أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نزار خالد - عن إعلامنا الشيوعي والشعارات المركزية















المزيد.....


عن إعلامنا الشيوعي والشعارات المركزية


نزار خالد

الحوار المتمدن-العدد: 212 - 2002 / 8 / 7 - 02:41
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

      يواجه الشيوعيون ، في الظرف الراهن ، حملة مكثفة تستهدف حزبهم وسياسته المبدئية تجاه السلطة الطفيلية الحاكمة في العراق .

وتكتسي الحملة طابعاً محموماً وهستيرياً كلما وجدت سياسته توسعاً وترسخاً بين أوسع أوساط المعارضة العراقية وجماهير شعبنا ، وهي سياسة ـ رفض ومقاومة وشجب الحرب الأمريكية على العراق تحت ذريعة تغيير النظام ، بكل قواه وبأقصى إمكانياته ،  مع الإصرار في ذات الوقت ، على السعي لإسقاط النظام كونه " أساس البلاوي " جميعها ، الحروب والحصار والدمار والمآسي ـ  وذلك بالاعتماد على قوى الشعب العراقي أساساً بدعم وإسناد من جميع القوى الخارجية المعادية للنظام حقاً وحقيقةً والجادة فعلاً على تغييره لمصلحة الجميع المشتركة ، لا كوسيلة فقط لتوطيد وترسيخ وتطوير مصالح ومكاسب قديمة وجديدة على حساب مصالح الشعب والوطن والأمة  .

 وتنشط الحملة وتشتد ، ضد سياسة الحزب ، باتجاه دفعه للاصطفاف أما مع الأمريكان أو مع النظام أو تحييده على الأقل و تشويه هويته الوطنية وعرقلة جهوده المتصاعدة والناجحة في سبيل تحقيق أوسع تعاون بين مختلف القوى الوطنية وعزله عنها . ومن أبرز خصائص هذه الحملة الشرسة هي مشاركة بعض العناصر القيادية الشيوعية في السابق التي غادرته لأسباب وظروف خاصة بها .

 وقد انعكست هذه الحملة في العديد من وسائل الإعلام مما دفع بالشيوعيين للدفاع عن حزبهم وسياسته . وقد شهدت صفحة الطريق خلال شهر تموز لوحده ثلاثة مساهمات مما يعني أن المعركة حامية ومؤهلة للتصاعد مع زيادة " حرارة " الوضع السياسي في العراق وبكل ما يتعلق به .§

إن واقع اشتداد الحملة وتصعيدها على الحزب وسياسته من قبل أعداءه ، يشكل لوحده عامل تفاؤل وفخر للشيوعيين ، فهو أحد أهم مؤشرات صواب سياسته ونجاحها في التطبيق . أقول ذلك ليس مرضاةً للنفس ، ولكن لغرض تأشير واقع وحالة العدو " المهاجم " .

 فبالرغم من هجومه الإعلامي المكثف ، هو الآن في حقيقته في موضع الدفاع عن نفسه وعن سياسته البائسة . وهذه الحقيقة ينبغي أن تجد انعكاساً لها على إعلامنا الشيوعي بحيث يتطابق أسلوبه مع هذا الواقع فيتخذ طابعاً " هجومياً " وموضوعياً يخاطب الجماهير والقوى الوطنية والناس ويحاجج الأفكار والسياسات ، لا أشخاصاً بعينهم ، مهما كان ماضيهم ومهما كانت صفاتهم الشخصية ومراكزهم الحزبية وآرائهم السابقة ، على خطأ كانت أم على صواب . والمهم هو المواقف والآراء التي يدافعون عنها في الوقت الحاضر ومحاكاة  نتائجها على أرض الواقع الفعلي وفضح نشاطاتهم وأهدافهم التخريبية فقط من خلال تلك النتائج دون غيرها على الإطلاق .

ومن هذا المنطلق وجدت من المناسب أن أقدم بعضاً من الملاحظات والآراء التي نبهتني إليها المساهمات الثلاث وغيرها كمساهمة في " تفحص " أسلحتنا الإعلامية وعتادها ، في غمرة المعمعة الفكرية الآن وفي المستقبل .   

