أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - التعاونيات الشيوعية والتعاونيات الصينية















المزيد.....


التعاونيات الشيوعية والتعاونيات الصينية


أنور نجم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 3245 - 2011 / 1 / 13 - 10:43
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تعاونيات الشيوعية:

لو انطلقنا من التجارب التاريخية لمحاولات الشغيلة نفسها لإقامة الاشتراكية لا من عقل الأنتلجنسيا المليء بحب السلطة والحكم والزعامة، فنستنتج من ذلك أن الاشتراكية لا تعني سوى التعاونيات -الكومونات الإنتاجية- الخاضعة لإدارة كومونية، أي التسيير الذاتي للمجتمع، فالدولة الاشتراكية لا تعبر إلا عن الملكية الرأسمالية للدولة.
إذًا فالتناقض بين الكومونات -التعاونيات الشيوعية- وملكية الدولة بصفتها رأسمالية الدولة ليست سوى نفس التناقض التاريخي بين الرأسمالية والاشتراكية.

إن كومونة باريس هي أول من طرح في التاريخ الكومونات الإنتاجية الخاضعة للإدارة الذاتية للمجتمع. أما من طرح لأول مرة في التاريخ الجمهورية الاشتراكية بصفتها رأسمالية الدولة الاحتكارية، فهو لينين (للمزيد من المعلومات انظر: لينين صانع رأسمالية الدولة الاحتكارية، الحوار المتمدن).

ولنبدأ أولا من أعظم تجربة تاريخية وهي تجربة الكومونة الباريسية التي لم تقم إلا بنير المسار المقبل للتاريخ البشري: الكومونات الإنتاجية، فيقوم ماركس بتعريف هذه التعاونيات الشيوعية على الشكل الآتي:

"إذا كان للإنتاج التعاوني ألا يبقى كلامًا فارغًا وخادعًا، إذا كان له أنْ يحلَّ محل النظام الرأسمالي، إذا نظمت مجموعة تعاونيات الإنتاج وفقًا لخطة مشتركة، ووضعته تحت إشرافها هي، فوضعت بذلك حدًّا للفوضى الدائمة، وللنوبات الدورية التي هي القضاء المحتوم للإنتاج الرأسمالي- أفلا يكون ذلك أيها السادة، شيوعية، شيوعية ممكنة؟" (كارل ماركس، الحرب الأهلية في فرنسا).

وماذا نستنتج من هذه التجربة التي لا تطابق أحلام السلطوية العذبة للمثقفين البرجوازيين الذين يتحدثون باسم الشغيلة؟

إن الإنتاج الاشتراكي لا يخضع لإدارة فوقانية، أي للدولة، لحشرات سياسية، بل للإدارة الذاتية للمنتجين أنفسهم، حسب تجربة الكومونة لا أحلام الأنتلجنسيا، فكما يقول ماركس:

"إذا ما استقر نظام الكومونة في باريس والمراكز الثانوية، تنازلت الحكومة المتمركزة عن مكانها لإدارة المنتجين الذاتية في المقاطعات" (نفس المرجع السابق).

أفلا يكون ذلك حياة شيوعية دون الحاجة إلى المرور بالفترة الزمنية الانتقالية الطويلة التي لا يحتاجها المثقفون البرجوازيون إلا للتربع على العرش؟

إن الشيوعية ليست حلمًا بعيدًا، ولا تصميم هندسي لمفكري البرجوازية أمثال لينين وتروتسكي لمجتمع جديد. إن انتصار الكومونات الإنتاجية الخاضعة لإدارة كومونية، تعني انتصار الشيوعية. ولا يمكن تحقيق هذا الهدف دون القضاء المسبق على الدولة التي لا تمثل سوى سلطة إلهية على الأرض، أي سلطة فوقانية تتربع عليها حشرات الدولة. وبعد سقوط الدولة فلا حاجة حينئذ إلى إعادة الحياة إليها من جديد بحجة بناء الاشتراكية، فالاشتراكية موجودة تحت أقدام البشر لا فوق رأس الأنتلجنسيا المليئة بحب العرش.

ما الخلفية التاريخية للتعاونيات الاشتراكية؟

فقد ظهرت إدارة الحياة اليومية ثم التعاون في العمل في وقت مبكر جدًّا من التاريخ، فالعمل التعاوني ظهر في شروط إنتاج يفرض الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج، وأن فجر هذه الحياة التعاونية يعود تحديدًا إلى الشعوب الصيادين. ويجب أن يمارس البشر هذا النوع من الحياة التعاونية في الاشتراكية إذا أرادوا التصرف كنوع واعٍ في الطبيعة.

