أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى احمد - المجد للحب














المزيد.....

المجد للحب


شذى احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3227 - 2010 / 12 / 26 - 21:47
المحور: الادب والفن
    


المجد للحب

شجرة الميلاد
نظرت إلى الصف كان يبدو طويلا والطاولة مليئة بالمشتريات. وضعت العلبة بين قدميها ومطت جسمها قليلاً. سيدة في منتصف العمر عندما حان دورها دفعت الثمن أربعة عشر يورو كما ظهر على شاشة الحاسبة أمام البائعة.
غادرت وهي تحتضن علبتها المستطيلة والتي رسم عليها شجرة الميلاد. لم يتوقع أن يلتقيها ثانية بعد اقل من نصف ساعة. جلست إلى جانبه وظلت تحتضن شجرتها سألها بفضول: عادة يشترون أشجار الميلاد الحية وليس الصناعية. التفت إليه ورمقته بنظرة باهتة أراد الاعتذار لتطفله لكنها بادرته بالقول: معك حق لكنني لا املك الكثير من المال لأشتري شجرة ميلاد رغم أنها ليست غالية لكنها ستكون ضعفي أو ثلاثة أضعاف هذه الشجرة وليس عندي سيارة لنقلها. كبرت ابنتي وتريد تزين شجرة الميلاد بما أنجزته في حضانتها. وهي عملية أكثر استطيع الاحتفاظ بها بعد أعياد الميلاد لاستخدامها للسنوات القادمة . اعتدت قضاء احتفالات الأعياد في بيوت الأصدقاء لذا لم اهتم بتزين شجرة ميلاد هذه السنة الأمر يختلف.

في مشتل كبير وقف طابور طويل لشراء شجرة الميلاد وقد سحب كل واحد منهم شجرته، بدت الأشجار بأحجام مختلفة. فأشترى الميسورن منهم أشجارا كبيرة ومن لم يستطع الدفع اكتفى بشجرة متوسطة الحجم أو صغيرة.
وصل إلى المكان رجل بمعطف رمادي طويل يصطحبه رجل قصير وسيدة طويلة لا تكف عن الحديث إليه وإعطاءه أوراقا ثم استبدالها بجديد. سلم على البائع الذي بادره بسلام حار وخاص. انحنى البائع ليحدث الرجل الذي أمامه برقة هامساً: هل تأذن لي ببيع العمدة شجرة الميلاد قبلك . رمقه الرجل بنظرة استنكار وصاح : لما يأخذ العمدة دوري. عليه انتظار دوره ثم ماذا عمدة. ثم استدار إليه بتحدي وتابع الأمر لا يعنيني عليه انتظار دوره كما فعلنا جميعا. ووقته ليس أهم من وقتي ووقت الآخرين. أحس العمدة بحرج شديد. فرفع يده معتذرا: أسف أسف لم اطلب اخذ دور احد سأنتظر بالتأكيد سأنتظر.

في إحدى خطبه التي تبث على شاشات التلفاز ارتدى غطاء رأس وملابس ناصعة البياض. حث الحاضرين الذين أمامه وأولئك المتابعين خلف شاشات التلفاز بضرورة الكف عن إتباع تقاليد الكفار والاقتداء بهم . ماذا يعني الاحتفال بأعياد الميلاد ,وتزين شجرة الميلاد وتبادل التهاني . لما يفعل المسلمون ذلك أنهم... واستمرت خطبته تحذر وتتوعد وتسترسل في تفصيل غفلة من يقلد الغرب والكفار في الاحتفال بأعياد الميلاد وأتباع هذه العادات وتزين شجرة الميلاد لأنها عمل باطل لا يرضي الله ورسوله.

ظل بعض الناس يخاف وعيده. والأخر متردد. ومنهم من لا يعرف ما عليه فعله. أما من لم يستمع إليه ولا يريد فكان أمره أهون ومصابه اقل لأنه اخرج الشيخ من حساباته وترك مصيره بيد خالقه ليبت لاحقا في كل ما يقوم به ويرجئ حسابه ليوم لقاءه.