                  حول شعاراتنا المركزية ودورها في التعبئة الجماهيرية .

  اتخذ الحزب الشيوعي العراقي شعارات مركزية له بهدف تيسير وتبسيط نشاطه الإعلامي وتسهيل وصول أهدافه الرئيسية إلى أوسع أوساط الجماهير الشعبية وكوسيلة لتعبئة الشيوعيين حولها كمرشد لعملهم الإعلامي والتعبوي بين الناس .     

وقد عرف الحزب حتى ثورة 14تموز 1958 الشعارات المركزية التالية :-

·  - وطن حر وشعب سعيد .

·  - قووا تنظيم حزبكم .. قووا تنظيم الحركة الوطنية .

·  - يا عمال العالم اتحدوا .

 وبقي الحزب محافظاً عليها في كل الأوقات دون تفكير في التغيير لحد الآن . ولم تكن هذه الشعارات يوما ما موضع خلافات بين الشيوعيين ، بل على العكس كانت ولا زالت شعارات تعبوية ناجحة يستلهم جميع الشيوعيين في معانيها السامية نبراساً للوحدة " وسلاحاً " فكرياً فعالاً للتحرك بين أوسع أوساط الجماهير بمختلف طبقاتها وفئاتها وأحزابها وتياراتها السياسية والفكرية .

                 شعار مركزي جديد " تضامن ـ كفاح ـ تضامن ."

بعد انتصار ثورة 14 تموز عام 1958 أقر الحزب شعاراً مركزياً جديداً ، بالإضافة لشعاراته الثلاث الرئيسية ، كان هدفه تعبئة الشيوعيين والناس لتطبيق سياسته تجاه السلطة الجديدة .

 وكان اختياره لتلك السياسة ولشعارها المركزي مبنياً على تحديد الطبيعة الطبقية لسلطة ما بعد الثورة والتي شخصها كسلطة للبرجوازية الوطنية بمختلف شرائحها . كما حدد المرحلة التاريخية التالية للثورة بأنها مرحلة الثورة الوطنية ـ الديمقراطية على طريق بناء الاشتراكية بعد إنجاز مهام المرحلة الأولى  . وعلى ضوء ذلك حدد القوى الوطنية الرئيسية المؤهلة تاريخاً لإنجاز مهام تلك المرحلة ومنها السلطة الوطنية الجديدة كأداة للتغيير .

 هل كان الشعار المركزي الجديد بنفس قدرة وفاعلية الشعارات الثلاث الرئيسية على التعبئة الحزبية والجماهيرية ؟  كلا بالتأكيد ، كما هو واضح من الشعار نفسه .

 لقد كانت عملية اختياره بذاتها هي موضع صراع فكري داخل قيادة الحزب عند وضع سياسته الجديدة ، وهو قد وضع أساساً لسد الطريق على الأقلية من الشيوعيين المخالفين لسياسة الحزب التي أقرتها الغالبية منهم وإلزامها بالتقيد برأي الأكثرية وكذا لتعبئة كافة الشيوعيين والجماهير حول السياسة المقررة رسمياً من قبل هيئاته القيادية .

وواضح من الشعار نفسه أنه أغلق الباب ، منذ البداية وبحزم ، أمام تيارين متضادين ـ تيار يميني يريد التضامن التام أو شبه التام مع السلطة كونها سلطة وطنية ـ وتيار معاكس يساري متطرف يدعو إلى تشديد وتصعيد الصراع الطبقي معها باعتبارها سلطة برجوازية تستغل الطبقة العاملة .

 كان هذا هو الجانب السلبي في الشعار ، بالمقارنة مع الشعارات الثلاث الأولى ، من حيث انعكاسه  على قوة التلاحم بين الشيوعيين وعلى سعة التعبئة الجماهيرية حول الحزب . ولكنه ليس هو الجانب الوحيد أو الرئيسي فيه في مثل تلك الظروف وخاصة بعد انتصار الثورة مباشرةً .

