أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - اليسار الصهيوني يوك!















المزيد.....

اليسار الصهيوني يوك!


يعقوب ابراهامي

الحوار المتمدن-العدد: 3246 - 2011 / 1 / 14 - 17:32
المحور: القضية الفلسطينية
    


تقول الأسطورة ان قائد الأسطول الحربي التركي في البحر الأبيض المتوسط، بعد ان عجزعن الأستيلاء على جزيرة مالطة، ارسل الى السلطان العثماني في اسطنبول البرقية التالية: "مالطة يوك" (اي: مالطة غير موجودة. ليس هناك جزيرة اسمها مالطة).
لا نعرف ماذا كان جواب السلطان التركي على هذه البرقية. نحن نعرف فقط ان الأدميرال الشجاع الذي بعث البرقية قد اصبح منذ ذلك الحين مضرباً للأمثال.
خذوا على سبيل المثال السيد خالد أبو شرخ. فبعد ان عجز عن تشخيص اسباب (ومعالم) الأزمة التي يعاني منها اليسار العربي الفلسطيني، قرر ان يبرق لقرائه مبشراً: "اليسار الصهيوني يوك!".

اما مساعده سانشو بانشو فلم يكن بحاجة الى اكثر من هذه البشرى لكي يطالب بحصته من جلد الدب: "إذن ليس هنالك في الواقع ما يُمكن أن يُدعى يسار صهيوني . . . شكراً جزيلاً و وأرجو أن ترفع ذراعي معلناً فوزي بالضربة القاضية على الكاتب الرجعي يعقوب إبراهامي الذي لا أعتقد أن مدربيه سيرمون بالمنشفة من وراء الحبال!".
لم افهم بالضبط ماذا يعني سانشو بانشو بجملة "لا أعتقد أن مدربيه سيرمون بالمنشفة من وراء الحبال!". لست خبيراً بقواعد المصارعة البدنية (انا اكره هذا النوع من "الرياضة"، والمصارعة الوحيدة التي احبها واجيدها هي "المصارعة الفكرية"). لكنه إذا كان يتكلم عن "مدربين" فانا اريد ان اذكر هذا الجاهل ان بعضأ من مدربي قد اعتلوا المشانق ولا يحق له ان يتحدث عنهم.

لم افهم كذلك ما الذي اهلني لتقلد لقب "الكاتب الرجعي". كل حياتي الراشدة كنت اعتقد انني انسان تقدمي، يضع الأنسان في المركز ("متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً" - عمر بن الخطاب)، يؤمن بالعلم، يبحث عن الحقيقة ولا يخشى في قول الحق لومة لائم. قد اخطئ احياناً (ومن عدا ستالين لم يخطئ؟) وقد ارتكب الحماقات احياناً اخرى (ومن لم يرتكب حماقة في حياته؟). ولكن بين هذا وبين "كاتب رجعي" هناك بون شاسع جداً لا يمكن ان يتخطاه إلا انسان بحجم شانسو بانشو.
ماذا حدث؟ هل تغيرت المقاييس ام ان شانسو بانشو يطلق الكلام على عواهنه ولا يقيم وزناً لمعنى الكلمات التي يكتبها؟ ولماذا "ضربة قاضية" لا تبقي ولا تذر؟ هل شانسو بانشو لا يقدرعلى اقل من ذلك؟ ("انا ابن جلا وطلاع الثنايا *** متى اضع العمامة تعرفوني").

"ليس هنالك في الواقع ما يُمكن أن يُدعى يسار صهيوني". اليسار الصهيوني "يوك" - يقول السيد خالد أبو شرخ الذي يعرف عن تاريخ الشيوعيين في فلسطين واسرائيل، وعن الأنشقاق الذي وقع في صفوف الشيوعيين الأسرائيليين، في الستينات من القرن الماضي، اكثر مما يعرفه كاتب هذه السطور نفسه، رغم ان كاتب هذه السطورعاش ذلك الأنشقاق، بل كان جزءًا لا يتجزء منه. غني عن البيان طبعاً ان اغلب ما يعرفه خالد أبو شرخ عن الأنشقاق، رغم طرافته، هو من ابداعاته الخاصة. (لخالد أبو شرخ ابداعات اخرى، لا تقل طرافة، في مواضيع اخرى قد نتناولها في المستقبل)

