أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - هل يملك الله أي خيار؟














المزيد.....

هل يملك الله أي خيار؟


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 2899 - 2010 / 1 / 26 - 19:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فيما لو, فيما لو أعطيتك خيارين, و اعطيتك كامل الحرية في الاختيار. ثم قلت لك بوضوح و بدون لف و دوران و سجع و نسخ و أسرار مكنونة بانك ببساطة اذا أخترت الخيار الاول فستكون حياتك أفضل أما أذا أخترت الخيار الثاني فسيؤدي خيارك هذا بك الى التهلكة. أنت حر في الاختيار هنا ببساطة, و انت من سيتحمل مسؤولية قرارك اولاً و أخيراً. لكن, فيما لو أخبرتك بان خيارك الاول سيؤدي بك الى حياة افضل (معي) أما خيارك الثاني سيجبرني على قتلك لانك لم تخترني؟ فهل اعطيتك اي فرصة اختيار حقيقي هنا؟
مثال آخر, فيما لو كان هناك شخصان غارقان في حبك حتى العظم, أحدهما قال بوضوح و صراحة ما يؤمن بهِ و يريده و ما هي مبادئه و بأنك أنت من يقرر في قرار عقلك ما تريد او ترغب و بأنه لن يلومك او يؤذيك مهما كان قرارك. أما الثاني فجاء و قال ايضاً بصراحة غاضباً متوعداً لك أذا لم تختر ما يريده هو لك و أن لم تختره و تكون شاكراً له لانه اعطاك فرصة اختياره, فسيسلخ جلدك و يكسر عظمك و يقتلك شر قتلة. ليس هذا فحسب, بل انك لو اخترت الشخص الاول أو حتى لو لم تختر أحداً, فسيقوم بقتلك انت و الشخص الاول على أية حال و ممارسة كل انواع التعذيب و التنكيل و الذل و القهر بكما. يالطيف ما الطفهُ من اختيار. مما لا شك فيه, وفي تجربة حقيقية قمت بطرح السوآل على جميع أصدقائي المؤمنين و الملحدين و اللاأدريين فان الغالبية العظمى ستختار الشخص الاول, أو لا تختار ابداً من أن تختار الشخصية المريضة الثانية.
هذا بالضبط ما يفعله الله في عقل المؤمن. يقوم الله بأعطاء الانسان خيارين لا ثالث لهما. أولاً, يجب ان تصدقني في كل ما اقوله لك و أن تعبدني و تتبع وصاياي المختلفة في كل الاديان المتناقضة, ثم تقوم بأداء حركات لا قيمة ولا معنى حقيقي لها سوى ترسيخ شعورك بالذل تجاهي و و و الخ في النهاية سيؤدي هذا بك الى جنة الخلد, ليس الآن طبعاً لكن بعدما تكون قد قضيت حياتك كلها و شقيت و تعبت و ذقت الذل و المر ثم مت بلا رجعة. ثانياً, اذا لم تختر الخيار الاول, وفعلت اي شئ ثاني, أي شئ, فسأحيك بعد موتك و سأسلخ جلدك و أحرقك في نار أبدية وقودها الناس و الحجارة و كلما نضج جلدك البسناك جلداً جديد. المؤمن بطبيعة الحال يتخيل بأن الله المرعب هذا أنعم عليه بشئ أسمه الارادة الحرة و بان البشر أحرار في اختيار طريقهم. ليس لأن المؤمن مقتنع فعلاً بان الله اعطاه اي خيار, لكنه لانه لا يعطي نفسه الحق حتى في نقاش مدى منطقية هذه الخيارات لان هذا في حد ذاته يعني الخروج عن الخيار الاول. المشكلة فقط هي اننا لسنا امام أي خيار حقيقي, حيث لا توجد خيارات حقيقية البتة هنا. تريد طماطم, خذ طماطم, تريد خيار خذ طماطم.