أما إذا رجعنا إلى العمل التعاوني في المجتمع الرأسمالي فسنرى أنه يرتكز على الملكية الخاصة لشروط الإنتاج، وهذه الشروط تظهر في التعارض مع الملكية الصغيرة للإنتاج، وتمثل قوة العمل الجماعية التي ينميها التعاون بين مجموعة معينة من العمال يستخدمونهم رأس مال واحدًا جماعيًّا.
وهذه هي النقطة التاريخية لانطلاق أسلوب الإنتاج الرأسمالي، فهذا الأسلوب يمثل في الأساس الأسلوب التعاوني في العمل.

يقول ماركس: "إن أسلوب الإنتاج الرأسمالي يظهر لنا -إذن- بمثابة ضرورة تاريخية لتحويل العمل المنعزل إلى عمل اجتماعي" (كارل ماركس، رأس المال، ترجمة محمد عيتاني، ص 473).

أما العمل التعاوني هنا فخاضع لإدارة ومصلحة خاصة رأسمالية، لإدارة لا بد أن تنظم الإنتاج تعاونيًّا بفعل طبيعتها الاجتماعية الخاصة، ولكن بصورة متناقضة.

إن العمل التعاوني في الأسلوب الرأسمالي للإنتاج يعني استخدام عدد من العمال المأجورين تحت سقف واحد، أو كما يقول ماركس:

"إن التعاون ليس إلا مجرد نتيجة لرأس المال الذي يستخدمهم في آن واحد"، "ووظيفة الإدارة تصبح وظيفة رأس المال منذ أن يصبح العامل الخاضع له عاملا تعاونيًا" (كارل ماركس، نفس المرجع السابق).

هذا هو المنشأ التاريخي للتعاونيات الاشتراكية: العمل يجري تعاونيًّا، أما التوجيه والرقابة خاصة صاحب الوسائل الإنتاجية -الأهلي أم الحكومي- فالتناقض يظهر بين الأسلوب التعاوني للإنتاج من قِبَل المنتجين أنفسهم، وتمليك نتاج هذا العمل الجماعي من قِبَل الغير، فيصبح نتاج الإنتاج مصدر الثروة لغير المنتجين أنفسهم، فالمنتجون إذًا يقفون أمام نتاج إنتاجهم بوصفه قوى غريبة عنهم.

تعاونيات الدولة:

كما بيَّنَّا أعلاه، لا يتحول أسلوب الإنتاج إلى أسلوب رأسمالي إلا بوصفه أسلوبًا تعاونيًّا في العمل، فالقوى الإنتاجية الرأسمالية لا تعني في الواقع سوى جماعية عمل الشغيل، أو كما يقول ماركس:

"إن القوة المنتجة التي يبذلها العمال الأجراء في عملهم بمثابة شغيل جماعي هي بالتالي قوة منتجة لرأس المال - ماركس، نفس المرجع، ص 470".

فالعمل الجماعي هو الأساس المادي للإنتاج الرأسمالي، ولا يمكن الحديث عن التعاونيات الشيوعية دون مرور المجتمع المسبق بهذا الشكل الجماعي للإنتاج، والذي يعبِّر في الأساس عن الاتجاه العام لتراكم وتمركز رأس المال.

يقول ماركس: "وفي مواجهتها، لا يبدو التعاون الرأسمالي أبدًا كشكل خاص من أشكال التعاون: وإنما على العكس يبدو التعاون نفسه بمثابة الشكل الخاص للإنتاج الرأسمالي - ماركس، نفس المرجع السابق، ص 472".

وهكذا، فرأس المال هو الذي يعطي وسائل تنظيم جديدة للمجتمع، تسودها علاقات كومونية -مشاعية-. وكل تعاون أو التعاونيات يسبق الكومونات، ليس سوى وسيلة لإنماء رأس المال، فضرورة الازدياد في الفعالية الإنتاجية، وتقليل كلفة الإنتاج، والسيطرة الشمولية على المجتمع أي تحويل أسلوب الإنتاج إلى أسلوب رأسمالي تعني ضرورة تمركز القوى العاملة ووسائل العمل.

