أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل الخطيب - جملة واحدة عن الطغيان...














المزيد.....

جملة واحدة عن الطغيان...


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 3134 - 2010 / 9 / 24 - 22:03
المحور: الادب والفن
    


جملة واحدة عن الطغيان...

إلى الملوحي(19عاماً) والمالح(80عاماً)، وكل الذين بينهما من معتقلي الرأي والضمير –علمانيين، يساريين وإسلاميين. عرب، كرد، آشور وغيرهم في سجون طغيان الأسد الصغير..
قصيدة للشاعر والكاتب المجري إلليش جولا(1902- 1983) Illyés Gyula..

حيث الطغيان،
هناك طغيان،
ليس فقط في فوهة البندقية،
ليس فقط في المعتقلات،

ليس فقط في غرف التعذيب،
ليس فقط في صرخات السجّان
في الليالي المظلمة،
هناك طغيان.

ليس فقط في ظلام الدخان،
في خطب مرافعاتهم القانونية،
في الاعترافات،
في إشارات دَقّ المعتقلين لبعضهم على الجدران،

ليس فقط في برودة حكم القاضي:
مذنب، مُدان!
هناك طغيان
ليس فقط عند العساكر

في فرقعة أمر:
"استعد"، "نار"، في التطبيل،
وفي جرّ الجثث
إلى الحفرة أيضاً،

ليس فقط في السرّ،
في الباب المفتوح نصفه،
في الارتباك والخوف،
في ترديد الأخبار همساً

في سقوطها أمام الفم،
في إشارة "هسس" لمنع الكلام،
حيث الطغيان،
هناك طغيان

ليس فقط في قسمات
قساوة الوجه وفي صمته
كحديد الشبك،
في صراخ تأوّه النضال،

في هطولٍ أصمّ
متزايد الصمت للدموع،
في حدقات عيون الأطفال
المتسعة،

هناك في هدوء الليل
وفي ضجيج عربات سكة الحديد،
وكذلك في أماكن
وقوف سياراتهم عند البوابة،

في خلال كلمة "هالو"
وحيث السكون
تشعر بتنصت أذنٍ غريبة
في سماعة التليفون،

لأن هناك طغيان
ليس فقط على الأقدام الواقفة
في زغاريد الأعراس،
في الترحيبات، في القصائد وفي الألحان،

ليس فقط في عدم الكَلَل
في تصفيق الأيادي
في دار الأوبرا
في نفخ البوق،

في رمادية انعدام صفاء
قاعات الغاليري،
في كل إطار لوحة على حِدة
وقبل ذلك حتى في فرشاة الفنان،

لأن هناك طغيان
في رياض الأطفال،
في نصيحة الآباء،
في ابتسامة الأمهات،

في طريقة تأتأة جواب الطفل
للغريب،
وقبل أن تهمسَ له
تتطلّع للخلف حرصاً على الأمان،

هناك موجودٌ
في قبلة الوداع،
كما هو هناك في قول الزوجة:
متى ترجع البيت يا حبيبي،

موجود كالعادة في الشارع
في سؤاله المتكرر عن - وكيف حالي،
في ليونته المفاجئة
في ضغطه على يديّ مصافحاً.

وكما فجأة
يتجمد وجه حبيبتك
لأنه هناك
في لقاء الحب أيضاً،

ليس فقط في الاستجواب،
هناك موجود في الاعتراف أيضاً،
في نشوة معسول الكلام،
كالذبابة في خمر الدنان،

لأنه يلاحقك في الحلم
لست موجوداً في شخصك،
هو هناك في سرير زفافك
من قبل تفكيرك في الزواج،

في الكؤوس وفي صحون الطعام،
هو موجود في الأنف وفي الفم،
في الواقع وفي الغموض،
في الهواء الطلق وفي غرفة النوم،

كما لو كانت النافذة مفتوحة
وتدخل منها رائحة الجيفة،
كما لو كان تسرب الغاز
من مكان ما في البيت.

إذا كنت تتحدث مع نفسك،
يسألك الطغيان،
وحتى في خيالك
لا يمكن أن تكون حراً،

قد تصل حدود درب التبانة في الأعلى أيضاً،
حيث يسطع الشعاع
حقول ألغام، والنجمة:
تتجسس من ثقب الباب

خيمة السماء الصاخبة
معسكر واحد للأعمال الشاقة،
لأن الطغيان ينطق،
من الحمّى، ومن الولاء والإيمان،

من الكاهن، من اعترافك بالذنوب،
من عِظات وصلوات
دور العبادة، البرلمان، أجهزة التعذيب
والعديد من المسارح.