أولاً المؤمن لا يعرف اي سبب منطقي لوجود الله هذا, ولا يعرف أساساً لماذا سيحتاج الله الى أنبياء و رسل و كتب و رجال يتحدثون بأسمه ليل نهار في كل صغيرة و كبيرة, لكنه مقتنع جداً بوجود هذا الاله. ولا يعرف حتى سبب منطقي واحد يدعو الاله هذا الى كل هذه الحاجة المرضية لعبادتنا و سجودنا و جوعنا و اذلالنا دون كل الكائنات الاخرى. فها هي الحشرات تطير و ها هي الغربان تنعق و ها هي الحمير تنهق. فلماذا لا يكتفي الله بكل الاصوات التي تخرجها أجسامنا ليل نهار كي تكون دليلاً على نجاح مشروعهِ الكوني فينا؟ و ماهي اساساً حاجته لهذا الاحساس؟ هل كان يشك في قدرته بأنه سينجح؟ أم انه عبد المأمور و ينفذ فقط ما يطلب منه؟ أم ماذا الذي يفعله الله بالضبط, ولماذا نحن بالذات؟ هل هناك أي غاية او هدف لكل ما يقوم به و هل يستحق هذا كل هذه المعاناة و المرض و الموت الذي تتذوقه الانسانية كل يوم؟
ملايين البشر, من مختلف المشارب و الاصقاع في كل الازمان يؤمنون بهذا الاله الذي يعاني من رغبة شديدة لأثبات مهارته. المشكلة و الطامة الكبرى ليست في الأله, بل في هذه الملايين الضائعة و الجائعة و المتقاتلة و الحاقدة على بعضها البعض بسبب هذا الاله. هذا بالضبط ما تفعله الاديان بالبشر. هذا ما فعله الله و ما زال (رجالهُ) على الارض يفعلون نفس الشئ في سلسلة تحويل البشر من مختلف البلدان و الثقافات الى مجرد مكائن ناطقة مبرمجة لقول نفس الاقوال و تفعل نفس الافعال في اوقات محددة و ياحبذا بعد أيعاز معين مثل صوت قرع ألأجراس المزعج او عندما تجعجع المنارات معلنة نهاية كينونتك كأنسان يتصرف على طبيعته, الى آلة يجب ان تنفذ بعض الحركات كي يرضى عنها هذا الاله.
فاقد الشئ لا يعطيه, فهل أعطاك الله اي خيار أو منفذ أو وسيلة تليق بمقتدر مثله غير لعنة الخلود؟ هل يملك الله نفسهُ اساساً اي خيار في كل ما يفعل و يثرثر و يطلب و يكتب و يقتل و يبيد؟ هل يستطيع أن ينقذ نفسه مثلاً من لعنة خلوده الازلي؟ و الا ما هي الفكرة اساساً وراء خلقنا سوى ضجره من تلك الوحدة القاتلة التي لم يطق البقاء فيها؟ هل سيكون قادراً بأي شكل من الاشكال على أنقاذ نفسهُ و أنقاذ أيمانك بهِ من خطر هذا التساؤلات؟ نعم, أنت تقول أن الله يجربك, او يختبر أيمانك, تماماً هذا ما يدور في عقلك الآن, و انت نفسك تعلم جيداً بانها ماسوى محاولة عقلية بآئسة لأنقاذ ما تبقى من بقايا هذا الاله الحاضر الغائب دوماً و الغاضب دوماً و المتباهي بذاتهِ دوماً . فأذا كان الله يحتاج لعقلك و فلسفاته الجادة هذهِ كي يبقى موجوداً, فما هي قيمة وجودهِ أذن خارج عقلك؟ لا تقلق على أيمانك, فلو كان الله موجوداً و صادقاً معك فسوف يعود الى عقلك و يسكن فيه الى الابد, أن لم يعد, فلا تعاتبه فهو الله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حواء و بناتها و التفاح
- لهم ملكوت الارض
- خالداً في ذاكرة عشتار
- عندما يخجل الرجال أن يكونوا رجال - الجزء الثاني
- عشتار و أبن القبيلة
- هل الله موجود الجزء الخامس و الاخير
- يا أولاد ال... من أجل كرة القدم؟
- هل الله موجود؟ الجزء الرابع
- هل الله موجود؟ الجزء الثالث
- هل الله موجود؟ الجزء الثاني
- هل الله موجود؟ الجزء الاول
- الالحاد تحت المجهر
- الى شقرآء تدور في فلكي
- الحجة الغائية في أثبات وجود الله
- هل الالحاد دين جديد؟
- الكتاب الذي هز عرش الرحمن بل قلبه
- التاسع من نيسان يوم تحرير ام سقوط؟
- لا يوجد شئ اسمه ثمن الحرية
- وطني كوكب الارض, وديني سعادة الانسان
- هل أنت مخلوق لا يتطور ام على قمة سلم التطور؟


المزيد.....




- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - هل يملك الله أي خيار؟