وهكذا، فتعاونيات الدولة -أو التعاونيات الأهلية أيضًا- شكل اجتماعي لتمركز رأس المال، وهي عملية التنشئة الاقتصادية، وتسريع التراكم. وفي ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها الاقتصاد العالمي، ستزيد أهمية التعاونيات بالنسبة للدولة. وفي الوقت الحاضر تشجع الدولة تفعيل دور التعاونيات للحد من حدة الفقر في العالم.
لذلك سيزيد عدد التعاونيات في العالم يومًا بعد يوم، وأن عدد أعضاء التعاونيات في العام الماضي وصل إلى 800 مليون تعاوني في العالم. وأن قارة آسيا وحدها ضمت 43 مليون تعاوني. وتوجد التعاونيات في أمريكا، وكندا، وألمانيا، واليابان، وفنلندة، والهند، والدانمرك، وكمبوديا ... إلخ.

وفيما يخص الصين وهي تشجع التعاونيات أكثر من غيرها، ففي أواخر عام 2010 ضمت 28 مليون عائلة زراعية لتعاونيات الفلاحية في الصين، فشهدت التعاونيات (Cooperative) الصينية تطورًا كبيرًا خلال الخطة الخماسية الحادية عشرة 2005 - 2010. وتشمل هذه التعاونيات الزراعة، وتربية المواشي، وصيد الأسماك، والغابات، ونسج الأشغال اليدوية ... إلخ، كما تشمل الصناعة أيضًا (المصدر: شبكة الصين).

وهكذا، فالتعاونيات قديمة وتشمل كل قارة من خمس القارات الموجودة على الكرة الأرضية، ويعود تاريخ التعاونيات الزراعية في مصر إلى عام 1910 مثلا. وفي العام الماضي، استعرض المغرب والصين أهم مميزات القطاع التعاوني بالبلدين وبوصفها دعامة راسخة للتنمية الاقتصادية من خلال التعاون بين البلدين. فالنظام التعاوني المغربي يشبه إلى حد كبير النظام التعاوني الصيني، ويشمل تقريبًا كل المجالات المختلفة: الزراعية، الصناعية، الإسكان، المواد الغذائية، الأعشاب الطبية، الغابة، الصيد البحري، النقل، التجارة بالتقسيط، معالجة الفضلات، السياحة، الاتصال، الفن والثقافة .. إلخ.
المصدر: http://www.odco.gov.ma/ar/2010-03-19-17-50-55/122.html

إن الشكل الصيني للتعاونيات ليس سوى محاولة لتحويل السكان كلهم إلى مأجورين، فتحاول الدولة التصرف بقوة عمل السكان، وخلق سوق موحدة تحت سيطرتها، وتطوير قوتها الإنتاجية لمقاومة المنافسين في السوق المزاحمة العالمية وإزاء أكبر القوى التنافسية في السوق كالولايات المتحدة الأمريكية، والسوق الأوروبية المشتركة.

هذا هو باختصار الاتجاه العام للإنتاج الرأسمالي، فالتراكم يؤدي إلى التمركز، أما التمركز فيؤدي إلى تركيز رأس المال وهو تجميع الوسائل الإنتاجية في أيدي قلائل في المجتمع، أي القضاء على أساس رأس المال الصغير. وإن العملية هذه تجري بأشكال مختلفة، وشكل من هذه الأشكال هو رأسمالية الدولة الاحتكارية.

رأسمالية الدولة:

إن تمركز رأس المال -تمركز الوسائل الإنتاجية- هو الاتجاه الطبيعي للإنتاج الرأسمالي، فالرأسمالية لا يمكنها تطوير حياتها دون القضاء التدريجي على رأس المال الصغير -الإنتاج الصغير- للمنتجين المبعثرين الصغار، وهو الشرط المسبق لتحويل أسلوب الإنتاج القديم إلى الأسلوب الرأسمالي للإنتاج، أي الأسلوب التعاوني للعمل المأجور، فالحصول على أكبر كمية ممكنة من فائض العمل -فائض القيمة- يعني ببساطة أكبر استثمار ممكن لقوة العمل، فنمو العمل التعاوني في ظل الإنتاج الرأسمالي ليس سوى عملية استخراج أكبر كمية ممكنة من القيمة الزائدة.
ولا تختلف عملية التمركز فيما بين الرأسمالية بصورة عامة ورأسمالية الدولة، فعملية التمركز هي نفسها في الحالتين، أي إنها تعبير تاريخي عن تجميع الوسائل الإنتاجية في أيدي قلائل في المجتمع من خلال تمركز رأس المال، أي من خلال محو الملكية الصغيرة.

