أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - حسني مبارك – شبح المقبرة المصرية!














المزيد.....

حسني مبارك – شبح المقبرة المصرية!


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3265 - 2011 / 2 / 2 - 21:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قديما قيل بان خاتمة المرء حقيقته. وبقدر ما ينطبق ذلك على الأفراد، فانه ينطبق على الأحزاب والسلطات والدول والحضارات. مع أن لكل منها مصيره الخاص. فمن الناحية الطبيعية لا غرابة في الأمر لان كل شيء عرضة للزوال. وفي كيفية هذا الزوال تكمن قيمة الزائل. فالحضارات الكبرى تزول وتبقى مآثرها. والشيء نفسه يمكن قوله عن الدول. بمعنى تلك الدول التي انقرضت وبقي تراثها كامنا في الوعي التاريخي بوصفها حلقة ضرورية في وعي الذات القومي. وينطبق هذا على الأحزاب التي لعبت دورا مهما في تأسيس الأفكار الإنسانية والعقلانية الكبرى. ولا يشذ الأفراد عن هذه المعادلة. فالأحزاب والدول والحضارات الكبرى عادة ما يصنعها أفراد. ولكل منهم حجمه ومصيره ورمزه ومعناه.
عندما نطبق هذه المقدمة العامة على تاريخ مصر، فإننا نقف أمام حضارات كبرى (مصرية قديمة وعربية). وعندما نطبق ذلك على الدول، فإننا نقف أمام حلقات تربط في كل واحد تاريخ مصر باعتباره تاريخا موحدا رغم انقطاعه الزمني. وعندما نقف أمام شخصياته الكبرى فان ملامح رمسيس الثاني وإخناتون والمعز لدين الله الفاطمي ومحمد علي باشا وجمال عبد الناصر وغيرهم تبدو كما لو أنها حلقات تاريخية معبرة عن صخب الحياة ورونقها المتأجج على ضفاف النيل ومجراه العارم، أي مجرى الحياة وعنفوان سريانها على ملامح الوجوه المصرية النضرة ورونق عذوبتها التي وجدت منافذها الى كل قلوب العرب على امتداد قرون عديدة. بحيث تحولت مصر، بعد دمار المراكز الثقافية السياسية الكبرى للعالم العربي في دمشق وبغداد، الى "قلب العرب" النابض، ومركز العروبة، وميدان النهضة، وصوت الأنغام العذبة للسيد درويش والشيخ إمام وأم كلثوم وعبد الحليم. الأمر الذي جعلها بمعنى ما ميدان التجريب التاريخي الكبير للعالم العربي الحديث.
وليست هذه المعالم المتألقة في سماء التاريخ العربي سوى الوجه الآخر لأرض التضحيات والمعاناة الكبرى أيضا. وهي المفارقة التي تلازم بالضرورة تعايش وتصارع الأرواح والأشباح، والحياة والموت، والحق والظلم ومختلف أشكال وأصناف المتناقضات.
وها إننا نقف أمام هذا التلازم المثير للعقل والضمير الاجتماعي والوطني والقومي، عندما نتأمل بعيون لا تخلو من الغضب "فرعون" مصر الصغير الذي لا حضارة فيه، أي دكتاتور خرب هو الوجه الفعلي للأشباح والأموات والظلم. فالفرعون الحقيقي بطل تاريخي، عندما ننظر إليه بمعايير التاريخ والثقافة وليس بمعايير الصورة الدينية الفجة التي بلورتها تقاليد اليهودية المتأزمة وعقدها التي لا تنتهي. وليس مصادفة أن يكون حسني مبارك خادما وضيعا أمام اليهودية الصهيونية و"فرعونا" أمام المقابر المصرية. بحيث حوّل القاهرة (أي المدينة التي لا تقهر) الى مقبرة كبرى لأهل مصر، ومزرعة "نظرة" للصوص. وتحول هو وعائلته الى لص أكبر. وليس مصادفة أن يحصل على هذا التأييد التام (والمشروط أيضا) من جانب الصهيونية العالمية، بحيث تنبري إسرائيل لوحدها للدفاع المستميت عنه. لكنها استماتة هي عين الموت. وذلك لأنها نتاج سرقة بدأت بالأرض الفلسطينية وانتهت بفقدان الحس الإنساني وحدود النفس. وإذا كانت هذه الصفات قد لازمت اليهودية على امتداد تاريخها، فان نفوذها النسبي في مصر السادات وحسني مبارك، ليس إلا المرحلة المؤقتة التي تعكس حالة الخراب والانحطاط المادي والمعنوي للنخب "العسكرية" والحزبية التي ولدت من ثمرات الهزيمة وليس الانتصار والتحدي.
