أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - المجاز طوق نجاة المؤمن عندما يغرق















المزيد.....

المجاز طوق نجاة المؤمن عندما يغرق


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 3238 - 2011 / 1 / 6 - 17:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الاعتقاد بأن مصطلحات دينية مثل الله أو الشيطان أو الملائكة هي مصطلحات مجازية فقط للدلالة على الخير المطلق أو الشر المُطلق أو التفاني المُطلق للهروب من المشاكل التي يتسببها تجسيد هذه المُصطلحات في شخصيات حقيقية موجودة أعتقاد يسقط تحت ثقل النظرية الدينية نفسها, فلماذا الخير المُطلق سيهدد مجازياً بسلخ جلود مجازية أذا الشر المُطلق رفض أن يسجد مجازياً لآدم لهذا تم عقابه في نار مجازية تنتظره وتنتظرنا مجازياً.

المجازية هي طوق نجاة المؤمن عندما يجد أن النصوص المقدسة والتي لايستطيع أن يرفضها أو يضحك عليها مثيرة للضحك أو التقزز أو الاثنين معاً... فالسيف الذي يتحدث عنه المسيح هو سيف مجازي وضرب المرأة في القرآن هو ضرب مجازي وسفينة نوح هي سفينة مجازية بل حتى الله و الشيطان تصبح مصطلحات مجازية عندما لايجد المؤمن من تفسير منطقي لأسباب وجودهما كشخصيات مُستقلة تخطط وترسم وتفرح وتغضب وتعاقب وتطالب بالولاء وتهدد بالجحيم.

بل يذهب المؤمن أبعد من هذا بكثير, فهو يصلي ويصوم لأشياء مجازية, بل يعتقد بأن هذه الاشياء المجازية تريد أن تخاطبه وتتحدث معه من خلال كتاب حقيقي, وفي هذا الكتاب الحقيقي توجد خطابات مجازية مهمتها تسهيل وتنظيم حياة المؤمن بهذه الاشياء المجازية كي يصل الى ذروة الطاعة و الايمان بها وبعد موته تقوم بأدخاله في جنة مجازية أو تعاقبه في نار مجازية. والاغرب من كل هذا هو أن هذا المؤمن المسكين يجوع حقيقة ويعطش حقيقة بل ويقاتل ويقتل ويذبح آخرين من البشر من الذين لايؤمنون بهذه الاشياء المجازية على أمل أن تكافئه هذه المجازيات في دخول الجنان المجازية والتهليل لأبنه المجازي في المسيحية أو نكاح 72 حورية مجازية والشرب من أنهار من الخمر و اللبن المجازي. وفي أقسى حالات المجاز المثيرة للضحك يذهب المؤمن من بلده ويترك أهله كي يزور بيت مجازي لله وفي اثناء زيارته لهذا البيت المجازي لله يقوم برجم الشيطان المجازي بسبعة أحجار حقيقة وهو يصدق في هذا بانهُ فعلاً قام برجم شيطان حقيقي ولكن عندما نواجهه بالحقيقة يهرب مرة أخرى الى المجاز وبأن الشيطان هو تعبير مجازي للشر المطلق والذي يعني غياب الله والذي هو كذلك مجاز للخير المطلق.

الهروب الى المجاز كان ولازال الملجأ الاول للمؤمن الذي يريد تفسير النصوص الدينية القاسية أو الركيكة كي يستخرج منها نصوص أعمق و أبلغ تتوافق مع حسهُ الإنساني الرهف و أخلاقه العالية نسبياً مقارنة بالنص الديني المقزز على الغالب. أنها حالة تصادم مؤلمة و جريئة تجدها في عقل المؤمن المُتمدن والذي يرفض الفكر الديني جملة وتفصيلاً لكنه واقع تحت ثقل الضغط الاجتماعي و الديني, والضغط الاكبر من كل هذا هو ضغط الرعب من الموت أو ما يتوعده هذا الإله المجازي بهِ بعد موتهِ أن لم يؤمن كلياً بما جاء ونشأ عليه هذا المؤمن المتمدن منذ مراحل طفولته الاولى وحتى اليوم. فاللجوء الى المجاز يأتي كحل وسط بين الاعتقاد بعنف وصرامة وغرابة الخطاب الديني المقدس وبين عقلانية المؤمن التي طالما دافع عنها وآمن بصلاحيتها في قضاء حاجاته في حياته اليومية العادية.