رأسمالية الدولة السوفييتية:

إن النظام اللينيني -أي الجمهورية الاشتراكية- ليس سوى طريقة لتجميع رأس المال في ايدي حفنة ضئيلة من طفيليي الدولة. وقد أدرك لينين منذ البداية بأن بقاء دولته الرأسمالية ضمن السوق التنافسي في العالم أمر مستحيل دون القضاء المسبق على رأس المال الصغير من خلال تجميع الوسائل الإنتاجية في أيدي الدولة، فتقدم رأسمالية الدولة في روسيا في عهد لينين كان أمرًا ضروريًّا قاطبةً لمسايرة المزاحمة العالمية. وقد أدرك لينين "أن العدو هو الملاك الصغير، ورأس المال الصغير، وليست رأسمالية الدولة الاحتكارية (لينين).

أما الصفة المميزة لإدارة رأسمالية الدولة اللينينية هي العزل التام لطبقة الشغيلة عن الإدارة، فنقلت البلاشفة أمر الإدارة من مجالس الشغيلة -السوفييتات- إلى السلطة الشخصية لقيادات الحزب الطفيليين، إلى مدراء وحزبيين ارستقراطيين، وفرض بيروقراطية مشددة، وتضخيم الرقابة الحزبية والنقابية والبوليسية، والسيطرة الصارمة على الاقتصاد وأمر تنظيمه من قبل حفنة برجوازية متربعة على دست الحكم، واحتكار وظيفة إدارة الإنتاج والتوزيع، ثم تحويل فائض القيمة إلى تراكم رأس المال في أيدي عدد قليل من الناس يشكلون منظمة بيروقراطية عسكرية ضخمة، تلتف حول عنق المجتمع وتمتص من مساماته كل ما يمكن امتصاصه من العمل الزائد -فائض القيمة-.

رأسمالية الدولة اليوغسلافية:

حسب الزعيم البرجوازي السوفييتي لينين لم يكن الازدياد في الفعالية الإنتاجية أمرًا ممكنًا، دون تنظيم المنافسة الاشتراكية، فتحسين انضباط العمل، والرقابة، والحساب، ومحاربة الدواوينية كما يقول لينين، لم يكن ممكنًا في السوفييت إلا من خلال إخضاع المجتمع كله لنظام العمل التايلوري التنافسي في العمل، يسميه لينين: مباراة الاشتراكية!

أما على عكس دولة لينين، فاضطرت الدولة اليوغسلافية إلى التحويل من الإدارة المركزية إلى اللامركزية في بعض مجالات محددة، أي التسيير الذاتي -تنظيم العمل داخل الوحدات التنظيمية من قبل العمال أنفسهم. ولم يتعلق الأمر في الحالتين السوفييتية واليوغسلافية إلا بكيفية استخدام الموارد البشرية –Human Resources (HR)- بطريقة أكثر فعالة من قبل الحكام الطفيليين، فبنتيجة الاختلاس، والرشاوي، واللامبالاة في ظل رأسمالية الدولة اليوغسلافية، اضطرت الدولة إلى تطوير نوع آخر من الحساب، والرقابة وهو نقل الإدارة إلى العاملين أنفسهم: التسيير الذاتي!

وهكذا، فالحكام يجدون دائمًا شكلا مناسبًا لإدارتهم، وفي الحالتين -السوفييتية واليوغسلافية- اضطر الحكام إلى نقل المراقبة الرأسمالية للعمل، إلى العمال أنفسهم، فالسيطرة الصارمة على العمل كانت غير ممكنة دون إيجاد نظام من العمل يقوم العاملين فيه برقابة أنفسهم، لأن اللصوصية في الإدارة وصلت إلى الحالة فوق الطبيعية في الدولة السوفييتية واليوغسلافية.