استراحة قصيرة (إذا جاز لي ان اقلد صديقي رعد الحافظ) : عندما فكرت في كتابة هذا المقال كان في نيتي ان اكتب شيئاً عن الأنشقاق الذي حصل في صفوف الشيوعيين الأسرائيليين في منتصف القرن الماضي، وان اشرح للقراء، وللسيد خالد أبو شرخ، ماذا اعني عندما اقول ان الخلاف الذي نشب في صفوف الشيوعيين الأسرائيليين، بين "الستالينيين" (الذين لا "يعصرنون" المبادئ) وبين دعاة التجديد (الذين "يعصرنون" المبادئ)، اتخذ نتيجة لظروف اسرائيل الخاصة، وفي ظل مضاعفات الصراع الأسرائيلي-العربي، صورة خلاف (ثم انشقاق) بين الشيوعيين اليهود والشيوعيين العرب. كان في نيتي ان اكتب عن ذلك باختصار. جاء محمد نفاع، الأمين العام للحزب الشيوعي العربي في اسرائيل (راكاح)، (و"أحد قادة ورموز الحركة الشيوعية في فلسطين" كما يصفه خالد أبو شرخ )، ونشر في "الحوار المتمدن" مقالاً مخزياً اعفاني من هذه المهمة الشاقة. إقرأوا هذا المقال وستعرفون ماذا كانت نقاط الخلاف، ولماذا حصل الأنشقاق، بين الشيوعيين اليهود والعرب.
اقرأوا هذا المقال لكي تعرفوا ماذا يعني محمد نفاع (وخالد أبو شرخ) عندما يقول : "نحن لا نعصرن المبادئ".
اقرأوا هذا المقال لتروا كيف تجتمع الحماقة، الأفلاس السياسي والجمود الفكري في شخص واحد لكي تنتج جملة كالجملة التالية : "ان هذه الخطوة (استقلال جنوب السودان) لا تقل خطورة عن نكبة الشعب العربي الفلسطيني". أقرأوا هذا كي تعرفوا ماذا تعني المتاجرة بنكبة الشعب العربي الفلسطيني.
(هذا هو نفس الشخص الذي يتظاهر في شوارع تل ابيب ضد العنصرية والأحتلال، يداً بيد مع صهاينة "تقطر اياديهم دماً فلسطينياً"، ثم يسافر الى جنوب افريقيا كي يطعن الصهاينة من الخلف (نعم، نفس الصهاينة الذين سار معهم في شوارع تل ابيب) ولكي يدعو العالم الى محاربتهم والقضاء عليهم، لأن "محاربة الصهيونية هي جزء لا يتجزء من محاربة الأستعمار". وخالد ابو شرخ معجب بهذا المنافق السياسي ولا يرى نشازاً في سلوكه اللا أخلاقي. والطيور، كما قال الأقدمون، على اشكالها تقع).

وسايكس بيكو؟ اين سايكس بيكو؟ كيف يمكن ان نعيش بدون سايكس بيكو؟ لا تقلقوا: محمد نفاع لم ينس سايكس بيكو. هذا الثرثار الذي سكت عندما قام مجرم الحرب عمر البشير بتطبيق الشريعة الأسلامية في السودان، ولم يرفع صوته عندما قتلت عصاباته وشردت واغتصبت رجال وأطفال ونساء دارفور وجنوب السودان، ولم يطالب بملاحقة مجرمي الحرب هؤلاء وتقديمهم للعدالة الدولية ، يعرف ان هناك خطاً واحداً يصل المرحومين سايكس وبيكو بجنوب السودان (وهذا الخط يمر حتماً بالمؤامرة الصهيونية) . اسمعوا: "ضمن المخطط الامريكي الاسرائيلي يجري تقسيم السودان، بهدف اقامة دولة جديدة، وهذه خطوة اخرى تندرج في نشاط الولايات المتحدة لتجزئة العديد من الدول ليسهل بلعها، استمرارًا لسايكس بيكو، وتقسيم الحجاز، وبعده يوغسلافيا والعراق والحبل على الجرار كما يبدو."
نحن نعرف منذ زمن بعيد ان هناك مؤامرة امريكية-صهيونية (وربما ماسونية ايضاً) للأستيلاء على العالم وتخريبه (والحبل على الجرار كما يقول هذا الخبير). محمد نفاع لم يأتنا بأي جديد في هذا الخصوص. ولكن تقسيم الحجاز؟ من سمع عن هذا؟ من قال ان محمد نفاع لا "يعصرن" الحقائق؟ ومن قال ان للحماقة حدود؟

