أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل الخطيب - وحدة الهدوء والصمت..















المزيد.....

وحدة الهدوء والصمت..


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 3231 - 2010 / 12 / 30 - 13:03
المحور: الادب والفن
    


وحدة الهدوء والصمت..

صمت، لا حركة تسمع. كل الدببة وأكثر الأرانب وحتى بعض الذئاب في جحورها. أمل، لا أمل، لا أمان في الخارج، لا ثقة في الداخل. لن يكون مشكلة من الصمت، السكوت من ذهب. لا يوجد ظلام، لا يوجد وضوح، رمادي لون الأشياء.
صمتٌ كونيّ سحيق باستثناء صوت دوران الأرض الهادئ، الأرض تدور حافية القدمين كي لا تُزعج هدوءنا، وأحياناً تلف مهرولةً ولا تدوخ من اللف والدوران!.
يمكن عمل أي شيء مكان أي شعب؟ باستثناء واحد أو واحد ونص. يحدث كل شيء من وراء ظهر كل شعب؟ باستثناء واحد أو أكثر. بجانب مجتمعاتنا ذهب التاريخ وعاد دون أن يمسها بروزنامته؟ أو هي ذهبت بجانب التاريخ وعادت فقط روزنامتها التي ذهبت بها فارغة.
إذا كان التاريخ فعلاً هو معلّم الحياة، وإذا كان هناك فعلاً ضرورة تاريخية، إذاً لماذا تتكرر الحروب؟ لماذا كان في القرن الماضي حربين عالميتين؟ ربما تعلمت القيادات المتحكمة بالبشرية بأنه لا يمكن استعادة خسارة الحرب العالمية الأولى من خلال الثانية؟!.
ليس صحيحاً أن للحرب روحٌ. ليس صحيحاً أنه سنصبح أفضل بفضلها. ليس صحيحاً أن الأطفال الأبرياء الذين وُلدوا اليوم يجب عليهم المعاناة أيضاً بسببها. لا يمكن إعادة الآباء الضحايا، ولا الأزواج القتلى، ولا الأطفال الأبرياء. ولكنه صحيحٌ أيضاً أنه سيُبنى على أنقاض الأعشاش الدافئة المهدمة بيوتاً جديدة. والصحيح أيضاً أن القبلة أقوى من القنبلة في السياق التاريخي الطويل.. قال أحد كبار أدباء المجر فريجيش كارينتي "الحرب تُفسد حرية الإنسان، أصدقائي، نقيض الحرب ليس السلام، وإنما ثورة الأفكار!". أعتقد أنه يمكن القول، غالباً توجد حياة في احتضان ذراعين هنا تحت، أكثر من حيوات عديدة هناك فوق، فقط علينا التقاطها أو إيقاظها من أمام أعيننا!.

