أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة رستناوي - المعادلة البائسة : الاستبداد أم الفوضى؟















المزيد.....

المعادلة البائسة : الاستبداد أم الفوضى؟


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 3266 - 2011 / 2 / 3 - 09:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



(1)

تلك المعادلة الحدّية ( الاستبداد/ الفوضى) تحظى بشعبية واسعة ليس فقط في شريحة النخب السياسية الحاكمة و المستفيدة في بقاء الحال كما هو؟!

بل يؤيدها – عن قناعة- ربما قطاع واسع من المثقفين و المتعلّمين و شرائح أخرى ممن أجزّم أنهم غير مستفيدين من بقاء النظم الاستبدادية بل هم ضحيّتها بطريقة أو أخرى .

يقول الكوكبي في طبائع الاستبداد :" والحاصل أنَّ العوام يذبحون أنفسهم بأيديهم بسبب الخوف الناشئ عن الجهل والغباوة، فإذا ارتفع الجهل وتنوَّر العقل زال الخوف، وأصبح الناس لا ينقادون طبعاً لغير منافعهم، كما قيل: العاقل لا يخدم غير نفسه، وعند ذلك لا بدَّ للمستبدِّ من الاعتزال أو الاعتدال."

و العوام كمصطلح غير مقيّد بشهادة جامعية أو لقب أو نحوها, بل هو مقصود بسياق استخدام الكوكبي له, فثمة كثير ممن يحمل لقب الأستاذ الدكتور هو من العوام وفق تصنيف الكوكبي .



(2)

هل هذه المعادلة مستجدّة في الفكر السياسي العربي الإسلامي؟

بالتأكيد لا: فمقولة المستبد العادل تستلهم مشروعيّتها من هذه المعادلة الحدّية

( الاستبداد / الفوضى) بحيث يغدو المُستبد :القائم بالحكم حاضرا

عادلا ً: القائم بالعدل في عالم الخيال و الرغبة المتحقّق في المستقبل

(3)

هذه المعادلة الحدّية يدعمها وقائع لا تزال مستقرّه في ذاكرة الحياة السياسية المعاصرة

كما في المثال العراقي : حيث انزلق العراق إلى الفوضى و الصراع الطائفي عقب الإطاحة بنظام صدام حسين.

و كذلك المثال الصومالي: حيث اندلعت الحرب الأهلية و عمّت الفوضى عقب الإطاحة بنظام سياد بري, و كذلك المثال الأفغاني و الجزائري إلى حد ما , و كذلك حالة الفوضى و الانفلات الأمني في أواخر سبعينيات و مطلع ثمانينات القرن الماضي في المثال السوري.

(4)

هذه المعادلة بالمقابل تنقضها وقائع على الأرض من الصعب تجاهلها.

كما في نماذج الانتقال السلمي إلى الديمقراطية في أوربا الشرقية عقب انهيار الاستبداد الماركسي ,و كذلك الإطاحة بنظم الحكم الديكتاتورية في أمريكا اللاتينية المدعومة من الولايات المتحدة, و لكن كونها بعيدة عن مجال الخبرة السياسية العربية , لذلك جرى التعامل معها على نطاق واسع بكونها تجارب تخص مجتمعات غريبة و مختلفة عنّا – نحن العرب /المسلمين- جوهريا.

المثال التونسي و المثال المصري : هي وقائع على الأرض تنقض نظرية معادلة (استبداد/ فوضى) , بالتأكيد الحكم النهائي على مجمل التجربتين ما يزال مبكّرا و لكن حتى الآن الوقائع تدعم وجود خيار ثالث هو الخيار ديمقراطي.

(5)

إجهاض الخيار الديمقراطي هو مصلحة أكيدة من قبل المنتفعين و الموالين لنظم الاستبداد , هذه الأنظمة التي تحاول تسويق نفسها – في الداخل و الخارج - كبديل أبدي عن الفوضى .

من يُفتي بتحريم الديمقراطية, يقدّم مبررات لتأبيد الاستبداد, و الإفتاء كسلوك لا يخص رجال الدين بل رجال الإعلام و "مثقفين"

من يُفتي بتأجيل الخيار الديمقراطي إلى إشعار آخر يقدّم مبررات لتأبيد الاستبداد.

من يفتي بتأجيل الخيار الديمقراطي مستندا إلى مبررات فئوية ,طائفية, قبلية , إقليمية -غير معلنة غالبا- هو يعلن نفسه كفئوي و طائفي و قَبَلِي قبل أن يكون مواطن و نسبتها وطني.