إن التسيير الذاتي -الإدارة الذاتية- موجودة اليوم في كل مكان في العالم ضمن الشركات الكبيرة والصغيرة، وخاصة الشركات الألكترونية منها. وهو وسيلة لتفعيل الإنتاج، واتخاذ القرارات المستقلة، وتحقيق الأغراض بصورة منهجية وهادفة، فتكنولوجيا المعلومات أصبح العامل المادي لتحقيق التسيير الذاتي في كافة المستويات الإدارية، فبفضل التكنولوجيا الحديثة، يقوم العاملون بتنظيم أعمالهم اليومية بأنفسهم، وبتخطيط الأهداف المستقبلية للإنتاج أو التسويق أو البيع أو خدمات الزبائن، ثم الجدولة، وتقسيم العمل، وصنع القرارات دون انتظار الأوامر والقرارات الفوقانية، أو المركزية.
وهكذا، فالهرم الاجتماعي للإدارة -أي المركزية- يفقد أهميته في الكثير من الشركات، الأمر الذي يؤدي إلى إزالة القواعد البيروقراطية في تنفيذ الأعمال (انظر: الإدارة الذاتية في ضوء تكنولوجيا المعلومات، الحوار المتمدن).

رأسمالية الدولة الصينية:

يقول ماوتسي تونغ: "إن الاقتصاد الرأسمالي الموجود حاليا في الصين هو اقتصاد رأسمالي خاضع في أغلبه الى سيطرة الحكومة الشعبية ويرتبط بالاقتصاد الاشتراكي المملوك للدولة بأشكال عديدة ومراقب من قبل العمال. إنه ليس اقتصادًا رأسماليًّا عاديًّا، ولكنه نوع خاص من الاقتصاد الرأسمالي يعرف باقتصاد رأسمالية الدولة فهو اقتصاد من نوع جديد. إنه وجد ليس بهدف تحقيق أرباح للرأسماليين، ولكن لتلبية حاجات الشعب والدولة. صحيح أن حصةً من الأرباح المتأتية من مجهود العمال تذهب الى الرأسمالين، لكنها جزء صغير فحسب، حوالي ربع واحد، من إجمالي الربح. أما الثلاثة الأرباع الأخرى فترجع لتعود إلى العمال (في شكل مورد للرفاهية)، وإلى الدولة (في شكل ضريبة دخل) وإلى السعة الانتاجية المتوسعة (جزء صغير منها يولد أرباحًا للرأسماليين). لذلك ، فإن هذا الاقتصاد لرأسمالية الدولة من النوع الجديد يتخذ صفة اشتراكية لدرجة كبيرة جدا و يعود بالمنفعة على العمال والدولة (المصدر باللغة الانجليزية)
http://www.marxists.org/reference/archive/mao/selected-works/volume-5/mswv5_30.htm

ترجمها إلى العربية ونسخها للإنترنت الصوت الشيوعي

إن مفهوم ماوتسي تونغ لرأسمالية الدولة لا يختلف عن مفهوم لينين لرأسمالية الدولة إطلاقًا. لذلك ليس من الضروري إلقاء نظرة خاصة على المفهوم الماوي لرأسمالية الدولة، فرأسمالية الدولة تأتي على الأخص في الدول المتخلفة، وناتجة في الأساس من تسريع عملية تراكم وتمركز رأس المال، فالرأسمالية ورأسمالية الدولة هم من دم واحد، وذات طبيعة اقتصادية واجتماعية واحدة، فقادات الدولة في الحالتين رأسماليون طفيليون، يعيشون على فائض عمل الشغيل، ومعلقون بين السماء والأرض، وبعيدون كل البعد عن الإنتاج، وتنظيم حياة المجتمع الإدارية، وأمور المجتمع البلدية، فهم مجموعة طفيلية بيروقراطية لا يشاركون في العمل الإنتاجي أو الإداري بأي شكل من الأشكال، ويجب إبعادهم عن الإدارة السلطوية بالعنف.

الخلاصة:

إن البرجوازية مضطرة في تنظيم نفسها في الدولة وبوصفها ممثلة المصالح المشتركة للأمة المعنية. وإن كل نشاطاتها -التعاونيات أو رأسمالية الدولة- ليست سوى تقوية موقعها التنافسية في السوق العالمية. وإن تحويل ملكية المنتجين الصغيرة لا يعني شيئًا سوى تمركز الوسائل الإنتاجية في أيدي حفنة طفيلية متربعة على العرش السياسي.
وإن تعاونيات الدولة في أي مكان في العالم، تمثل الاتجاه العام للإنتاج الرأسمالي، تمثل التراكم، وتمركز وسائل الإنتاجية في أيدي حفنة ضئيلة من الناس في المجتمع، وهي الطبقة التي تحتكر كل وسائل العيش، يعني تحول السكان كله إلى عبيدي الدولة. ورأسمالية الدولة الاحتكارية ليست سوى شكل تنظيمي للمجتمع الرأسمالي.

