أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - عين على قصيدة الومضه-قراءة في كتاب-















المزيد.....

عين على قصيدة الومضه-قراءة في كتاب-


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 02:13
المحور: الادب والفن
    



عرفَ العرب قصيدة البيت الواحد منذ العصر الجاهلي , و ظلّت القصيدة العربية غير محدودة الطول, و لم تكن هذه القضية ذات بال في أعين النقاد الأقدمين, بل و حتى المحدثين في طور الحداثة الشعرية, فمن الممكن أن تصادفنا قصائد قصيرة في نتاجات رواد الحداثة , و لكنها جاءت ضمن سياق مجمل نتاجهم الشعري و دون وعي نقدي و معرفي مخصوص.
و لكن مع ظهور و انتشار قصيدة النثر العربية أخذ هذا النمط من الكتابة في الانتشار فأصبحنا نجد شعراء يكتبون مجموعات شعرية كاملة تندرج ضمن هذا النمط, و أهمية الكتاب الذي بين أيدينا تتأتى من كونه أول كتاب نقدي عربي مخصص لرصد و التعريف بظاهرة القصيدة الومضة على حسب اطلاعي و بحثي , مع استثناء كتيب صغير مهم للناقد علي الشرع بعنوان " بنية القصيدة القصيرة في شعر أدونيس " الصادر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق 1987
و مع الانتباه كذلك إلى أنه ليست كل قصيدة قصيرة هي قصيدة ومضة, فهناك مُحدِّدات أخرى غير القصر و الكم يُشترط وجودها في القصيدة الومضة.
و يُعرِّف الكتاب قصيدة الومضة بأنها " هي قصيدة الدفقة الشعورية الواحدة التي تقوم على فكرة واحدة أو حالة واحدة يقوم عليها النص, تتكون من مفردات قليلة, و تتسم بالاختزالية, و لا يتعدى طول هذه القصيدة الجمل القليلة التي تتشكل بطريقة لمّاحة واضحة سريعة "ص 14
بالتأكيد إن أي تعريف للقصيدة الومضة سيعاني من صعوبات يمكن تفهمها, تتعلق بنظرية التجنيس الأدبي و أولوية الإبداع على النقد و إشكالية الفصل و الوصل في نظرة المتلقي للنصوص..الخ
فثمة علاقة ملتبسة مع القصة القصيرة جدا, طالما أن كليهما "قصير" و لئن كانت القصة تهتم بالإخبار و السرد , لكنها كثيرا ما تجنح إلى الشعرية و التكثيف .
ليس المطلوب التعسف ووضع أسلاك شائكة بين الأجناس الأدبية, و لكن الكتاب الذي بين أيدينا حاول الإجابة على تساؤلات كهذه.
*
يتألف الكتاب من مقدمة و قسمين
القسم الأول: يبحث في الخصائص الفنية و التواصلية لقصيدة الومضة
و يناقش قضايا
- أثر العنوان في القصيدة الومضة
- التكثيف و طاقة المفردة
- التضاد في قصيدة الومضة
- التوازي في قصيدة الومضة
- النزعة التشكيلية في قصيدة الومضة
- الغموض و التمنع في القصيدة الومضة
- الدرامية و التكرار في القصيدة الومضة
- النزعة الصوفية في القصيدة الومضة
- العفوية في القصيدة الومضة
- جماليات التلقي في القصيدة الومضة
- الفضاء الأبيض للقصيدة الومضة.
- الفاعلية و التأثير في قصيدة الومضة
و ترى الدراسة المقدّمة في الكتاب أن القصيدة الومضة تمكّنت من تحقيق هذه الوظيفة الجوهرية للشعر عن طريق أسلوبين مهمين:
الأسلوب الأول: الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة و المهمشة, و رصد دقائق الأشياء المحيطة بنا
أما الأسلوب الثاني فهو العمل داخل اللغة و ذلك عن طريق إحداث علاقات جديدة بين المفردات, كما في ومضة "المئذنة" لأدونيس :
" بكت المئذنة
حين جاء الغريب اشتراها
بنى فوقها مدخنة" ص102
يورد الكتاب قصيدة ومضة للشاعر أيمن معروف
"لا يكتب أغنية
لا يشرب غليونا
لا ينتظر امرأة
لا يبحث عن أحد ما
يجلس في المقهى
و يحدق في الناس الآتين
....
..
..
رجل في عمر الخمسين" ص 102
و رغم أنها ترد كمثال على الأسلوب الثاني" أسلوب الاشتغال على اللغة" إلا أن هذه الومضة تمثل خير تمثيل الأسلوب الأول "أسلوب الاهتمام بالتفاصيل و الهامش و العادي" مما يثير تساؤلا حول انسجام التطبيق مع الطرح النظري في الكتاب.

