أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زينب رشيد - هي أكثر من ثورة خبز فلا تهينوها















المزيد.....

هي أكثر من ثورة خبز فلا تهينوها


زينب رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3242 - 2011 / 1 / 10 - 07:52
المحور: حقوق الانسان
    


ذات يوم قبل بضع سنين أبديت امتعاضا لا حدود له من قبول الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش أن يقلده ديكتاتور تونس زين العابدين بن علي الصنف الأول من الوسام الوطني للاستحقاق الثقافي على مرأى وسائل الاعلام كافة، وهو وسام يستحقه أكثر من درويش بكثير أي مثقف تونسي من الذين تمتلأ بهم سجون العار التونسية، على أن يتقلدوه من قبل رئيس شرعي منتخب، وليس من بن علي الذي لم يكتفي بالاستحواذ على السلطة انقلابا، وانما عمد الى اذلال الشعب التونسي وقمع حرياته وقهره وتجويعه، واستمرأ الدعوة كل مرة لانتخابات صورية يحصل خلالها على الرقم الذهبي الدائم لانتخابات الديكتاتوريات العربية.

من ناحية أخرى لم يكن مفهوما لدي في أي يوم من الأيام تصفيق رأس الهرم الفلسطيني وأدناه لنظام الجنرالات الجزائري بسبب ما قيل يوما على لسان الرئيس الجزائري الراحل هواري بو مدين من انه مع فلسطين ظالمة ومظلومة أو ربما بسبب الاستعداد الجزائري في أوقات معينة لاستقبال دورات المجلس الوطني الفلسطيني حين رفض استقبالها جميع العرب، فمن جهة أولى فاننا نرفض من يقف معنا ونحن في موقع الظالم، ومن جهة ثانية فان الدعم الجزائري لفلسطين على قلته العملية وكثرته الشعاراتية كان يضفي على النظام الجزائري شرعية لا يستحقها بمواجهة شعبه، وفي كل الأحوال كان على الشعب الفلسطيني وقيادته أن يدركوا أن من ليس فيه خيرا لوطنه وشعبه لن يكون فيه خيرا لفلسطين وأهلها.

النظام الجزائري الذي لم يمتلك يوما أي نوع من الشرعية إلا الشرعية الثورية التي لم تقدم لشعوبها بعد دحر المستعمر ونيل الاستقلال إلا الحكم الشمولي وعبادة الفرد القائد وسيطرة الحزب الواحد بما يترتب على ذلك من استبداد وفساد ونهب للوطن والمواطن حتى يبقى القائد على عرشه يحيط به ثلة من اللصوص والآفاقين الذين لا هم لهم إلا التسبيح والشكر بحمد قائدهم الأوحد، بينما يعيش المجتمع كله في سجن كبير ونخبته المثقفة في زنازين الأقبية المتعفنة، من يدخل اليها على كثرتهم يعتبر مفقودا ومن يخرج منها على قلتهم يعتبر مولودا.

لم يحيد "ثوار" الجزائر عن هذه القاعدة، فكان نظام الحزب الواحد القائد "جبهة التحرير الوطني" الذي فرض القبضة الحديدية على شعب الجزائر منذ اللحظة الاولى للاستقلال، فقمع الحريات وجعل الاعلام بوقا يُصبح بحمد القائد ويُمسي بشكر القائد، وتم تشييد السجون بعد أن ارتفعت أعداد سجناء الرأي والحرية، وغاب تكافؤ الفرص تماما ليحل محله المحسوبية والرشوة فلا وظيفة إلا لمتنفذ أو ابنه أو أقاربه أو راش، وتم اغراق الوطن في نزاع جبهة البوليساريو مع المغرب، حيث لا ناقة ولاجمل للشعب الجزائري في مثل هذا الصراع سوى مليارات الدولارات التي تم تبذيرها على شكل دعم للبوليساريو وما يرافق هذا الدعم من عمليات فساد كان أبطالها الثوار الجنرالات، ولم يكن هدف النظام من ذلك سوى اشغال شعب الجزائر عما يجري داخل البلد من عمليات نهب منظم لبلد غني عائم على ثروة طائلة من النفط والغاز لم يظهر شيئا منها على أبناء الجزائر.

اليوم ينتفض الشعب التونسي والجزائري على السواء وان كانت شرارة الانتفاضة قد ارتبطت مباشرة بسوء الحالة المعيشية والتضييق على الشعب في لقمة عيشه كما حصل في تونس، والغلاء الجنوني للبضائع الاستهلاكية الأساسية في الجزائر التي يحتكرها الجنرالات وان كان عبر أشخاص آخرين ليسوا أكثر من موزعي بضائع في خدمة هؤلاء الجنرالات، فان الأسباب الحقيقة لما يحدث اليوم في تونس والجزائر قد تجلت في الشعارات التي رفعها الشعب، وهي شعارات تدل على ان الهدف ليس مجرد رغيف خبز مجبول بالذل والقهر والهوان، وانما العمل على ازالة الاسباب الرئيسية التي أدت الى وصول الوضع المعيشي والاقتصادي الى ما وصل اليه في تونس والجزائر.