أما التعاونيات الاشتراكية فلا تعني حسب تجربة الكومونة، سوى التمليك الجماعي للوسائل الإنتاجية، فالملكية الخاصة الرأسمالية للدولة لا تحل بأي شكل من الأشكال النزاع الموجود في المجتمع. والأمر لا يتعلق إلا بجعل هذه الوسائل ملكية جماعية للمجتمع، لكل فرد من أفرادها، ففي المجتمع الكوموني لا يختلف علاقة الفرد ببعضهم البعض -السائد والمسود- مادام لا يختلف ملكيتهم للوسائل الإنتاجية، فالصراع الموجود في المجتمع يدور حول التمليك الجماعي لهذه الوسائل واخضاعها للإدارة الجماعية للأفراد الجماعية.

إن التنظيم الجديد للمجتمع يعني هدم القاعدة المادية للهرم السياسي، وجلب كل فرد في المجتمع إلى ساحة العمل للإسهام في الإنتاج والإدارة، والقضاء على كل قانون اقتصادي يؤدي إلى اختلال التوازن الاقتصادي، والنوبات الدورية، والأزمات الاقتصادية.
ولم تستهدف الثورات الكومونية مثل ثورة الكومونة الباريسية عام 1871م، والسوفييتات الروسية في عامي 1905م و1917م سوى التعبير عن هذه العلاقات التعاونية بين البشر وفرض هذه العلاقة في أسلوب الحياة.
فالانتقال من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الكوموني هو الانتقال من النظام التعاوني القسري -الرأسمالي- إلى النظام التعاوني الحر -الكوموني- الخاضع للتسيير الذاتي للمجتمع كله، فالثورات الكومونية تستهدف فقط تحويل الإنتاج إلى التعاونيات وفرض التسيير الذاتي في كافة مستويات الحياة من خلال هدم القاعدة الاجتماعية التي تنتج عليها حشرات الدولة الطفيلية، فلا وجود للحشرات السياسية في المجتمع ما لم تؤدِّ الحياة الاقتصادية إلى نشوء إدارة سياسية فوق الجميع وخارج إطار الإنتاج، فهؤلاء الحشرات السياسيين الذين يصفهم ماركس بـ (الدودة الزائدة) يعيشون على المجتمع ولكن دون أي إسهام في الحياة الإنتاجية والإدارية للمجتمع، فهم يقفون فوق المجتمع وفوق كل شيء وكل إرادة جماعية، ويملكون كل ما لا يملكه المنتجون أنفسهم، ويتمتعون بكل ما لا يمكن أن يتمتع به المنتجون الذين يهدر كل حياتهم في خدمة هؤلاء الحشرات وفيما بين مؤسساتهم الحقيرة، ومع ذلك فهذه الحشرات تقفون بعيدين كل البعد عن الساحة الفعلية للعمل.
فلذلك يجب الاستعاضة عن إدارتهم السماوية -سلطتهم- بإدارة ذاتية للمجتمع، أي العودة إلى التسيير الذاتي. وهذا هو المغزى التاريخي للعمل الاشتراكي. وخلف هذا التحديد، لا نجد سوى حجة الأنتلجنسيا المعجبين بأنفسهم ويوهمون الناس بأن الفوضى واللاعدالة ستسود المجتمع ما لم يقف هؤلاء الحشرات على رأس المجتمع.
ولكن، تُرَى هل تحتاج إدارة الإنتاج حشرات سياسية مثل هتلر، وستالين، وموسولوني، ولينين، وماوتسي تونغ، وكاسترو، وصدام حسين، وجلال الطالباني، وخميني، وتشرشل، وبوش؟ وما دور هؤلاء الحشرات في تنظيم الإنتاج؟ وما ثقافتهم غير ثقافة الإعجاب بأنفسهم؟ أليس المنتجون والمنظمون المباشرون للعمل من العمال، والمهندسين، ومراقبي الآلات، والناقلات، والرافعات، والحاسبات، ثم التنظيم البلدي للمدن، وتشييد الطرق، والأطباء، والأساتذة، والباحثين ... إلخ هم الذين يقومون فعليًّا بتنظيم الأمور اليومية للمجتمع؟ وما دور أسيادهم وحاميهم الاجتماعية من الجيش والشرطة والبوليس السري سوى تقسيم الثروات الاجتماعية فيما بينهم، والاخضاع القسري لهؤلاء الذين هم بالفعل خادمو المجتمع؟ تُرَى أليست الفوضى والعدالة الاجتماعية الموجودة تعبير عن وجود هؤلاء الأسياد وجيوشهم الذين ليس لهم الدور في التاريخ سوى الهدم، والتدمير، ورفع جدران السجون؟
فالمجتمع ليس بحاجة إلى هؤلاء الحشرات السياسية ما لم يفقد تنظيمه الطبيعي، أي التسيير الذاتي للإنتاج التعاوني. وحين يعود المجتمع إلى هذا التنظيم التعاوني الطبيعي بفعل ثورة كومونية، فلا حاجة حينئذ للعودة إلى التنظيم السياسي للمجتمع وإخضاعه من جديد لحشرات الدولة السياسية. فالدولة بجميع أشكالها دودة زائدة، أو حشرة لا تعيش إلا على دم المجتمع، وتعيق التطور الحر للمجتمع، حيث إنها ليست سوى سيطرة طبقية على المجتمع، وإن وجودها يعني بكل بساطة أن قواعدها الاقتصادية لا تزال موجودة تحت أقدام المجتمع، فالدولة سيطرة طبقية رهيبة يجب استعاضتها بشكل بسيط للإدارة اذ أراد المجتمع ممارسة حياته بصورة تعاونية. فالدولة تعني الكذب، والحِيَل السياسية، والميكافيلية تقوم كل ساعة بِخَدْعِ كل أفراد المجتمع لضمان سيادتها، والشغيلة المتعاونون هم المكلفون تاريخيًّا بتحويل السيادة وإدارة القسر، والإرهاب، والاغتصاب، وسيدة المجتمع بخادمة المجتمع.
أما الغرض من هذا الأسلوب في الحياة وإدارتها فليس هو تحرير الشرق من الغرب، والعرب من الإنجليز، وفلسطين من اسرائيل، والكرد من العرب، والتركمان من الكرد، والكلدان من التركمان، بل هو تحرير الإنسان من سيادة الإنسان من خلال إقامة تعاونيات الشيوعية - الكومونات.
Email: [email protected]
__________________________________________________________________________________________
في مداخلته على موضوعنا "لينين صانع رأسمالية الدولة الاحتكارية" يوم 9/1/2011 في الحوار المتمدن، كتب الاستاذ (وليد مهدي):