 لقد كان للشعار دوره الكبير والهام في تحصين سياسة الحزب ضد التيارات اليمينية واليسارية المتطرفة وتمكين الحزب في الفترة اللاحقة من تجنب متاهات التذبذب والسقوط في مطبات سياسية ناتجة عن تذبذب وتغير في سياسة السلطة البرجوازية نفسها ، ومثل تلك الحالة في التذبذب هي من خصائصها الرئيسية ومن صلب طبيعتها الطبقية .

وقد كان من شأن السقوط في إحداها إلحاق كارثة كبرى بالحزب ، هي في حقيقتها أقسى وأمر بما لا يقاس من كارثة ردة 8 شباط 1963 . ومنها ما يشابه من حيث الجوهر المطب الذي يراد لحزبنا الشيوعي الوقوع فيه " كفخ " منصوب له في الوقت الحاضر في الموقف من الحرب والنظام .

فلو كان الحزب قد استجاب مثلاً للضغوط التي تعرض إليها تحت واجهات ثورية زائفة أو أفكار يسارية متطرفة مخلصة أو مغريات تدغدغ غروره بالنجاح المحرز ـ وجميعها كانت ضغوط موجودة فعلاً ووراء بعضها جهود كبيرة ومنظمة ومقصودة ـ  إبان فترة الصعود والمد الجماهيري في منتصف عام 1959 وبادر إلى محاولة الاستيلاء على السلطة لكان قد أضعف السلطة وساهم بذلك في سقوطها بيد قوى الردة ولحمّل لوحده ، بسبب تلك المساهمة ، المسؤولية التاريخية الكاملة في سقوطها . وفي حالٍ أقل سوءاً ، أن تنجح السلطة في قمع الحزب والتنكيل به وتدميره بمبررات خلقها الحزب لنفسه أمام الشعب والعالم ، وبالتالي لإضعاف نفسها والتعجيل أخيراً بسقوطها بأيدي القوى الرجعية وغلق الباب لمدة طويلة أمام نهضة الحزب من كبوته في ظل جميع مستجدات الوضع السياسي في المستقبل .

 وقد أرانا التاريخ مثالاً نعايشه اليوم من خلال وضع الحزب الشيوعي الإندونيسي الشقيق الذي يعاني لحد الآن من كبوة مماثلة جرت في النصف الأول من ستينات القرن الماضي عندما حاول الحزب تعزيز مواقعه في السلطة على حساب القوى الرجعية بغفلة من البرجوازية الوطنية الحاكمة ، مما سهل للرجعية الانفراد بالسلطة وإقامة نظام حكم دكتاتوري دموي دام أكثر من ثلاثة عقود من الزمن تكبد خلالها الشيوعيون والقوى الوطنية والشعب والوطن ما لا يحصى من الخسائر والمآسي والمحن. وخلقت تلك السياسة للحزب ما لا يعد من المشاكل والصعوبات ووضعت أمامه عراقيل كبيرة حالت دون استعادة دوره في الحياة السياسية حتى بعد مرور عدة سنوات على سقوط دكتاتورية سوهارتو نفسها ولحد الآن . لقد جرت محاولة لدفع قيادة حزبنا في هذا الاتجاه عدة مرات ، ولكن يقظة الحزب وقفت حائلاً دون ذلك .

وهنا لعب الشعار دوره التعبوي الإيجابي في الوقوف بوجه تلك السياسة " الفخ " .

وكذا كان دوره إيجابياً في مقاومة التيار الاستسلامي اليميني الذي أراد دفع الحزب للوقوف متفرجاً على ذبح الثورة وسلطة البرجوازية الوطنية في محنتهما ومحنة الشعب في 8 شباط عام 1963 لتسهيل مرور الردة من جانب و" لتلطيش " هوية الحزب الوطنية بحجة تجنب الخسائر وهي خسائر كانت محتمة في كل الأحوال !.

