أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى احمد - ليلة رأس السنة















المزيد.....

ليلة رأس السنة


شذى احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3232 - 2010 / 12 / 31 - 23:38
المحور: الادب والفن
    



وصلت مجموعتهم للاحتفال بليلة رأس السنة إلى النادي الليلي عند منتصف الليل. اكتظ الكثيرون أمام المدخل الرئيسي ينتظرون الإجراءات الروتينية للدخول . قرب إحدى الزوايا وقف رجل مهلهل الملابس أشعث يشد امرأة إلى صدره، بينما راحت تحاول صده بصعوبة .بدا عليها السكر الشديد وهي تترنح يمينا ويسارا. انطلقت الضحكات من مجموعة الشباب وهم يتابعون المشهد ويطلقون التعليقات والتلميحات المفضوحة. مد الأشعث يده إلى مؤخرتها، وقرصها أرادت ضربه لكن يديها تراخت وتهاوت من الإعياء. استدارت فإذا بها وجها لوجه أمامه إنها... . ما أن رآها حتى كتمت الصدمة أنفاسه أغلق عينيه بصعوبة حاول فتحها كانتا ثقيلتان كما لو أنهما حملتا جبلا. مضت دقائق ثقيلة زفر بشدة وصك على أسنانه غيضا. تقدم بخطوات سريعة وانتزعها من يد الرجل الذي ازدادت عصبيته، وعدوانيته.رفع يده ليلكم الشاب إلا أن الشاب تلقف ضربته وعالجه بضربة على فكه. فسقط مترنحا .

تجمع الشباب ليتبنوا الأمر. مدت صديقته يدها ومسحت على شعره و سألته: ما بك. ما القصة؟ . دفعها واحتضن المرأة بين يديه وسار بها ..
نظرت إليه الأخيرة بدورها وهمست : هذا أنت بوكس.
ـ نعم هذا أنا.. تعالي سأأخذك للبيت
ابتعد وهو يسندها على كتفه، ثم دلف في بوابة المحطة واختفى عن الأنظار وسط دهشة أصدقائه الذين أخرسهم تصرفه.
لم يبحث في جيوبها عن المفتاح لقد ظل يحتفظ بمفتاح بيته ولم ينزعه من سلسلة مفاتيحه، لم يقوى على انتزاعه كأنه ظفر من أظافره .
دخل البيت وهاله منظره . علب المشروبات الفارغة في كل مكان. الغبار يعلو كل شيء . سحبها إلى غرفة النوم التي نثرت في إرجائها الملابس المتسخة،وبقايا العلب على الفراش الذي تلطخ ببقع مختلفة الأنواع والأحجام، ففاحت رائحة عفنة من المكان كله.
جمع كل ما في الغرفة دفعة واحدة من فرش الأثاث إلى الملابس ولفه في شرشف كبير وألقى به خارجها.
فتح دولاب الملابس اخرج شراشف جديدة . ثم بحث عن ثوب نظيف وساعدها على ارتدائه.
قاربت الساعة على الحادية عشر، فبدأ في تنظيف المكان جمع أكوام النفايات والعلب الفارغة . اخذ يرميها الواحدة تلو الأخرى .
قرب الحاويات خارج البيت مر شاب يحتضن صبية، وهما يتبادلان المزاح والضحكات تطلع الشاب إليه وسأل بدهشة : بوكس هذا أنت . التفت بعجالة ورد: نعم. آه أهلا يورغ .. وعاد مسرعا إلى البيت.