محمد نفاع "الماركسي"، الذي يرتدي هنا قناع "الوطني" المدافع عن عروبة الوطن العربي (والوطنية، كما تعرفون، هي الملجأ الأخير للأنذال) يبكي على نكبة انفصال جنوب السودان التي "لا تقل خطورة عن نكبة الشعب العربي الفلسطيني". هو يعرف جيداً من المسؤول عن هذه "النكبة"، لكنه يوزع المسؤولية بالأقساط وفقاً لقانون "التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي". اقرأوا ما يقوله هذا الدعي: "النظام السوداني يتحمل جزءًا من المسؤولية". هل فهمتم الآن؟ "النظام السوداني يتحمل جزءًا من المسؤولية". اما الجزء الأكبر فتتحمله الصهيونية طبعاً.

هذا المنطق الأعوج ينطبق ايضاً، وبدرجة اكبر، على الصراع الأسرائيلي العربي. في هذا المجال يجوز كل تزوير للتاريخ وكل تشويه للحقائق. هنا كل شيء مباح (ومستباح) في الحرب ضد الصهيونية عدوة البشرية.
يقول "المؤرخ النزيه" محمد نفاع : ان هذا الثالوث (الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية) هو الذي منع قيام الدولة الفلسطينية بناء على قرار التقسيم الذي اقرته الجمعية العمومية للامم المتحدة.
ليس لهذا الزعم اساس من الصحة. هذا غير صحيح تاريخياً ومناف لما وقع على الأرض.
الأستعمار البريطاني رحل عن فلسطين عام 1948 ولم يمنع اقامة دولة فلسطينية. هذه خرافة اوجدها جاهلون او متجاهلون. (هذا لا ينفي محاولات قام بها الأمريكان والأنكليز لعرقلة تنفيذ قرار هيئة الأمم المتحدة، اي لعرقلة اقامة دولة عربية ودولة يهودية).
قيادة الحركة الصهيونية آنذاك وافقت على قرار تقسيم فلسطين الى دولتين، عربية ويهودية، لأنها امتلكت الحكمة الكافية لأن تدرك إن حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره يجب أن لا يتعارض مع حق الشعب الثاني (الشعب العربي) في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة. (هذا لا يعني إن القيادة اليهودية لم تستغل إلى أقصى حد أخطاء وحماقات القيادة العربية، ولكن هذا موضوع آخر).
الشعب العربي الفلسطيني لم يستطع أن يمارس حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة لأن قيادته، في تلك الفترة التاريخية الحاسمة، فهمت حق تقرير المصير بشكل غريب، فهمته على أنه يعني حق الشعب العربي الفلسطيني في الاستيلاء على كل فلسطين، أي إنها أنكرت حق الشعب الثاني (الشعب اليهودي) في تقرير مصيره بالشكل الذي يريده. قيادة الشعب العربي الفلسطيني آنذاك هي التي رفضت قرار التقسيم، وتحت شعار "كل فلسطين للعرب" فقدت كل فلسطين وانزلت النكبة بالشعب العربي الفلسطيني.
تزوير التاريخ لا يفيد هنا.

