أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيلة بورزق - خيانة بالخطأ














المزيد.....

خيانة بالخطأ


سهيلة بورزق

الحوار المتمدن-العدد: 3235 - 2011 / 1 / 3 - 09:38
المحور: الادب والفن
    



غفوت على صدره كقطة صغيرة هاربة من البرد، كنت بحاجة اٍليه، هو أيضا كان بحاجة اٍليّ، ربّما الاختلاف الوحيد بيننا هو عجزي عن الاستغناء عن صدره، لم أعرف الحب اٍلا معه وهذا أعتق أخطائي، عندما ننام معا على سرير واحد، أتذكر المرات الكثيرة التي عثرت فيها على ملابس داخلية ليست لي، كنت أشعر بالضعف، لأنّني لم أعرف كيف أتمكن من عقله وجسده كما ينبغي… قالت لي صديقة روسية محترفة علاقات حب، اٍنّ الرّجل لا يفكر برأسه مع النّساء، هناك جرثومة ما تسكن أسفله هي التي تقوم بالتّحكّم في شهوته، أكدت لي أيضا أنّ الرّجال لا يملكون حاسة الحب كما عند النّساء، الحب لديهم ممارسة فقط. كانت تعبث بالرّجال تلك الروسية الشقراء ذات الطول الباهر والرّقبة الناصعة البياض والصدر العريض المكتنز، كنت أراها كلّ أسبوع مع رجل مختلف، تتأبط ذراعه أو تمسك يده.

علاقتي بالطّاهر لم تكن عميقة، على الأقل من جهته، كان ينظر للمرأة من ثقب صغير، اعترف لي أكثر من مرّة أنّه تزوجني لكي يستمتع بي ليس اٍلا، كان اعترافه حماقة، لأنّني من يومها وأنا مختلفة… فكرت في الانتقام منه، فكرت في علاقة مفتوحة مع الرّجال، وعلى يد صديقتي الروسية الشريرة تعرفت على تيمو اليهودي من أصل ألماني، كان يعاملني كأميرة، أشد ما يكره في المرأة وضعها للمساحيق على وجهها، كنت عندما ألتقيه، يتسمر نظره في وجهي وكأنّه يقرأ شيئا غامضا، ثم يبتسم ويقول.. وجهك مسحة من النّور، وأنت أميرة قلبي… ليتني كنت أميرة قلب الطّاهر، لكن الحلم أبهى وأصدق من الحقيقة.

لم يكن تيمو حلما حينها، لأنّني كنت قد تعلقت بحباله اٍلى درجة الجنون، وتحوّلت من صنم، اٍلى أنثى تمتلك القدرة على التأثير قبل التأثر.

تيمو المجنون، كان يرافقني في أحلامي ودهشتي وقلقي، كنت وأنا معه أنتمي اٍليّ بكلي قطعة قطعة…بعد فترة بدأ يلح عليّ بمشاركته الفراش، عاندته كثيرا، فلم يكن في وسعي فعلها من دون زواج، الخيانة الكاملة تؤرقني، جسدي غير مهيأ لذلك، ربّما مشكلتي هي الخوف الزائد من الدين، ففي الطفولة تحملت الكثير من نصائح الدين والبشر، لذلك أنا عاجزة اليوم على التفريق بين قلبي وجسدي، أحب الرّجال كما أحب الله، لكنّني لا أمتلك القدرة الكافية على الخيانة الكاملة.

مجنونة… أعرف… الجنون حكمة عميقة، وأنا جد سعيدة بذلك، لكنّني مريضة بأخلاق معقدة، عديمة الذوق، تافهة اٍلى درجة القرف، متناقضة في قيمها، وقاسية في حكمها… أحيانا لا أقبل على نفسي أن أتهم الطّاهر بالخيانة رغم اعترافه لي بذلك، لأنّني لو اعترفت سأحتقر نفسي، وستتهشم مرآة كرامتي …خنته أنا لكي أبقى في نظري الظالمة، والقحبة بنت القحبة، ولكي يبقى هو الرّجل الذي لا يقاوم رغم ولعي بتيمو.