(6)

المعادلة الحدّية ( استبداد / فوضى) هي معادلة يتم تسويقها إعلاميا من قبل أنظمة الاستبداد, و يتم تسويقها عمليا بالتجربة حيث تلجأ الأنظمة المستبدة إلى افتعال الفوضى حيث تقوم الشرطة السرية بتدبير عمليات تفجير و قتل منظّمة وقت الأزمات, لتبرير البطش بخصومها من جانب و إقناع الشعوب و الرأي العام بأنها البديل الوحيد عن الفوضى .

أو تقوم هذه الأنظمة بتحريض مكوّنات الشعب ضد بعضها , و استخدام سياسة فرق تسد, أو استخدام أسلوب البلطجية لقمع الإرادة الشعبية في التغيير كما في المثال المصري الراهن.

الخيار الديمقراطي ليس انتخابات و صندوق اقتراع فقط, بل هو خيار فكري و سياسي شامل , محدّد بصيغ قانونية و عقد اجتماعي , ركيزته تقبّل الآخر, التنمية البشرية و العدالة الاجتماعية , و الشراكة في صناعة الوطنية .







(7)

ما هو الاستقرار؟

ليس الاستقرار هو الركود, فالاستقرار وفقا لمحمد حسنين هيكل في مقاله الأخير في جريدة السفير " معناه الحقيقي الاتساق مع مبادئ الحرية و العدل و كرامة الإنسان" . الاستقرار مطلوب و لكن يجب أن يكون استقرار ايجابي قوامة الوعي بضرورة التعايش , و الشعور الوطني الخلّاق.

و ما لم يكن الاستقرار كذلك فهو استقرار زائف, خادع يبشر بنقيضه, و هو استقرار مرتفع الكلفة على الصعيد المادي بما يتم اقتطاعه من الدخل القومي و الميزانية لتيسير أجهزة ضبط " الاستقرار" و ضمان ثراء و تفوق شريحة مخدّمي "الاستقرار" , و هو استقرار مكلف على الصعيد الإنساني يقتل روح الحرية الإبداع و سنّة التطور في حياة الفرد و المجتمعات , هو استقرار يصبغ الحياة بلون كئيب كئيب .

(8)

ما القاسم المشترك الأصغر بين نماذج الدول التي انزلقت إلى الفوضى و الحروب الأهلية عقب انهيار الاستبداد ؟

في محاول لتلمّس الإجابة أقترح:

- نظم استبدادية سابقة مزمنة ذات صبغة فئوية ,طائفية, قبلية ..

- نظم استبدادية مفرطة القمع

- حضور العامل الخارجي بقوة و بصيغة مباشرة كما في المثال العراقي و الأفغاني.

- نقص الشعور بالانتماء الوطني , و تغليب فهم جوهراني للانتماء أحادي الهوية.

- المزاج التشاؤمي و التقييم السلبي للذات .

- اعتلال بداهة و نقص استبصار السكان بمصالحهم الحيوية.

يقول الكواكبي في طبائع الاستبداد:

"ما أشبه المستبدَّ في نسبته إلى رعيته بالوصيّ الخائن القوي، يتصرّف في أموال الأيتام وأنفسهم كما يهوى ما داموا ضعافاً قاصرين؛ فكما أنّه ليس من صالح الوصيّ أن يبلغ الأيتام رشدهم، كذلك ليس من غرض المستبدّ أن تتنوّر الرعية"



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الظاهرة البوعزيزية.. و جنة عرضها وطن
- الإعجاز الرقمي عند الأقدمين- قراءة نقدية.
- هل الوجود أم الوجود المسيحي فقط في خطر؟!
- هل النطفة الأمشاج هي البويضة الملقحة؟!
- الدراما التلفيزيونية في قفص الاتهام!
- قراءة في قصيدة بطولات عربية للشاعر ماجد الاسود
- مع موريس بوكاي و خلق الإنسان و الإعجاز العلمي ج3/3
- مع موريس بوكاي و خلق الإنسان و الإعجاز العلمي ج2/3
- مع موريس بوكاي و خلق الإنسان و الإعجاز العلمي ج1/3
- عين على قصيدة الومضه-قراءة في كتاب-
- تهافت الاعجاز العلمي في القرآن الكريم
- فبركات زغلول النجار و الأحد عشر كوكبا
- حول تجربة الشاعرة فوزية أبو خالد
- الشاعر المنتظر
- مدينة الموتى
- العقل بين الميتافيزيقيا..و طرائق التشكّل
- في البحث عن خرافة جوهر الانسان
- حول مصطلح نزع القداسة
- بيوت الله, أم بيوت في خدمة المستبد؟! طاجكستان نموذجا
- بوتريه الكهف


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة رستناوي - المعادلة البائسة : الاستبداد أم الفوضى؟