فلا اليهودي ولا المسيحي ولا المسلم العادي يؤمن حقيقة بأن الارض عمرها ستة الالاف سنة, أو بأن حواء جائت عندما تكاثر آدم بالانشطار أو بأن نوح جمع ستة مليارات زوج من الحيوانات ابتداء من القطب الشمالي الى ادغال افريقيا وغابات الامازون وأستراليا نزولاً الى القطب الجنوبي أو بأن موسى حقيقة قام بشق البحر الاحمر بعصاه نفسها التي تحولت الى افعى يوماً ما أو بأن المسيح حقيقة بالجسد قام بالطيران الى السماء قبل 2000 عام أو بأن محمد قام بالطيران على ظهر دابة الى السماء السابعة بسرعة الضوء. جميعهم يؤمن بشكل من الاشكال المُبسطة بفعل المنطق لنفس هذه القصة, ويحاول تجاهل الاجزاء التي تبدو مضحكة أو خرافية كي يبدو إيمانه عقلانياً ومنطقياً وكي يكون متوازناً في إيمانه بالماورائيات الغير قابلة للتعليل او الاثبات وبين حياته اليومية الواضحة والمادية جداً. المُشكلة أن النصوص الدينية هذه ثابتة وتفضح نفسها بنفسها حتى دون أن يلمسها أحد, لهذا فأن المجاز يصبح أداة فعالة للسماح بـ(عقلنة) و (منطقة) الغير عقلاني و اللامنطقي الموجود في النص الديني.

أما اليهودي أو المسيحي أو المُسلم المُتعصب من أمثال بن لادن على نسخته اليهودية أو المسيحية وكل من يؤمن بمشروعه الديني وفقاً لمنهجه المنصوص عليه في كتابه المقدس, فأن العقل و المنطق لاعلاقة لهُ في تفسير الظواهر الكونية بالاساس, لهذا فهم لايحاولون ولايلجأون حتى الى أستخدام المجاز في تفسيراتهم للنص الديني, بل لايحتاج حتى أن يكون هناك توازن نفسي بين بشاعة النص الديني أو ركاكته الفاضحة وبين حسهُ الإنساني الذي يمتلكه. فهو ينكر كل الاخلاق الإنسانية وكل القيم وكل العلوم وكل المبادئ و الاسس التي لاتتوافق و النص الديني. النص الديني لمثل هؤلاء الاشخاص هو المصدر الاساسي و الوحيد للأخلاق و القيم و العلوم. بل يجب وفقاً لفكر هؤلاء الاشخاص المُتدينين أن يتم أدارة العالم و المصالح بل حتى قوانين الطبيعة وفق النص الديني حتى وأن لم ننجح فهذا يعود دائماً الى فشل التطبيق وليس فشل النص الديني في وصف الواقع الحقيقي الذي نتعايش معهُ نحن.

أخيراً, فأن لجوء المؤمن بالنص الديني الى المجاز ومن ثم مخالفته من باب التأويل القابل للتغيير هو على الغالب الصفعة الاخيرة التي يوجهها المؤمن للنص الديني قبل أن يقوم بتمزيقه ومن ثم تركه. أنهُ صراحة مؤشر جيد على رفع الحس الانساني وثبات القيم الاخلاقية المدنية في هذا الشخص ورفضهِ المبدئي الانصياع الى نصوص قادمة من زمن مختلف عن زماننا تتحدث بلغة تختلف عن لغتنا وتحمل قيم و أخلاق الزمن الذي نشأت فيه. أنهُ رفض صريح للعنصرية التي تؤسس عليها النصوص الدينية وفقاً للانتماء العقائدي أو العشائري, أنهُ لجوء أكيد الى مبدأ أكبر و أعم من تلك المبادئ الضيقة و الخاصة جداً التي تدعو لها الاديان الابراهيمية عامة, لجوء المؤمن بالاديان الابراهيمية الى المجاز لتفسير بشاعتها هو لجوء واضح الى الإنسانية ورفض لنزعة العدائية و الدماء التي تسبح بها الكتب المقدسة دائماً.


بسام البغدادي
http://www.facebook.com/Bassam.Albaghdady



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبلتُ تحدي الله فهل يقبل هو التحدي؟
- الخوف من الموت يجعلنا نؤمن بالله
- لماذا قطعت رأس أمي؟
- هل يستحق الله العبادة؟
- عبثية ميلان كونديرا الرائعة
- كلام في اللقاء الجزء الثالث
- كلام في اللقاء الجزء الثاني
- كلام في اللقاء الجزء الاول
- هل يملك الله أي خيار؟
- حواء و بناتها و التفاح
- لهم ملكوت الارض
- خالداً في ذاكرة عشتار
- عندما يخجل الرجال أن يكونوا رجال - الجزء الثاني
- عشتار و أبن القبيلة
- هل الله موجود الجزء الخامس و الاخير
- يا أولاد ال... من أجل كرة القدم؟
- هل الله موجود؟ الجزء الرابع
- هل الله موجود؟ الجزء الثالث
- هل الله موجود؟ الجزء الثاني
- هل الله موجود؟ الجزء الاول


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - المجاز طوق نجاة المؤمن عندما يغرق