فالهزائم تصنع صنائعها، كما أنها تربي وتهذب إرادة التحدي. والأولى سريعة النمو سريعة السقوط، على عكس الثانية. فالإرادة المتماسكة هي جهاد واجتهاد ومعاناة وتضحيات كبرى للباطن والظاهر. إن صناعة الهزائم جراح وقيح، قد يكون حسني مبارك وسلطته البوليسية وأداته الحزبية الخربة، وقواته الخاصة من الفئات الرثة التي صنعها على امتداد عقود، هي الوقود السريعة الالتهاب والاحتراق. لكنها لا تنير ولا تدفئ. من هنا قوة تخريبها وسرعة زوالها. إن قوتها شأن قوة الموتى في المقابر. مثيرة لهلع الصبيان والخائفين. غير أن القاهرة التي قهرت هذه الظاهرة المرعبة للقلوب الفزعة بما في ذلك في عيش ملايينها في المقابر، قد كانت مؤهلة، بفعل جرائم السلطة نفسها، للسخرية من أشباح الموت. الأمر الذي جعلها قادرة على مواجهة حسني مبارك وسلطته البوليسية كم لو أنها تواجه أشباح الأموات التي تعودت على العيش معها وبينها!
إن أقسى وأتعس ما تواجهه الأمم في تاريخها هو أن تكون "قادتها" أمواتا! أموات الحس والضمير! والقبول به يعني القبول بالموت على انه فضيلة بحد ذاته! وهذه أشياء تتنافى مع العقل والضمير والحق ومنطق الوجود وطبيعة الأشياء. وبالتالي ليست الثورة المصرية الأخيرة تمردا على حسني مبارك و"نظامه" السياسي، بقدر ما هي ثورة على النفس من اجل تذليل الخوف من أشباح الموت المخيمة على مصر، التي جعلت من قاهرة حسني مبارك قهارة رذيلة للحق والحقوق والعدالة والفكرة الاجتماعية والوطنية والقومية.
إن التحدي الوطني العام لحسني مبارك و"نظامه" السياسي، هو تحدي اجتماعي وسياسي وروحي وأخلاقي ووطني وقومي وتاريخي للنفس والإرادة الذاتية، التي كشفت عن الأبعاد التامة للحقيقة القائلة، بان الأشباح قد لا تخلو من قدرة على إثارة الخوف الرعب والهلع، لكنها تبقى في نهاية المطاف أشباحا. ولعل المفارقة الكبرى في كل هذه الدراما الهائلة تقوم في صراع شعب أدرك للمرة الأولى بأنه يواجه شبح مقابره، وشبح يعتقد بأنه عزرائيل الرحمة وإسرائيل النقمة!!
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياسمين الغضب التاريخي
- إسلام -فاشي- أم يسار فاشل؟
- الانقلاب التونسي ومشروع المستقبل
- الحوار المتمدن وقضية الاحتراف المعرفي
- تيار (دولة القانون) ومشروع مركزية الدولة والهوية الوطنية
- دولة القانون وقانون الدولة
- -افتراق الأمة- بين التاريخ والثقافة(2-2)
- -افتراق الأمة- بين التاريخ والثقافة (1-2)
- فكرة افتراق الأمة بين التاريخ والسياسة (2-2)
- افتراق الأمة بين التاريخ والسياسة - البحث عن اليقين العقائدي ...
- إشكاليات البديل العراقي ومشروع العيش المشترك
- اجترار الزمن وتبذير التاريخ – التجربة العراقية الحديثة
- الراديكالية والخروج على منطق التاريخ القومي (العربي)
- الزمن الراديكالي وتهشيم بنية الوعي التاريخي للدولة والأمة
- إشكالية الزمن والتاريخ في ثروة الأمم
- المثلث العربي الفارسي التركي وفلسفة الرجوع إلى النفس
- المثلث العربي الفارسي التركي ومشروع المستقبل
- ابن طفيل- حكمة التجانس والاعتدال!
- ثلاثية اليقظة الفلسفية - السهروردي وحكمة المتمرد!
- يقظة ابن سينا- حكمة الشفاء والنجاة!


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - حسني مبارك – شبح المقبرة المصرية!