ما يلاحظ هنا أن ما يُسميه الكتاب بالخصائص الفنية و التواصلية لقصيدة الومضة
هي خصائص للقصيدة العربية الحديثة عموما بما فيها القصيدة الومضة و القصيدة الطويلة كذلك , مع الاعتراف بوجود خصوصية ما فيما يتعلق بالعنوان و التكثيف و طاقة المفردة, و لكننا لا نجد مثل هذه الخصوصية عند الحديث عن الدرامية و التكرار و النزعة الصوفية.
*
أما القسم الثاني من الكتاب فهو دراسات تطبيقية في تجارب رياض صالح الحسين من سوريا كممثل لقصيدة " البداهة التي تشبهنا" في مجموعته "وعل في الغابة"
التي تحتفي بمقولات عدة, أهمها إضافة إلى الاحتفاء باليومي مقولتا الموت و الحياة.
لنقرأ هذه القصيدة بعنوان "الخنجر"
"الرجل مات/ الخنجر في القلب/ و الابتسامة بين الشفتين/ الرجل مات/ الرجل يتنزه في قبره/ ينظر إلى الأعلى/ ينظر إلى الأسفل/ ينظر حوله/ لاشيء سوى التراب/ لاشيء سوى القبضة اللامعة/ الخنجر في صدره/ يبتسم الرجل الميت/ و يربت على قبضة الخنجر/ الخنجر صديقه الوحيد/ الخنجر/ ذكرى عزيزة من الذين في الأعلى" ص126
فهذا القصيدة الومضة تماثل قصيدة متوسطة الحجم , و تحمل ملامح قصصية صريحة, فثمة تصعيد درامي و حبكة و لكنها مفعمة بالشعر, هي خطاب الميت في حنينه إلى الحياة,فهو يذكر الأحياء بجماليات فقدوها و لكن –هيهات - بعد فوات الأوان؟!
و يرصد الكتابُ كذلك تجربة الشاعرة الكويتية سعدية المفرح كممثلة للبداهة الأنثوية في مجموعتها" آخر الحالمين كان" .
و يورد لها قصيدة الومضة التالية:
" أشعرُ بهِ كلما سمعت
خبرا يحتاج تعليقا فوريا
أو أغنية جديدة
أو قصيدة تافهة
أو صوتا يشبه ذلك الصوت الذي
خلقني امرأة
ذات صباح"
لقد جاءت نصوص المفرح باهتة عادية , و من خلال النماذج التي قدّمها الكتاب للشاعرة المفرح لم أجد مبررا لتخصيصها كنموذج عن القصيدة الومضة تمثل بداهة الأنثى , لنقارن – مع العلم أن أي مقارنة تحتمل تعسفا ما- هذه الومضة مثلا للشاعرة
رولا حسن
"ثمة وقت لأرتّب طاولة حياتي
وألتفت صوب حقول العائلة اليابسة
ثمة وقت لأسحب ملاءة الحنين
و أسوي سرير الضجر"
فالومضة الأخيرة تحتفي أكثر بالأشياء , التفاصيل , البيت , و العائلة , و الإحساس فيها أكثر تعينا بحدّه الأنثوي.
و يرصد الكتاب كذلك تجربة الشاعر السعودي أحمد الزهراني كممثل لبداهة الاحتجاج اليومي في مجموعته "بياض" و ما بعدها
ففي قصيدة ومضة له بعنوان
"مندوب"
"جالسا ..خارج الذاكرة
في فضاء رحيب
يحضر المؤتمر
خلف قنينة من شراب لذيذ
ربما من نبيذ
جالسا في فراغ مهيب
في أجندته موعد للفجور
دفتر فيه بعض الحروف التي مزقتها السطور
وحده ..لا يعي ما يدور" ص132
فالنص يقوم على المفارقة بين ما هو مأمول و بين ما هو حاصل
و يعرض الكتاب كذلك بشكل سريع للشاعر اللبناني جوزيف حرب كممثل للومضة المشهدية و الاحتفاء بالطبيعة, و للشاعر سعد الجبوري للقصيدة الومضة ذات النزعة التدميرية التجريبية المشاكسة .
.
أيا كانت ملاحظاتنا على هذا الكتاب إلا أنه يمثل جهدا ً مشكورا ً يتسم بالريادة في رصد نمط جديد أخذ يتبلور في الشعرية العربية, و كذلك في تسليطه الضوء على تجارب شعرية منسية غير مُكرسة على امتداد المشهد الشعري العربي.
ربما تكون القصيدة الومضة الأكثر وعدا و أملا في زمن عزف فيه الناس عن القراءة, و في زمن انزاح الشعر فيه إلى العمق الإنساني و الداخل, فأخذت القصائد تتكثف أكثر فأكثر, و بدأ حجمها بالانكماش التدريجي.
&&
* هامش:
الكتاب: قصيدة الومضة-دراسة تنظيرية تطبيقية
تأليف: هايل محمد الطالب- أديب حسن محمد
الناشر: نادي المنطقة الشرقية الأدبي ط1 2009



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهافت الاعجاز العلمي في القرآن الكريم
- فبركات زغلول النجار و الأحد عشر كوكبا
- حول تجربة الشاعرة فوزية أبو خالد
- الشاعر المنتظر
- مدينة الموتى
- العقل بين الميتافيزيقيا..و طرائق التشكّل
- في البحث عن خرافة جوهر الانسان
- حول مصطلح نزع القداسة
- بيوت الله, أم بيوت في خدمة المستبد؟! طاجكستان نموذجا
- بوتريه الكهف
- الالحاد كإيديلوجيا شمولية ؟! ماجد جمال الدين نموذجا
- الشاعر غسان حنا في : -روحان لجسد واحد-
- العلمانوية .. و البحث عن محتوى لمقال فارغ؟!
- حول صلاحيات الايمان
- هل الالحاد إحدى طرائق تشكّل الايمان؟!
- ماجد العويد في الليلة الثانية بعد الألف
- شعرية العاطفة.... بين الشعبي و الثقافي
- قراءة للخطاب الاسلامي المعاصر في كتاب جديد - أضاحي منطق الجو ...
- هل الكاتب العربي متهم حتى يثبت العكس؟ وجهتي نظر
- قراءة في نيرمانا, و محاولات اصطياد الشاعر شريف الشافعي لكائن ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - عين على قصيدة الومضه-قراءة في كتاب-