وقد أرانا التاريخ في فترة لاحقة حالة " متميزة " على " صلاحية "  مثل تلك الآراء الخاطئة فالشيوعيون لم يشهروا السلاح بوجه سلطة البعث بعد 17/تموز/ 1968 ، بل وفسحوا لها في المجال كي تختط لنفسها نهجاً وطنيا وقومياً صائباً وضحوا وتساهلوا وغفروا كثيراً ثمَّ كثيراً في سبيل دفعها نحو ذلك الخيار المشرّف . كل ذلك وغيره من أجل " عيون " الشعب والوطن والأمة ، فصبروا وغالبوا آلامهم وتعاونوا وتحالفوا معها لكنها أخيراً ارتدت فألحقت بهم وبالوطن وبالشعب وبالأمة خسائر جسيمة أسوؤها تحميل حزبهم ونهجه المفعم بحب الوطن والشعب والأمة وبحسن النوايا ، جزءاً من مسؤولية رسوخ حكمها أو ارتدادها وهو ما يتم استغلاله في الحملة الدائرة ضده وضد سياسته المبدئية ، في الوقت الحاضر ،  تحت ستار كاذب مرةً أخرى للدفاع عن سلطة الغدر والخيانة ذاتها " حرصاً ! " على الشعب والوطن والاستقلال الوطني ! .

 وللمفارقة اللمّاحة كعبرة ، أن الأشخاص الأكثر حماسةً آنذاك في تمرير نهج " حسن النوايا " الخاطئ هم الآن خارج الحزب وبعيداً عن ساحة النضال الحقيقية والأكثر لوماً وشماتة !

 وتلك ليست مشكلتهم ، بل هي من إنجازاتهم ! .

 إنها مشكلتنا نحن ! وعلينا أن نتعلم أكثر فأكثر اليقظة والحذر وأن لا نخطأ خطأً جسيماً لا في السياسة ولا في  الشعارات ولا في " دعاة " ومروجي السياسات والشعارات الخاطئة والتحريفية في الوقت الحاضر وفي المستقبل أيضاً .

 لقد توقف الشعار المركزي " تضامن ـ كفاح ـ تضامن " بسقوط سلطة البرجوازية الوطنية

و" انتحارها " بتنمية وتغذية أفاعي الردة ضد الشيوعيين ، ولكنه حافظ دوماً على ميزته الإيجابية والرئيسية وهي أنه قد انتهى دون رغبة من الشيوعيين وبالتالي دون تبعات تعبوية سلبية لاحقة على الحزب وعلى سمعته الوطنية . والشعار لم يتحول أبداً إلى ‘سبّـة ينأى عنها الشيوعيون ، بل على العكس تماماً . فنحن نستطيع الآن وفي المستقبل أن نستخدم ذلك الشعار كسلاح فعّال نشهره باعتزاز وفخر ، دون تعالٍ أو مِنّـة على شعبنا العزيز ، بوجه كل من قد يتطاول على وطنية الشيوعيين من بين جميع القوى والعناصر التي قد يعن لبعضها يوماً ما تحميلهم مسؤولية تاريخية عن  ضياع ثورة 14 تموز ، بهذا القدر أو ذاك ، وعن محنة الوطن والشعب في الوقت الحاضر في ظل حكم زمرة التطفل والغدر والخيانة !

 لقد كان وراء اختيار ذلك الشعار المركزي فكر ماركسي صائب  تجاه السلطة مبني على أساس علمي يحدد الهوية الطبقية للسلطة وليس تبعاً للأحداث السياسية أو سياسات السلطة المتقلبة والمتناقضة والتي هي من صلب طبيعتها الطبقية .

            شعار مركزي جديد " معاً لبناء الاشتراكية ".

 ظهر هذا الشعار في المؤتمر الثالث للحزب عام 1976 . وهو شعار ، في حالة إنجازه ، يغطي مرحلتين تاريخيتين ـ استكمال مهام المرحلة الوطنية الديمقراطية ومن ثمَّ بناء الاشتراكية .