يتعرّج البرق، هكذا هو
في كل شيء غير متوقع
في ضوضائه، في ضوئه،
في حيرة قلبه،

في الهدوء،
في أغلال الضجر الآسر،
في غزارة انهمار المطر
في قضبان شبك المعتقل الواصل للسماء،

إنه موجود هناك، في كل هدف،
موجودٌ في غدِك،
في أفكارك،
في كل حركاتك،

كما الماء يسير في مجراه،
تتبعه وتخلقه،
تتطلع للخروج من هذه الدائرة
وهو ينظر إليك من المرآة،

يراقب، يتسلل، بلا جدوى تركض
أنت أسير، وبنفس الوقت مُحتل
موجود في طعم تبغك
في قماش ثيابك

في شرابك، في طعامك
حتى النخاع موجود فيك
في اجترار حيرتك،
ومن أفكاره فقط يتلقّح عقلك،

تحب الاطّلاع، لكنك لا ترى إلاّ
السحر الذي وضعه أمامك،
وكان قد لفّ الغابة حريقٌ
من عود ثقاب،

لأنك عندما رميته
لم تدعسه وتطفئه،
وهكذا صار هو أيضاً يراقبك
في المعمل، في الحقل وفي المنزل،

ومازلت لا تشعر معنى الحياة،
معنى اللحم والخبز،
معنى أن تُحب، أن تعشق،
أن تنشر ذراعيك،

أنت عبد أغلالك
هكذا، َصَنعْتَها وحَمَلْتَها،
إذا أنت أكلتَ، ينمو جسمه هو ويقوَى،
وابنك يُنجبُ له عبداً آخر،

حيث يوجد الطغيان:
كل فردٍ حلقة في السلسلة،
رائحة عفنة تفيضُ منك،
أنت نفسك أيضاً طغيان،

حيث يوجد الطغيان،
كل شيء بلا جدوى،
الأغنية أيضاً، هكذا الولاء للسلطان،
في أيّ عملٍ كان،

لأنه يقف هناك
منذ البداية عند قبرك،
هو يقول لك من أنت، ومن كنت،
وتجمّله بمساحيق تجميلك..
...................
وتطلب منه الغفران! إنه الطغيان...

بودابست، 24 / 9 / 2010، فاضل الخطيب.



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاقل يحكي وأعقل يفهم...
- تنذكَر وما تنعاد، تنعاد وما تِنذَكَر!..
- الالتفاف حول الصفر المئوي 97%...
- الدنيا كِدَه، وكِدَه! ولاّ كِدَه؟...
- حوارات شامية
- الغضب الساطع الأصلي آت!..
- معلومات سياحية صياحية...
- أوربا في الاتجاه الصحيح...
- مرايا التجميل وخميرة -النفش-...
- أسئلة على ضفاف غابات الهوبرة...
- بانتظار سندويشة خالية من لحم الخنزير...
- الثالوث غير المُقدّس للأواني المستطرقة...
- ملاعق الجنة متساوية الطول
- من قاسيون أُطِلُّ يا وطني...
- المعرفة والاعتراف بها...
- غزوة قلم الحبر الناشف...
- ثقافة السباحة والتسبيح...
- الطبقة العاملة عائدة من الجنة!..
- شطارة ملء الفراغات بفراغات أكثر!...
- بانتظار الجلاء.!..


المزيد.....




- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...
- نقل الفنان المصري محمد صبحي إلى المستشفى بعد وعكة صحية طارئة ...
- تضارب الروايات حول استهداف معسكر للحشد في التاجي.. هجوم مُسي ...
- ديالا الوادي.. مقتل الفنانة العراقية السورية في جريمة بشعة ه ...
- مقتل الفنانة ديالا صلحي خنقا داخل منزلها بدمشق والتحقيقات تك ...
- القنبلة الذرية طبعت الثقافة اليابانية بإبداع مستوحى من الإشع ...
- بوليود بين السينما والدعاية.. انتقادات لـ-سباق- إنتاج أفلام ...
- الغيتار تحوّل إلى حقيبة: ليندسي لوهان تعيد إحياء إطلالتها ال ...
- سكان وسط أثينا التاريخية منزعجون من السياحة المفرطة


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل الخطيب - جملة واحدة عن الطغيان...