"أحييـك على هذه المعلومــات والإضاءة الدقيقة على مفصل مهم يفرز بين مفهوم اشتراكية التعاونيات ورأسمالية الدولة.
أرجــو أن نقرأ لك عن الصيــن قريبًا، فهــي مهمــة جدًّا في عالم المستقبل والتوازنات الدولية، وتمس كثيرًا توجهاتنا كيساريين ثوريين نحــو الاشتراكيــة، احييــك مجددا".



#أنور_نجم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لينين صانع رأسمالية الدولة الاحتكارية!
- المجالسية: من إيران عبر كردستان إلى المغرب ومصر وتونس
- من كردستان إلى تونس: شرارة ثورة الشغيلة
- الكومونة والسوفييتات -13: حركات التحرر الوطنية
- رأسمالية الدولة
- الكومونة والسوفييتات -12: ماركس والثورة الروسية
- الكومونة والسوفييتات -11: ماركس وباكونين
- الإدارة الذاتية في ضوء تكنولوجيا المعلومات
- الكومونة والسوفييتات -10: الفترة الانتقالية
- الكومونة والسوفييتات -9: الجنة الموعودة
- الكومونة والسوفييتات -8: ثورة السوفييتات عام 1917
- الكومونة والسوفييتات -7 : ثورتي البرجوازية والبروليتارية الر ...
- بولندة عام 1980: ثورة الكومونة من جديد!
- الكومونة والسوفييتات -6
- ثورة السوفييتات الهنغارية عام 1956
- الكومونة والسوفييتات -5
- الكومونة والسوفييتات -4
- الكومونة والسوفييتات -3
- الكومونة والسوفييتات -2
- الكومونة والسوفييتات -1


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - التعاونيات الشيوعية والتعاونيات الصينية