نعود الى "اليسار الصهيوني". (انتهت الأستراحة).
ان السؤال فيما إذا كان هناك "يساراً صهيونياً" ام لا هو سؤال "عملي" لا "نظري"، بمعنى ان الجواب عليه يجب ان يكون بدراسة واقع المجتمع الأسرائيلي اليوم، التناقضات داخله والقوى التي تحركه، لا الى ما قاله، او لم يقله، لينين او كاوتسكي، قبل اكثر من قرن.
هل هناك اليوم في اسرائيل وفي الجاليات اليهودية في العالم قوى سياسية واجتماعية تعتقد ان من حق الشعب اليهودي (بأي معنى من معاني "الشعب") ان يقرر مصيره بنفسه وان يقيم دولته في وطنه التاريخي القديم (وهذا هو المعنى الوحيد للصهيونية) ولكنها تعتقد ان هذا الوطن هو في الوقت نفسه وطن لشعب آخر له نفس الحق في ان يقرر هو ايضاً مصيره بنفسه وان يقيم دولته في وطنه التاريخي؟
هل هناك اليوم في اسرائيل وفي الجاليات اليهودية في العالم قوى سياسية واجتماعية تعتقد ان حل الصراع القومي بين اليهود والعرب على قطعة الأرض الواحدة، لن يكون ب-"تحرير فلسطين، كل فلسطين، من البحر الى النهر"، ولا ب-"اقامة اسرائيل الكبرى الشاملة والكاملة"، بل باقتسام قطعة الأرض هذه بين الشعبين؟ لا "كل فلسطين للعرب" ولا "كل ايريتس يسرائيل (ارض اسرائيل) لليهود"، بل "فلسطين (أيريتس يسرائيل) لليهود والعرب على حد سواء؟
هل هناك اليوم في اسرائيل وفي الجاليات اليهودية في العالم قوى سياسية واجتماعية تعتقد ان الصهيونية معناها النضال بلا هوادة ضد حثالة الجنس البشري، العنصريين والفاشيين اليهود، ضد "عبدة الأوثان" المتدينين المتطرفين، ضد "المستوطنين" سارقي اراضي الشعب العربي الفلسطيني، ضد الحكومة الأسرائيلية اليمينية المتطرفة وضد رئيس الحكومة الأسرائيلية المراوغ والمحتال، بنيامين نتنياهو، لكنها في الوقت نفسه تدافع عن حق اسرائيل في الوجود وترفض كل الدعوات لنزع الشرعية عنها؟
إذا كانت هناك قوى سياسية واجتماعية كهده (وهناك دون شك قوى كهذه) فان هذا هو اليسار الصهيوني. وهو ليس "يوك".

اريد اخيراً ان ارد على افتراء واحد من افتراءات خالد ابو شرخ.
يقول خالد ابو شرخ: "وفي اخر مقالاته (اي: مقالات يعقوب ابراهامي) التي ينتقد بها الرفيق " بسام الصالحي" الامين العام لحزب الشعب الفلسطيني (الحزب الشيوعي الفلسطيني سابقا), لا لشيء سوى تمسك الصالحي وحزبه بحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والغير قابلة للتصرف, متهما اياه بعدم الجراة والمصداقية, ولا يقدم أي رؤية جديدة لحل الصراع العربي الاسرائيلي, فأي رؤية يريدها الابراهامي؟ التنازل عن حق العودة؟"

اولاً، اليكم الأنتقاد الذي وجهته الى بسام الصالحي وقرروا بانفسكم إذا كان هذا الأنتقاد ينطبق عليه بالضبط ما يقوله خالد ابو شرخ:
" ان "المصالحة التاريخية بين شعبينا" (او ما يحلو للبعض ان يسميه بحق "سلام الشجعان") تحتاج الى اكثر من "عدم التلعثم". تحتاج الى رؤية "طليعية" جديدة. والسيد بسام الصالحي، الذي يتمتع دون ادنى شك بدرجة عالية من الأنفتاح، الكفاءة الثقافية، الجرأة السياسية والنزاهة الفكرية، لم يستطع، او لم يرد، او لم يجرأ، ان يأتي برؤية جديدة وظل ، في كل ما يتعلق بالصراع الأسرائيلي-العربي وب"القضية الفلسطينية"، سجين "ثوابته" الفكرية والسياسية القديمة، مع بعض "التعديلات" الطفيفة هنا وهناك. سأحاول ان اثبت ان "التلعثم" في عرض افكار جديدة افضل من "عدم التلعثم" في ترديد افكار قديمة لم تصمد امام وقائع الحياة."
هذا هو ما كتبته. هل هذا هو انتقاد نزيه (قد يكون خاطئاً لكنه نزيهاً) ام انه هجوم ظالم واتهام بعدم الجراة والمصداقية "لا لشيء سوى تمسك الصالحي وحزبه بحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والغير قابلة للتصرف"؟
هل كان خالد ابو شرخ نزيهاً في الأتهام الذي وجهه الي ام انه وجه لي اتهاماً ظالماً؟