ومن طبيعة التحالف القائم آنذاك بين يمين البعث ، وهو في السلطة ، وبين الحزب الشيوعي يمكن القول بأن وراء ذلك الشعار نظرية تؤمن بإمكانية البرجوازية الصغيرة الوطنية أن تقود التحالف مع الطبقة العاملة لإنجاز تلك المهام جميعها . أي التخلي عن شرط قيادة الطبقة العاملة في بناء الاشتراكية حسب النظرية الماركسية . وكذلك التخلي عن السياسة التي أقرها المؤتمر الثاني للحزب وهي شرط قيادة الطبقة العاملة ليس لبناء الاشتراكية وحسب ، بل ولإنجاز المهام النهائية للمرحلة الوطنية الديمقراطية كاملة حسب أصحاب تلك النظرية ذاتها !.

لقد كان الشعار بمثابة انعكاس للتحول الجذري في نهج الحزب وسياسته . وكانت سياسة الحزب قبل انعقاد المؤتمر الثالث قد شهدت هي الأخرى تحولاً جذرياً تجاه يمين حزب البعث . فقد سبق وأن رفض الكونفرنس الثالث المنعقد نهاية عام 1967 أي شكل من أشكال التعاون مع هذا الجناح على اعتبار أنه لعب دور كماشة نار الردة في 8 شباط 1963 وهو من أشرس أعداء الشيوعية والاشتراكية والقوى التقدمية والديمقراطية أي أنه خارج القوى الوطنية المؤهلة للتعاون مع الحزب الشيوعي .

ولكن بعد استيلائه على السلطة جرى تحول في الموقف منه واعتبر الاجتماع الكامل للجنة المركزية المنعقد في أيلول 1968 ، بغياب السكرتير آنئذ ، أن السلطة الجديدة تمثل أحد أجنحة البرجوازية الصغيرة وبهذا وضع ذلك الاجتماع الأساس النظري للتحالف مع السلطة الجديدة في وقت لاحق . وقد أقر المؤتمر الثاني ذلك التشخيص دون المساس بشرط قيادة الطبقة العاملة وهو الشرط الذي تمَّ التخلي عنه لاحقاً عند قيام التحالف .

 لقد جرت تلك التغييرات الجذرية خلال سنوات عديدة بشكل سريع لم تواكبه حملة تثقيفية بالتغيرات المستجدة لإقناع الشيوعيين والجماهير بها . وقد واكبتها على العكس تطورات سلبية في الحياة السياسية ، ولهذا فقد تحولت التغيرات والشعار إلى أداة للخلاف والفرقة الفكرية بين الشيوعيين أنفسهم وبينهم وبين جماهيرهم بالضرورة بدلاً من التعبئة والتلاحم .

وبطبيعة الحال يسهل نسبياً تحويل قناعة بعض القادة ، ولكن يستحيل تحقيق ذلك بسهولة لدى القاعدة والأصعب لدى الجماهير والقوى السياسية الأخرى . وقد انتهى الشعار بتحول سياسة السلطة إلى دكتاتورية شاملة ضد الحزب والقوى الوطنية والتقدمية جميعها وضد الشعب ومصالح الوطن . بمعنى آخر أنها كشفت عن هويتها الطبقية الحقيقية كما كان قد شخصها الحزب بدقة منذ الكونفرنس الثالث نهاية عام 1967 حتى الاجتماع الموسع في أيلول عام  1968 .

                شعار " إيقاف الحرب وإسقاط النظام الدكتاتوري ".

  ظهر الشعار كشعار مركزي بعد نشوب الحرب العراقية الإيرانية . وهو ، كما أصبح واضحاً ، ولد ضمن خلافات واجتهادات متباينة . منها ما يعطي الأولوية لإيقاف الحرب ومنها ما يرى الأولوية لإسقاط النظام الدكتاتوري . وربما كان كلاهما على حق ، ولكن في ظل فهم محصور في ذهن القادة والكوادر القريبة منهم وبأنصار ومعتنقي تلك الأفكار المتباينة .