انتفاضة الشعب من جديد في الجزائر بعد انتفاضته الكبرى عام 1988 دليل قاطع على ان الاجراءات الاصلاحية الشكلية المتعلقة باصدار قانون الاحزاب وتخفيف سيطرة الحزب القائد على الاعلام ومنح هامش بسيط من حرية الرأي كانت ذرا للرماد في العيون ليس أكثر، حيث عادت الامور الى ماهو اسوأ من ذلك بعد انقلاب الجيش على نتائج الانتخابات التي فازت بها جبهة الانقاذ الاسلامية مع اختلافي الكلي مع افكار هذه الجبهة الاقصائية وبرامجها السماوية، وقد رأى العالم كيف أمعن الجنرالات والجيش وطيور الظلام من أتباع جبهة الانقاذ بالشعب الجزائري نحرا وذبحا وقتلا، واذ يعود اليوم الشعب الى الانتفاض فانه لن يقبل بأقل من نتائج انتفاضة 1988 ولكن هذه المرة بشكل حقيقي وليس شكلي كما حصل في المرة الاولى.

أما الشعب التونسي فان شعاراته تغني عن الحديث في أهداف انتفاضته المباركة المتواصلة والمتجهة اتجاها تصاعديا رغم القمع الدموي الكبير الذي تواجه به من سلطة مجرمة فاسدة يقف على رأسها شخص كان قبل الانتفاضة ديكتاتورا فاسدا وأصبح بعدها ديكتاتورا فاسدا وقاتلا. من الشعارات التي رفعها المنتفضون "المسيرة مستمرة والقوادة على برا" "يسقط جلاد الشعب" "يسقط حزب الدستور" وشعارات أخرى تدعو الى حرية التظاهر والاحتجاج.

كثير من وسائل الاعلام تصر حتى اليوم في وصفها لما يحدث في تونس والجزائر على انها مجرد ثورة جياع وثورة خبز وثورة غلاء أسعار ويشترك مع وسائل الاعلام تلك للأسف بعض النخب المثقفة بقصد أو دون قصد محتجا بعضهم بأعمال النهب والسلب التي ترافق الانتفاضة في كلا من الجزائر وتونس والتي يتضح ان السلطة واعوانها يقفون وراء القسم الاكبر منها لتبرير مزيد من اسالة الدماء لوقف الانتفاضة، وهذه المواقف تشكل اهانة حقيقية للشعبين الجزائري والتونسي ولأرواح ضحايا انتفاضتيهما ضد الظلم والطغيان والديكتاتورية وفي سبيل بناء أوطان حرة تؤمن بالتعددية وتداول السلطة عبر صناديق انتخاب حقيقية و يسود فيها القانون على الجميع وتتكافأ الفرص بين الجميع.

ان انتفاضة الشعب الجزائري والتونسي، والتي آمل أن تنتقل عدواها الى ليبيا ومصر واليمن والسودان وغيرها من ديكتاتوريات بني يعرب، وان كانت قد اشتعلت بسبب لقمة العيش والخبز إلا ان خط سيرها التصاعدي رغم الوعود السلطوية الرسمية في تونس وتخفيض اسعار السلع الى ما دونها قبل االانتفاضة في الجزائر، والمشاركة الواسعة للشباب في فعالياتها وشعاراتها التي يرفعها المتظاهرون، كل ذلك يؤكد ان ليس بالخبز وحده يحيا الانسان، وهي ان تم الاجهاز عليها اليوم بفعل الاجرام الدموي الكبير من قبل السلطة، ستبقى نارا تشب تحت الرماد ما تلبث ان تثور لتحرق كل من يقف بوجه تطلعات الشعب وطموحاته المشروعة في حياة حرة كريمة ومستقبل أفضل.

الى اللقاء



#زينب_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى سيعود الاسلام الى موطنه الأول؟
- ميلاد مجيد وعيد سعيد ولو كره المسلمون
- المسيحيون وممتلكاتهم أضاحي لعيد الأضحى
- دفاعا عن الله
- أين حملة كاميرون أطلق الأمير سعود؟
- هنيئا للتمدن بجائزة الحوار المتمدن
- اوباما..لا تطلق حميدان
- الأصل في الاسلام هو العنف
- لا يحدث إلا في ديار الاسلام
- نعم أنا فلسطينية
- كاميليا زاخر..حتى لا يكون مصيرها كمصير وفاء قسطنطين
- مسجد قرطبة النيويوركي..مسجد ضرار
- تنويعات على هامش الاسلام وتخلف المسلمين
- سوريا..الطغيان ما زال في صباه
- اسرائيل ونحن...بلا تشابيه
- هل أٌغتيل نصر حامد ابو زيد؟
- لسنا ملك يمينكم ولا يساركم
- عن سوريا وحاجتها الملحَة لأساطيل الحرية
- أردوغان..لعله يكون آخر الأنبياء
- حماس..نكبة النكبات


المزيد.....




- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...
- بيان للولايات المتحدة و17 دولة يطالب حماس بالإفراج عن الأسرى ...
- طرحتها حماس.. مسئول بالإدارة الأمريكية: مبادرة إطلاق الأسرى ...
- نقاش سري في إسرائيل.. مخاوف من اعتقال نتنياهو وغالانت وهاليف ...
- اعتقال رجل ثالث في قضية رشوة كبرى تتعلق بنائب وزير الدفاع ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - زينب رشيد - هي أكثر من ثورة خبز فلا تهينوها