ثانياً، خالد ابو شرخ يكذب عن عمد (اللهم إلا إذا كان لا يفهم اللغة العربية) عندما يقول انني طلبت من بسام الصالحي "التنازل عن حق العودة".
اليكم ما قلته بالحرف الواحد:
" من سيقول للاجئ الفلسطيني في مخيمات اللاجئين انه لن يعود الى بيته في حيفا وعكا وعسقلان واللود إذا كان بسام الصالحي يخشى ان يقول له ذلك؟
من سيقول للاجئين الفلسطينيين ان "حق العودة" سيتحقق ضمن اطار الدولة الفلسطينية التي ستقوم الى جانب دولة اسرائيل، وليس في حدود دولة اسرائيل، إذا كان اليسار الفلسطيني يخشى ان يقول لهم ذلك؟
من سيقول الحقيقة، كل الحقيقة، للشعب الفلسطيني إذا لم يقلها اليسار؟
من سيرفع راية "المصالحة التاريخية الكبرى" بين شعبينا إذا لم يرفعها اليسار؟"
هذا هو بالنص الخطاب الذي وجهته للامين العام لحزب الشعب الفلسطيني. هل طلبت من بسام الصالحي "التنازل عن حق العودة" ام دعوته الى ان يقوم بدور القائد والموجه للشعب العربي الفلسطيني؟ هل طلبت منه التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني ام دعوته الى قول الحقيقة لأبناء شعبه في مخيمات اللاجئين؟ ألا يعرف بسام الصالحي ان اللاجئين الفلسطينيين لن يرجعوا الى بيوتهم الأصلية (كما يحاول ان يخدعهم كل المتاجرين بقضيتهم) بل ان حل مشكلتهم سيكون في نطاق دولة فلسطين المستقلة التي ستقوم الى جانب اسرائيل؟ اليس من حقي، ومن واجبي، ان اقول له: صارح ابناء شعبك بالحقيقة؟
هل هناك من يستطيع ان يفهم من كلامي غير ذلك؟ لمصلحة من يشوه خالد ابو شرخ ما قلته؟ هل انت ايضاً من المتاجرين بقضية اللاجئين، سيد خالد ابو شرخ؟ ام انك لا تجرأ على قول الحقيقة لنفسك ولشعبك؟

"من الذي تغير؟ نحن أم الصهيونية؟" - يتساءل السيد خالد ابو شرخ ولا يخطر على باله قط ان كلا الأمرين قد يكونان صحيحين: نحن تغيرنا والصهيونية تغيرت (هذا بافتراض اننا متفقون على معنى الصهيونية).

"هل كانت الصهيونية على حق, وكنا نحن على باطل؟ هل أخطأنا في تقييمنا لها؟" - - يتساءل السيد خالد ابو شرخ (الذي لا "يعصرن" المبادئ) ولا يخطر على باله قط ان تقييماً فكرياً، أو موقفاً سياسياً، نتخذه اليوم، في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، تجاه حركة أو ظاهرة اجتماعية، لا يعني بالضرورة ان من تبنوا تقييماً فكرياً مخالفاً، أو اتخذوا موقفاً سياسياً مغايراً، تجاه نفس الحركة او الظاهرة ، قبل قرن او نصف قرن، في ظروف تاريخية واجتماعية واقتصادية مختلفة تماماً عما هي عليه اليوم، كانوا مخطئين. هذا طبعاً لا يستطيع ان يفهمه من لا "يعصرن" المبادئ.

والأهم من كل ذلك السيد خالد ابو شرخ لا يستطيع ان يفهم (وكثيرون في اليسار العربي لا يدركون) ان الصراع الأسرائيلي-العربي هو صراع بين شعبين لكل منهما قصته الخاصة التي تختلف عن قصة الشعب الآخر.
شعبان - قصتان. قصتان متوازيتان، وخطان متوازيان في الهندسة الأوقليدية لا يلتقيان. (هناك "هندسات" اخرى طبعاً تلتقي فيها الخطوط المتوازية).