دعاني تيمو اٍلى السينما، كنت يومها أرتدي فستانا جوري اللون، له فتحة عريضة تكشف شق نهدي الصارختين، وعندما جلست ارتفع الفستان وظهر وشم فخذي الأيسر… ثلاثة خطوط، تذكرني دائما بخوفي من العجائز، يومها كنت قد بلغت العاشرة، أخبرتني أمي أنها ستقوم بوشم فخذي حتى تحصّن عذريتي، كنت أصرخ بين يدي عمتي، وهي تمزق فخذي وتقرأ عليّ تعويذاتها، وعندما هدأت قالت لي… اذهبي الآن لن يفكك رجلا اٍلا باٍذني.

رويت لتيمو الحكاية، فاندهش بسحر، لكنّه لم يسألني اٍذا كان الأمر هينا على الطاهر في ليلة عمرنا…السرّ الكبير الذي لا يعرفه أحد غيري هو أنّني لم أكن عذراء حينها، فضّني ابن عمي وأنا في التاسعة ، لكنّه لم يهددني كما نقرأ في جرائم الشرف… الفاعل كان هو الطّاهر يا تيمو، لذلك فهو يشعر أنّني قطعة أثرية يملكها لذاته منذ قطرات الدّم النّدية .

ضمني تيمو اٍليه في ظلمة المكان المسجى بصمتنا، كانت يده الأخرى ترتعش خوفا عليّ، وكأنّه يحضنني في زمن التاسعة من عمري… كنت طفلة يا تيمو لا أفهم أية متعة…

انتهى الفيلم الذي لم نشاهده، وغادرنا . ليلتها لم أحضن الطاهر كعادتي، لم أفرش رأسي على صدره، ولم أستدر بوجهي اٍليه، كنت أريده أن يعيش حالة شك، كنت أريده أن يشم رائحة تيمو فيّ، يااااه كم استبد به القلق وهو ينتفض يمينا وشمالا باحثا عن رأسي الذي تعوده على صدره، كنت مختفية في صمتي، متنكرة في خبثي، هاربة منه،منّي، كنت أريد أن أفهم ماذا يعني أن يخون رجلا امرأة تعامله كاٍلاه، كنت أريد أن أعترف له بعلاقتي بتيمو لولا يده القوية التي أمسكت بخصري ورمتني تحته.

لا الوقت وقت، ولا الحب حب، ولا الخيانة خيانة… عندما يأتي النّهار تتفرق مشاعرنا، وتختلف مرتعشة بردا، فلا هو توقف نبضه للنساء، ولا أنا توقفت عن ابهار تيمو بشخصيتي.

كنت أبحث عن أمر ما لا أعرفه، رّبما تقربت منه وأنا مع تيمو، لكنّني لم أمسك به، حالته تشبه الزئبق، أراه، ألمسه، لكن من المستحيل القبض عليه، شأنّه شأن علاقتي بالطّاهر التي استمرت في صمت، وذبلت في صمت، لكنّها لا تريد أن تتوقف بي عن الدوران أبدا.



#سهيلة_بورزق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاعدون... قاعدون
- مقص اللغة الأجنبية
- مدافن جماعية للجوع
- غفوة
- ركعة واحدة
- أسئلة حول منهجية التّعليم
- مع حرية الفكر
- تراجع المقروئية عند العرب
- بين قوسي مصر والجزائر
- موقع فوبيا للأدب والجنون يدعوكم للكتابة
- الثقافة وطن
- رسالة اٍلى جسدي
- دونجوانية الجسد
- أنا في أمريكا
- الرجل العنكبوت
- غواية نهد
- ألو يا جزائر
- ما تقتله التكنولوجيا في رمضان
- شهرة الكاتبة العربية
- شرف الرّجال


المزيد.....




- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيلة بورزق - خيانة بالخطأ