أكمل تنظيف المكان ثم عاد بأكياس ممتلئة جديدة كان يورغ يقف في الساحة الواسعة يستعد لإطلاق الألعاب النارية . فما أن رآه ثانية حتى صاح فرحا: ه بوكس هل ستطلق معي الألعاب النارية هذه الليلة مثل كل سنة . اعرف بأنك تريد ذلك . لا تقلق اشتريت الكثير منها يمكنك إطلاق بعضها إن أحببت.
ـ سأرى لاحقا .. علي انجاز بعض الأعمال الآن.
وبينما هو يغسل أواني المطبخ بدأ دوي الألعاب النارية يتصاعد من كل مكان. نظر من الشباك فلاح له وجه يورغ وهو يغني ويعربد وينصب المزيد من الألعاب لإطلاقها.
قاربت الساعة الرابعة صباحا عندما اعد ترتيب كل شيء.
اخذ حماما سريعا. ثم لف نفسه بغطاء سميك،تمدد على الأريكة وما لبث أن استغرق في نوم عميق.
كانت الساعة الثانية عشر . أحس بنقرات خفيفة على كتفه. وصوت حنون يهمس : بوكس ..أيها الكسول اصح إنها الثانية عشر ظهرا.فتح عينه وهو يقول : حقا .. هل نمت كل هذا الوقت.
ـ نعم أيها الكسول .مثل كل سنة
ـ نظر إليها .شعر بأنها كبرت عشرين سنة . غزا الشيب شعرها واكترت التجاعيد عقارات واسعة في صفحة وجهها. لكن عينيها ما زالتا تشعان جمالا وطيبة.
ـ فان كوخن. سألها وهو يستمتع بالرائحة.
ـ ه..ه ..كما اعتدت على آكلها كل سنة. لكن أيها المغفل لما علي دوما تنبهك الى ضرورة العناية بفراشك ما هذه الأكوام من الملابس المتسخة . متى تتعلم أن تصبح مسئولا.
ضحك وتناول يدها قبلها بود صادق وشوق كبير. فجلست متهالكة إلى جانبه ،بصوت مرتجف حدثته وهي تتلفت خائفة: تعرف بوكس اشعر باني حلمت بكابوس. كأنك غادرتني يا صغيري. وكان الدنيا أغلقت أبوابها بوجهي. واستغرب كيف كان الكابوس عجيبا.
نظرت إليه ثانية. فسألتها عينيه عن مقصدها فتابعت: تخيل حلمت في هذا الكابوس باني تحولت إلى امرأة مريعة وأنني صرت فريسة للسكر وأطفئت كل مصابيحي. سعيدة بأنني صحوت هذا الصباح ووجدتك بجانبي .ومن حسن حظنا إن الكوابيس لا تمتد مخالبها إلى عالم الأحياء . حلمت بأنك تركتني تخيل حبيبي سمعتك في الكابوس تقول لي .. بأنك ذاهب ولن تعود. ولم يعد للحياة أي معنى ,و و. سردت له كل ما مر بها في الشهور العشرة الأخيرة. كيف صار البيت الذي كان جنتها وسعادتها مغارة للشياطين. كيف لجأت إلى المسكرات لتوقف مرارة الألم بضياعه. كيف فطنت إلى أنها أغضبته ثم قرر الرحيل في لحظة عصبية. الكل كان يلومه على البقاء في بيت أمه ويعيره. ابن أمه .طفل أمه. هكذا كانوا يتندرون في السخرية منه. لم يكن منه إلا الانفجار بدون سبب مرة واحدة بعدما حاصرته ضغوطهم وتهكماتهم من كل جانب. ذهب دون الالتفات للمرأة التي أفنت حياتها في خدمته. كان كل ما أنجزته وفخرت به. لقد قتل زوجها بحادث سيارة مريع منذ ما يزيد عن الخمسة عشر عاما. تركها الذي ربطته بها قصة حب صادقة كانا يخططان لمزيد من الأطفال وشراء بيت في الريف والاهتمام بالأغذية الطبيعية و.. تبددت أحلامها دفعة واحدة رحل بلمح البصر. سرقته عجلات طائشة وداست بقسوة على أحلامهما وقبرتهما. لكنها استطاعت تجاوز محنتها، واستعادة توازنها وضعت كل أمالها بمن ربته واهتمت بتعليمه. لكنها كانت وحيدة في عالم يريد أن تسود قوانينه. يطلب من الشباب مغادرة منازلهم بشكل ألي في سن الثامنة عشر دستورا لا يقل تعسفا عن قهر الشرق للأولاد والبنات بالأخص وحرمانهم من الانتقال للتعلم والخيار. اعتصر قلبه الألم لحالها هاهي تخلط أوراق الوهم بالحقيقة . لم تعد تعرف شيئا. فلقد هدها الوجع فلم تعد تقوى على الاستفاقة من غيبوبتها. انه اليوم الأول من العام الجديد صار اليوم ابن الثالثة والعشرين. في أعماقه شعر بان ليلة البارحة كانت الليلة الأهم في حياته. أضاء الخلوي. كانت صديقته على الطرف الأخر تسأله فيرد بتثاقل: نعم أنا بخير سأأتي طبعا. سأراك لاحقا...التفت إلى أمه التي كانت تتطلع به بشرود تام حضنها بقوة .ازدرد دموعه بصعوبة خاف أن تكوي حرارتها ظهرها فلا تقوى على تحمل لسعاتها . وهو الذي أمسى يطفئ حروق قلبها الليل كله.
ـ عام سعيد يا صغيري سمعها تقول له
ـ عام سعيد يا أمي رد عليها.
ـ وأنت معي يا ولدي
ـ وأنت معي يا أمي



#شذى_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجد للحب
- بين رجل و أخر الفضائية قيد الإنشاء
- فضائية يسارية علمانية
- جعفر صديق اوباما
- شوية عليه وشويه عليك
- رضعوا وما خلوه يرضع
- خسارة الفوز
- صناعة الروائع
- قراءة في فكر القراء الخصب
- مخلفات حرب
- مرارة العسل الهندي
- همس
- النساء أنواع
- الرجال أنواع...
- زواج سردشت و تشلسي
- الأسرار الخفية لعدم تشكيل الحكومة العراقية
- نعم للزوجة لا للمرأة
- أقبية الموت السرية
- سأنتظر المهدي
- حبيبة العرفج .. السعودية بقرة خاوية الفكر


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى احمد - ليلة رأس السنة