تحية للأوركسترا الوطنية الفلسطينية : "اليوم أوركسترا، وغدا دولة"
(عن جريدة "هآريتس"، نوعم بن زئيب، بتصرف)
في شهر ايار عام 2004 ساد صمت عميق في قاعة قديمة لأحياء الحفلات الموسيقية في مدرسة صغيرة في بلدة البيرا في فلسطين. كان دانيئيل برنبويم، من كبار موسيقيي زماننا، على وشك ان يرفع عصا المايسترو امام فرقة أوركيسترا الشبيبة الفلسطينية حديثة الولادة. كان الجو مشحوناً بالشعور بأن هذا هو حدث تاريخي. في هذه اللحظة علا في الذاكرة حدث تاريخي مماثل آخر.
كان ذلك قبل حوالي سبعين عاماً، في تل ابيب ، سنة 1936. مجموعة بشرية اخرى، طائفة نائية في خضم صراع من اجل استقلالها الذاتي وتقرير مصيرها المستقل، علقت ابصارها بمن كان يعد اكبر مايسترو في عصره، ارثورو توسكانيني، الذي كان على وشك ان يرفع عصا المايسترو امام فرقة أوركيسترا في اولى حفلاتها : الأوركيسترا السيمفونية الفلسطينية/الأرض اسرائيلية (فيما بعد: الأوركيسترا الفيلهارمونية الأسرائيلية).
آنذاك مثل اليوم، في تل ابيب كما في البيرا، كان للأوركيسترا مغزى ابعد من الحدث الموسيقي نفسه: الحفل الموسيقي كان بمثابة اعلان الأستقلال الثقافي الفني والموسيقي. استقلال ما قبل الأستقلال.

"اليوم أوركسترا، وغدا دولة" - تحت هذا الشعار، الذي يؤكد العلاقة الوثيقة بين موسيقى الشعب واستقلاله، وبعد مرور ستة سنوات على البداية المتواصعة في البيرا، افتتحت الأوركسترا الوطنية الفلسطينية السنة الجديدة بحفلات اقامتها في القدس و رام الله : فرقة موسيقية ناضجة وبدرجة عالية من الأبداع الفني.
كل نغم عزفته الأوركسترا الوطنية الفلسطينية اكد شعار "اليوم أوركسترا، وغدا دولة". وكانما لكي تؤكد حنينها القومي احيت الأوركسترا حفلة في حيفا. حدث كهذا لم تشهدها قاعة كريجر في الكرمل الفرنسي بحيفا من قبل : أوركسترا سيمفونية حقيقية ناضجة، على درجة فنية عالية ومستوى موسيقي راق، مؤلفة من عازفين فلسطينيين، وفلسطينيي الأصول جاؤوا من الخارج، وحتى من سوريا ، وكأنهم يعلنون بمجرد احيائهم هذا الحفل داخل اسرائيل عن الغاء الحدود والحواجز التي تفصل بين البشر.
هكذا كان دائماً في التاريخ: الموسيقى تسبق الأحداث. علينا فقط ان نصغي لما تنبؤ به ولما تريد ان تقوله لنا.



#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اجل مصالحة تاريخية كبرى
- أحماقة أم نفاق سياسي؟
- البارع، المطور والذي لا يعتذر
- سلامة كيلة غاضب. من لا يخاف؟
- البيان الختامي الذي لم يصدر
- جنكيز خان ستالين
- اكثر من صحيحة أو الحقيقة المطلقة
- سلامة كيلة يقودنا الى طريق مسدود
- حول الصهيونية والدولة اليهودية الديمقراطية
- من يخاف من دولة يهودية ديمقراطية؟
- محمد نفاع لا يعصرن المبادئ
- من يخاف من تصفية القضية الفلسطينية؟
- انصاف الحقائق في اجتهادات فؤاد النمري
- هل فقدوا البوصلة؟
- -عبد الحسين شعبان- يكيل بمعيارين
- عبادة ستالين : حقيقة لا افتراء
- جرائم ستالين
- يعيرنا أنا قليل عديدنا
- اسطول الرجعية يتقدم نحو شواطئنا
- قافلة حرية؟


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: عائلات العسكريين الأوكرانيين القتلى تفشل من ...
- مدفيديف يتحدث عن العلاقات بين روسيا ولاوس
- وسائل إعلام: بولندا تفتح قضية تجسس ضد القاضي شميدت الهارب إل ...
- البرلماني الجزائري كمال بن خلوف: بوتين أعاد لروسيا هيبتها ال ...
- مصر تحذر من -تصعيد خطير- إثر استمرار سيطرة إسرائيل على معبر ...
- النازحون بالقضارف السودانية.. لا غذاء ولا دواء والمساعدات قل ...
- الأسد وانتخابات -البعث-.. -رسائل للعرب-
- الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن ...
- بيان إماراتي بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح
- -طلائع التحرير- المجهولة تتبنى قتل إسرائيلي في مصر.. ومصادر ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - اليسار الصهيوني يوك!