تريد تغييراً جذرياً راديكالياً؟.. لا! إذاً لماذا تعترض على كل شيء؟. تريد إصلاحات ثورية أو تحديثية؟.. لا! إذاً لماذا التبرع الرخيص بالروح والدم خارج مراكز الهلال والقمر والصليب الأحمر؟. تدافع عن حرية الاقتصاد؟.. لا! إذاً لماذا تنتقد اقتصادنا الاشتراكي الدر(د)ري الاجتماعي الصاعد؟.
الشعب القبضاي المحبوب المقاتل الصامد الممانع الشجاع الحر الأبي صاحب الكرامة وعزة النفس... أنت أو هو أو ذاك أو هذا، قادرٌ على كل شيء، وغير قادر على فعل أي شيء! الصقر الذي يصطاد الفأر يعرف جيداً ماذا يريد الفأر! لا يوجد أفضل ممثل لمجتمع الفئران غير القط –أعلن تعليق تناول الحديث عن الخرفان وابن آوى والحصرم بسبب أن "حيط الصيرة عايِب"، وحسب الباروميتر العالمي بما فيه الفرنساوي وريث فولتير يشير إلى أنه أكثر من شعب مختار حول وتحت الأوسط اختار دائماً أفضل قيادة للبلد فوق الجيد، الجيد جداً وابناً وحفيداً! وأحياناً يكون عدد أوراق المقترعين في صناديق الاقتراع يزيد على مجموع عدد أفراد الشعب، الأحياء منهم والأموات، ولمدة عقود من الزمن للأمام وللوراء!..
محاولة فهم وشرح صمت المجتمع لا معنى لها، سكونه ربما لا يعني دائماً وأبداً الهدوء! بعد أن تخلصنا من المستبدين بنا، سارقي قوتنا، تخلصنا أخيراً من عذابنا وصرنا أحراراً مع صمتنا وهدوئنا. نسائم الحرية تجلب غيوم المطر ذو الرائحة المنعشة، تحمل الصمت الهادئ ونستنشقه أوكسيجيناً مكثفاً بذرات أكثر تركيزاً من الأوزون الوطني الشعبي الهادئ.
يحتضن هذا الهدوء أو الصمت الساكن حفيف أجنحة الحرية، ولا يُسمع غير رتابة تنفسها الأوكسيجيني المركّز. هدوء وخشوع خلال -وما بعد سماع النشيد الوطني، وصوت قرقعة ذرات الأوكسيجين المركّز في خيوط العلم غير المرقّع، العلم المغسول والمكوي جيداً. يحتضن الهدوء في مملكته ملايين الولادات الجديدة والتي تصرخ أكثرها فور استنشاقها أول جرعة من هذا الهدوء الأوكسيجيني المركّز، ثم تعود للهدوء حتى لحظة الهدوء المباركة!
هدوء الحياة، وصخب المقابر. هدوء في القاع، تحت، حيث الأوكسيجين المركّز الثقيل يهبط ويهبط معه ثقلٌ يضغط قليلاً على الرقبة، ضغطٌ هادئ يتناسب مع ثقل النير، وصخب فوق حيث يقلّ الأوكسيجين المركّز ويكبر ثقب الأوزون. الولادات الجديدة لا تعرف عن الأوزون شيئاً، وحتى قوانين نيوتن تجهل أكثرها، فقط الحفاظات الوطنية التي لا يتسرب من خلالها ولا ذرة ويكيليكس، وتحفظ المؤخرات والمقدمات ناشفة بسبب قدرة امتصاصها المركّزة الهادئة.
أراد أحدٌ أن يعمل أو نعمل ترتيباً، أو إعادة ترتيب.. والهدوء مركّزاً، صرخة وليد يعرف بعض قوانين نيوتن، قانون الجاذبية صار مادة إعلانية تستخدم لترويج تليفونات الموبايل، استهلكنا قسمٌ من نيوتن، وخرج بعض أينشتاين كما دخل معدتنا لصعوبة هضمه، بينما فولتير صار ظل لساننا وصوتنا الهادئ. ركعتان على الريق ولمدة جمعة تُشفى من آلام المعدة وحتى من القرحة، ركعتان بهدوء وأدب الركوع.
هناك مثلٌ مجري يقول "العمل الجيد يحتاج إلى وقت!" ويقول البعض "والعمل السيئ يحتاج إلى وقت أكثر!"، بشرط الهدوء. هدوء سير النجوم في السماء السابعة والربع، هدوء الثقة بالمسار، الهدوء الجيد يحتاج إلى وقت، والصخب يحتاج إلى وقت أكثر!..
يتعوّد القلب على الصمت، على الهدوء، ليس ذلك صعباً، يصبح الماضي أسراباً تحوم حوله، يتعوّد الرأس على الانحناء باتجاه إشارة اليد ويتوقف بصمت وهدوء، الساعات تنزلق مع دقائقها في مسيرة شرق أوسطية، الأسابيع والشهور وحتى الفصول تذهب بصمت وهدوء. هل تأتي سنوات الصمت الكئيبة؟ وماذا تُسمى عقود الهدوء هذه؟
عندنا مناخ واسع للأخلاق، ومناح أوسع للهدوء، وضيق للفرح، وروزنامة دقيقة -غير كبيسة وطويلة للمشاعر الكبيسة. كيف السبيل إلى وسيلة للقياس لا تعتبر البعد عن الشمس والنجوم مسطرتها، بل بقرب منبعها من القلب والروح؟ في هذا المناخ الأخلاقي الشاذّ المتمدد بارتياح لا مكان إلاّ للهدوء، للصمت، للتثاؤب، مازال هناك الوقت للنوم حتى ثغاء الديك. وفي مكان آخر هناك خطْب وخطابات ونقاش، حجج وحجّاج، عُرفٌ واعترافات، ضحك وقهقهة وبكاء، وعندنا أيضاً صلاة استسقاء. ثم يفرك جلالة الصمت عينيه بهدوء ووقار ويقول: درسنا اليوم هو إعادة للدرس السابق بهدوء...

بودابست، 30/ 12/ 2010، فاضل الخطيب.



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اندلاع الثور/ي/ة وزخمهم...
- إن البازلتَ قليلُ. في الحَتّ والتعرية..!
- آخر البؤساء..
- وَقفة وردّ غطاها..
- فضة الكلام وذهبُ السكون/ت، خوش/نعم..
- الشِبريّة فوق البنفسجية وتحت الحمراء...
- حناجر بين قفزة أرمسترونغ ومتعة غروسكي ...
- جملة واحدة عن الطغيان...
- عاقل يحكي وأعقل يفهم...
- تنذكَر وما تنعاد، تنعاد وما تِنذَكَر!..
- الالتفاف حول الصفر المئوي 97%...
- الدنيا كِدَه، وكِدَه! ولاّ كِدَه؟...
- حوارات شامية
- الغضب الساطع الأصلي آت!..
- معلومات سياحية صياحية...
- أوربا في الاتجاه الصحيح...
- مرايا التجميل وخميرة -النفش-...
- أسئلة على ضفاف غابات الهوبرة...
- بانتظار سندويشة خالية من لحم الخنزير...
- الثالوث غير المُقدّس للأواني المستطرقة...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل الخطيب - وحدة الهدوء والصمت..