كان الصيف لاهبا ذاك الذي توعد به الشيخ المسلمين بالعقاب إن هم قلدوا الكفار وها هي أعياد الميلاد تأتي
بعضهم كان يقرأ الصحف كالمعتاد حتى صعقته إحدى التقارير التي كتبت : أغلى شجرة ميلاد في العالم تم نصبها بفندق قصر الإمارات في ابو ظبي الشجرة لم يزد سعرها عن عشرة ألاف دولار إلا أنها رصعت بالذهب والمجوهرات والماس فبلغت قيمتها 11 مليون دولار . أرادت إدارة الفندق أن تكون الأغلى بالعالم.
اقرأ تفاصيل الخبر
http://schataly.blogspot.com/2010/12/2011-11-181-11.html

انتظر الناس وقتا كافيا ليستمعوا لرأي الشيخ متأملين بكونه قارئاً متابعاً لما يحصل حوله. انه على قاب قوسين أو أدنى من المكان الذي نصبت به الشجرة . لم ينبس لا هو ولا غيره من الدعاة الذين يجلدون البسطاء كل يوم بعشرات الآلاف من الخطب والفتاوى والممنوعات حتى لم تعد الناس تعرف ان كانت خطواتها في الشارع حلال أم حرام . كوب الشاي شربه و أوقات شربه حلال أم حرام..... لم يقل الشيخ أي تعليق ذهبت 11 مليون دولار بمجوهرات وذهب لتزين شجرة فندق ربما ينزل به جنابه العالي وهو يحضر لمؤتمر إسلامي قادم . ومن يدري ربما سيأخذ هو وفريق المشاركين صورا تذكارية بالقرب منها. لكنها لن تلهب عباءاتهم وقتها بنار الحرام وويل تقليد الكفار وعاداتهم.

ليس هناك مشكلة و صعوبة في إيجاد مخرج مناسب لأولي الأمر من رجال الدين فما يحق لعلية القوم وأمرائها لا يحق للعامة أو ما اصطلحوا على تسميتهم بالعباد. لا بالحقوق ولا الواجبات فمن حقهم ـ علية القوم ـ التمتع بأعياد الميلاد والقول بأنهم مجبورون على تزين أشجارها لأنهم يستقبلون وفودا وعليهم إظهار جانبهم الحضاري والتسامح مع الآخرين.
وقد تكون هناك تفنيدات وتخريجات لا حصر لها مثل تلك التي تبيح لهم نساء العالم جواري وزوجات وملك يمين ومسبيات و محظيات . أما إن وجدوا شابا يبادل فتاة كلمات في مكان عام فهذا زنى لان جيبه فارغ وسيفه لم يلوث في جهاد وضعوا مقاييسه ليحظى بسبايا الدنيا وحور الآخرة .
من حق الشيخ أن يمنع ما دامت الناس استمرأت العبودية وقهرها. ومن حق الرجل أن يعترض على البائع فلا يعطيه دوره لان بلاد الكفر لا تريد التخلي عن قيم حريتها، فتعود إلى عبودية ما يقر، ويشرع لها .
من حق الشيخ إخافة الناس من إتباع تقاليد المحبة والتسامح والمشاركة الإنسانية وتزين أشجار ميلاد بسيطة قد لا يتجاوز سعر الواحدة منها بضعة دولارات تشترك العائلة في صنع زينتها والالتفات حولها بحميمية ومحبة لأنها قد تدفع للبحث عن المزيد مما تم استلابه منهم من كرامتهم وأدميتهم وإنسانيتهم.
من حقه الدفاع عن إيمان البسطاء والمستضعفين بما يقره ويفرضه عليهم فهو يخاف كفرهم بالعبودية والتبعية عندها لا يجد الفندق الذي يستقبله 11مليون دولار لتزين أغلى شجرة ميلاد في العالم وما يزيد عن تسعين بالمائة من المسلمين يرزحون تحت طائلة الفقر.
المجد للحب المجد للحب وعلى الأرض السلام.

[email protected]



#شذى_احمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين رجل و أخر الفضائية قيد الإنشاء
- فضائية يسارية علمانية
- جعفر صديق اوباما
- شوية عليه وشويه عليك
- رضعوا وما خلوه يرضع
- خسارة الفوز
- صناعة الروائع
- قراءة في فكر القراء الخصب
- مخلفات حرب
- مرارة العسل الهندي
- همس
- النساء أنواع
- الرجال أنواع...
- زواج سردشت و تشلسي
- الأسرار الخفية لعدم تشكيل الحكومة العراقية
- نعم للزوجة لا للمرأة
- أقبية الموت السرية
- سأنتظر المهدي
- حبيبة العرفج .. السعودية بقرة خاوية الفكر
- السعوديات أبقار عذرا للابقار 2


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى احمد - المجد للحب