الجميع ضد النظام الدكتاتوري والكل ضد الحرب ولكن الخلاف قائم !

أما غالبية الشيوعيين والجماهير فقد كانت تتلهف لمعرفة الفرق وتبعاته على السياسة اليومية . وبغض النظر عمن كان على حق تحول الشعار لوحده منذ البداية إلى " قضية نظرية " تتطلب الشرح والنقاش المضني . وكان لانتهاء الحرب أن تضع هي الأخرى نهاية لتلك " الحرب " الفكرية بين الشيوعيين أنفسهم عن أولوية إيقاف الحرب على إسقاط النظام . لست بحاجة إلى الإشارة إلى دور الشعار  التعبوي بين الجماهير . فهو قد أصبح من الماضي . والعبرة هي الأهم .   

              شعار مركزي جديد " رفع الحصار وإسقاط النظام الدكتاتوري " .

 لقد بقي الحزب بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية على سياسته السابقة وهي إسقاط النظام الدكتاتوري واختفت الخلافات النظرية والفكرية حول الشعار المركزي السابق إلى حين غزو الكويت وفرض الحصار على العراق . وهنا عادت الخلافات من جديد حول الأولويات ومرةً أخرى يفقد الشعار المركزي مبررات ظهوره كأداة للتعبئة الجماهيرية فوجود الشعار المركزي أو عدمه أو تغييره لا يعزز كما لا ينتقص من المبادئ الشيوعية للحزب إطلاقاً . إنه سلاح لتسهيل التعبئة الجماهيرية وليس لتعقيدها . فهو إذن وسيلة وأداة وليس مبدأ . 

وهذه الثغرة الإعلامية يستغلها أعداء وخصوم الفكر الشيوعي لحد الآن على الرغم من التغيير الجوهري الذي أدخله المؤتمر السابع للحزب على شعاره المركزي وهو التغيير الذي  أود الإفاضة في شرح أهميته وأهمية إدراكه بصورة صحيحة كي يتحول إلى شعار تعبوي مفيد وسلاح فعال في معركتنا في الوقت الراهن مع أعداء الحزب للوقوف على أرض إعلامية متينة ومجابهة خصوم سياسته المبدئية وتفويت الفرصة عليهم للتأثير سلباً على أفكار الناس والقوى الوطنية .

                المؤتمر السابع للحزب والشعار المركزي .

لقد تعامل المؤتمر السابع للحزب بمبدئية وبصواب مع قضية الشعار المركزي وعالج أهم الثغرات الرئيسية التي كان أعداء الحزب ينفذون منها إعلامياً للنيل من سياسته تجاه السلطة وتجاه كوارثها

ـ الحروب والحصار والإرهاب وكل ما يترتب عليها من مآسي للشعب والوطن .

قبل كل شئ حدد المؤتمر السابع بوضوح تام الطبيعة الطبقية للسلطة فوصفها كممثلة للبرجوازية

الطفيلية مستنداً لا إلى رغبات وعواطف ناتجة عن سياسات السلطة رغم مآسيها ومصائبها الكبيرة

على أهميتها ، بل بالركون أساساً إلى تحليل علمي متكامل يربط بين السياسة والحياة الاقتصادية للبلد

وانعكاساتها على الواقع المعيشي للشعب وطبقاته وشرائحه الاجتماعية وطريقة توزيع الثروة

الوطنية فيما بينها .

كل ذلك مدعماً بأرقام وإحصائيات رسمية ووثائق معتمدة وبتفاصيل غير مسبوقة في تقرير مركزي هو بوصلة هادية لعمل الشيوعيين خلال عدة سنوات .

 وكل رقم في ذلك التقرير هو سلاح فعال يستطيع الشيوعيون استخدامه في صراعهم الفكري مع الخصوم دون حاجة لمجاراتهم في التنابز بالأوصاف والألقاب . لقد أعطى المؤتمر السابع سلاحاً فكرياً هو الأشد مضاءً من جميع الكلمات وهو سلاح الأرقام والإحصائيات الموثقة والتي تعكس نتائج سياسة السلطة على حياة الشعب الفعلية .

