعى إلى السيطرة والهيمنة من أجل إلغاء الأخرين وهو ما يجئ مخالف لفكرنا وعقيدتنا الإسلامية السمحة، قال اللى تعالى "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين".
فالإسلام يعترف بالديانات الأخرى ولايسعى إلى القضاء عليها وفرض نظام عقائدى واحد، كذلك فإن العولمة تركز على القيم المادية وهو ما يأتى مخالفاً لقيمنا الدينية الإسلامية التى تركز على القيم الروحية والعقائدية والأخلاقية أيضاً تغذى العولمة ثقافة الأنا وتقديس الفردية وهو ما يحاربه الإسلام ويدعو إلى الجماعة قال الله تعالى " وأمرهم شورى بينهم" كذلك تنشر العولمة قيماً ومفاهيم عنصرية وهو ما يجئ مخالفاً لقيم الإسلام السمحة إذ يقول الفاروق عمر بن الخطاب فى هذا الصدد " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" .
ويحدثنا د. بطرس غالى عن التنوع الثقافى وضرورة التصدى لأصحاب نزعة العولمة وإلغاء الآخرين بقوله هدفنا هوالدفاع عن التعددية الثقافية، التعددية اللغوية، فلو سيطرت لغة واحدة على المجتمع الدولى فإن ذلك سيؤدى إلى أضعاف اللغات الأخرى. وهذا خطأ كبير وخطير، فاللغات هى فى رأيه بمثابة التراث الإنسانى .. وتراث المجتمع الدولى قائم على تلك التعددية" وهكذا يأتى رأى د. بطرس منافى للعولمة الساعية إلى إلغاء الآخرين وفرض هيمنة تتمثل فى لغة واحدة أو ثقافة واحدة لأن التركيز على لغة واحدة سيؤدى إلى اضعاف اللغات الأخرى، وبالتالى تسعى أمريكا اليوم إلى فرض اللغة الانجليزية على كافة بلدان العالم فالكمبيوتر والانترنت ينتشر من خلال اللغة الانجليزية، وها هى مدارس اللغات الانجليزية تنتشر فى كافة بلدان العالم ليس فقط فى الشرق الأوسط المتلهف إلى دراسة الانجليزية أكثر من أصحابها الفعلين بل فى أكثر من دول أوروبا انتشار وتنامى موجه أخرى تسعى إلى فرض لغتها هى الأخرى لمنافسة أمريكا التى تسعى إلى حركة العلم وعولمته، تأتى فرنسا لتسهل تعلم الفرنسية فى كثير من بلدان العالم وتقدم تسهيلات مادية لانتشار تعلم هذه اللغة.
إن الدكتور غالى لا يرفض التعددية وإنما يراها أيضاً سمة الحياة، وهو ما جاء أصلاً بين مبادئ اليونسكو فى إعلانها الصادر فى 3/11/1966 حيث نصت المادة الأولى منه على أن " لكل ثقافة كرامة وقيمة يجب احترامها ومن حق كل شعب ومن واجبه أن ينمى ثقافته وتشكل جميع الثقافات بما فيها من تنوع وخصب وما بينها من تباين وتأثير متبادل جزءاً من التراث الذى يشترك فى ملكيته البشر جميعا وعليه فإن تحديات العولمة يأتى مما قالت به المواثيق الدولية والأعراف حيث أن التعددية سمة طبيعية لايمكن بأى حال قبول العولمة من هذا المنطلق الساعى إلى إلغاء ثقافات الآخرين، وفرض هيمنتها الثقافية الأحادية على الأخرين، وهكذا تتراجع قوة العولمة الثقافية المدعومة بهذا الفكر الهاش وتصبح تحدياتنا لها أمراً يسيراً، إلا أنه أيضاً بحاجة منا إلى تقوية وملاحقة التطور العالمى حتى لانتقوقع داخل ماضينا وثقافتنا وحضارتنا ونتخلف عن ملاحقة مجلات التطور الثقافى والتقنى.
مع تحيات أ.د أحمد صقر- جامعة الإسكندرية



#أحمد_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسرة في المسرح الأمريكي المعاصر


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - المسرح وتحديات العولمة