 والشعب هو أهم مكونات الوطن والموقف العملي للسلطة منه هو المعيار الحقيقي لمصداقية

أو دجل الحكام في مزايداتهم بالشعارات والكرامة الوطنية . ومن خلال معاينة تلك النتائج

خلص المؤتمر إلى تحديد طبيعة السلطة الطبقية . وبذلك أرسى الحزب ما جاء في شعاره المركزي 

عن الموقف من السلطة " الخلاص من النظام الدكتاتوري " على أساس ومضمون اجتماعي مكين 

لا يمكن تغييره بتغير مواقف السلطة ومناوراتها مع مستجدات الحياة السياسية المتغيرة .

ويلمس المرء بوضوح هذه الحقيقة ليس من خلال تحديد الهوية الطبقية للسلطة وإخراجها من

دائرة القوى الوطنية المخلصة للشعب والوطن فقط ، بل وأيضاً من خلال صياغة جديدة للشعار

السابق الصائب ، من حيث الجوهر ، ولكن مع فصل بين ما هو آني وسياسي وملح في الظرف الراهن " رفع الحصار " ، والذي بتحققه تزال عقبة كبيرة من أمام تحقيق ما هو مرحلي " ستراتيجي " وهو  الخلاص من حكم السلطة الدكتاتورية ومن ثمَّ تقديم البديل وهو البديل الديمقراطي .

 وبذلك يكون المؤتمر قد سلمنا شعاراً مركزياً يؤهل الشيوعيين لممارسة إعلام هجومي بدلاً من الموقف الدفاعي  " التفسيري " للشعارات السابقة والذي وجدت انعكاساً له في بعض مساهمات الرفاق على صفحة الطريق .

 لقد هزتني حقاً حماسة الرفاق والأصدقاء في الدفاع عن فكر وسياسة حزب الشيوعيين المجيد

ـ حزب الشعب والوطن وكل الخيرين . وقد أردت بملاحظاتي أن أعبر عن دعم ومساهمة

متواضعة معهم وآمل إني قد وفقت .

أشد بحرارة على أيادي " مقاتلي الفكر " من الرفاق والأصدقاء .

        5/آب/2002                     والى الأمام ..     نزار خالـد . 

  


 



#نزار_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في / عقود من تأريخ الحزب الشيوعي العراقي . /2
- حكام العراق ومهزلة التاريخ !
- قراءة في كتاب " عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي " ج 1.
- صوت أمريكا اليوم والغد !
- النهج الثالث !
- زيارات عمل ...في الوقت المناسب وفي المكان الأنسب !
- روسيا في الناتو ..اندماج أم صراع بشكل جديد ؟
- النظام العالمـي ..صراع أقطاب أم صراع طبقات ؟
- أمريكا وحربها المفترضة ضد العراق والتجربة اليوغسلافية
- ما هي طبيعة السلطة الحاكمة في العراق ؟وما هي ضرورة تشخيصها ؟
- محاولة في قراءة الوضع السياسي الراهن في العراق
- حول إنتفاضة الشعب العراقي في آذار 1991


المزيد.....




- Lenovo تطلق حاسبا متطورا يعمل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي
- رؤية للمستقبل البعيد للأرض
- درون روسي -يصطاد- الدرونات الأوكرانية بالشباك (فيديو)
- صحيفة أمريكية تشيد بفاعلية درونات -لانسيت- الروسية
- الصين تستعد لحرب مع الولايات المتحدة
- كيف سيؤثر إمداد كييف بصواريخ ATACMS في مسار العملية العسكرية ...
- ماهي مشكلة الناتو الحقيقية؟
- هل تغرب الشمس ببطء عن القوة الأمريكية؟
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /30.04.2024/ ...
- كيف تواجه روسيا أزمة النقص المزمن في عدد السكان؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نزار خالد - عن إعلامنا الشيوعي والشعارات المركزية